أقامت المنظمة العالمية لخريجي الأزهر الشريف، فرع الغربية، برئاسة فضيلة الأستاذ الدكتور سيف رجب قزامل،

العميد الأسبق لكلية الشريعة والقانون بطنطا وعضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، ندوة دينية بمسجد الزنافلة بقرية شبراملس مركز زفتي بعنوان وسطية الشريعة الإسلامية في المعاملات.

وحاضر بالفاعلية فضيلة رئيس فرع المنظمة العالمية لخريجي الأزهر بالغربية، الشيخ علاء جبر كبير باحثين بالأزهر الشريف سابقًا، والدكتور حسن عيد مدرس الفقه المقارن بشريعة طنطا عضو خريجى الأزهر، وشارك بالحضور سعيد صقر منسق عام بالفرع ولفيف من أهالي قرية شبراملس.

وأشار العلماء الحضور أن الإسلام دين الوسطية ووسطية الإسلام أي عدالته فيما جاء به من أحكام وقيم ومُثل ومبادئ، فهو ميزان العدل يرجع إليه الناس في معرفة الخير والشر، والصلاح والفساد، وهذه الوسطية هي المنهج القويم الذي يعني بالفطرة التي خلق الله الناس عليها، ويعالج الطبيعة، ويجعل المجتمع متماسكًا بعيداً عن الفساد والانحلال، مع الرحمة واللين، وهذا هو الصراط المستقيم، الذي علم الله تعالى عباده ليسيروا فيه. يقول الله تعالى: “اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ، صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّين”.

وهذه الوسطية طبعت كل ما جاء به الإسلام، في العقيدة، والشريعة، والأخلاق. والوسطية تراعي حق الفطرة في متاع الجسم الطبيعي، يقول الله تعالى:” يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا ۚ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ” وفي التشريع وسطية الإسلام هي المعيار في الحلال والحرام، فالأصل في الإسلام الحل، وكل المعاملات المستحدثة حلال طالما راعت مقاصد الشريعة والقاعدة تقول، يقول الله تعالى: “خَلَقَ لَكُم مَّا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا” ومفهوم الوسطية الذي جاء به القرآن هو الفطرة التي فطر الله الناس عليها.

ومن خصائص الفطرة أنها تجرب كل الأفكار، وتجتهد في كل الاتجاهات والمنهج الفقهي في دراسة المعاملات الحديثة يرتكز على دعامات ثلاثة، الأولى: حق المجتمع الإسلامي أن يبتكر ما شاء من ألوان المعاملات، وأن يساير النشاط الاقتصادي العالمي بالمساهمة فيه والتطوير في ظل أصول الشريعة، مع مراعاة حفظ النفس والمال والحلٌ وعدم التسعير، والثانية: أصل المعاملات الإباحة، فلا يجوز التحريم حتى يتم التبين أن الله حرم هذا، والثالثة: دراسة أحوال الناس فيما ينفعهم وما يضرهم، بحيث يمكن التغاضي عن بعض ما يعسر الأمور على الناس، ويجوز الترخيص فيها، حيث هناك بعض المعاملات تحتاج إلى تهذيب وتقويم، هذ المنهج يعيد الشريعة إلى مجالات الاقتصاد والمعاملات دون تجميد.

ويعني ذلك محاولة دراسة الجديد في أحوال ومعايش الناس ونظم الاقتصاد، لقد عظمنا الأوروبيين تعظيماً شديداً حتى جعلناهم قدوة لنا، في حين إن الإسلام دين عالمي جاء للناس كافة، ولا ينبغي أن نأخذ ونقتدي بالغرب، لأن المسلمين هم الذين تركوا مركزهم في قيادة العالم وهم الذين بوأهم الله هذا المركز كما كان في سالف الزمان، وأحكام المسلمين هي النافذة لأنها صالحة للحياة، يقول الله تعالى: “وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا.

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: الغربية زفتي خريجي الأزهر ندوة توعوية یقول الله تعالى

إقرأ أيضاً:

التكافل الاجتماعي.. والتسوُّل على المنصات

 

 

د. محمد بن خلفان العاصمي

أكرمنا الله سبحانه وتعالى بدين الإسلام الحنيف الذي جعل التكافل الاجتماعي من أهم صفات المجتمع المسلم، وجعل الله تعالى الرحمة والعطف بين الناس مبدأ للتعايش والمحبة ولذلك كان الإسلام أسلوب حياة للبشرية في زمن طغت عليه المادية الإنسانية التي غلفت البشرية وعلاقاتها بالمصالح المادية، وجاء هذا الدين الحنيف ليُعيد رسم معنى وجود الإنسان على الأرض ومعنى خلافة الله تعالى الواردة في كتابه العزيز مخاطبًا الملائكة "إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً" (البقرة: 30).

والتكافل الاجتماعي بين النَّاس من أسس الدين الإسلامي الحنيف والتي أمر بها الإسلام في أكثر من موضع في القرآن الكريم بل إن الله سبحانه وتعالى ربط الإيمان بهذا التكافل حيث قال تعالى: "أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ فَذَٰلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ وَلَا يَحُضُّ عَلَىٰ طَعَامِ الْمِسْكِينِ" (الماعون: 1-2)، وهذا الربط يبين قيمة التكافل الاجتماعي بين الناس في الإسلام، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم "لا يومن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه" من رزق وخير ونعمة وسعادة، وهو أمر يفرق بين المؤمن الحق المتخلق بأخلاق الإسلام وتعاليمه السمحة وبين من لا يحمل من هذا الدين إلّا الاسم.

لقد أمرنا الإسلام بتلمس حاجة الناس وتربى أفراد المجتمع العماني على هذا منذ القدم، وتأسس هذا المجتمع على مظاهر التكافل الاجتماعي بكل أشكاله في الأفراح والأتراح وفي الرخاء والشدة والأمثلة على ذلك كثيرة، وهذه خصائص عظيمة تميز بها مجتمعنا العماني الإسلامي جديرة بالمحافظة عليها، ومن الواجب على كل فرد أن يدرك دوره في هذه المنظومة الاجتماعية التكافلية من خلال محيطه الصغير إلى مجتمعه الكبير، لأن التقصير في هذا الموضوع له أثر سلبي على المجتمع والفرد، وانتشار الحاجة بين النَّاس مدعاة لتغير سلوكياتهم ومن ثم سلوك المجتمع ككل، وهذا ما ينتج عنه العديد من المشاكل.

لن يأتي زمان لا يوجد فيه محتاج أو فقير فهذه سنة كونية ولكنها قد تكون في حدود معقولة وفي نطاق مقبول، وقد تكون العكس، ولذلك جاء الإسلام وعالج هذه المشكلة بطريقة خاصة فأمر بالزكاة وجعلها فرضا واجبا وركنا من أركان الإسلام، وأمر بالصدقة وجعلها فرضاً على كل مستطيع، ونظم الدولة الإسلامية وجعل من واجباتها رعاية المحتاج وتوفير سبل الحياة له، وبذلك تستقيم الحياة الاجتماعية في المجتمع المسلم، وعندما يُقصر أي منها في دوره تظهر الآثار على المجتمع بوجه عام، ويخرج المحتاج لتلمس حاجته في الطريق ويبتكر المخادعون الحيل والوسائل لكسب المال دون وجه حق وتنتشر الظواهر السلبية في المجتمع كالتسول والنصب والاحتيال.

لم يأمر الإسلام بكتمان الصدقات من فراغ؛ بل هو إدراك لتأثير هذا الكتمان على الحياة الاجتماعية وترابط المجتمع، وحفظ لكرامة الفرد المسلم الذي أجبرته ظروف الحياة ووضعه قدره ورزقه في هذا الجانب من الحياة، وقد اهتم الإسلام بذلك اهتمامًا بالغًا وحرم المن والأذى في الصدقات، وأوجب كتمان الإنفاق حتى وصف الأمر بعدم معرفة الشمال ما تنفق اليمين، وهذا الكتمان له مقاصد عظيمة وغايات سامية إيمانية واجتماعية، وسلوك يُساهم في القضاء على الفقر والحاجة، وما أمر الإسلام بها إلّا لإدراك حقيقي حول ذل السؤال وقسوة الفقر ودناءة الحاجة خاصة عندما يقف المحتاج بين أهله عاجزًا.

وفي هذا العصر الذي ابتلي به العالم بوسائل التواصل الاجتماعي واستخدامها بطريقة خاطئة غير الذي أوجدت من أجله، نرى البعض يتسابق لإظهار حاجة الناس وفقرهم لا من أجل مساعدتهم، بل من أجل كسب المتابعات والإعجابات والإثارة التي أصبح البعض أسيراً لها في كل تفاصيل حياته، وأصبحت حاجة المحتاج وسيلة تستغل من قبل ضعاف النفوس هؤلاء الذين يتفاخرون في إظهار الناس بشكل لا إنساني تحقيقًا وإرضاءً لأنفسهم المريضة بمرض الشهرة، يستعرضون من خلال منصاتهم أحوال الناس مسببين جروحاً في نفوسهم المكسورة، ومن ذل الحاجة إلى ذل المنصات الاجتماعية أصبحوا يعانون في مجتمع لم يكن يومًا بهذا السلوك القبيح.

إن التسول في المنصات لن يتوقف إلّا إذا طُبِّق القانون على من يسيء للمجتمع وأفراده ومن يتجاوز حدوده، وبدون ردع حقيقي سوف يظل هؤلاء المسيؤون للمجتمع يمارسون سلوكياتهم الخاطئة تحت ذريعة أنهم يسهمون في حل مشاكل الناس ويقضون حاجتهم وهم في الأصل لهم مآرب أخرى ومكاسب مادية من وراء هذا الفعل، ولا بُد من الحذر ورصد ما يحدث من تغيُّرات في السلوك العام وعدم التعاطي مع هذه الظواهر بحسن نية حتى لا نصل لمرحلة مُتقدمة لا يمكن معها احتواء هذه المشكلة.

في الختام.. يجب أن يُدرك كل فرد دوره في البناء الاجتماعي، وعليه أن يلتزم بهذا الدور وفق ما أقرته منظومة السلوك الاجتماعي والإنساني داخل الدولة، وهذا الالتزام هو الأساس لتحقيق مفهوم الحياة الاجتماعية الكريمة لجميع أفراد المجتمع، وإذا اختلت هذه الأدوار عندها يجد تجار التسول على المنصات فرصتهم للعبث بقيم المجتمع وسلوكه وينتهزون هذه الفرصة لتحقيق غاياتهم، مستغلين هذا القصور والغياب لمفاهيم التكافل والتعاون الاجتماعي بين أفراد المجتمع.

مقالات مشابهة

  • درس التراويح بالجامع الأزهر يبيّن الدروس المستفادة من غزوة بدر الكبرى
  • ندوة ثقافية بـ«دار الكتب بطنطا حول ترشيد الاستهلاك في رمضان
  • هل يصح صيام تارك الصلاة؟.. الأزهر للفتوى يجيب
  • درس التراويح بالجامع الأزهر يدعو للتمسك بخلق التواضع
  • هل هذا هو إسلامكم ؟
  • شيخ الأزهر: كرمٌ الله مطلق لا يشوبه نقص.. وكرم البشر محدودٌ بطبائع النفس
  • التكافل الاجتماعي.. والتسوُّل على المنصات
  • مرصد الأزهر: الفتوحات لم تكن لنشر الإسلام بالقوة بل لحماية المظلومين
  • الشيخ كمال الخطيب يكتب .. أنا السجّان الذي عذّبك
  • وكيل الأزهر: الصيام تدريب للنفس للوقوف على حدود الله تعالى