بنغلاديش.. أمل يتجدد للشعوب المقهورة
تاريخ النشر: 12th, August 2024 GMT
لم يستغرق خلع الطاغية حسينة واجد أكثر من أسبوعين، حين انتفض طلبة الجامعات بداية شهر حزيران/ يونيو، مطالبين في البداية بفتح ما يعرف بنظام حصص المناصب الحكومية أمام الجميع، بحيث يكون تنافسيا، وليس على أساس التعيينات والمحسوبيات والفساد الذي دأبت عليه الحكومات السابقة، ولكن كابرت حسينة في البداية، كعادة كل الأنظمة الاستبدادية الشمولية الديكتاتورية، ولم تتعظ بما حلّ بسابقيها، ومع إصدار المحكمة قرارا يلبي مطالب المحتجين، كانت كرة ثلج الاحتجاجات والاضطرابات في جمهورية الصمت والاستبداد تكبر، وذلك في بلد يصل عدد سكانه إلى 170 مليون شخص، 32 مليون شاب منهم إما عاطلون عن العمل أو خارج خدمات التعليم.
جاء قتل أكثر من 300 محتج، خلال المظاهرات، بعد أن اتهمتهم حسينة بالإرهاب، ليزيد نار المظاهرات اشتعالا، فرد الطلبة بالدعوة إلى تنحي حسينة، التي استأثرت مع خالدة ضياء بحكم بنغلاديش مدنيا طوال نصف القرن الماضي، على المحتجين أن يكونوا يقظين تجاه مناورات العسكر، لا سيما وهم القوة الوحيدة المنظمة في بنغلاديش، كحال كثير من الدول المحكومة من قبل الاستبدادوهو عمر دولة بنغلاديش القصير، وخلال الـ16 عاما الأخيرة، لم يعرف البنغاليون زعيما إلّا هي، حيث أعيد انتخاباتها في كانون الثاني/ يناير الماضي.
تحدّى الطلبة المحتجون حظر التجوال المفروض في بنغلاديش، وتوجهوا صوب القصر، مطالبين بتنحي حسينة، ولم ينسوا في طريقهم تحطيم تماثيل ورموز الاستبداد الممثلة على مدى نصف قرون وهو تمثال والدها مجيب الرحمن، فما كان منها إلّا أن استقلت مروحية عسكرية، ولا يستبعد المراقبون أن يكون الهروب، ضمن صفقة مع الجيش حيث غادرت إلى الهند، التي دعمت والدها يوم انفصلت بنغلاديش عن باكستان عام 1971، وها هي اليوم تعود إليها.
قائد الجيش البنغالي وكر الزمان طالب المحتجين بالهدوء وتعهد بتشكيل حكومة مؤقتة، وربما يكون قد هيّأ نفسه ليكون رئيسها، ولذا فعلى المحتجين أن يكونوا يقظين تجاه مناورات العسكر، لا سيما وهم القوة الوحيدة المنظمة في بنغلاديش، كحال كثير من الدول المحكومة من قبل الاستبداد..
لعل ما حدث درس للطغاة والمستبدين في أن هذه الشعوب مهما استكانت وخُيّل للطاغية أنه قد دجّنها ستنتفض يوما عليه، وستكنسه من أرضها، فمن كان يظن يوما أن هذا سيحصل في بنغلاديش؟
الجماعة الإسلامية الباكستانية وجناحها الطلابي "إسلامي جمعية طلبة"، كانت على الدوام محل الاستهداف للأنظمة الاستبدادية الشمولية الديكتاتورية التي تعاقبت على حكم بنغلاديش، وقد عانت الجماعة الإسلامية الباكستانية الكثير بتهمة العلاقة مع باكستان يوم الانفصال، ويومها اتُهمت الجماعة بتشيكل مليشيات البدر والشمس الرافضة للانفصال والداعمة للجيش الباكستاني. اليوم تتحرر بنغلاديش وتتحرر معها الجماعة الإسلامية، ولذلك رأينا الهبّة الشعبية العظيمة التي قام بها الجناح الطلابي التابع للجماعة، والذي تمثل بالتنظيم والحشد والتعبئة، فكان له الدور الأعظم في إسقاط طاغية بنغلاديش، وإسقاط كل الرموز الاستبدادية التي حكمت البلد بالحديد والنار، وشلّت بذلك حياتها، ونهبت مقدراتها.
لعل ما حدث درس للطغاة والمستبدين في أن هذه الشعوب مهما استكانت وخُيّل للطاغية أنه قد دجّنها ستنتفض يوما عليه، وستكنسه من أرضها، فمن كان يظن يوما أن هذا سيحصل في بنغلاديش؟ وهي رسالة لطغاة العرب الذين ظنوا أنهم قضوا على ربيع العرب التحريري؛ أن تسونامي الحرية والتحرر قادم بإذن الله ليجرف كل من يقف في وجهه.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الاستبدادية الاحتجاجات بنغلاديش احتجاجات الشباب الاستبداد بنغلاديش سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة رياضة سياسة رياضة سياسة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی بنغلادیش
إقرأ أيضاً:
الحوثيون في اليمن.. مشروع طائفي إيراني يهدد هوية الوطن
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
في تصريح حديث لوزير الإعلام اليمني معمر الإرياني، سلط الضوء على الدور التخريبي الذي تلعبه ميليشيا الحوثي في اليمن، وارتباطها الوثيق بالمخططات الإيرانية التي تسعى لزعزعة استقرار المنطقة.
وأكد الإرياني في تغريدة له على منصة "إكس"، أن الحوثيين ليسوا سوى أداة لتنفيذ الأجندة الإيرانية، مشيرًا إلى أن مشروعهم لم يكن يومًا يمنيًا ووطنيًا، بل هو امتدادٌ لولاية الفقيه الإيراني، التي تهدف إلى تحويل اليمن إلى نسخة أخرى من العراق أو لبنان، حيث تتحكم الميليشيات الطائفية في مفاصل الدولة، وتنفذ توجيهات طهران دون أي اعتبار لمصالح الشعب اليمني.
التغريدة جاءت في سياق التأكيد على أن الحوثيين لم يسعوا إلى بناء دولة أو تقديم أي تنمية حقيقية، بل على العكس، لم يقدموا لليمن سوى الدمار والحرب، منذ سيطرتهم على صنعاء في عام ٢٠١٤.
وخلال هذه الفترة تسببوا في واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية عالميًا، حيث تم تدمير البنية التحتية ونهب الموارد الاقتصادية وتجنيد الأطفال والزج بهم في المعارك، فضلًا عن فرض الجبايات على المواطنين والتجار، مما أدى إلى انهيار الاقتصاد وزيادة معاناة الملايين من اليمنيين.
كما أشار الإرياني إلى أن الحوثيين حاولوا تغيير هوية اليمن عبر نشر الفكر الطائفي وفرض شعارات مستوردة من إيران، إلا أن هذه المحاولات مصيرها الفشل، لأن اليمن كان وسيبقى جزءًا أصيلًا من محيطه العربي، ولن يكون تابعًا لإيران أو أي مشروع دخيل.
وذكر في تغريدته أن التاريخ يشهد بأن اليمن هو مهد العروبة، ولن يقبل أبناؤه الأحرار أن يكونوا أتباعًا لمشروع خارجي يسعى إلى تدمير البلاد وطمس هويتها.
واختتم الإرياني تغريدته برسالة واضحة تعبر عن موقف الحكومة والشعب اليمني، قائلًا: "الحوثي إيراني لا يمني، اليمن سيعود حرًا خاليًا من الميليشيات الإيرانية"، وهو ما يعكس الإصرار على استعادة الدولة اليمنية وتحقيق الاستقرار، بعيدًا عن التدخلات الإيرانية التي تسعى إلى تحويل اليمن إلى ساحة لصراعاتها الإقليمية.
ويرى المراقبون أن تصريح وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني يحمل رسالة قوية تعكس الواقع الذي تعيشه اليمن في ظل سيطرة ميليشيا الحوثي، المدعومة من إيران على أجزاء من البلاد.
فقد أكد الإرياني أن الحوثيين ليسوا سوى أداة لتنفيذ أجندات خارجية تهدف إلى زعزعة استقرار اليمن والمنطقة، وأن مشروعهم لم يكن يومًا وطنيًا أو تنمويًا، بل هو امتداد لمشروع ولاية الفقيه الإيراني، كما أشار إلى الانتهاكات المستمرة التي ترتكبها هذه الميليشيا، والتي أدت إلى تدمير البنية التحتية، وتفاقم الأزمة الإنسانية، وانهيار الاقتصاد اليمني. وتأتي تصريحات الوزير اليمني ضمن جهود الحكومة اليمنية لتوضيح مخاطر استمرار سيطرة الحوثيين، وضرورة التصدي لمخططاتهم الهادفة إلى تغيير هوية اليمن وإلحاقه بالمشروع الإيراني في المنطقة. ومن خلال تأكيده على أن اليمن سيظل عربيًا، شدد الإرياني على أن أبناء اليمن الأحرار لن يقبلوا بأن يكونوا تابعين لأي مشروع دخيل، وأن النضال مستمر حتى تحرير البلاد من هذه الميليشيات.
أساليب تعذيب وحشية في سجون الحوثيين
وفي سياق آخر تشكل انتهاكات حقوق الإنسان في سجون الحوثيين إحدى القضايا التي تثير قلق المنظمات الحقوقية الدولية، نظرًا لما يتعرض له المعتقلون من تعذيب وإهمال طبي وإخفاء قسري، ما يؤدي في كثير من الحالات إلى وفاتهم. وفي هذا السياق عُقدت ندوة حقوقية في مدينة جنيف السويسرية على هامش اجتماعات الدورة الـ٥٨ لـ"مجلس حقوق الإنسان"، تحت عنوان "الرعب وراء القضبان"، حيث سلطت الضوء على الانتهاكات الجسيمة التي ترتكبها جماعة الحوثيين المدعومة من إيران في سجونها.
وكشفت الندوة عن حجم الجرائم التي تطال المعتقلين، بما في ذلك التعذيب الوحشي، الإخفاء القسري، وأحكام الإعدام التي تستخدم كوسيلة لترهيب المعارضين.
كشفت الندوة عن توثيق مقتل ٦٧١ معتقلًا في سجون الحوثيين بين عامي ٢٠١٤ ومنتصف ٢٠٢٢، نتيجة التعذيب والإهمال الطبي والتصفية الجسدية، كما تم تسجيل ٩٨ حالة لمعتقلين تعرضوا للحقن بمواد سامة، توفوا بعدها بأيام من إطلاق سراحهم.
وأورد تقرير صادر عن "المنظمة اليمنية للأسرى والمختطفين" إحصاءات مروعة، حيث ارتكبت الجماعة الحوثية أكثر من ١٧٫٦٠٠ حالة تعذيب جسدي في سجونها، إضافة إلى ٢٫٠٠٢ حالة إخفاء قسري، شملت ١٢٥ طفلًا و١٦ امرأة، وذلك خلال الفترة الممتدة من سبتمبر ٢٠١٥ حتى ديسمبر ٢٠٢١.
كما تناولت الندوة مسألة أحكام الإعدام التي تنفذ داخل وخارج السجون الحوثية، وتأثيراتها السلبية على الحرية والديمقراطية وحرية التعبير، معتبرة أن هذه الأحكام تكرس فكرة القبول بالانتهاكات كعقوبة ضد كل من يعارض الجماعة.
واستعرضت الندوة شهادات لمعتقلين سابقين، من بينهم جمال المعمري، رئيس "منظمة إرادة لمناهضة التعذيب والإخفاء القسري"، الذي تحدث عن الجرائم التي تعرض لها خلال فترة اعتقاله، والتي تسببت له في إعاقة دائمة.
كما أشار إلى وجود آلاف المعتقلين والمخفيين قسرًا في سجون الحوثيين، الذين يعانون يوميًا من أساليب تعذيب وحشية، مشبهًا هذه الممارسات بتلك التي يتبعها النظام الإيراني.
ويؤكد المراقبون أن ما يجري في سجون الحوثيين يشكل انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي الإنساني، ويعكس استمرار سياسة القمع والتنكيل التي تمارسها الجماعة ضد معارضيها، وشددوا على ضرورة تحرك المجتمع الدولي للضغط على الحوثيين لوقف هذه الجرائم، ومحاسبة المسئولين عنها لضمان تحقيق العدالة وإنهاء معاناة المعتقلين.
وتعد الانتهاكات التي كشفت عنها الندوة مؤشرًا خطيرًا على تدهور أوضاع حقوق الإنسان في مناطق سيطرة الحوثيين، حيث تستخدم الجماعة السجون كأداة للقمع والتخويف، ويظل تدخل المجتمع الدولي أمرًا ضروريًا لوقف هذه الممارسات الوحشية وحماية حقوق المعتقلين، في ظل استمرار الجماعة في تجاهل كل النداءات الحقوقية والدولية.