الجزيرة:
2025-02-02@16:10:45 GMT

كيف أثر الصراع على الصحة النفسية للسوريين؟

تاريخ النشر: 12th, August 2024 GMT

كيف أثر الصراع على الصحة النفسية للسوريين؟

تشير تقديرات أممية إلى أن واحدا من كل 5 أفراد يقيمون في منطقة تشهد نزاعاً مسلحاً يعاني من اضطرابات ما بعد الصدمة، ومن ضعف في مؤشرات الصحة، وهو ما ينطبق على ملايين السوريين الذين عنوا من ويلات الحرب على مدار أكثر من عقد من الزمان.

وفي سوريا، يعاني القطاع الصحي من فجوة في المعلومات المتعلقة بالجانب النفسي.

ويخلو الموقع الالكتروني لوزارة الصحة المعنية بالأمر، من بيانات أو إحصاءات، حول معدلات انتشار الاضطرابات النفسية والعصبية بين السوريين خلال فترة الحرب.

وتقدر منظمة الصحة العالمية -في مسح أجرته عام 2020- إصابة 44% من المشاركين المقيمين داخل سوريا باضطراب نفسي حاد، و27% بالأعراض الكاملة للاضطراب النفسي الحاد المصاحب لاضطراب إجهاد ما بعد الصدمة.

وترى مصادر أممية أخرى أن نحو 50% من إجمالي السكان، لا سيما فئة النساء والأطفال، في حاجة إلى خدمات صحية نفسية ودعم نفسي اجتماعي.

%50 من إجمالي سكان سوريا بحاجة إلى خدمات صحية نفسية (مواقع التواصل) ما اضطراب ما بعد الصدمة؟

يُعرف المعهد الوطني الأميركي للصحة العقلية اضطرابات ما بعد الصدمة بأنها "اضطرابات نفسية، تتطور لدى بعض الأشخاص ممن تعرضوا لحدث صادم أو مخيف أو خطير".

ويعاني المصابون، بحسب الرابطة الأميركية لعلم النفس، من مشاعر مزعجة، تتعلق بتجارب سابقة، قد تستمر فترة طويلة، وقد يعيشون الحدث مرة أخرى من خلال ذكريات الماضي أو الكوابيس.

كما تتملكهم مشاعر الحزن أو الخوف أو الغضب، وقد يشعرون بالانفصال أو الاغتراب عن الآخرين، وقد تكون لديهم ردود فعل سلبية قوية تجاه أمور اعتيادية، كالضوضاء العالية مثلاً.

وتتعلق مظاهر اضطراب ما بعد الصدمة في سوريا بعوامل ضغط شديدة، ناتجة عن الحرب ومآسيها. وتتقدم الخسائر البشرية والمادية، على غيرها من العوامل المؤثرة على صحة نفسية أغلب السكان.

ويرى عبد الله موصللي الباحث السوري المختص بعلم النفس والمقيم في باريس أن الصراع العسكري، والحالات الطارئة، وتحديات سبل العيش السائدة منذ أكثر من عقد، أدت إلى تفاقم الحالة الصحية لملايين السوريين، سواء في المناطق التي تسيطر عليها حكومة بشار الأسد، أو في المناطق الخاضعة لسيطرة فصائل المعارضة المسلحة شمال البلاد.

وتوقع الباحث -في حديثه للجزيرة نت- وجود أعداد كبيرة ومن فئات عمرية مختلفة مصابين بهذه الأعراض، يفوق عددهم ما هو معلن، يعيش بعضهم في الظل، بسبب نظرة سلبية سائدة في المجتمع عن الأمراض العصبية والنفسية، تمنعهم من التصريح عن حالتهم، أو مراجعة طبيب مختص.

وأضاف أن بيئة الحرب، ومشاهد القصف والدمار، وأشلاء القتلى، وأصوات الانفجارات، أحدثت صدمات نفسية لدى السكان الذين تعرضت مناطقهم لهجمات الجيش النظامي، وعاشوا أهوال الحرب من دون حماية، مشيراً إلى أن أعراض ما بعد الصدمة أصبحت شائعة، حتى لدى الذين غادروا البلاد إلى دول الجوار "حيث حملوا معهم أوجاعهم، ومشاعر الرعب، والخوف، وعدم الاستقرار، والقلق من المستقبل".

أعراض ما بعد الصدمة أصبحت شائعة حتى لدى الذين غادروا سوريا إلى دول الجوار (مواقع التواصل) الفارون من الموت

من جهة ثانية، أجرت مجموعة عمل معنية بشؤون الحماية شمال غرب سوريا، تضم وكالات أممية ومنظمات دولية مستقلة، تقييما مطلع مارس/ آذار العام الماضي، شمل لقاءات مع نحو 1600 فرد من نحو 260 تجمعاً سكنياً شمال غرب سوريا، أعرب فيه 65% ممن شملهم التقييم عن حاجتهم إلى خدمات الصحة الذهنية والدعم النفسي والاجتماعي.

ألمانيا

وعلى الصعيد ذاته، بينت دراسة أجرتها الغرفة الألمانية الاتحادية للمعالجين النفسيين، في وقت سابق، أن نصف اللاجئين السوريين لديها يعانون من مشاكل عقلية.

تركيا

في حين أفادت السلطات التركية بأن 55% من اللاجئين السوريين على أراضيها في حاجة إلى دعم نفسي.

الأردن

لاجئو المملكة لا تختلف أوضاعهم الصحية النفسية كثيراً. إذ نقلت دراسة نشرتها الصحة العالمية عن تقييم أجرته مؤسسة أسترالية وطنية أن 13% من الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 16 و24 عاماً، ظهرت عليهم أعراض سريرية مماثلة، وسعوا للحصول على مساعدة مقارنة بثلث الشابات. بينما عزف الباقون عن طلب المساعدة بسبب حواجز وعوامل أعاقت وصولهم.

لبنان

أجرت الباحثة العراقية لنا عزام علي دراسة مسحية -بالتعاون مع الجامعة الأميركية في بيروت وجامعة ويلفريد لورييه في أونتاريو بكندا- لتقييم الصحة العقلية والنفسية للاجئين السوريين بمخيمات اللجوء بلبنان.

وخلصت (لنا) المتخصصة بعلوم النفس والأعصاب إلى أن أول صور "اضطراب ما بعد الصدمة" التي واجهتها لدى زيارتها أحد المخيمات هي مشاعر "الغضب والحذر والخوف" التي قوبلت بها.

وأضافت "ومن جملة العلامات، تبدّت لي أعراض أخرى تتعلق بالاكتئاب والقلق واضطراب ما بعد الصدمة. فأثناء زيارة لإحدى العائلات، التقيت أماً عاجزة عن تحريك قدميها بسبب شلل أصابها، بينما شُخّصت الحالة على أنها أحد الأعراض السيكوسوماتية لاضطراب ما بعد الصدمة".

وتعتبر الأمراض "السيكوسوماتية" اضطرابات جسدية، ويلعب العامل النفسي فيها دوراً أساسيا.

ونقلت الباحثة عن سيدة أخرى كيف ترتعش بهلع كلما سمعت صوتًا مزعجاً، وتتداعى إلى ذاكرتها جميع الأحداث المرتبطة بفرارها من الحرب، فتجتاح أنفها رائحة البارود والدخان، وتأتي بردود فعل جسدية مقترنة بالحدث.

ظروف اللجوء السوري فاقمت من ظهور الأمراض النفسية (رويترز) انعكاس الحرب على الشباب

وعلى الصعيد ذاته، كشفت دراسة استقصائية أجرتها شركة إبسوس (Ipsos) المتخصصة بأبحاث السوق -في يناير/كانون الثاني 2021، مع عينة ممثلة، من حيث النوع والمنطقة، للسوريين من الفئة العمرية 18 إلى 25 عاماً، في عدة دول من بينها سوريا- أن 54% من العينة عانوا من اضطرابات في النوم، و73% من القلق، و58% من الاكتئاب، و46% من الشعور بالعزلة، و62% من الإحباط، و69% من الحزن بسبب الحرب.

الاستجابة بمناطق سيطرة الحكومة

يعاني النظام الصحي في سوريا من ضغوط شديدة، ومستمرة، نتيجة دمار أصوله المادية، وتصاعد احتياجات المتضررين من تداعيات الصراع، إضافة إلى انخفاض تمويل الخدمات التي يقدمها انخفاضاً كبيراً، بحسب بيانات منظمة الصحة.

وخلال السنوات الأولى لحكم الأسد (2005-2001) ارتفع عجز الميزانية السنوية المخصصة لهذا القطاع من 1.7% من الناتج المحلي الإجمالي، إلى 5%، وفق منظمة نيو هيومانيتريان (the new humanitarian).

ومطلع الحرب، قدرت الصحة العالمية نسبة الإنفاق على القطاع الصحي بنحو 3.3% من الناتج القومي الإجمالي، وهي نسبة منخفضة مقارنة بإنفاق دول الجوار خلال الفترة ذاتها، حيث بلغ في الأردن نحو 8.0% ولبنان 7.5% والعراق 4.8%.

وأثر هذا الانخفاض على أداء القطاع، ومجمل الخدمات التي يقدمها في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، كما دل لاحقاً على ضعف استجابته للمخاطر الصحية التي تعرضت لها البلاد.

ويقر رئيس الرابطة السورية للأطباء النفسيين الدكتور مازن حيدر بوجود فجوة ضخمة في خدمة الطب النفسي، إذ لا يغطي التأمين الصحي المرض النفسي أو الأدوية أو أي نوع آخر من العلاج النفسي، وهذا يعني أن المرضى يتعين عليهم تحمل التكلفة الإجمالية للعلاج حتى إذا كان لديهم تأمين صحي.

وكشف حيدر -في دراسة نشرها الموقع الإلكتروني لمنظمة الصليب الأحمر الدولية- عدم وجود بحوث شاملة حول الاضطرابات النفسية التي خلفتها الحرب على الصعيد الوطني، في وقت طالت الإصابات فيه نحو مليون فرد يعانون من اضطرابات نفسية شديدة.

وأوضح أن الرابطة السورية للأطباء النفسيين تضم 80 طبيبًا. وعلى فرض أنهم يعملون 5 أيام أسبوعيا على مدى 52 أسبوعاً في السنة، وأن كل واحد منهم يمكنه متابعة 15 حالة يومياً، وأنهم لا يتابعون حالة كل مريض أكثر من 3 مرات سنويا، فإن مجموع عدد الحالات التي يمكن لهم متابعتها سنوياً يكون 104 آلاف حالة فقط، أي 10% من الحالات الشديدة، بمعنى أن أكثر من 90% من الحالات الشديدة لا تخضع للمتابعة.

ولفتت الدراسة إلى تضرر خدمات الصحة النفسية بشدة إبان فترة الصراع، وشهد عدد الأطباء النفسيين انهياراً بسرعة غير معتادة، حيث انخفض إلى النصف تقريباً. كما انخفض عدد الأطباء المقيمين المتخصصين في مجال الطب النفسي انخفاضًا حادًا من 40 طبيباً إلى أقل من 10 أطباء فقط على المستوى العام منتصف سنوات الحرب.

وانتقد رئيس رابطة الأطباء النفسيين القانون السوري الذي لا يزال بعيدًا كل البعد عن التفاصيل العلمية المعاصرة للصحة النفسية. وقال "حتى يومنا هذا، لا يوجد قانون ينظم القطاع. ورغم المحاولات المختلفة على مدى سنوات طويلة لسن مثل هذا القانون، ما تزال تستخدم مصطلحات من قبيل: مجنون وأحمق وغبي في جميع القوانين النافذة، لوصف المصابين باضطرابات الصحة النفسية".

انخفاض حاد بعدد الأطباء السوريين المتخصصين في مجال الطب النفسي (الجزيرة) الصحة النفسية حق

وكانت الصحة العالمية قد قدمت عام 2023 مبادرات حول الصحة العقلية وصلت إلى أكثر من 922 ألف فرد، واستفاد من خدمات الدعم النفسي والاجتماعي أكثر من 161 ألفا. واستثمرت المنظمة إلى جانب ذلك في تدريب ما يزيد على 3 آلاف عامل صحي ومجتمعي لضمان استدامة هذه الخدمات، بما في ذلك الاستشارة المتكاملة والمتخصصة لمراكز الرعاية الصحية الأولية.

وفي كلمة لها، خلال ورشة عمل بعنوان "الصحة النفسية حق إنساني عالمي" افتتحتها في دمشق في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، أكدت ممثلة الصحة العالمية في سوريا الدكتورة إيمان شنقيطي أنه من الضروري التأكيد على أن الصحة العقلية ليست رفاهية، بل حق أساسي من حقوق الإنسان. وبغض النظر عن هويتنا، أو من أين أتينا، فإن الجميع (في سوريا) يستحقون أعلى مستوى ممكن من الصحة العقلية".

وطالبت ورشة العمل في ختام جلساتها النظام السوري بدمج اعتبارات الصحة النفسية، والدعم النفسي والاجتماعي، في جميع سياسات وخطط المؤسسات الوطنية، وتوفير التمويل الكافي لها.

انعدام اليقين بشأن المستقبل

وتهيمن مظاهر القتل خارج القانون والقمع والتعذيب والتشريد على الحياة السورية منذ احتجاجات عام 2011 التي بدأت مع موجة الربيع العربي. ويربط الخبير السوري المختص بعلم الاجتماع سعيد البني بينها وبين زيادة انتشار اضطرابات ما بعد الصدمة "حيث أحدثت أهوال الحرب، مع ما رافقها من عمليات تدمير وإبادة ممنهجة، على الحالة النفسية لملايين الأفراد، كما كان لها انعكاسات سلبية مؤثرة على احتياجات السكان الأساسية".

وأوضح -في حديثه للجزيرة نت- أن الضيق النفسي الذي ينتاب اليوم معظم السوريين المقيمين تحت سلطة النظام إنما هو رد فعل لمشاعر ترتبط بالتبرم والخوف وانخفاض الحالة المزاجية وانعدام اليقين بشأن المستقبل.

وقال البني: إن تردي الوضع النفسي، والاضطرابات العصبية، التي يعاني السكان منها على نحو واضح في مختلف المدن، إنما تعكس خطورة استمرار الصراع وتردي البيئة الاجتماعية والاقتصادية والمادية التي يعيش فيها الناس بشكل عام.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات الصحة العالمیة الصحة العقلیة ما بعد الصدمة فی سوریا أکثر من

إقرأ أيضاً:

رئيس لجنة الصحة بمجلس النواب: مشروع قانون تنظيم المسئولية الطبية يُنهي الصراع بين المريض ومقدم الخدمة

أكد الدكتور أشرف حاتم، رئيس لجنة الصحة بمجلس النواب، أن مشروع قانون المسئولية الطبية وسلامة المريض يعد من أهم المشروعات التى سيناقشها مجلس النواب فى جلساته البرلمانية خلال دور الانعقاد الخامس من الفصل التشريعى الثانى، سيما أنه ينظم العلاقة بين مقدم الخدمة الطبية ومتلقى الخدمة، سواء فى المستشفيات الحكومية أو القطاع الخاص.

وأشار إلى أن مشروع قانون المسئولية الطبية وسلامة المريض مر بعدة مراحل من النقاش، بدأت بتقديمى ومعى عدد من النواب لمشروع قانون للمسئولية الطبية بهدف تنظيم العلاقة بين الطبيب والمريض، ونتيجة لحالة الشد والجذب سعت الحكومة إلى تقديم مشروع قانون متكامل حتى وصل إلى محطته الأخيرة فى المناقشة داخل لجنة الصحة بحضور جميع الأطراف المعنية، سواء من النقابات الطبية وكذلك كبار الأطباء من جميع التخصصات وأعضاء مجلس النواب.

وأوضح رئيس لجنة الصحة بمجلس النواب فى حوار لـ«الوطن»، أن مجلس النواب حريص على مناقشة مشروع قانون المسئولية الطبية وسلامة المريض مادة مادة للتأكد من اتفاقه مع نصوص الدستور، لافتاً إلى أن 90% من مطالب نقابة الأطباء تحققت فى مواد مشروع القانون، وهذا يعنى أننا راعينا كل المقترحات لإنهاء المعارك الوهمية المثارة حول هذا القانون، مبيناً حرص رئيس مجلس النواب على متابعة التفاصيل المتعلقة بمشروع قانون تنظيم المسئولية الطبية وسلامة المريض، فإلى نص الحوار:

90% من مطالب الأطباء تحققت في مواد مشروع القانون.. واللجنة العليا للمسئولية الطبية جهة خبرة استشارية تختص بالأخطاء الطبية

كيف ترى مشروع قانون المسئولية الطبية وسلامة المريض؟

- مشروع قانون المسئولية الطبية وسلامة المريض استغرق أكثر من عامين فى النقاش والحوار للخروج بصياغات دقيقة تراعى الهدف المنشود من صدوره، فضلاً عن اتفاقه مع النصوص الدستورية، وبالتالى الصياغات النهائية لمشروع القانون حققت 90% من مطالب الأطباء.

ما الأسباب الحقيقية وراء تأخر إصدار مشروع القانون؟

- مشروع القانون مر بمراحل مختلفة منذ الإعلان عن إعداد مسودته الأولى التى تقدمت بها و60 عضواً إلى رئيس مجلس النواب، وتمت إحالته إلى لجنة الصحة باعتبارها اللجنة البرلمانية المختصة بالمناقشة، ودعوة جميع الجهات المختصة والنقابات الطبية، وفى مقدمتها نقابة الأطباء والعلاج الطبيعى والأسنان والتمريض، فضلاً عن كبار الشخصيات فى مجال الطب، وللأسف لم يتم الاتفاق على مواده، وتمت إحالة المواد التى أثير حولها اللغط إلى مجلس الدولة لمراجعة صياغتها القانونية والدستورية، بعدها بفترة تقدمت الحكومة بمشروع قانون متكامل للمسئولية الطبية، وذلك لحرصها الشديد على تحقيق ما كفله الدستور المصرى فى المادة 18 بأن لكل مواطن الحق فى الصحة والرعاية الصحية المتكاملة.

  المشرع المصري حريص على تحديد الالتزام الأساسي ودرجة العناية المطلوبة لكل من يزاول إحدى المهن الطبية.. ويحظر على مقدم الخدمة تقديمها للمريض دون رضاه

من وجهة نظرك لماذا أقدمت الحكومة على تقديم هذا المشروع وسط رفض الأطباء؟

- الأضرار الطبية التى شهدها المجتمع المصرى فى الآونة الأخيرة هى المحرك الأساسى لإعداد مشروع القانون، وبالمناسبة الأخطاء الطبية واردة وتحدث فى كل دول العالم، لذلك حرص المشرع المصرى على تحديد الالتزام الأساسى ودرجة العناية المطلوبة لكل من يزاول إحدى المهن الطبية، وكذلك التأكيد على الحقوق الأساسية لمتلقى الخدمة الطبية أياً كان نوعها، لإنهاء حالة الصراع بين المريض والكادر الطبى التى انتشرت فى السنوات الأخيرة.

الأضرار الطبية التى شهدها المجتمع المصرى خلال الآونة الأخيرة هى المحرك الأساسى لإعداد مشروع القانون

لماذا تضمن مشروع القانون إنشاء لجنة عليا للمسئولية الطبية؟

- الهدف من إنشاء اللجنة العليا للمسئولية الطبية هو وجود جهة خبرة استشارية تختص بالأخطاء الطبية، فتقوم ببحث الشكاوى الواردة إليها، وأتصور أنه من الأمور المهمة جداً لتحقيق التوازن قبل اتخاذ الرأى النهائى فى تحديد الخطأ الطبى، وبالتالى اللجنة العليا هى الخبير الفنى لجهات التحقيق أو المحاكمة فى القضايا المتعلقة بالمسئولية الطبية.

البعض يرى أن مشروع قانون تنظيم المسئولية الطبية وسلامة المريض أنصف المرضى على حساب الأطباء؟

- غير صحيح، وأؤكد أن أكثر من 90% من مطالب الأطباء تم التوافق عليها خلال اجتماعات اللجنة التى حضرتها الحكومة ممثلة فى وزيرى الصحة والمجالس النيابية، فضلاً عن النقابات الطبية المختصة، وهناك حقوق لم يتقدم الأطباء بها وراعى مشروع القانون الجديد تحقيقها لصالح الكادر الطبى، ومن بينها التأمين الإلزامى للمنشآت الطبية ومقدمى الخدمة من مزاولى المهن الطبية، وهو ملزم للقطاع الحكومى والخاص، بحيث يختص بالتأمين على العاملين فى القطاع الصحى سواء الأطباء أو التمريض، ويتولى المساهمة فى التعويضات المستحقة عن الأخطاء الطبية لتغطية الأضرار.

وما الهدف من إصدار مدونة السلوك الطبى ضمن مشروع قانون المسئولية الطبية وسلامة المريض؟

- مدونة السلوك الهدف منها الحفاظ على حقوق الأطباء والمرضى، فعلى سبيل المثال يحظر على مقدم الخدمة تجاوز حدود الترخيص، أو تقديم الخدمة الطبية لمتلقى العلاج دون رضاه فيما عدا الحالات الطارئة أو التى تشكل خطراً على حياته، وكذلك الامتناع عن تقديم الخدمة فى الحالات الطارئة أو الانقطاع عن استمرار تقديم الخدمة للمريض دون التأكد من استقرار حالته الصحية، إلا إذا كان الانقطاع راجعاً لأسباب لا دخل لإرادة مقدم الخدمة فيها.

كثير من النقاشات دارت حول العقوبات الواردة فى مشروع قانون تنظيم المسئولية الطبية وسلامة المريض؟

- نعم كثير من اللغط شهده مشروع القانون بسبب العقوبات الواردة فى مواده، ومجلس النواب كان حريصاً من البداية على مراعاة جميع وجهات النظر التى تقدمت بها النقابات الطبية، وتم حذف المواد التى تتضمنها عقوبة الحبس، مع الإبقاء على عقوبة الحبس للطبيب فى حالات الخطأ الجسيم وأصبحت سنة ولا تجاوز 5 سنوات وغرامة لا تقل عن 500 ألف جنيه ولا تجاوز مليون جنيه حالة وقوع مضاعفات.

وما أبرز التعديلات التى أجرتها لجنة الصحة بمجلس النواب على مواد مشروع قانون تنظيم المسئولية الطبية وسلامة المريض؟

- جميع التعديلات تمت بالتوافق، ومن بينها تعديل مسمى مشروع القانون ليصبح مشروع قانون تنظيم المسئولية الطبية وسلامة المريض بدلاً من حماية المريض، وراعت اللجنة تحديد الفارق بين الخطأ الطبى والخطأ الطبى الجسيم، فضلاً عن الاكتفاء بحالات الحبس حال وقوع الخطأ الطبى الجسيم.

هل الصياغات النهائية لمشروع قانون المسئولية الطبية وسلامة المريض التى سيناقشها المجلس فى جلساته البرلمانية مرضية للنقابات الطبية؟

- نقباء الأطباء والعلاج الطبيعى والتمريض كلهم شاركوا فى الاجتماعين اللذين عقدتهما لجنة الصحة بمجلس النواب واستمرا لساعات مطولة، وجميعهم توافقوا على الصياغات النهائية لمشروع القانون، وأكدوا أن القانون الجديد يحقق حماية لحقوق المرضى والأطباء.

هل ترى أن مشروع قانون تنظيم المسئولية الطبية وسلامة المريض تعرض لهجمة شرسة الغرض منها عدم خروجه للنور؟

- نعم.. وللأسف كان هناك تربص شديد وغير مبرر لخروجه إلى النور، رغم أنه يحقق الأمان لمقدم ومتلقى الخدمة، لذلك احتكمنا إلى شيوخ المهنة الذين حرصوا على حضور الاجتماعات التى عقدتها لجنة الصحة لمناقشة مشروع القانون بهدف الخروج بصياغات متزنة تراعى أحكام الدستور المصرى.

كيف ترى اهتمام المستشار الدكتور حنفى جبالى، رئيس مجلس النواب، بمتابعة كافة التفاصيل المتعلقة بمشروع قانون تنظيم المسئولية الطبية وسلامة المريض؟

- رئيس مجلس النواب حريص كل الحرص على مراجعة القوانين المتعلقة بالمواطنين فى المقام الأول، لذلك يتابع المناقشات الخاصة بمشروع قانون الإجراءات الجنائية منذ اللحظة الأولى، باعتباره دستوراً حقيقياً للحريات والحقوق، كذلك الأمر خلال مناقشة مشروع قانون تنظيم المسئولية الطبية وسلامة المريض، كان حريصاً على التشاور والاستماع لنقيب الأطباء على مدار مراحل مناقشة مشروع القانون الجديد، وللتأكيد وللحرص، جميع المناقشات التى سيشهدها مجلس النواب فى الجلسات العامة خلال مناقشة مشروع القانون الجديد سيحضرها الدكتور أسامة عبدالحى، نقيب الأطباء.

متى يصدر مشروع قانون تنظيم المسئولية الطبية وسلامة المريض؟

- مجلس النواب سيناقش مشروع القانون فى الجلسات البرلمانية مادة مادة، وسيتم التصويت عليه نهائياً ليأخذ دورته الطبيعية فى التصديق عليه من قبل رئيس الجمهورية ونشره فى الجريدة الرسمية، ويبدأ العمل به من اليوم التالى لانقضاء 6 أشهر من تاريخ نشره، كما تصدر القرارات اللازمة لتنفيذ أحكام هذا القانون خلال 6 أشهر من تاريخ العمل به.

فعل يرتكبه مقدم الخدمة ولا يتفق مع الأصول العلمية الثابتة، أو آداب وتقاليد المهن الطبية والمواثيق الأخلاقية المهنية التى يصدرها المجلس الصحى المصرى وتكون عقوبته هى الغرامة، أما الخطأ الطبى الجسيم فيحدد وفقاً لجسامته والضرر الناتج عنه من إهمال أو رعونة أو عدم احتراز، وبالأخص إذا كان مقدم الخدمة متعاطياً مسكراً أو مخدراً عند ارتكابه الخطأ الطبى وتكون عقوبته الحبس.  

مقالات مشابهة

  • أول زيارة خارجية لرئيس سوريا.. الشرع يصل الرياض وهذه أبرز الملفات التي سيبحثها مع محمد بن سلمان
  • روسيا تُعلن إسقاط صاروخ و44 مُسيَرة أوكرانية
  • ضغوط أمريكية على أوكرانيا.. هل تنتهي الحرب؟
  • دراسة توضح فوائد الإجازات على الصحة النفسية
  • دراسة تكشف فوائد الإجازات على الصحة النفسية
  • ترامب يعلن الحرب التجارية على كندا والمكسيك والصين ويفتح باب الصراع الاقتصادي على مصراعيه .. وتخوف من أزمات
  • ترامب: أنا وبوتين يمكننا إنهاء الحرب في أوكرانيا
  • رئيس لجنة الصحة بمجلس النواب: مشروع قانون تنظيم المسئولية الطبية يُنهي الصراع بين المريض ومقدم الخدمة
  • تعرّف على المنظمة التي تلاحق مجرمي الحرب الإسرائيليين بجميع أنحاء العالم
  • كاتب صحفي: بعد إتمام هدنة غزة كل أحداث المنطقة تأتي تحت شعار الحرب النفسية