جريدة الرؤية العمانية:
2025-02-02@07:36:57 GMT

الاحتراق الوظيفي

تاريخ النشر: 12th, August 2024 GMT

الاحتراق الوظيفي

 

عائشة بنت محمد الكندية

الاحتراق الوظيفي أصبح ظاهرة شائعة يواجهها العديد من الأفراد في مختلف بيئات العمل؛ سواء في القطاع الحكومي أو القطاع الخاص. وفي عصرنا الحالي، الذي يتسم بالتسارع والتكنولوجيا المتقدمة، نجد أنفسنا مضطرين للتعامل مع مستويات متزايدة من الضغوط المهنية التي تؤثر بشكل مباشر على صحتنا النفسية والجسدية.

والاحتراق الوظيفي ليس مجرد إجهاد عابر يمكن تجاوزه بسهولة، بل هو حالة مستدامة من الإجهاد المُزمن الذي يتراكم نتيجة للتعرض المستمر لضغوط العمل المفرطة، والتي إذا لم يتم التعامل معها بالشكل المناسب، فإنها تؤدي إلى تدهور الصحة العامة وتؤثر بشكل سلبي على الأداء الوظيفي والعلاقات الشخصية.

أحد الأسباب الرئيسية للاحتراق الوظيفي هو العمل الزائد والضغوط الزمنية التي تفرض على الموظفين العمل لساعات طويلة دون فترات راحة كافية. وعندما يعمل الشخص بشكل مستمر دون الحصول على استراحة لاستعادة طاقته، فإنه يضع نفسه في مواجهة خطر الإرهاق الشديد، والذي قد يتحول تدريجيًا إلى شعور دائم بالتعب الجسدي والعقلي. هذا النوع من الضغط قد لا يكون واضحًا في البداية، لكنه يتسلل ببطء إلى حياة الفرد، مما يجعله عرضة لفقدان الحيوية والحماس للعمل.

كما إن الشعور بعدم التقدير أو المكافأة على الجهود المبذولة هو سبب آخر من أسباب الاحتراق الوظيفي. وعندما يبذل الفرد قصارى جهده في عمله ولا يجد التقدير المناسب، سواء من خلال المكافآت المالية أو التقدير اللفظي، فإنه يبدأ في الشعور بالإحباط والتوتر. وهذا الشعور يمكن أن يتفاقم إذا كانت بيئة العمل سلبية وتتميز بالصراعات الداخلية وعدم وضوح الأدوار. في مثل هذه البيئات، يشعر الموظفون بالضياع وقلة الدعم، مما يزيد من حدة الاحتراق الوظيفي ويجعله أكثر صعوبة في التعامل.

إضافة إلى ذلك، فإن الشعور بفقدان السيطرة على العمل والقرارات يعد من أبرز العوامل التي تساهم في زيادة مستويات التوتر. عندما يشعر الموظف بأنه ليس لديه القدرة على التأثير في مسار عمله أو اتخاذ القرارات المهمة، فإنه يبدأ في الشعور بالعجز والتوتر. هذا الشعور يمكن أن يتفاقم إذا لم يتمكن الفرد من تحقيق التوازن بين حياته الشخصية والمهنية، مما يؤدي إلى حالة مستمرة من الإجهاد والإرهاق.

والأعراض المرتبطة بالاحتراق الوظيفي تتنوع وتختلف من شخص لآخر، لكنها تشمل عادةً شعورًا مستمرًا بالإرهاق الشديد، والذي يعكس حالة من التعب الجسدي والعقلي المستمر. يعاني الأشخاص الذين يعانون من الاحتراق الوظيفي من صعوبة في التركيز وانخفاض في الأداء الوظيفي، حيث يصبح من الصعب عليهم إنجاز المهام اليومية بنفس الكفاءة السابقة. بالإضافة إلى ذلك، يظهر لديهم انسحاب اجتماعي، حيث يشعرون بالعزلة ويتجنبون التفاعل مع زملائهم في العمل وحتى مع الأصدقاء والعائلة.

ومن بين الأعراض الأكثر تأثيرًا: التشاؤم والإحباط؛ حيث تتشكل لديهم نظرة سلبية تجاه المستقبل، مصحوبة بشعور باليأس. وهذه النظرة السوداوية يمكن أن تؤدي إلى تأثيرات صحية جسدية أيضًا؛ إذ يرتفع لديهم معدل الأمراض الجسدية مثل الصداع واضطرابات النوم ومشاكل الجهاز الهضمي. وهذه المشكلات الصحية ليست مجرد أعراض جانبية للاحتراق الوظيفي؛ بل هي علامات واضحة على أن الجسم يعاني من ضغوط لا يمكنه التعامل معها بشكل فعال.

وللتعامل مع مشكلة الاحتراق الوظيفي والوقاية منها، من الضروري تبني بعض الاستراتيجيات والإرشادات التي يمكن أن تساعد في تخفيف الضغوط المهنية والحفاظ على صحة الفرد النفسية والجسدية. ومن بين هذه الاستراتيجيات، يأتي تنظيم الوقت على رأس الأولويات. تنظيم الوقت بشكل فعال يساعد الفرد على تحديد أولويات عمله وتجنب الإرهاق الناتج عن تراكم المهام.

كما إن التواصل الفعّال مع الزملاء والرؤساء يؤدي دورًا مهمًا في التعبير عن المخاوف والاحتياجات. وهذا النوع من التواصل يمكن أن يفتح قنوات للحوار ويتيح فرصًا لحل المشكلات قبل أن تتفاقم.

علاوة على أن ممارسة الرياضة بانتظام وتناول غذاء صحي والحصول على قسط كافٍ من النوم، بمثابة خطوات أساسية أخرى للحفاظ على التوازن الصحي. الرياضة تساعد في تخفيف التوتر الجسدي والنفسي، بينما يساهم الغذاء الصحي والنوم الجيد في تعزيز طاقة الجسم وقدرته على التعامل مع الضغوط.

أيضًا، من المفيد ممارسة تقنيات الاسترخاء والتأمل، مثل اليوغا والتأمل في الطبيعة، لتحسين الصحة النفسية. هذه الأنشطة يمكن أن تساعد في تهدئة العقل وإعادة التركيز، مما يقلل من تأثير الإجهاد المستمر.

وفي الختام، من المهم أن ندرك أن الاحتراق الوظيفي ليس مشكلة يمكن تجاهلها أو تأجيل التعامل معها. بل هي قضية تحتاج إلى وعي وفهم عميقين؛ سواء من الأفراد أو المؤسسات. ومن خلال الوقاية الفعالة والتعامل الواعي مع الأسباب والأعراض، يمكننا ضمان بيئة عمل منتجة ومستدامة. وعلى الأفراد والمؤسسات العمل معًا لتطوير استراتيجيات صحية وممارسات عملية من شأنها أن تحد من تأثيرات الاحتراق الوظيفي، وتعزز من جودة الحياة العملية والشخصية على حد سواء.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

استشاري تغذية يوضح سبب الإحساس بالجوع أكثر في الشتاء «فيديو»

قال الدكتور عماد الدين فهمي، استشاري التغذية العلاجية، إن الشعور بالجوع في فصل الشتاء يرجع بصورة كبيرة إلى الثقافة العربية والعادات والتقاليد، مشيرًا إلى أن الروس موجودين في أماكن قريبة من القطب الشمالي، ولا يتناولون الغذاء بصورة مُماثلة لما يحدث في بلادنا في الشتاء.

وأوضح عماد الدين فهمي، خلال حواره ببرنامج «حوار خاص»، المذاع على القناة الثانية، اليوم الخميس، أن البعض يعتقد أن تناول الطعام أو المشروبات بصورة كبيرة يؤدي إلى الشعور بالدفء وهذه أكذوبة، مشيرًا إلى أن الطعام يُعطي دفئًا مؤقتًا، وبعد فترة زمنية قصيرة يذهب هذا الدفء.

وأضاف «فهمي» أن تناول الطعام بصورة كبيرة في الشتاء يُزيد من الوزن، لأنه يمنع من لجوء الجسم إلى الدهون المخزنة في الجسم لاستخدامها، لافتا إلى أن التحرك 10 دقائق يُزيد من الشعور بالدفء، معقبًا: «10 دقائق سيرًا على الأقدام كأنك حاضن دفاية ساعة».

وتابع استشاري التغذية العلاجية، أن البعض يشعر بأن المنازل باردة عن الشارع، وهذا الأمر غير صحيح، مؤكدا أن الإنسان يشعر بالدفء في الشارع بسبب الحركة التي تُشعره بالدفء.

وشدد على أن عدم تهوية المنازل في الشتاء أمر غير صحي، ويُزيد من الإصابة بنزلات البرد، منوها بأن الطقس البارد لا يؤدي إلى الشعور بالبرد، ولكن الانتقال من طقس دافئ إلى بارد هو ما يؤدي إلى الإصابة بنزلات البرد.

وذكر الدكتور عماد الدين فهمي، أن الدفاية صحية إذا استخدمت بصورة صحيحة، مبينا أن الفيروسات تنتقل بسهولة حال انخفاض المناعة، ولا تزيد في فصل الصيف أو الشتاء مثلما يعتقد البعض.

اقرأ أيضاً«استشاري تغذية»: حقن التخسيس لا تُشكل أي خطورة على الصحة في هذه الحالة

تسبب فقدان الذاكرة.. استشاري تغذية يحذر من وجبات التيك أواي

استشاري تغذية يكشف أسباب الإصابة بالسكري «فيديو»

مقالات مشابهة

  • “نزاهة” تحقق مع 396 موظفًا في 8 وزارات وتوقف 158 بتهم الرشوة واستغلال النفوذ الوظيفي
  • مفاجأة.. الدوخة لا تشير إلى السكتة الدماغية أو ارتفاع ضغط الدم
  • هل يُؤسر الوعي؟!
  • التشهير وتشويه السمعة!
  • لأول مرة.. اعتماد مقياس الأداء الوظيفي الخماسي في تقييم المعلمين
  • استشاري تغذية يوضح سبب الإحساس بالجوع أكثر في الشتاء «فيديو»
  • فوائد تربية العصافير في مكان العمل
  • استشاري تغذية يكشف سبب الشعور بالجوع في الشتاء
  • موقع يرجح ارتفاع نصيب الفرد العراقي من الناتج المحلي الإجمالي
  • “اللجنة” لصنع الله إبراهيم: كيف تسائل الرواية أنظمة القهر؟