سواليف:
2025-02-01@12:56:09 GMT

نصر عسكري وهزيمة استراتيجية

تاريخ النشر: 12th, August 2024 GMT

#نصر_عسكري و #هزيمة_استراتيجية
بقلم: د. هاشم غرايبه

مقال الإثنين: 12 /8 /2024
في أواخر عام 2023 أعرب وزير الدفاع الأمريكي “أوستن” عن تخوفه من أن تنتهي الحرب التي شنت على القطاع الى هزيمة استراتيجية رغم الانتصار العسكري، وقد استعار هذه العبارة من عنوان الكتاب الذي أصدره العقيد الأمريكي “هاري سمرز” في وصفه لهزيمة أمريكا في حرب فيتنام رغم تفوقها العسكري الكاسح.


هنالك الكثير من نقاط الالتقاء في حالتي احتلال فيتنام وفلسطين، فقد ورثت أمريكا احتلال فيتنام بعد خروج فرنسا منها مدحورة، وتمسكت بها عن طريق تنصيب نظام تابع لها في جزئها الجنوبي، بسبب موقعها الاستراتيجي في قلب الشرق الأقصى، مثلما ورثت احتلال بريطانيا لفلسطين، التي اقامت عليها نظام احلال عنصري، وتمسكت أمريكا بها أيضا لموقعها الاستراتيجي في قلب المنطقة الاسلامية التي استعصت على الاوروبيين قرونا.
ما أوحى لـ “أوستن” بالفكرة التي حذر منها أن بداية الهزيمة الأمريكية في فيتنام كانت يوم الاحتفال بعيد “التيت” الفيتنامي، في 31/12/1968 اذ تسلل 19 من نخبة الفدائيين الفيتناميين الى محيط السفارة الأمريكية في “سايغون” وتمنوا من فتح ثغرة في جدارها المحصن واحتلوا السفارة، بالطبع فقد تمكن الامريكان من استعادتها سريعا وقتلوا جميع الفدائيين، لكن هذا الاقتحام الجريء كان اشارة لبدء هجوم واسع شمل كافة العواصم الاقليمية في فيتنام الجنوبية.
صحيح أن القوات الأمريكية تمكنت خلال شهر من إنهاء هذا الهجوم بسبب عدم قدرة قوات “الفياتكونغ” على الاحتفاظ بالمواقع التي احتلتها، كونها تستخدم أساليب حرب العصابات، ورغم أن المهاجمين فقدوا أكثر من نصفهم، لكنها بتقدير “سمرز” شكلت نقطة التحول في الحرب التي كانت أمريكا فيها مطمئنة بسبب امكانياتها اللوجستية الهائلة وقدراتها التقنية المتفوقة بشكل ساحق في التدمير والقتل.
وذلك التحول يعود الى الفارق الهائل في العقيدة القتالية، بين من يقاتل دفاعا عن بيته وأطفاله، وبين من يقاتل لجني المكاسب، فعندما أحست أمريكا بأن عدوها يمتلك هذه العزيمة بالقيام بهجوم رغم أنه في التقدير العسكري، وبحسب موازين القوى يعتبر عملا انتحاريا، لكن من يملك هذه العزيمة ومستعد لتقديم التضحيات يصعب هزيمته، لذلك وبحسابات الربح والخسارة فقد وجد القادة الأمريكيون أن الكلف الهائلة التي ينفقونها لحماية نظام “سايغون”، والخسارات التي لا تعوض لأرواح شبابهم بسبب قلة الخصوبة الانجابية في المجتمعات الغربية، كل ذلك يشكل استنزافا لا طائل وراءه، لذلك بادروا الى الانسحاب بعد مفاوضات في “باريس” تحفظ ماء وجههم أمام شعوبهم.
ما دفع كثيرين في الادارة الأمريكية الى تذكر الحالة الفيتنامية مثل السناتور الديموقراطي “ساندرز” الذي قال: “إن غزة هي فيتنام بايدن”، هو التطابق في أوجه كثيرة بين الحالتين، فأسلوب هجوم السابع من اكتوبر يماثل أسلوب هجوم “التيت” على سايغون، في المفاجأة بسبب غياب المعلومات الاستخبارية لعدم القدرة على اختراق المقاومين تجسسيا، وفي تكتيك الاقتحام، وطبيعة استخدام المقاتلين لحرب العصابات الفدائية، والجرأة في دخول المواقع المحصنة، والنجاح الكامل باستخدام عنصر المفاجأة، ولو لم تتوفر القدرة على الاحتفاظ باحتلال الموقع.
كان ذلك مشابها لما حدث في عمية الطوفان، وشكّل صدمة لم يفق منها الكيان اللقيط بعد، ولو تؤد عملياته الانتقامية على شراستها الى تهدئة النفوس المرتعبة، بل ما زال القلق على أشده، وارتفع منسوب فقدان الثقة بالقدرات العسكرية رغم تفوقها الساحق، وانعكس ذلك بتزايد أعداد المقتنعين بأن هذه الأرض لم تعد ذلك الوطن الآمن الذي وعدهم به مؤسسو دولة الاحتلال الأوائل، وأنه خير لهم أن يحزموا أمتعتهم ويتركوا هذه الأرض عائدين من حيث أتوا.
فقد نشرت مجلة “زمان” في الكيان اللقيط نقلا عن احصاءات دائرة السكان، أن ما يقارب النصف مليون غادروا خلال الشهور الستة الماضية، ولم يعد منهم أحد الى الآن، كما ان الهجرة اليه انخفضت بنسبة 70%.
منذ عشرة شهور والى اليوم هنالك تزايد في العوامل المحبطة لدى قاطني الكيان اللقيط ولدى الغرب الذين يمدونه ويحمونه، ليصبح ذلك حملا ثقيلا لايغطي المردود الذي ينتظرونه من بقائه وسط بيئة كارهة له، وفي عالم لم يعد يعميه رماد التضليل.
فصبرا آل غزة، فلمعاناتكم نهاية بإذن الله، وثمرة ذلك كله التحرير الكامل، ونصر الله قريب.

المصدر: سواليف

كلمات دلالية: هزيمة استراتيجية

إقرأ أيضاً:

عمان وقطر.. شراكة استراتيجية ورؤية مشتركة

جسّدت الزيارة التي قام بها الشيخ تميم بن حمد، أمير دولة قطر، إلى سلطنة عمان ولقاؤه بأخيه حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم، حفظهما الله، أنموذجا حيا للعلاقات الأخوية المتينة التي تربط البلدين، والتي تمتد جذورها إلى عقود طويلة من التعاون والتنسيق المشترك.

لقد أتت الزيارة في توقيت استراتيجي، يعكس إدراك القيادتين لأهمية تعميق التعاون والتكامل في ظل المتغيرات الدولية والإقليمية المتسارعة. وبرزت في المباحثات الرسمية التي جرت بين الجانبين ثلاثة محاور رئيسية تعكس جوهر العلاقة العمانية القطرية واتجاهاتها المستقبلية.

يتمثل المحور الأول في تعزيز الشراكة الاقتصادية والاستثمارية، وهي أحد أبرز مخرجات الزيارة وتمثل في تأكيد العاهلين على ضرورة توسيع آفاق التعاون الاقتصادي من خلال تطوير الفرص الاستثمارية المشتركة، وتعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص في البلدين. يكشف هذا التوجه بعدًا استراتيجيا يتمثل في بناء اقتصاد متكامل وقادر على مواجهة التحديات العالمية. وتوقيع عدد من مذكرات التفاهم والبرامج التنفيذية في مجالات مختلفة يشكل خطوة نوعية أولى في هذا المسار، خاصة مع تطلّع البلدين إلى توسيع الشراكة في قطاعات جديدة واعدة.

أما المحور الثاني فيتمثل في دعم العمل الخليجي المشترك، ويأتي هذا المحور ليعكس إيمان البلدين بضرورة الحفاظ على تماسك مجلس التعاون لدول الخليج العربية، باعتباره ركيزة أساسية للأمن والاستقرار في المنطقة كما يعكس وعيا سياسيا بأهمية هذا الكيان السياسي، خاصة في ظل التحديات الاقتصادية والجيوسياسية المتزايدة التي تواجه الخليج.

أما المحور الثالث فيتمثل في المواقف المشتركة تجاه القضايا الإقليمية والدولية.. ولم تقتصر الزيارة على الملفات الثنائية فحسب، بل امتدت لتشمل القضايا ذات الاهتمام المشترك، وعلى رأسها الأوضاع في غزة، إذ أكد الجانبان أهمية الالتزام ببنود الاتفاق الخاص بتبادل المحتجزين والأسرى، وضرورة تكثيف الجهود الدولية لضمان إيصال المساعدات الإنسانية إلى القطاع وإعادة الإعمار. وأشادت سلطنة عمان بجهود الجانب القطري في قضية غزة تعكس عمق التقدير العماني للدور الإيجابي الذي تقوم به قطر في هذا الملف الحيوي.

كما شدد القائدان على أهمية الحفاظ على وحدة وسيادة الجمهورية العربية السورية، وضرورة التوصل إلى حل سياسي شامل يحقق تطلعات الشعب السوري، وهو موقف ثابت يعكس الرؤية المشتركة للبلدين تجاه الأزمات الإقليمية وأهمية الحلول السلمية والدبلوماسية.

حملت زيارة أمير قطر لسلطنة عمان في طياتها رسائل واضحة حول مسار العلاقات العمانية القطرية ورؤيتهما المشتركة لمستقبل المنطقة.. ويؤكد العمل الدؤوب على تعزيز التعاون في المجالات الاقتصادية والاستثمارية، وتوحيد المواقف تجاه القضايا الإقليمية، والاستمرار في دعم العمل الخليجي المشترك أن البلدين يسيران نحو شراكة أكثر عمقا، ترتكز على المصالح المتبادلة والقيم المشتركة.

إن العلاقة بين سلطنة عمان وقطر والتي تكشف مثل هذه الزيارات عن بعض تفاصيلها وبعض طموحاتها المستقبلية ستبقى أنموذجا يُحتذى به في التعاون الثنائي القائم على الاحترام المتبادل والتكامل الاستراتيجي، وهو ما يجعل هذه الزيارة محطة مهمة في مسيرة العلاقات بين البلدين الشقيقين.

مقالات مشابهة

  • لحظة اشتعال النيران بالمنازل بسبب سقوط الطائرة الأمريكية.. فيديو
  • مفاجئ.. طوابير طويلة من النساء الحوامل لإجراء عملية ولادة قيصرية مبكرة بسبب هذا القرار الذي يدخل حيز التنفيذ 19 فيراير
  • عاجل: الإدارة الأمريكية تدعو سلطنة عمان للتخلي عن الحوثيين وإغلاق مكتبهم وتؤكد تحركها مع السعودية والإمارات لتوحيد الجيش اليمني وهزيمة الحوثيين
  • ‎أمريكا تعثر على الصندوقين الأسودين للطائرة التي تحطمت في واشنطن
  • شخصيات لـ”الثورة”: الوطن اليمني قادر على إسقاط قرار واشنطن وهزيمة الطغيان المعاصر
  • لماذا احتلت «أمراض القلب» المرتبة الأولى بعدد الوفيات في أمريكا؟
  • شراكة استراتيجية وشاملة بين مصر وكينيا
  • ميرا الكعبي: «عام المجتمع» مبادرة استراتيجية ترسّخ القيم الوطنية
  • عمان وقطر.. شراكة استراتيجية ورؤية مشتركة
  • رئيس أمريكا الذي تسيره المؤسسات