لماذا يعجز القانون الدولي عن وقف مجازر إسرائيل في غزة؟ خبراء القانون يجيبون
تاريخ النشر: 12th, August 2024 GMT
تكررت في الآونة الأخيرة المجازر التي يرتكبها جيش الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة، حتى بلغ عدد الشهداء نحو 40 ألفا، ووصلت الإصابات إلى أكثر من 92 ألفا، بالإضافة إلى مئات آلاف النازحين والمشردين.
وخلال 48 ساعة الماضية فقط، ارتكبت إسرائيل 3 مجازر في القطاع، وراح ضحيتها 142 شهيدا، وبلغ عدد الإصابات 150 شخصا، فضلا عن عدد لا يحصى من الضحايا الذين لم يتم إحصاؤهم وما زالوا تحت الركام، حسب ما جاء في منشور لوزارة الصحة في قطاع غزة على فيسبوك.
وفي محاولة من جيش الاحتلال لتبريره ارتكاب هذه المجازر، أصدر بيانا ادعى فيه أنه استهدف مدرسة "التابعين" لوجود مظاهر مسلحة في المكان، وأرفق بيانه بأسماء وصور 19 فلسطينيا قال إنهم من قيادات المقاومة في قطاع غزة.
إسرائيل تكذب
لكن عملية المراجعة والتدقيق التي أجراها فريق المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان "تبين أن جيش الاحتلال اعتمد في قائمته على أسماء متداولة لقتلى فلسطينيين بغارات إسرائيلية سابقة، واستخرج صورًا لهم من السجل المدني الذي تسيطر عليه إسرائيل".
وقالت مديرة الدائرة القانونية في المرصد ليما بسطامي إن 3 من الأسماء التي نشرتها إسرائيل "قُتلوا في حوادث قصف إسرائيلي سابقة، وهم الشاب أحمد إيهاب الجعبري الذي قتله جيش الاحتلال في الخامس من ديسمبر/كانون الأول 2023، والشاب يوسف الوادية الذي استهدفه الاحتلال قبل يومين من المجزرة، والشاب منتصر ضاهر الذي قُتل الجمعة (الماضي) برفقة شقيقته داخل شقة سكنية، أي قبل المجزرة بيوم".
وأضافت بسطامي -في مقابلة مع الجزيرة نت- أنه تبين كذلك أن من بين الضحايا 3 مدنيين مسنين لا علاقة لهم بالعمل العسكري، وهم: مدير مدرسة، وعبد العزيز مصباح الكفارنة نائب رئيس بلدية بيت حانون، ويوسف كحلوت وهو أكاديمي بدرجة بروفيسور وأستاذ لغة عربية، بالإضافة إلى 6 من المدنيين، وبعضهم معارض لحركة المقاومة الإسلامية (حماس).
وأشارت مديرة الدائرة القانونية بالمرصد الأورومتوسطى إلى أن إسرائيل ماضية في كذبها وادعائها بوجود المقاتلين في الأماكن التي تستهدفها، وهي معلومات مضللة وخاطئة، والهدف منها هو التلاعب بالرأي العام الدولي والتخفيف من وطأة الانتقادات التي قد تواجهها.
عجز القانون الدولي
فهل ما تسوّقه إسرائيل من ادعاءات يمكن أن يكون حجة لها أمام القانون الدولي، ويسمح لها بارتكاب كل هذه المجازر ضد المدنيين الفلسطينيين؟ ولماذا يقف القانون الدولي عاجزا أمام إيقاف آلة القتل الإسرائيلية؟ ولماذا لم يعد الضغط الدولي على إسرائيل كما كان سابقا؟
وجوهر الإجابة عن هذه الأسئلة يكمن في معرفة الآليات التي يعمل بها القانون الدولي والمؤسسات التي تقوم عليه، ويقول أستاذ العلاقات الدولية في جامعة محمد الخامس بالرباط تاج الدين الحسيني إن كل بنود القانون الدولي الإنساني بمقتضى اتفاقيتي جنيف 1949 و1979، وبنود القانون الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية وباقي المؤسسات القضائية الدولية تدين كل ما تمارسه إسرائيل في حق الفلسطينيين.
وأضاف الحسيني -في مقابلة مع الجزيرة نت- أن الإشكالية الكبرى في تطبيق القانون الدولي على إسرائيل تكمن في الهيكلية الحالية التي يقوم عليها مجلس الأمن، بوصفه الجهة الوحيدة التي يمكنها استخدام القوة في فرض القوانين الدولية، حيث تستخدم الولايات المتحدة حق النقض (الفيتو) لحماية إسرائيل.
مبدأ سيادة الدول
أما المحامي وخبير القانون الدولي محمد الصبيحي فيفرق بين أمرين:
القانون المحلي: وهو مجموعة القواعد التي تفرضها الدول داخليا وتلزم الجميع بها بقوة القانون. القانون الدولي: ويطلق عليه البعض القوة الناعمة، وهو قانون اتفاقي، ولا توجد وسائل لفرضه على الدول بالقوة، لأن الدول تتمسك هنا بمبدأ سيادتها.وأضاف الصبيحي -في مقابلة مع الجزيرة نت- أن القانون الدولي ليس مجرد نصوص مكتوبة، لكنه أيضا أعراف متفق عليها بين الدول في حالة الحروب، ولقد وُضع في الأساس لمنع توحش الحروب في بدايات القرن الماضي، مع ويلات الحربين العالميتين الأولى والثانية.
وفيما يتعلق بذرائع إسرائيل التي تسوقها في سبيل ارتكابها المجازر في غزة، يرى خبير القانون الدولي أنه لا توجد دولة ارتكبت المجازر والإبادة الجماعية إلا وتزرعت بالأسباب نفسها التي تسوقها إسرائيل، ومع ذلك فهذا ليس مبررا على الإطلاق لارتكاب هذه المجازر، ولا يقبلها القانون الدولي كذريعة لإبادة المنطقة التي تستهدفه بالكامل.
الضغط على إسرائيل
وهل يظل القانون الدولي مكتوف الأيدي أمام هيمنة المصالح السياسية الدولية وتشابكاتها؟ هنا يقترح تاج الدين الحسيني لجوء الدول المعنية بتقديم شكوى للمحكمة الجنائية الدولية التي تملك صلاحية المتابعة القضائية ضد إسرائيل وقادتها المسؤولين عن هذه المجازر.
ويقترح محمد الصبيحي عددا من الإجراءات التي يمكنها الضغط على إسرائيل من أجل وقف نزيف الدماء التي تراق في مدارس القطاع ومستشفياته، ومنها:
استخدام سلاح المقاطعة ضد الاحتلال عبر أدوات تنفيذية يحددها القانون الدولي، ولكن هذا الأمر ما زال العمل به محدودا لأن الدول الكبرى تعمل وفق مصالحها الخاصة. المطالبة بالتعويضات التي يتقدم بها ضحايا العدوان الإسرائيلي وضحايا الإبادة وضحايا التعذيب، والتي قد تتحول إلى تجميد الأموال المرتبطة بإسرائيل في البلدان التي تتبنى هذا الأمر. إنشاء صندوق للتبرعات يستفيد منه الضحايا، ويكون تحت إشراف من الأمم المتحدة. وأهمية هذا الصندوق ليست في العائد المادي الناتج عنه فقط، بل تكمن في الاعتراف الدولي بالانتهاكات التي ارتكبت ضد الضحايا، وما يترتب على ذلك من إجراءات.وما زال قطاع غزة يتعرض منذ 311 يوما لعدوان إسرائيلي راح ضحيته مئات آلاف الضحايا بين استشهاد وإصابة ونزوح، فضلا عن تعرض البنية التحتية من مدارس ومستشفيات ومؤسسات حكومية للتدمير الكلي، وذلك عقب عملية طوفان الأقصى التي قامت بها المقاومة الفلسطينية ضد الاحتلال في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات القانون الدولی جیش الاحتلال هذه المجازر على إسرائیل قطاع غزة
إقرأ أيضاً:
لماذا يحتفل العالم بيوم لحماية الملكية الفكرية؟.. خبراء: حماية الإبداع استثمار استراتيجي للمستقبل.. وخطوة لبناء اقتصادات المعرفة الحديثة
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق كل انواع الابداع
يعد اليوم العالمي للملكية الفكرية، الذي نحتفل به في مثل هذا اليوم 26 أبريل من المناسبة السنوية التي أعلنتها المنظمة العالمية للملكية الفكرية (الويبو) في عام 2000 بهدف إذكاء الوعي بأهمية الملكية الفكرية ودورها في تشجيع الابتكار والإبداع، يمثل هذا اليوم فرصة لتسليط الضوء على مساهمات المبدعين والمبتكرين في التنمية الاجتماعية والاقتصادية والثقافية حول العالم.
حماية إبداعات العقل وكل إنتاج فكرىوعن هذا اليوم، يقول أستاذ القانون المدنى بكلية الحقوق جامعة القاهرة دكتور محمد شكرى سرور لـ"البوابة نيوز" : تشير الملكية الفكرية إلى حماية إبداعات العقل وكل انتاج فكرى سواء كان ينتمي إلى المصنفات الفنية أو الاختراعات أو برامج الكمبيوتر أو العلامات التجارية وغيرها من العلامات في المجال التجاري.
الحق الفكري مال قابل للتعاملويتابع: الحق الفكري مال قابل للتعامل والتنازل والحجز والإرث ولكن وفق شروط حددتها التشريعات والاتفاقيات الدولية فالحقوق الفكرية هي أموال درج عرف الناس على التعامل بها استئثاراً واستعمالًا واستثمارًا، ووصفها بالملكية الفكرية، وهذا الوصف هو تعبير مجازي يشير إلى الاختصاص والاستئثار، ومن باب إطلاق اللفظ العام على الخاص، كما لو قلنا ملكية حق شخصي مع أن الملكية هي حق عيني، أو ملكية حق استعمال المؤلف .
الملكية حق عينىتشمل مجموعة واسعة من الحقوق القانونية
وأضاف: لا تقتصر الملكية الفكرية على حماية الأفكار والإبداعات فحسب، بل تمتد لتشمل مجموعة واسعة من الحقوق القانونية التي تمنح المبدعين والمبتكرين السيطرة على استخدام مصنفاتهم واختراعاتهم، و تشمل هذه الحقوق براءات الاختراع التي تحمي الاختراعات التقنية، وحقوق المؤلف التي تحمي الأعمال الأدبية والفنية، والعلامات التجارية التي تميز المنتجات والخدمات، والتصاميم الصناعية التي تحمي المظهر الجمالي للمنتجات، والمؤشرات الجغرافية التي تحدد المنشأ الجغرافي للمنتجات ذات الخصائص المرتبطة بهذا المنشأ .
أهمية اليوم العالمي للملكية الفكرية
وأوضح: تكمن أهمية اليوم العالمي للملكية الفكرية في تعزيز ثقافة احترام حقوق الملكية الفكرية وتشجيع الأفراد والشركات على الاستفادة من نظام الملكية الفكرية لحماية إبداعاتهم وتسويقها، كما يهدف إلى توعية الجمهور بدور الملكية الفكرية في دفع عجلة الابتكار وتحفيز النمو الاقتصادي وتوفير فرص العمل .
من جانبها قالت أستاذة القانون المدنى بحقوق القاهرة الدكتورة هبة الله رسلان لـ"البوابة نيوز" : أن "اليوم العالمي للملكية الفكرية يمثل منصة حيوية للتأكيد على الدور المحوري الذي تلعبه الملكية الفكرية في بناء اقتصادات المعرفة الحديثة، فهو يوم لتذكير الحكومات والقطاع الخاص والأفراد بأن حماية الإبداع ليست مجرد حق للمبدع، بل هي استثمار استراتيجي للمستقبل وذلك من خلال توفير بيئة قانونية واضحة وفعالة لحماية الملكية الفكرية يمكننا تشجيع المزيد من الاستثمار في البحث والتطوير.
تحفيز الشركات الناشئة
وأضافت: تفعيل القانون يعمل على تحفيز الشركات الناشئة على النمو والتوسع، وجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة، كما أن هذا اليوم يمثل فرصة لتعزيز التعاون الدولي في مجال الملكية الفكرية وتبادل الخبرات وأفضل الممارسات." وتضيف الدكتورة ليلى: "أعتقد أن التركيز في السنوات القادمة يجب أن ينصب على تبسيط إجراءات تسجيل حقوق الملكية الفكرية وتوفير آليات فعالة لإنفاذ هذه الحقوق، خاصة في ظل التحديات التي تفرضها التكنولوجيا الرقمية وسهولة نسخ وتوزيع المصنفات المحمية .
وفى ذات السياق قال خبير استشارات الملكية الفكرية الدكتور أحمد سليم لـ"البوابة نيوز" حول الجانب العملي والتطبيقي للملكية الفكرية، قائلاً: "اليوم العالمي للملكية الفكرية فرصة عظيمة لتوعية الشركات، وخاصة الصغيرة والمتوسطة، بأهمية دمج استراتيجيات الملكية الفكرية في خطط أعمالها، فالعديد من الشركات لا تدرك القيمة الكامنة في علاماتها التجارية أو تصاميمها أو حتى أسرارها التجارية و يمكن لحماية هذه الأصول الفكرية أن تمنحها ميزة تنافسية قوية في السوق وتزيد من قيمتها السوقية، هذا اليوم هو دعوة للشركات لتقييم أصولها الفكرية وتطوير استراتيجيات لحمايتها واستغلالها تجارياً بشكل فعال .
يساهم في تحقيق التنمية المستدامةويضيف الدكتور أحمد: من الضروري أيضاً التركيز على بناء قدرات الكوادر المتخصصة في مجال الملكية الفكرية وتقديم الدعم والاستشارة للمبدعين والمبتكرين لمساعدتهم على فهم حقوقهم وكيفية حمايتها، يجب أن يكون هناك تواصل فعال بين الأكاديميين والممارسين وصناع القرار لضمان أن نظام الملكية الفكرية يلبي احتياجات جميع الأطراف المعنية ويساهم في تحقيق التنمية المستدامة .
يدعم الإبداع والابتكارويختتم: يظل اليوم العالمي للملكية الفكرية مناسبة هامة لتجديد الالتزام بتعزيز نظام ملكية فكرية عالمي متوازن وفعال يدعم الإبداع والابتكار ويساهم في بناء مستقبل أكثر ازدهاراً وتقدماً للجميع إن الاستثمار في الملكية الفكرية هو استثمار في المستقبل، وتمكين المبدعين والمبتكرين هو تمكين للمجتمعات بأسرها.