جريدة الرؤية العمانية:
2024-11-21@16:01:50 GMT

شبكات التواصل تقود التغيير

تاريخ النشر: 12th, August 2024 GMT

شبكات التواصل تقود التغيير

 

 

مرفت بنت عبدالعزيز العريمية

غريزة البقاء من أهم الغرائز الإنسانية، ونراها جليّا عند الطفل الذي يستكشف ما حوله، فيتعلم الحذر وتجنّب المخاطر، لكن هذا لا ينطبق على كل شيء في حياتنا، فمنذ دخول التكنولوجيا في حياتنا،كانت ثقة بني البشر عمياء، يساقون إلى المخاطر مع إدراك تام أنهم وأحباءهم قد يعانون في مرحلة ما.

حقيقةٌ قد ينكرها البعض، لكن واقع الحال يقول إننا قد نخاف على أبنائنا من السفر أو الخروج ليلًا أو التحدث مع أصدقاء السوء، لكننا لا نخاف عليهم من شبكات التواصل الاجتماعي، والغرف الافتراضية المغلقة، ولا من أصدقائهم الافتراضيين، ولا من مصادر المعلومات المجهولة، التي تُقدِّم لهم إجابات عن أية أسئلة دون أن نعلم أهداف المصدر الذي يقدّم معلومات مجانية، بلا مقابل في عالم مادي قائم على المصالح المُتبادلة!

في هذا التوقيت، لا نستغرب من رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر الذي وجّه خطابًا شديد اللهجة لشركات التواصل الاجتماعي بشأن دورها في منع التحريض؛ وذلك أعقاب الاحتجاجات العنيفة التي طالت عدة مدن بريطانية، بسبب خبر مُضلِّل جرى تداوله في شبكات التواصل الاجتماعي. ولا من استياء رئيس الوزراء الماليزي أنور إبراهيم من حذف منشوراته بشأن غزة، ولا من قرار السلطات التركية حجب شبكات التواصل نتيجة حذفها منشورات تركية، ولا من تقرير يؤكد أنَّ الشركات التكنولوجية الكبرى تشارك في حرب غزة بخدمات الذكاء الاصطناعي الذي تقدمه للاحتلال!

أثبتت شركات شبكات التواصل الاجتماعي حقيقة تمتعها بـ"الحيادية"، ونشرها لـ"حرية التعبير والديمقراطية المشروطة"، فمع تكرار حوادث العنف والثورات والقلاقل في الدول التي سمحت لتلك الشركات أن تُقدِّم خدماتها التي عادة ما تطلق شبكات التواصل الشرارة الأولى لإذكاء الفتن. وما زلنا نشاهد جيوشًا من الذباب الإلكتروني النشط الذي يُوظِّف إمكانيات مالية ضخمة للنيل من دولة ما، وزعزعة أمنها أو رسم صورة مغايرة لحقيقة مجتمعها لأهداف سياسية واقتصادية.

شاهدنا كيف وظّفت شركات التكنولوجيا خدماتها للتجسس على أشخاص ومواقع في مناطق النزاعات والحروب. وشاهدنا كيف ساهمت شبكات التواصل والقنوات المُتلفَزة المدفوعة والمجانية على حد سواء وغيرها من وسائل التواصل التكنولوجي، في تغيير العادات والقيم، حتى فقدت الأُسرة القدرة على التحكم في بوصلتها الأخلاقية، وشاهدنا كيف أصبحت السلوكيات المنبوذة مجتمعيًا عادات طبيعية لمن يبحث عن التحضر، وشاهدنا التفاخر والتباهي بالثراء دون مراعاة لمشاعر الفقراء، وشاهدنا بعضًا من محبي التصوير يخسرون حياتهم من أجل لقطة تجلب لهم متابعات لكنها سلبت حياتهم.

لن أستطيع في هذه المساحة تسطير كل الأمثلة التي تقودنا إلى حقيقة أننا كمجتمعات عربية لم نتعامل مع شبكات التواصل بإيجابية مطلوبة؛ بل تركناها تقود حياتنا إلى حيث تريد، لم نفعل كما فعلت بعض الدول التي فرضت قيودًا ومراقبة على المحتوى وبث رسائل تحذيرية توعوية للمتصل قبل إرسال أي محتوى حساس وفق معايير وضعتها الدولة، كي لا تقع في فخ الفوضى. وتمكنت من توظيف الشبكات وإبتكار شبكات أخرى لخدمة مجتمعها وصون مكتسباتها، كما قننت تداول شبكات التواصل حتى تصبح بمنأى عن مرمى التدخل الخارجي إلى حد ما.

وتعدّ الصين من الدول التي تتمتع بتنوع ثقافي وخصوصية استطاعت إلى حد كبير الحفاظ عليها من الوارد الخارجي؛ فالسلطات الصينية اتخذت من التدابير التي تحمي ثقافة المجتمع في نفس الوقت الذي تواكب التطور الحضاري والتقني. ومنذ تسعة أعوام تقريبا نظّمت الدولة حملة لتنقية البيئة الثقافية على شبكة الإنترنت من خلال حذف ومنع المحتويات التي تتعارض مع القيم المجتمعية، من أجل خلق بيئة مجتمعية صحية، ومتحضرة تشجع على نشر المحتوى الاجتماعي الهادف والإيجابي الصادق والمتزن، ونبذ كل ما يروج للتفاخر والثروة ومستفز لمشاعر الغير، في إطار مساعي الدولة لمعالجة الهوة في مستويات الدخل.

نحن نمر بمرحلة استثنائية، وحسّاسة في تاريخ الحضارة، يعيش العالم فيها إضرابات سياسية واقتصادية واجتماعية، مع تفشي العنصرية والعنف والغضب واتساع الفجوة بين الفقراء والأغنياء؛ مما يتطلب الحذر ورفع مستوى الوعي المجتمعي والمؤسسي كحالة استثنائية.

ويستوجب اليوم وقبل أي وقت مضى، أن نتعلم مما حدث في المجتمعات الأخرى، والتي اتخذت تدابير أكثر صرامة لتقنين شبكات التواصل والإنترنت وتبني فكرة إنشاء شبكات محلية بديلة عن الشركات الأجنبية؛ فشبكات التواصل ليست بريئة؛ فهي شركات تهدف إلى الربح دون معايير أخلاقية، ولا يمكننا أن نتعامل معها كوسيلة تواصل بدون محاذير وضوابط مقننة وإيجاد بدائل محلية وشبكات مغلقة لا تفصلنا عن الأحداث المُهمة بالعالم، لكنها تحمينا من موجات التفاهة والتحريض والتدجين والانسلاخ الخلقي.

روّجت شركات التكنولوجيا الكبرى مسمى التواصل الاجتماعي للترويج لشبكاتها استغلالًا لغريزة أساسية في الإنسان وهي التواصل والاتصال مع الغير. في حين أن شبكاتها تسببت في انعزال المستهلكين وانفصالهم عن واقعهم وحياتهم وعلاقاتهم الاجتماعية وإلى تبنِّي ممارسات أكثر أنانية وحبًا للذات وتقليد الآخرين حتى باتت المجتمعات التي تستهلك منتجاتهم متشابهة في كل شيء.

حان الوقت الذي نفقد به الثقة في شركات التكنولوجيا الأجنبية، ونحن نملك من العقول والموارد أن نصنع إنجازًا في العالم التقني.. إننا في هذه المرحلة الفاصلة من الحضارة نحتاج إلى توظيف إمكانياتنا المحلية والعقول المبدعة للنهوض باستراتيجية ثقافية توعوية تستنهض التواصل الإنساني الطبيعي، وأن يصبح التواصل الاجتماعي التقني وسيلة لا يفصلنا عن العالم لكنه يُساعدنا على بناء الداخل للخروج إلى العالم بقيم وثقافة صادقة خالية من القيم المادية الجوفاء. نحن على بُعد خطوة من التغيير، قد نقود التغيير أو أن التغيير يقودنا إلى حيث لا ندري!

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

اتصالات النواب تدرس حظر وسائل التواصل الاجتماعي لمن تقل أعمارهم عن 16 عامًا

تمثل وسائل التواصل الاجتماعي خطورة شديدة على المجتمع المصري، فى ظل عدم الرقابة من جانب الأسرة المصرية على أبنائهم، ما يعرضهم للخطر الشديد، وفى إطار التصدي لمخاطر وسائل التواصل الاجتماعي اتخذت أستراليا قرارا جريئا بشأن سن تشريع يفرض حظرا على وسائل التواصل الاجتماعي للأطفال دون سن 16 عاما.

انتظار آثار التطبيق

قال النائب أحمد نشأت، وكيل لجنة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بمجلس النواب: “لن تصل إلينا أى تشريعات من النواب بشأن  حظر وسائل التواصل الاجتماعي لمن تقل أعمارهم عن 16 عامًا”.

وأضاف نشأت، في تصريحات خاصة لـ"صدى البلد": “سندرس قرار أستراليا بشأن حظر وسائل التواصل الاجتماعي لمن تقل أعمارهم عن 16 عامًا، ولكننا سننتظر آثار التطبيق”.

وأوضح وكيل لجنة الاتصالات بمجلس النواب أنه “إذا وجد اقتراح جدير بالدراسة بشأن حظر وسائل التواصل الاجتماعي لمن تقل أعمارهم عن 16 عامًا، فإننا سنناقشه، بهدف الرقابة على الأطفال في ظل خطورة وسائل التواصل الاجتماعي، بالإضافة إلى ضرورة توعية الآباء والأمهات لأبنائهم من خطورة وسائل التواصل الاجتماعي”.

تطبيقه في مصر صعب

من جانبه، قال النائب إيهاب رمزي، عضو اللجنة التشريعية بمجلس النواب، إنه من الصعب تطبيق قرار أستراليا بشأن حظر وسائل التواصل الاجتماعي لمن تقل أعمارهم عن 16 عامًا في مصر.

وأضاف رمزي، في تصريحات خاصة لـ"صدى البلد"، أن الأمر صعب لأن وسائل التواصل الاجتماعي أصبحت لغة العالم، وهذه الأمور لا يمكن أن يكون قدرة لمنعها.

وأكد عضو اللجنة التشريعية بمجلس النواب أنه ليس هناك من التقنية ما يمنع وسائل التواصل الاجتماعي لمن تقل أعمارهم عن 16 عامًا في مصر، مشيرا إلى أن التعليم يتم تدريسه عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي، كما أن الحياة كلها تدار عبر وسائل التواصل الاجتماعي.

طبيب نفسي: وسائل التواصل الاجتماعي مثل الأكسجين.. ولا بأس بالترند الإيجابي دولة تعلن حظر وسائل التواصل الاجتماعي لمن تقل أعمارهم عن 16 عامًا اختفاء حسابات عبد الله رشدي من وسائل التواصل الاجتماعي عالم أزهري: صلة الرحم عبر وسائل التواصل الاجتماعي لها أجر نقابة المهن الموسيقية تحذر من وجود صفحات وهمية باسمها على وسائل التواصل الاجتماعي بعد فضيحة التنصت على المكالمات.. موريشيوس تحظر وسائل التواصل الاجتماعي "كيف تؤثر خوارزميات وسائل التواصل الاجتماعي في حياتنا اليومية".. ندوة بآداب عين شمس ثورة رقمية.. 45.4 مليون مصري على وسائل التواصل| إنفوجراف

كان رئيس الوزراء الأسترالي أنتوني ألبانيز، اليوم الخميس، قال إن الحكومة الأسترالية ستسن تشريعا يفرض حظرا على وسائل التواصل الاجتماعي للأطفال دون سن 16 عاما، فيما وصفه بمجموعة إجراءات رائدة على مستوى العالم يمكن أن تصبح قانونا في أواخر العام المقبل.

تقوم أستراليا بتجربة نظام للتحقق من العمر للمساعدة في منع الأطفال من الوصول إلى منصات التواصل الاجتماعي، كجزء من مجموعة من التدابير التي تشمل بعضًا من أصعب الضوابط التي تفرضها أي دولة حتى الآن.

وقال ألبانيز في مؤتمر صحفي: “وسائل التواصل الاجتماعي تلحق الضرر بأطفالنا، وأنا أتوقف عن ذلك”.

وأشار ألبانيز إلى المخاطر التي تهدد الصحة البدنية والعقلية للأطفال من الاستخدام المفرط لوسائل التواصل الاجتماعي، ولا سيما المخاطر التي تتعرض لها الفتيات من الصور الضارة لصورة الجسم والمحتوى الذي يكره النساء والذي يستهدف الأولاد.

وقال ألبانيز في مؤتمر صحفي: “وسائل التواصل الاجتماعي تلحق الضرر بأطفالنا، وأنا أتوقف عن ذلك”.

وأشار إلى المخاطر التي تهدد الصحة البدنية والعقلية للأطفال من الاستخدام المفرط لوسائل التواصل الاجتماعي، ولا سيما المخاطر التي تتعرض لها الفتيات من الصور الضارة لصورة الجسم والمحتوى الذي يكره النساء والذي يستهدف الأولاد.

مقالات مشابهة

  • من هي ”أم كيان” التي تقود الاستخبارات النسائية لدى الحوثيين؟
  • المغاربة يرحبون بإعتقال وزجر تافهي الميوعة على شبكات التواصل الإجتماعي
  • اتصالات النواب تدرس حظر وسائل التواصل الاجتماعي لمن تقل أعمارهم عن 16 عامًا
  • جزائري التهم خروفًا بدقائق.. "سليم الأكول" يهز شبكات التواصل
  • أستراليا تتبنى قانونا يمنع استخدام الأطفال شبكات التواصل الاجتماعي
  • أستراليا تقر قانوناً يمنع الأطفال من استخدام التواصل الاجتماعي
  • الهيئة المصرية للمعارض تقود بعثة من 104 شركات مصرية في معرض «سيال باريس»
  • نحو 66% من الأسر المغربية تخشى على أطفالها من المحتوى الجنسي في شبكات التواصل الاجتماعي
  • ضبط 5 شركات سياحة بتهمة النصب على المواطنين 
  • سيدة تقود سيارة مطموس لوحاتها بالقاهرة.. والأمن يضبطها