منعطفٌ حرج وضغطٌ كبير .. هكذا يبدو وضع إيران تزامناً مع الرّد المرتقب!
تاريخ النشر: 12th, August 2024 GMT
سرايا - قال توم أوكونور، كاتب مختص بالسياسة الخارجية الأميركية في مجلة "نيوزويك"، إن إيران تجد نفسها أمام منعطف حرج وهي تتنقل عبر المشهد الجيوسياسي المعقد في أعقاب اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية في طهران.
وأثار هذا الحدث نقاشاً حاداً بين أعلى المستويات في إيران حول كيفية الرد على إسرائيل دون تفاقم الصراع الدائر في قطاع غزة.
ووضع مقتل هنية إيران في موقف صعب حيث يتعين عليها الموازنة بين رغبتها في الانتقام وخطر المزيد من زعزعة استقرار المنطقة، بحسب ما يقول أوكونور.
تفاقم الوضع
وأضاف الكاتب في مقاله بموقع المجلة الأميركية إنّ "الوضع يتفاقم بسبب تورط العديد من أصحاب المصلحة، الذين يعملون على التوسط في وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس"، وأضاف: "كذلك، تتعرض إدارة بايدن لضغوط للتوصل إلى اتفاق من شأنه أن يمنع المزيد من التصعيد، خاصة مع اقتراب الولايات المتحدة من انتخابات رئاسية مثيرة للجدل. وفي حين أن وقف إطلاق النار قد يوفر راحة مؤقتة، فإنه ما يزال من غير المؤكد ما إذا كان كافياً لإرضاء دعوات إيران وحلفائها للانتقام".
ويقول الكاتب إن إيران تحت المجهر حالياً، لأن ردها قد يشكل سابقة للتفاعلات المستقبلية في المنطقة، ويضيف: "مع هذا، يفكر صناع القرار العسكري الإيراني في استجابة أكثر استراتيجية وتأثيراً مقارنةً بالإجراءات السابقة، مثل عملية الوعد الصادق، وهي ضربة إيرانية غير مسبوقة بالصواريخ والطائرات دون طيار ضد إسرائيل. مع ذلك، يظل التركيز الأساسي لإيران على إنهاء الحرب في غزة وتخفيف معاناة شعبها".
توازن دقيق بين الدبلوماسية والانتقام
وصرحت البعثة الإيرانية لدى الأمم المتحدة أنه في حين يحق لإيران الرد على إسرائيل على مقتل هنية، فإن مثل هذه الإجراءات لا ينبغي أن تعطل الجهود الرامية إلى وقف إطلاق النار.
أوكونور، فإن هذا النهج الحذر يسلط الضوء على موقف إيران المعقد، حيث تسعى إلى إيجاد توازن دقيق بين الانتقام والدبلوماسية، وأضاف: "إن الاتصالات بين طهران وواشنطن موجودة، وإن كانت التفاصيل ما تزال غير معلنة، مما يشير إلى أن الحوار مستمر رغم انعدام الثقة العميق بين البلدين".
وأوضح الكاتب أن الوضع يزداد تعقيداً بسبب وجهات النظر المتنوعة داخل القيادة الإيرانية، فالبعض يدعو إلى رد مباشر ورادع على إسرائيل، في حين ينصح آخرون بالحذر لكبح جماح سياسات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو العدوانية، وأضاف: "كذلك، يواجه الرئيس الإيراني المنتخب حديثاً مسعود بزشكيان اختباراً مبكراً للقيادة بينما يتنقل بين هذه الانقسامات الداخلية، ومن المرجح أن تسعى إدارته إلى خفض التصعيد، وإن كانت ما تزال ملتزمة بتقديم رد مناسب على إسرائيل بشأن مقتل هنية".
وأضاف: "تتأثر الديناميكيات داخل إيران أيضاً بتحالف حلفائها المعروف باسم محور المقاومة، بقيادة حزب الله في لبنان. فعلياً، لقد أدى اغتيال المسؤول العسكري الأعلى في حزب الله فؤاد شكر مؤخراً على يد القوات الإسرائيلية إلى تكثيف التوترات على طول الحدود الإسرائيلية اللبنانية، مع تصريح الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله برد قوي ومؤثر".
وتابع: "قد تتضمن استراتيجية إيران التنسيق مع حلفائها في محور المقاومة لتنفيذ رد مشترك، مما قد يسمح لحزب الله بتولي زمام المبادرة في تصعيد التوترات مع إسرائيل. ومن شأن هذا النهج أن يمكن إيران من قياس رد فعل إسرائيل قبل تحديد مدى تورطها. إن احتمالية الضربات المنسقة من قبل مجموعات محور المقاومة، بما في ذلك تلك الموجودة في اليمن والعراق، ترفع من المخاطر لجميع الأطراف المعنية".
وأردف: "رغم الوضع المتقلب، هناك جهد متضافر لتجنب حرب شاملة. لقد أعربت الحكومة الإسرائيلية، التي تدرك العواقب المحتملة لمزيد من التصعيد، عن استعدادها للرد على أي هجمات ولكنها تأمل في تجنب الصراع. كذلك، وُضع الجيش الإسرائيلي في حالة تأهب قصوى، مما يؤكد الجدية التي تنظر بها إسرائيل إلى التهديدات الآتية من إيران وحزب الله".
وقال أوكونور إن "القيادة الإيرانية، بما في ذلك الرئيس بزشكيان والمرشد الأعلى آية الله علي خامنئي، تواجه عملية صنع قرار حاسمة، ويتعين عليها أن تأخذ في الاعتبار العواقب المترتبة على أي إجراءات انتقامية، وموازنة الحاجة إلى الانتقام لموت هنية مع الرغبة في تجنب صراع أوسع نطاقاً".
وذكر أنّ "هذه الحسابات الدقيقة تزدادُ تعقيداً بسبب التحول السياسي الأخير داخل إيران، في أعقاب الوفاة غير المتوقعة للرئيس السابق إبراهيم رئيسي"، وتابع: "لقد أثار اغتيال هنية في مجمع آمن يستخدمه الحرس الثوري تساؤلات حول الأمن الداخلي الإيراني وسلط الضوء على العمليات السرية طويلة الأمد التي تنفذها إسرائيل داخل إيران. وأدى هذا التاريخ من التخريب والاغتيالات إلى زيادة العزيمة الإيرانية على الرد بحزم، رغم إدراكها للعواقب المحتملة".
اعتبارات استراتيجية وضغوط سياسية
مع هذا، يوضح الكاتب أنّ "رد إيران سيتشكل من خلال مجموعة من الاعتبارات الاستراتيجية والضغوط السياسية، وسوف تؤثر نتائج محادثات وقف إطلاق النار الجارية في غزة، فضلاً عن السياق الجيوسياسي الأوسع، على عملية صنع القرار في إيران".
وخلص الكاتب إلى أنه "مع تأرجح المنطقة على شفا المزيد من الصراع، يراقب المجتمع الدولي عن كثب، مدركاً أن القرارات التي تُتخذ في طهران قد تكون ذات عواقب بعيدة المدى على الشرق الأوسط وخارجه، وستكون الأيام والأسابيع المقبلة حاسمة في تحديد ما إذا كانت إيران سوف تختار ضبط النفس أو التصعيد في سعيها إلى تحقيق العدالة في اغتيال هنية".
المصدر: وكالة أنباء سرايا الإخبارية
كلمات دلالية: وقف إطلاق النار على إسرائیل
إقرأ أيضاً:
صحيفة لندنية: إسرائيل تحسم قرار مهاجمة اليمن وتطرح إيران أمام خيارين
قالت صحيفة لندنية إن إسرائيل حسمت قرار مهاجمة جماعة الحوثي في اليمن ردا على هجماتها طيلة العام الجاري، فيما طرحت إيران أمام خيارين.
وأضافت صحيفة "اندبندنت عربية" في تحليل لها أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وضع أمامه هدف ضرب المنشآت النووية في إيران، وقد ألمح في أكثر من مناسبة كما أكد مقربون منه أن إسرائيل حصلت على ضوء أخضر من ترمب لتنفيذ الهجوم، غير أن تل أبيب لا تستعجل في حسم توقيت وطبيعة الضربة.
وذكر أن الموافقة السريعة لقضاة المحكمة الإسرائيلية في تل أبيب جاءت على مطلب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بتأجيل جلسة محاكمته، الثلاثاء، "لوجود ظروف غير مألوفة"، بمثابة إنذار إسرائيلي لعملية آنية حسمت الأجهزة الأمنية في شأنها، وأوضحها وزير الدفاع يسرائيل كاتس في جلسة لجنة الخارجية والأمن في الكنيست، الإثنين، بتوجيه ضربة قوية ورادعة لليمن مع تكثيف الاستعداد والجهوزية لضرب إيران.
وحسب الصحيفة فإن تل أبيب رفعت تهديداتها المتصاعدة تجاه إيران، وتحديداً من نتنياهو وكاتس، إلى جانب الحديث بشكل صريح وواضح وغير مسبوق، أن الظروف المواتية وبعد القضاء على وكلاء إيران في المنطقة، "حماس" في غزة و"حزب الله" في لبنان ونظام بشار الأسد في سوريا، خلقت الفرص لجعل مهاجمة إيران أقرب من أي وقت مضى.
وطبقا للتحليل فإنه منذ مطلع الشهر الجاري وحتى الإثنين الـ16 من ديسمبر (كانون الأول) الحالي، أطلق الحوثيون من اليمن، بحسب الجيش الإسرائيلي، أربع مسيرات وأربعة صواريخ باليستية، ما اعتبره الإسرائيليون تجاوزاً للخطوط الحمراء ليحسموا بتوجيه الضربة.
وأكد أن الاستعداد الإسرائيلي لمهاجمة اليمن استُكمل الأسبوع الماضي، إذ وضع الجيش خطة عبر قصف مكثف سينتهي بالقضاء على مخازن الصواريخ الباليستية والمسيرات وكل ما يملكه الحوثيون من سلاح خصصه لإطلاقه على إسرائيل.
وذكرت أن الهجمات، وفقاً لعسكريين، ستشمل مختلف المنشآت الاستراتيجية والخطرة التي في حوزة الحوثيين. وبحسبهم، ستكون ضربة مختلفة عن ضربات سابقة بل أخطر وأعمق من الضربة التي وجهتها قبل نحو شهرين.
وبحسب ما نُقل في إسرائيل عن مسؤول أمني مطلع على سير مباحثات الهجوم على اليمن، فإن استمرار قصف المسيرات والصواريخ على إسرائيل يشير إلى أمرين: الأول أن المسيرات ما زالت تشكل تحدياً لإسرائيل، وهذا يتطلب تقويض قدراتها، والثاني أن استمرار إطلاق المسيرات والصواريخ على إسرائيل من دون رد يجعل المسألة أكثر خطورة، وصفها المسؤول الأمني بـ"تطبيع إطلاق النار على إسرائيل".
وأضاف "المحور الإيراني بات في الحضيض، لكن الحوثيين يعملون. لقد فقدوا حلفاءهم في (حزب الله) وسوريا، لكنهم لا يستسلمون، وتصريحات المسؤولين هناك تشير إلى أن إطلاق المسيرات والصواريخ سيستمر من اليمن لإثبات ولائهم لغزة".
وعلى رغم أن هذا المسؤول أشار إلى أن الهجوم على اليمن ليس بالأمر السهل الآن، فإنه أكد تنفيذه "بقوة وببنك أهداف أكبر من الهجوم الأخير وسيدفعون الثمن".
من جهته، أكد وزير المالية، بتسلئيل سموتريش، مهاجمة اليمن، بعد سقوط المسيرة والصاروخ الباليستي، الإثنين، ورد على أسئلة الصحافيين حول الموضوع قائلاً "الوكيل الوحيد في المحور الإيراني الذي لم يشهد بعد ضربات ذراع سلاح جونا هو الحوثيون في اليمن. نظراً إلى أننا قررنا أننا لن نترك أي ذراع لن تقطع بعد، أقترح عليكم جميعاً أن تنتظروا قليلاً، فهذه الذراع الحوثية ستحظى أيضاً بضربات ذراعنا الطويلة".
ووفقا للصحيفة فإنه على رغم هيمنة ملف اليمن في إسرائيل، فإن إيران تبقى الهدف الأكثر تحدياً لإسرائيل، ونتنياهو بشكل خاص، وهو ما يجري فيه التنسيق والمشاورات مع ترمب، لكنه في الوقت نفسه يشكل نقاشاً عقيماً في إسرائيل، جراء التحذير والإجماع حول تقدير يؤكد أن إسرائيل غير قادرة على توجيه ضربة للمنشآت النووية من دون دعم ومساعدة الولايات المتحدة.
وأكدت أن نتنياهو يضع أمامه هدف ضرب المنشآت النووية في إيران، وقد ألمح في أكثر من مناسبة كما أكد مقربون منه أن إسرائيل حصلت على ضوء أخضر من ترمب لتنفيذ الهجوم، غير أن تل أبيب لا تستعجل في حسم توقيت وطبيعة الضربة.