يمتلك عقلًا براغماتيًا ذكيًا.. كيف سيؤثر السنوار على مستقبل حماس؟
تاريخ النشر: 12th, August 2024 GMT
يمانيون/ كتابات/ سمير العركي
باختيارها رئيسَ المكتب السياسي للحركة في غزّة، يحيى السنوار، خلفًا للشهيد إسماعيل هنية، في رئاسة المكتب السياسي للحركة كلها، اجتازت حماس، اختبارًا صعبًا بعد اغتيال هنية في العاصمة الإيرانية طهران.
اختيار السنوار جاء في وقت حسّاس، كانت الحركة تحتاج فيه إلى تضميد جراحها، وبثّ الثقة في صفوفها وبين مؤيديها، تزامنًا مع ترويج أخبار عبر وسائل إعلام تتحدث عن خلافات ونزاعات بشأن المنصب، وتسريب متعمد لأسماء زُعم أنه تم الاتفاق عليها، ونفتها حماس فيما بعد.
قرار الحركة أحدث ردود فعل متباينة لدى الرأي العام. أكثرها رحب بالقرار وأيده، معتبرًا أنّ السنوار هو رجل المرحلة المفترض في مواجهة المجازر الإسرائيلية اليومية، وعدم وجود أفق لإمكانية وقف إطلاق النار في قطاع غزة حتى الآن.
لكن ثمة من يرى عدم صوابيته، معتبرًا أن السنوار معروف بـ “تشدده” و “عدم المرونة السياسية” مما سيدخل الحركة في طور “التصلب” السياسي الضار بها وبمسيرتها وتموضعها في الإقليم وبقية دول العالم.
مضيفًا أن السنوار يعتبر المسؤول الأول عن طوفان الأقصى، ما يعد تحديًا للولايات المتحدة وحلفائها، قبل أن يكون تحديًا لإسرائيل نفسها.
تقييم السلوك السياسيّ للسنوار، مردّه الأساسي التأثر بالصورة الذهنية التي تعاونت سرديات عربية وغربية في ترويجها.
وهذه السردية الموغلة في شيطنة الفعل المقاوم ليست بغريبة، فقد دأبت عليها الآلة الإعلامية للدول الاستعمارية؛ لضمان ديمومة الاحتلال عسكريًا كان أم سياسيًا أو حتى اقتصاديًا وثقافيًا.
فقرار المقاومة في حد ذاته ليس تشددًا ولا تهورًا، بل هو فعل منضبط، مادام أنه كان وفق حسابات دقيقة، كما أنه متسق تمامًا مع ميثاق الأمم المتحدة، وما أقرّه القانون الدولي.
إضافة إلى ذلك، فإنه بالنظر إلى السلوك السياسي للسنوار وتحليله، سنرى أنه ليس بالشخصية المتشددة كما يُروج لها، بل سنكتشف أنه يتمتع بنزعة براغماتية واضحة.
براغماتية السنوارالمتتبع للسلوك السياسي ليحيى السنوار منذ الإفراج عنه ضمن صفقة “وفاء الأحرار” عام 2011، يلحظ أنه وبالرغم من علاقته المعروفة بالجناح العسكري لحركة حماس “كتائب القسام”، فإنه امتلك عقلًا سياسيًا براغماتيًا.
هذا العقل البراغماتي كان يبحث دائمًا عن مصالح الحركة، وَفق حسابات سياسية بحتة، بعيدًا عن الأدلجة التي طبعت العقل السياسيّ لكثير من الإسلاميين، الأمر الذي كان يكلفهم فاتورة باهظة في نهاية المطاف.
وتعدّ العلاقات المصرية الحمساوية مؤشرًا ونموذجًا مهمًا، حيث كان السنوار في قلب عملية تحوّل كبيرة في علاقة الحركة بالجارة مصر، بعد سنوات من تدهور العلاقات البينية.
فقد ألقى وصول جماعة الإخوان المسلمين إلى الحكم في 2012، ثم الإطاحة بها بعد ذلك، بظلاله على علاقة القاهرة بحماس، التي تعرّضت لحملة إعلامية شديدة الوطأة.
التحسّن الأبرز بدأ عام 2017 مع صعود السنوار إلى رئاسة المكتب السياسي للحركة في غزة، وهو ذات العام الذي شهد تعاونًا أمنيًا مكثفًا بين الطرفَين، لمحاصرة تهديدات تنظيم الدولة في سيناء.
كما شارك السنوار ضمن وفد برئاسة هنية، زار القاهرة في سبتمبر/أيلول 2017، ثم الدوحة وأنقرة.
وفي مايو/أيار 2021 زار رئيس المخابرات المصرية، عباس كامل، قطاع غزة وعقد لقاءً مغلقًا مع السنوار، ثم جلسة للوفدين، لبحث تثبيت وقف إطلاق النار، وإعادة الإعمار، وإطلاق سراح الأسرى.
ورغم أن سياسة النأي بالنفس عن تجاذبات المنطقة، تعد استراتيجية ثابتة للحركة، فإن السنوار نجح في تفعيلها في الملف المصري، وَفق سياسة المصالح المتبادلة مع القاهرة.
هذا ما أكدته شهادة القيادي الفتحاوي المعروف، محمد دحلان، الذي أعلنها قبل نحو 6 سنوات على شاشة إحدى الفضائيات المصرية، وقال فيها إن السنوار اتخذ قرارًا جريئًا وتاريخيًا بشأن العلاقات مع مصر.
أما على صعيد العلاقات مع إيران، فقد شهد عام 2017، طي صفحة التوتر الذي ساد علاقة الطرفَين على خلفية الثورة السورية، حيث حرصت حماس على إرسال وفد رفيع المستوى إلى طهران للمشاركة في حفل تنصيب الرئيس السابق، حسن روحاني.
لعب السنوار دورًا واضحًا في تطوير العلاقات مع إيران، حيث أكد في مايو/أيار 2018 على الدور المهم الذي تؤديه طهران في دعم الحركة، مشيدًا آنذاك بالعلاقات مع الحرس الثوري، وقائد فيلق القدس السابق، قاسم سليماني على وجه الخصوص.
ورغم أن تلك التصريحات أثارت موجة من الجدل حينها، فإنه لم يتراجع عن موقفه من إيران، لأسباب لم تتكشف على وجه الدقة إلا عقب انطلاق عملية طوفان الأقصى.
من هنا فإن وجود السنوار في رئاسة المكتب السياسي، سيعمل على تدعيم هذه الاستراتيجية، الهادفة إلى توطيد علاقات الحركة بالدول الفاعلة في الإقليم، وإدارة أي خلافات معها بما يضمن استمرار دعم المقاومة.
السنوار وحركة فتحضمن إطار العقل البراغماتي، تبنّى السنوار موقفًا إيجابيًا من حركة فتح ورموزها التاريخيين.
فقد بذل السنوار جهودًا معروفة لرأب الصدع بين حماس وفتح، ورغم أنها لم تكلل بالنجاح، فإن ذلك لم يمنعه من الإشادة المتكررة بعرفات.
ففي إحدى الفعاليات عام 2021 خاطب عرفات بقوله: “أقول للرئيس الخالد أبو عمار نمْ قرير العين بعد أن أصبح لدى مقاومة شعبك مئات الصواريخ يدكّون بها تل أبيب وغوش دان”.
كذلك احتفظ بعلاقات متميزة مع محمد دحلان، الذي التقاه في القاهرة عام 2017، رغم الخلافات المعروفة بين دحلان وحماس، إلا أن السنوار ودحلان حافظا على دفء العلاقات، التي تعود جذورها إلى النشأة المشتركة في مخيم خان يونس بقطاع غزة.
من هنا، فالمتوقع أن يدعم السنوار هذا النهج التصالحي مع فتح وغيرها من الفصائل، والذي سيكون من الأهمية بمكانٍ بدءًا من اليوم التالي لتوقف العدوان الإسرائيلي.
مصير المفاوضاتيعتقد البعض أن وضع السنوار الموصوم بـ “التشدد” على رأس المكتب السياسي لحماس، يعني نسفًا لعملية التفاوض التي كان يترأسها الشهيد إسماعيل هنية.
وهذه الرؤية تقفز على معطيات الواقع وتتجاوزه، إذ كان السنوار في قلب عمليات التفاوض التي قادها هنية، بل لا أبالغ إذ أقول: إنه كان – ومعه قادة القسام – الرقم الصعب في تلك المفاوضات.
فكل ما أنجزته المفاوضات من اتفاقيات، كانت تتم بمشورته، ومنحها الموافقة النهائية. لكن يجب التذكير أن الذي لعب – ولا يزال – دورًا أساسيًا في إفشال المفاوضات، هو رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، وليس السنوار!
إذن، لا يتوقع أن يحدث اختيار السنوار، انعطافات حادة وسلبية بشأن مستقبل المفاوضات، حيث أوصل البعض تلك التحولات إلى حد الإيقاف والإلغاء، وهذا غير صحيح، ومنافٍ للواقع، ما لم تعلن الحركة خلاف ذلك.
وأخيرًا؛ فإنه بالإضافة إلى البراغماتية، فإن السنوار يمتلك قدرةً على توليد الحلول والبدائل (مسيرات العودة – طوفان الأقصى)، وفهمًا دقيقًا للعقل الاستراتيجي الإسرائيلي ومواضع ضعفه، وهي أمور ستترك بصمة إيجابية على الأداء السياسيّ لحماس.
#حركة فتح#يحيى السنوارحركة حماسفلسطينالمصدر: يمانيون
كلمات دلالية: المکتب السیاسی العلاقات مع
إقرأ أيضاً:
مستقبل أفضل للاقتصاد.. ضياء رشوان: علاقات مصر الآسيوية تدعم النهوض بالصناعة
أكد الكاتب الصحفي ضياء رشوان رئيس الهيئة العامة للاستعلامات أن ملف التصنيع على قمة أولويات الدولة في مصر في المرحلة الراهنة، مشيرًا إلى أن ما تحقق في مجال البنية الأساسية في أنحاء البلاد، وما تم إنجازه في المجالات الاجتماعية والخدمات، حان الوقت لانطلاقة إنتاجية شاملة خاصة في مجال التصنيع، الذي يمثل أهم أدوات العبور نحو مستقبل أفضل للاقتصاد المصري.
فالصناعة هي القطاع الأكثر إيجاداً لفرص العمل الدائمة المنتجة التي تحقق قيمة مضافة للفرد والمجتمع، كما أنها لا تتركز غالباً بمنطقة جغرافية بذاتها، فالعناصر الأساسية للصناعة هي الأيدي العاملة ومصادر الطاقة ووسائل نقل الخامات والمنتجات، وهذه العناصر أصبحت متاحة في كل المحافظات والمناطق، ومن ثم فإن انتشار المراكز الصناعية يحقق هدف الإنماء المتوازن في كل المناطق والمحافظات.
والتصنيع هو أهم وسائل توفير العملات الأجنبية ومواجهة العجز في مصادرها، وتخفيف عجز الميزان التجاري الذي يلتهم جزءاً كبيراً من موارد مصر من العملات الأجنبية، فالنهوض بالصناعات يؤدي إلى إحلال المنتج الوطني من محل قطاعات واسعة من الواردات، كما أن أحد أهداف تعزيز الصناعة، زيادة الصادرات من السلع الصناعية والتي لا تزال تمثل نحو ربع صادرات مصر فقط.
في الوقت نفسه، فإن الاعتماد على الذات وتوفير أكبر قدر من السلع المنتجة محلياً بات أمراً مهماً لمكانة الدولة، وحصانتها، في مواجهة تقلبات الأسواق الدولية، واضطراب سلاسل الإمداد على نحو ما شهده العالم في السنوات الأربع الماضية.
ولا شك أن اتجاه الدولة للتصنيع، سواء من خلال الاستثمارات العامة أو استثمارات القطاع الخاص المحلي والأجنبي، يتطلب استثمار شراكات مصر مع مختلف الدول والمجموعات الدولية، فقد أصبح المجتمع الدولي بمثابة "مصنع عالمي" تتشارك فيه الدول في مكونات وعناصر انتاج السلعة الواحدة، كما أن هناك حاجة لنقل التكنولوجيا والاستفادة من خبرات الدول والمجتمعات الأخرى في المجالات الصناعية، فضلاً عن تأمين مصادر المواد الخام، والسلع الاستراتيجية وأدوات ومستلزمات الانتاج الصناعي، إضافة إلى توفير أسواق لاستقبال الصادرات التي تملك مصر في انتاجها مزايا نسبية.
من هذا المنطلق تبدو أهمية شبكة العلاقات الدولية التي ترسخت وتعززت لمصر في السنوات العشر الماضية.
ورغم أهمية تنوع الأطراف التي تتعاون معها مصر شرقاً وغرباً في هذا المجال، إلا أن القارة الآسيوية تبدو الأقرب للتعاون المشترك من أجل النهوض بالصناعة.
فالتجارب الآسيوية في التصنيع المعتمد على كثافة الأيدي العاملة والاهتمام بالصناعات الصغيرة والمتوسطة هي الأقرب لاحتياجات مصر.
وأشار رشوان إلى أن التجارب الآسيوية في التصنيع المعتمد على كثافة الأيدي العاملة والاهتمام بالصناعات الصغيرة والمتوسطة هي الأقرب لاحتياجات مصر، وأن الاستثمارات الآسيوية في مجال الصناعة في مصر هي الأنشط سواء لتوفير احتياجات السوق المصري أو للتصدير لأفريقيا ودول الشرق الأوسط.
ولا شك أن ما أرسته مصر من علاقات شاملة مع الدول الآسيوية خاصة الصين وروسيا وكوريا الجنوبية والهند وفيتنام وغيرها يمثل ركيزة مهمة للتعاون في بناء قاعدة صناعات متكاملة في مصر ومضاعفة الاستثمارات في مجال الصناعة.
في الوقت نفسه فإن التكنولوجيا المستخدمة في العديد من الدول الآسيوية هي الأنسب في كثير من الأحوال لظروف مصر، وهي الأيسر في الحصول عليها، وقد نجحت مصر في السنوات الماضية في توفير كل الأسس لنهضة صناعية، من بنية أساسية والاهتمام بالعناصر البشرية، وكذلك بناء شبكة تعاون دولية واسعة.
جاء ذلك في افتتاحية العدد الخامس عشر من دورية "آفاق آسيوية" وهي دورية علمية سياسية شاملة تصدرها الهيئة العامة للاستعلامات.
حيث تتيح الدورية الفرصة للباحثين من كافة دول العالم لنشر دراسات وبحوث وتقارير تتناول كافة القضايا الآسيوية السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، ويرأس تحريرها عبد المعطى أبو زيد مستشار الاعلام الخارجي بالهيئة العامة للاستعلامات ، ويعمل مستشاراً أكاديميا ً لتحريرها الدكتور حسن ابو طالب، ومديرة التحرير د. سمر ابراهيم محمد ، ويشارك فى هيئة تحكيمها عدداً من الرموز الآسيوية من مصر والصين والهند واليابان، ويتم إصدارها فى نسخ ورقية وإلكترونية، كما يتم إطلاقها على موقع الهيئة على الانترنت وتوزع مجاناً فى مصر وأنحاء العالم ، وفي اطار تدعيم التوثيق المعرفي لدورية آفاق آسيوية تم اعتمادها من أكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا وبنك المعرفة المصري ، وحصلت علي تقييم متميز من المجلس الأعلى للجامعات ، فضلا عن ادراج الدورية في العديد من قواعد البيانات الدولية مثل EuroPub ،و Scilit .
ونظراً لأهمية العلاقات المصرية الآسيوية جاء ملف العدد بعنوان "العلاقات المصرية اليابانية " حيث تضمن دراسات عن الشراكة الاستراتيجية بين مصر واليابان، رؤية مستقبلية لتطوير العلاقات الثقافية بين مصر واليابان، التراث الثقافي في المجتمعات المحلية (رؤية مقارنة بين المجتمعات اليابانية والعربية)، دور الحوكمة البيئية لنشر الوعي "نموذج شركة توشيبا "، الدبلوماسية اليابانية في الشرق الأوسط وشمال افريقيا.
وأشار رشوان إلى أن العدد الجديد من الدورية يتضمن دراسات في قضايا مختلفة، ومنها: أثر الازمات في منظمة التعاون الاقتصادي لدول آسيا والمحيط الهادئ على الامن الآسيوي، تأثير التغيرات المناخية على الامن الغذائي في القارة الآسيوية هذا بالإضافة الي دراسة عن الاقتصاد الياباني: الواقع والمأمول.
كما تضمنت مجموعة من التقارير المتنوعة عن التوجهات المحتملة للإدارة الامريكية الجديدة تجاه إيران، زيارة الرئيس السيسي للصين الأهداف والدلالات، مشروع طريق المرديان السريع (طريق الحرير الروسي)، الجودة الشاملة شعار "صنع في اليابان، هذا بالإضافة الي تقرير عن جيتانجالي شري.. أول روائية هندية تفوز بجائزة البوكر الدولية
وتناول القسم الانجليزي دراسة د. عبد الحميد الرافعي بعنوان:
The Relations between Russia and NATO and its Impact on the Balances of Power in the Middle East
أما القسم الصيني فتناول ترجمة عن الكتاب الأبيض الصادر عن المكتب الإعلامي لمجلس الدولة بعنوان " النظام والممارسات القانونية لمكافحة الإرهاب في الصين " للدكتورة مروة راغب مدير تحرير مواقع الهيئة باللغة الصينية.