سودانايل:
2024-09-10@16:50:09 GMT

أهمية إعلان المبادئ لوقف حرب السودان

تاريخ النشر: 12th, August 2024 GMT

د. الشفيع خضر سعيد

رحبنا في المقالين السابقين بالدعوة التي وجهها وزير الخارجية الأمريكي لعقد لقاء بين قيادات الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في جنيف، في منتصف الشهر الجاري بهدف بحث إمكانية الاتفاق على وقف لإطلاق النار طويل الأمد في البلاد، وهو ما يتماشى ورغبات كل السودانيين جميعا، إلا تجار وسماسرة الحرب الذين يزكّون نيرانها سعيا وراء السلطة والجاه والمصلحة الخاصة الدنيئة على حساب مصلحة الوطن.

وأشرت في مقالي السابق إلى أن طلب قائد الجيش السوداني إجراء لقاءات تشاورية مع الولايات المتحدة قبل لقاء جنيف المقترح، هو طلب مشروع، بل وضروري. فنجاح أي لقاء أو حوار أو تفاوض بين أطراف متصارعة، عسكريا أو سلميا، يتطلب أن تسبقه مشاورات واسعة يجريها الوسيط مع هذه الأطراف، يتم فيها الاتفاق على طبيعة اللقاء وأهدافه وكيفية إدارته وجدول أعماله ومستوى الوفود المشاركة…الخ. أضف إلى ذلك، بالنسبة للقاء جنيف المقترح، أهمية بل اشتراط، التشاور حول المراقبين، مصر والإمارات، من حيث قبول الطرفين لهما ودورهما في اللقاء. أيضا، أهمية الوضوح التام حول علاقة لقاء جنيف بمنبر جدة وما وقع فيه من اتفاق. وقلنا رغم أن الجانب الأمريكي أشار إلى أنه ظل في تشاور مع الطرفين، وأن تحديد موعد ومكان اللقاء لم يكن مفاجئا لأي منهما، إلا أن محاولات المبعوث الأمريكي زيارة بورتسودان تؤكد أن ذلك التشاور لم يكن كافيا، والذي ربما كان عبر الرسائل والاتصالات الهاتفية، وأن الأمر يتطلب لقاء مباشرا بين الجانبين. ونضيف إلى ذلك سببا آخر، وهام جدا، يعزز من ضرورة اللقاء التشاوري قبل لقاء جنيف المقترح، وهو ضرورة بناء الثقة بين الوسيط، الولايات المتحدة الأمريكية، وكل من الطرفين المتحاربين، وأعتقد لن يختلف اثنان في اهتزاز هذه الثقة خاصة بين القيادة في بورتسودان والوسيط. واختتمت مقالي السابق بالقول إذا كان الجانب الأمريكي يعتقد بوجاهة موقفه وله ما يبرر إصراره بأن يجتمع مع قيادات الجيش السوداني في مطار بورتسودان ولا يدخل المدينة وذلك لدواع أمنية، فإني أرى أن رفض هذه القيادات لهذا الموقف أيضا له ما يبرره لعدة اعتبارات. وأشرت إلى إمكانية تخطي هذه العقبة بأكثر من طريقة، ومنها عقد الاجتماع في دولة أخرى يقبلها الطرفان، السوداني والأمريكي. وأرى أن اختيار جدة موفق جدا بإعتبار الربط الضروري بين منبر جدة وجنيف.

رغم أن السودانيين يترقبون لقاء جنيف بقلق متزايد ويلهثون بالدعاء عله ينجح في وقف القتال، إلا أن المنطق والتجربة يقولان بأن هذا الهدف لن يتحقق من جولة واحدة

ورغم أن السودانيين يترقبون لقاء جنيف بقلق متزايد ويلهثون بالدعاء عله ينجح في وقف القتال، إلا أن المنطق والتجربة يقولان بأن هذا الهدف لن يتحقق بضربة لازب أو من جولة واحدة، رغم أمنياتنا أن يتحقق ذلك، ولكن يظل العشم أن ينجح هذا اللقاء، على الأقل في وقف الاقتتال لأطول مدة ممكنة، بما يسمح بالعمل على إنقاذ حياة السودانيين عبر توفير العون الإنساني وتأمين ممرات إنسانية لمدهم بالغذاء والدواء وضروريات الحياة. هذه هي الأولوية القصوى التي يجب أن تركز كل الجهود حيالها اليوم، مع التشديد مرة أخرى على أن هذا الملف الإنساني لا يقبل التسييس ولا المساومة به. وغض النظر عن نتائج اللقاء المقترح، إذا تم، فأرى بضرورة تقارب الجولات التالية وتسريع وتيرتها، ولكن الأهم من ذلك أن تستند كل العملية إلى إعلان مبادئ يتم التشاور حوله مع القوى السياسية والمدنية السودانية. وكما أشرنا في مقال سابق، سبتمبر/أيلول 2023، لم تنجح مبادرة الإيقاد في إيقاف الحرب في جنوب السودان إلا بعد أن انتظمت المفاوضات بين الحركة الشعبية لتحرير السودان وحكومة الإنقاذ على أساس إعلان مبادئ الإيقاد في 20 مايو/أيار 1994. صحيح أن إعلان مبادئ الإيقاد صاغتها دول الإيقاد وقدمتها جاهزة إلى الطرفين ليوقعا عليها، لكن لابد من التشديد على أن تلك المبادئ لم تكن من وحي بنات أفكار علماء السياسة الدوليين والإقليميين، بقدر ما كانت إعادة صياغة وترتيب للأطروحات المتناثرة في أدبيات الحركة السياسية السودانية، وخاصة الحركة الشعبية لتحرير السودان. واليوم، نحتاج إلى إعلان مبادئ يوجه ويحكم العملية التفاوضية لوقف الحرب ووضع أسس عدم تجددها أو إعادة إنتاج الأزمة أو العودة لذات أوضاع ما قبل الحرب. ودائما تظل قناعتي الراسخة أن القوى المدنية والسياسية السودانية هي وحدها المؤهلة لاجتراح هذا الإعلان. وأيضا دائما تظل الأولوية الآن هي لإسكات البندقية ودعاوى التسليح الأهلي، وخلق ممرات آمنة لتوصيل المساعدات الإنسانية، وخروج قوات الدعم السريع من الأعيان المدنية ومنازل المواطنين، ووقف الاعتقالات السياسية من قبل الطرفين، وإطلاق سراح من تم إعتقالهم.
ومرة أخرى، نحن نفرق بين وقف الاقتتال ووقف الحرب. فبينما وقف إطلاق النار والاقتتال هو من صميم واجب الطرفين المتقاتلين، فإنه ليس في مقدورهما، ولا ينبغي لهما، التصدي لوقف الحرب بمعنى الانخراط في العملية السياسية، إلا إذا كنا نود إعادة إنتاج أسباب الحرب. فوقف الحرب، ويشمل تصميم وقيادة العملية السياسية، هو مهمة القوى السياسية والمدنية السودانية. ومن هنا وجوب انتظام كل الكتل والتنظيمات والأفراد والمجموعات السودانية الرافضة للحرب في نشاط عملي، وفق برنامج عمل مركز متوافق عليه، يغطي المجالات السياسية والإنسانية، ويعمل على خلق آليات للتنسيق مع الجهود الدولية والإقليمية، من أجل الضغط المتواصل على طرفي القتال لوقف دائم للأعمال العدائية. وفي نفس الوقت يعمل البرنامج على إرساء أسس الفترة الانتقالية لما بعد الحرب. إن أي تقاعس عن العمل المشترك ضد الحرب لا يقل جرما عن جريمة إشعالها.
وفي ذات السياق، صحيح أن مبادرات المجتمع الدولي والإقليمي لفرض وقف إطلاق النار وحل الأزمة السودانية تلعب دورا مطلوبا وأساسيا، ولكنه يظل العامل المساعد وليس الرئيسي الحاسم. فقضية شعب السودان لا يمكن حلها من خارجه أو بالإنابة عنه من قبل المجتمع الدولي.

نقلا عن القدس العربي  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: إعلان مبادئ لقاء جنیف

إقرأ أيضاً:

موعد لقاء الأهلي الافتتاحي بدوري أبطال أفريقيا

يستعد الفريق الأول لكرة القدم بالنادي الأهلي لمواجهة فريق جورماهيا الكيني منتصف الشهر الجاري لحساب ذهاب دور الـ٣٢ لبطولة دوري أبطال إفريقيا والتي يحمل لقبها.

رسمياً.. الأهلي يزيج الستار عن قميصه الجديد لموسم 2024-2025

ومن المقرر اذاعة اللقاء عبر شبكة قنوات بي ان سبورت الناقل الفضائي الحصري للمواجهات الأفريقية غل على صعيدي الأندية والمنتخبات.
ويقام اللقاء الافتتاحي للأهلي بالبطولة القارية بدولة كينيا على أن يأتي لقاء الاياب على ملعب ستاد القاهرة الدولي.

كان الفريق الأول لكرة القدم بالنادي الأهلي قد واصل مرانه مساء أمس السبت على ملعب التتش بالجزيرة، وذلك في إطار الاستعدادات لمواجهة فريق جورماهيا الكيني.

وخاض اللاعبون مرانًا بدنيًّا مطولًا شهد التركيز خلاله على تنوع الأحمال  والتدريبات البدنية بين ملعب التتش والجيم.

وقاد ميشيل يانكون رباعي حراسة المرمى؛  مصطفى مخلوف وحازم جمال ومحمد أبو جريشة وإياد تامر في مران بدني وفني متنوع.

يذكر أن الفريق خاض أولى مبارياته وديًّا أول أمس الجمعة أمام وادي دجلة التي انتهت بهدف نظيف لصالح الأهلي أحرزه حسين الشحات.

مقالات مشابهة

  • علماء المسلمين يدعو دول العالم لوقف الحرب في السودان ومواجهة تحديات النزاع
  • إطلاق أول إعلان عالمي لمبادئ السلامة الصناعية
  • اتفاقية جنيف في السرايا...تحييد المدنيين أولوية
  • انطلاق الدورة الـ57 لمجلس حقوق الإنسان في جنيف
  • تفاصيل لقاء محمد بن سلمان بـ لافروف في الرياض
  • علماء المسلمين يدعو إلى تضامن عربي وإسلامي لوقف الحرب في السودان
  • افتتاح الدورة الـ57 لمجلس حقوق الإنسان في جنيف
  • موعد لقاء الأهلي الافتتاحي بدوري أبطال أفريقيا
  • الدبيبة يستقبل وكيلة غوتيريش للشؤون السياسية ويتفقان على أهمية الذهاب إلى انتخابات برلمانية ورئاسية
  • النائب العام السوداني يعتزم مواجهة تقرير بعثة التقصي في جنيف