دار الإفتاء توضح حقيقة الربا والحكمة من تحريمه
تاريخ النشر: 12th, August 2024 GMT
قالت دار الإفتاء المصرية، إن الربا هو زيادة في رأس المال لا يقابلها عوضٌ مشروعٌ، وهو محرم في جميع الشرائع السماوية، وهو من أكبر الكبائر في شريعة الإسلام.
دار الإفتاء تحدد وقت أذكار الصباح والمساء دار الإفتاء توضح حكم حشو الأسنان أثناء الصياموأضافت دار الإفتاء، أن حرَّم الله تعالى الربا لأسباب متعددة منها: أنه يقضي على روح التعاون بين الناس، ويولِّد فيهم الأحقاد والعداوات، ويؤدِّي إلى وجود طبقة من الجشعين الذين قست قلوبهم في الأمة والذين تكثر الأموال في أيديهم دون جهد منهم، بل إن التعامل بالربا في عصرنا الحديث أدّى إلى استعمار بعض الدول الغنية لبعض الدول الفقيرة.
واستشهدت دار الإفتاء بأدلة تحريم الربا ومنها: أول ما نزل في شأن الربا قوله تعالى: ﴿وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ رِبًا لِيَرْبُوَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ فَلَا يَرْبُو عِنْدَ اللهِ وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ﴾ [الروم: 39]، أي: وما تعاملتم به أيها الناس من مال على سبيل الربا فإنه لا يربو ولا يزيد عند الله تعالى.
والمال الذي يربو ويزيد عنده سبحانه فهو ما تقدمون منه للمحتاجين على سبيل الصدقة والإحسان، ثم نزل ما يُبَيِّنُ أن اليهود -الذين كانوا يتعاملون بالربا- استحقوا من الله تعالى العذاب الأليم؛ قال تعالى: ﴿فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا﴾، أي: فبسبب الظلم الذي وقع من اليهود: ﴿حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَنْ سَبِيلِ اللهِ كَثِيرًا وَأَخْذِهِمُ الرِّبَا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ وَأَكْلِهِمْ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا﴾ [النساء: 160-161]، ثم نزل ما ينفر من الربا تنفيرًا يفُوقُ ما سبق إذ نادى الله تعالى المؤمنين بقوله: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً﴾ [آل عمران: 130]، أي: يا من آمنتم بالله تعالى إيمانًا حقًّا لا يَحِلُّ لكم أن تتعاملوا بالربا بتلك الصورة البشعة التي هي واقعة بينكم والتي فيها يأخذ المُرَابي من المَدِين أضعاف رأس ماله، والتقييد بقوله سبحانه: ﴿أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً﴾ ليس المقصود منه النهي عن أكل الربا في حال المضاعفة خاصة وإباحته في غيرها.
فالربا قَلِيلُهُ وكَثِيرُهُ حرام، وإنما المقصود منه توبيخهم على ما كان متفشيًا فيهم، وهو التعامل بالربا بتلك الصورة البشعة؛ فالتقييد لبيان الواقع فيهم وليس للاحتراز عما عداه، ثم نزلت بعد ذلك ست آيات كانت من أواخر ما نزل من القرآن فحرَّمت الربا تحريمًا قاطعًا إلى يوم القيامة، وأعلنت الحرب من الله ورسوله على كل من يتعامل بالربا، وهذه الآيات هي قوله تعالى: ﴿ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا..﴾ [البقرة: 270-280]، ثم جاءت الأحاديث النبوية الشريفة فأكدت ما جاء في القرآن الكريم من تحريم قاطع للربا، وفَصَّلت ما خفي على الناس من أحكامه، وتوعَّدَت من يتعامل بالربا بسوء المصير.
ففي "الصحيحين" عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «اجْتَنِبُوا السَّبْعَ الـمُوبِقَاتِ»، قالوا: وما هن يا رسول الله؟ قال: «الشِّرْكُ بِاللهِ، وَالسِّحْرُ، وَقَتْلُ النَّفْسِ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلَّا بِالحَقِّ، وَأَكْلُ الرِّبَا، وَأَكْلُ مَالِ اليَتِيمِ، وَالتَّوَلِّي يَوْمَ الزَّحْفِ، وَقَذْفُ الـمُحْصَنَاتِ الـمُؤْمِنَاتِ الغَافِلاَت»، وفي "الصحيحين" أيضًا عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: "لَعَنَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ آكِلَ الرِّبَا، وَمُؤْكِلَهُ، وَكَاتِبَهُ، وَشَاهِدَيْهِ".
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الربا دار الإفتاء الإفتاء تحريم الربا دار الإفتاء الله تعالى
إقرأ أيضاً:
مذاهب العلماء في أركان الصيام.. الإفتاء توضح
قالت دار الإفتاء المصرية إن الفقهاء أتفقوا على أنَّ الإمساك عن المفطرات ركن من أركان الصوم، وزاد المالكية والشافعية والحنابلة وجود النية، وزاد الشافعية ركنًا ثالثًا وهو الصائم، فمتى تحققت هذه الأركان صَّح الصوم حتى وإن ارتكب الصائم شيئًا من المحظورات؛ كالغِيْبة والكذب، فينقص أجره لكن لا يبطل صومه بها.
وأوضحت الإفتاء أن متى فُقدت هذه الأركان بطل الصوم حتى وإن أتى بشيء من الطاعات، فيأخذ أجرها لكن يظل صومه باطلًا.
الفرق بين الركن والشرطوالمقصود بأركان الصَّوْم هو ما لا يقوم الصَّوْم ولا يتحقَّق إلَّا بوجودها.
مذاهب الفقهاء في أركان الصيام
اختلف الفقهاء في عَدِّ هذه الأركان، وجملتها: الإمساكُ عن المفطرات، والنيةُ، والصائمُ.
أمَّا الإمساك عن المفطرات: فقد اتفق فقهاء الحنفية، والمالكيةُ، والشافعيةُ، والحنابلةُ على أنَّه ركن من أركان الصوم، ونصَّ الحنفية على أَنَّ ركن الصوم واحدٌ وهو: الإمساكُ عن المفطرات خاصة. وأما النَّية: فهي ركن من أركان الصوم عند المالكيةُ، والشافعيةُ، والحنابلةُ في أحد القولين، وانفرد الشافعية في عَدِّ الصائم ركنًا مِن أركان الصوم.
قال العلَّامة الكاساني الحنفي في "بدائع الصنائع" (2/ 90، ط. دار الكتب العلمية) في كلامه عن الصيام: [وأَمَّا ركنه: فالإمساك عن الأكل، والشرب، والجماع] اهـ.
وقال العلَّامة أبو البركات الدَّرْدير المالكي في "الشرح الصغير" (1/ 695، ط. دار المعارف): [(وركنُه) أي: الصوم أمران: أولهما: (النية): اعلم أنَّهم عرَّفوا الصوم بأنه: الكف عن شهوتي البطن والفرج من طلوع الفجر لغروب الشمس بنيةٍ؛ فالنية ركنٌ، والإمساكُ عَمَّا ذُكِر رُكنٌ ثانٍ] اهـ.
وقال الخطيب الشربيني الشافعي في "مغني المحتاج" (2/ 146، ط. دار الكتب العلمية) عند عَدِّ أركان الصوم: [نيةٌ، وإمساكٌ عن المفطرات، وصائمٌ] اهـ.
أمَّا الركن الأول، وهو النية، فمُدْرك رُكْنيته قوله صلى الله عليه وآله وسلم في الحديث المتفق عليه: "إنَّما الأعمال بالنيات".
وقد قَرَّر جمهور الفقهاء أنَّه يلزم تعيين النية في الصوم الواجب قبل الشروع فيه؛ أي: قبل طلوع الفجر، ويكون وقتها في أيِّ جزءٍ مِن الليل؛ مِن غروب الشمس إلى طلوع الفجر، كما في "الشرح الكبير" لأبي البركات الدَّرْدير (1/ 520، ط. دار الفكر)، و"أسنى المطالب" لزين الدِّين زكريا الأنصاري (1/ 411، ط. دار الكتاب الإسلامي)، و"المغني" لموفَّق الدِّين دابن قُدامة (3/ 109).
ودليل هذا التعيين السابق لحديث أم المؤمنين حفصة رضي الله عنها، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَنْ لَمْ يُبَيِّتِ الصِّيَامَ قَبْلَ الْفَجْرِ؛ فَلَا صِيَامَ لَهُ» أخرجه النسائي في "السنن".
وخالفهم في ذلك الحنفيَّة فقالوا بأن تبييت النية مستحب، ويصح أن تكون نهارًا؛ لأن وقتها يمتد إلى الضحوة الكبرى، كما في "تبيين الحقائق" للعلامة الزَّيْلَعِي (1/ 315، ط. الأميرية).
وأمَّا الركن الثاني: وهو الإمساك عن المفطرات، أي: الإمساك عن الأكل، والشرب، والجماع والإنزال مع العلم بالتحريم وذِكْر الصوم.
وضابط الـمُفْطِر عند فقهاء المذاهب الأربعة في الجملة كلُّ عينٍ وصلت من الظاهر إِلى الباطن في منفذٍ مفتوحٍ عن قصد سواء كان للتَّغذِّي أَو للتَّداوي، أَو من الأَشياء التي تُؤكل أَو لا تُؤكل، المائعة أَو الجامدة من طلوع الفجر إلى غروب الشمس.
قال الله تعالى: ﴿أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ﴾ [البقرة: 187].
فقد أباح الله لنا الأكل، والشرب، والجماع في ليالي رمضان، حتى يتبين ضوء النهار من ظلمة الليل من الفجر، ثمَّ أمر سبحانه وتعالى بالإمساك عن هذه الأشياء في النهار بقوله عزَّ وجلَّ: ﴿ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ﴾ [البقرة: 187].
وأمَّا الركن الثالث الذي اختص الشافعية بالنَّصِّ عليه، وهو الصائم، فإنما عَدُّوه ركنًا في باب الصوم، ولم يعدوه في الصلاة كذلك؛ لأنَّ الصوم أمر عدمي لا وجود لماهيته في الخارج، بخلاف الصلاة.
والمراد بعَدِّ الصائم من أركان الصيام، أي: الشروط التي تشترط في الصائم لكي يقوم بهذه العبادة من الإسلام، والبلوغ، والعقل، ونقاء المرأة من الحيض والنفاس. ينظر: "شرح منهج الطلاب" لزين الدِّين زكريا الأنصاري (2/ 323، ط. دار الفكر).