سودانايل:
2024-09-10@16:52:42 GMT

حرب داخل الحرب

تاريخ النشر: 12th, August 2024 GMT

بقلم عمر العمر

مشاورات جدة محطة زائدة للمماطلة والمراوغة لا موقع لها على درب السلام أو في متن القاموس السياسي. هي فرصة خاطئة دولياً استثمرها دعاة الحرب وأنصارها.فأجندة الساعة السودانية ليست سوى وقف إطلاق النار. ذلك نداء وطني واجب التلبية الفورية والتجاوب العجول ملزمٌ لقيادات الجيش والقوى السياسية مثلما هو لكل وطني مخلص وفي للشعب.

فوقف النار السبيل الأوحد لإنهاء هذه الحرب المبددة المرتكز إشعالها على حسابات خاطئة والإصرار على التوغل بها إلى نتائج معاكسة تحت شعار مخادع مضمونه الكذوب تحقيق السلام.ما كان من رهان معلّق على مشاورات جدة .من ثم ليس ثمة اختراق مرتقب .لذلك فكل حديث عن فشل إنما هو وهم .فالفشل الفعلي هو التخلّف عن مفاوضات جنيف .فهناك فقط الرهان على تحقيق اختراق جوهري أو فشل محبط .
*****

فعذابات البسطاء المنداحة على رقاع النزوح ،التشردوالتكدس والتسكع على أرصفة الفاقة في الداخل والخارج تستوجب تلبية نداء الشعب بوقف الحرب. إذا كان أشعال هذه الحرب جريمة وطنية فان شرعنة إطالة أمدها وعذاباتها جريمة كبرى. هذا حال يفرض على كل وطني غيور اغتنام أي سانحة من شأنها إنهاء ذلك الشقاء الجماعي على الرجال ، النساء،الشباب والأطفال ،فتعدد المدائن،البلدات والقرى المهجورة وتكاثر البيوت الخالية على عروشها ،المدارس ،المستشفيات والمؤسسات المعطلة خراب تتضاعف كلفة إعادة بنائه مع مراكمة الأيام وتكدس الأعباء الاقتصادية.الخبير الدولي إبراهيم البدوي يقول يتطلب الأمر عقدا من السنين بغية الرجوع إلى ماكان عليه الوضع وقت تبديد الانقلاب نطفة
النظام الديمقراطي. لعل البدوي استهدف بث التفاؤل فالحديث عن المستقبل لا يكون مصيبا بمنطق الماضي إذا استقام بمعايير الحاضر.
*****

مشاورات جدة تعري متخذي الحرب غايةً داخل الحرب المعلنة و ناشري ثقافة الموت ، التدمير والإبادة. في القاموس السياسي مصطلحات ثلاثة متشابهات .فهناك وقف اطلاق النار،الهدنة والتهدئة.وقف النار يعني تعليق جميع العمليات العدائيةمن طرف واحد أو أكثر؛جزئيا أوكليا.الهدنة هي إلزام بوقف الأعمال القتالية وفق شروط محددة .الهدنة أقصر زمنا من وقف النار.ميثاق الأمم المتحدة لم يفصح عن شيءٍ في شأن إطلاق النارلكن فقهاء القانون يحددون إقرار الحكومات شرطا لسريانه الوقف أو الهدنة.كلاهما لا يتضمنان شروطا عسكرية أو سياسية بل يغلب على وقف النار الطابع الإنساني لذلك فإن المحاججة بشروط ومشاورات مسبقة بغية الاستكشاف ليس غير مراوغة خرقاء للشعب والرأي العام على الصعيدين في الداخل والخارج.
*****

كما أن حربنا القذرة ليست أول حرب أهلية فإن العديد من الحروب شهدت اتفاقات لوقف النار وانتهت أخرى بإملاء شروط المنتصر على المهزوم.في كل الأحوال جاءت الاتفاقات رغبة في خروج الشعوب من مستنقع المعاناة وعودتهم إلى دروب الحياة الطبيعية.فكل الفسيفساء اللبنانية انخرطت في حربهم الأهليةالمجنونة. لكنهم بعد خمسة عشر عاما في التقتيل الممنهج والتدمير العشوائي لم يجدوا بدا من تبادل التنازلات . علي عبد الله صالح استبدل أهل الشطر الجنوبي كابوس الحرب بأحلام الوحدة في العام ١٩٩٤ ،فآثر علي سالم البيض ورفاقه الهروب إنقاذاً لما يمكن انقاذه من الإنجاز . السادات بادر لقبول وقف إطلاق النار في حرب اكتوبر ١٩٧٣ حفاظا على أعظم إنجاز عسكري في التاريخ العربي المعاصر. مع ان ذلك القبول شكل ثغرة هجوم مكثّف عليه. الخميني رأى قبول وقف النار في اغسطس ١٩٨٨ كأساً من السم لكنه تجرعه من أجل إنهاء عذاب الشعب الإيراني طوال ثمان سنوات.من مفارقات التاريخ قبول الرئيس العراقي صدام حسين نفسه شروطا أميركية مجحفة -إن لم نقل مذلة- في صفوان لانهاء حماقته الكبرى بغزو الكويت في مارس ١٩٩١ حفاظا على ما تبقى من الدولة .
*****

التوغل في الحرب أو التسليم بوقف النار يأتي رهين بموازين القوى العسكرية على الأرض والسياسية على الخارطة الجيوسياسية. ماكان لمشاورات جدة ان تكسب قيمة إلا بإعلان عزم البرهان المشاركة في مفاوضات جنيف.فالمشاورات المزعومة أشبه بتبادل بلاغات.رفض الذهاب إلى جنيف يفصح عن ضيق خيال سياسي يفضي إلى مزيد من التوغل في الفشل والخسائر الوطنية مع استمرار هيمنة زبانية الحرب الخفية على الجنرالات داخل الحرب المعلنة.ذلك نهج يزيد الزبانية والجنرالات عزلة في الداخل والخارج.كما يزيد الضائقة على الشعب استحكاما لكن أوان الأزمة لن يطول حتما.ربما من الأفضل للجميع ذهاب قيادة الجيش إلى جنيف بغية نقل ساحة الحرب إلى ميدان آخر باسلحة مغايرة. للتذكير الجنرال عون اضطر للاستسلام من داخل السفارة الفرنسية.هو مصير أفضل من نهاية علي عبد الله صالح وصدام حسين .

aloomar@gmail.com  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: وقف النار

إقرأ أيضاً:

جوتيريش: لم أرَ قط مثل هذا المستوى من الموت والدمار كما نراه في غزة

وصف الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش اليوم الإثنين الحرب في غزة بأنها أسوأ حرب يشاهدها.

وقال جوتيريش، في مقابلة مع وكالة أنباء (أسوشيتد برس) الأمريكية إن الأمم المتحدة عرضت مراقبة أي وقف لإطلاق النار في غزة، وطالبت بإنهاء أسوأ حالات الموت والدمار التي شهدها خلال فترة ولايته التي تجاوزت السبع سنوات.

وأضاف جوتيريش أنه من "غير الواقعي" الاعتقاد بأن تلعب الأمم المتحدة دورا في مستقبل غزة، سواء عن طريق إدارة الإقليم أو توفير قوة حفظ سلام، لأنه من غير المحتمل أن تقبل إسرائيل بدور للأمم المتحدة، على حد قوله.

وفي إشارة إلى أهمية وقف إطلاق النار بشكل عاجل، قال جوتيريش: "مستوى المعاناة الذي نشهده في غزة غير مسبوق خلال فترة ولايتي كأمين عام للأمم المتحدة، لم أرَ قط مثل هذا المستوى من الموت والدمار كما نراه في غزة في الأشهر القليلة الماضية".

وأسفرت الحرب في غزة عن استشهاد أكثر من 40900 فلسطينيا، وفقا لوزارة الصحة في غزة، كما تسببت الحرب في دمار واسع النطاق ونزوح حوالي 90% من سكان غزة البالغ عددهم 2.3 مليون شخص.

مقالات مشابهة

  • ملاط التقى جنبلاط في أمسية تشاورية
  • الخارجية البريطانية: الضربة الإسرائيلية {المروعة} على خان يونس تظهر الحاجة إلى الهدنة في غزة
  • اتفاقية جنيف في السرايا...تحييد المدنيين أولوية
  • جوتيريش: لم أرَ قط مثل هذا المستوى من الموت والدمار كما نراه في غزة
  • انطلاق الدورة الـ57 لمجلس حقوق الإنسان في جنيف
  • بلبلة داخل مخيّم في لبنان.. إطلاق نار والسبب عدم توظيف!
  • افتتاح الدورة الـ57 لمجلس حقوق الإنسان في جنيف
  • رئيس جامعة بدر: حريصون على تأهيل الطلاب لأسواق العمل في الداخل والخارج
  • اللواء الدويري: حكومة نتنياهو لا تريد الهدنة وتسعى لاستمرار الحرب حتى عودة ترامب
  • سي إن إن عن مسؤول أميركي: الأصوات داخل الجيش الإسرائيلي لإنهاء الحرب تتزايد