سودانايل:
2024-11-15@11:29:45 GMT

مفاوضات جنيف بين التفاؤل والحذر

تاريخ النشر: 12th, August 2024 GMT

فيصل محمد صالح

أصبح التفاوض في منبر جنيف أمراً واقعاً، وستذهب الوفود السودانية إلى هناك في غضون أيام قليلة، وهذا أمر يبعث على التفاؤل الحذر، وليس ثمة تناقض في هذا التعبير. التفاؤل سببه أنه وبعد عشرات اللاءات والمواقف المتناقضة والصيحات والتصريحات العنترية، تحقق ما ظلت قلوب السودانيين وآمالهم تطمح إليه، أن يتجه طرفا الحرب للجلوس للتفاوض لوقف الحرب، أما الحذر فمبعثه رفع سقف التوقعات وتصور أن أياماً قليلة من التفاوض ستنهي الحرب، وهو توقع متعجل وغير واقعي إن لم يحدث فقد تعم روح الإحباط والخيبة.



الأمر الواقعي الذي يجب أن يصحب التفاؤل هو أن التفاوض سيكون ماراثوناً طويلاً ومعقداً، وسيحاول طرفا الحرب أن يضعا شروطاً وإملاءات كثيرة، ويعلنا مواقف تحاول أن تجير التفاوض لمصلحة أي منهما، وقد يحتاج الأمر إلى جولات متعددة، وضغوطات داخلية وخارجية حتى يمكن التوصل لاتفاق معقول لوقف إطلاق النار وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية، في المرحلة الأولى، ثم تتوالى الحوارات حول التفاصيل الأخرى.

المؤشرات على أن الطرفين سيذهبان للتفاوض كانت كثيرة ومتنوعة، وقد أشرنا إليها في عدد من المقالات السابقة، ولم تكن تعبيراً عن أماني شخصية ولا قراءة فنجان، بل تجميع معلومات وحوارات، ثم قراءة حقيقية للواقع الميداني ومآلاته.

الجديد الآن هو أن كثيرين ممن كانوا يقودون حملة الرفض للتفاوض، ويوزعون صكوك الوطنية على أنفسهم، واتهامات الخيانة والعمالة على غيرهم من رافضي الحرب، قد أعادوا حساباتهم، أياً كان السبب قناعات أو تعليمات، وبدأوا يتحدثون عن أن التفاوض مرحب به وهو أمر حتمي، وغيرها من العبارات التبريرية، وليس مطلوباً منهم غير الاستمرار في دعم العملية التفاوضية اتساقاً مع موقفهم الجديد، وبنفس الحماسة التي دعموا بها حالة الحرب.

واحدة من أهم النقاط التي يمكن أن تكون عائقاً في التفاوض بسبب حملة تضليل لازمتها هي التوصيفات المتعددة لـ«اتفاق جدة» الذي تم توقيعه في مايو (أيار) من العام الماضي. فبعد ما تم الإعلان عن أن هذا الاتفاق سيكون منطلق التفاوض، خرجت مرة أخرى بعض الأصوات لتصور أن تطبيق هذا الاتفاق سيكون انتصاراً لطرف على الآخر، وهو توصيف مضلل.

هذا الاتفاق كان جزءاً من اتفاق الهدنة التي لم تطبق، وهو فعلاً رتب التزامات على طرفي الحرب لم يلتزم بها كلاهما، والسبب في ذلك أنه كان أقرب لإعلان المبادئ، يحتاج لجولات أخرى حتى يصبح اتفاقاً قابلاً للتنفيذ. لم يفصل الاتفاق في كيفية تنفيذ هذه الالتزامات والآلية التي ستتولى متابعة ومراقبة عملية التنفيذ.

تم التوقيع على الإعلان بعد أربعة أسابيع من بدء الحرب، وقد جاء في مقدمة تمهيدية وثلاثة شروط و21 نقطة التزام للطرفين. أهم نقطة في المقدمة تقول: «وندرك أن الالتزام بالإعلان لن يؤثر على أي وضع قانوني أو أمني أو سياسي للأطراف الموقعة عليه، ولن يرتبط بالانخراط في أي عملية سياسية». هذا النص يوضح بجلاء أنه مجرد إعلان نوايا، كان يفترض أن تتبعه خطوات لتحويله لبرنامج عمل يحقق الأهداف المرجوة منه.

النقطة المهمة هنا، وأنا أنقلها بكاملها من مقال سابق لي في مايو الماضي، هي المادة «2-ج» التي تقرأ «اتخاذ جميع الاحتياطات الممكنة لتجنب وتقليل الضرر الذي يلحق بالمدنيين، مما يهدف إلى إخلاء المراكز الحضرية بما فيها مساكن المدنيين، فعلى سبيل المثال لا ينبغي استخدام المدنيين دروعاً بشرية». هذه المادة تخاطب آمال وأحلام مئات الآلاف من السودانيين الذين هجروا منازلهم وأقام فيها أفراد من «قوات الدعم السريع»، أو صارت جزءاً من تحصينات عسكرية لطرفي الحرب. نص المادة الحالي مقروناً بالنقاط التي وردت في المقدمة قد تعني، حتى لو تم تنفيذها بشكلها الحالي، أن يخرج محتلو المنازل منها، لكن من دون تحديد نقاط تجميع متفق عليها، بما يعني أنهم قد يخرجون من المنازل والمواقع المدنية والخدمية ليعسكروا أمامها..!

اتفاق جدة يصلح أن يكون أساساً لإخلاء المناطق المدنية، من منازل وأسواق ومواقع خدمية من المظاهر العسكرية، لكن ذلك يحتاج لاتفاق متكامل لنقاط تجميع القوات العسكرية كما يحتاج لآلية للمتابعة والمراقبة بسلطات تنفيذية وحماية، وهذا ما يجب أن تتجه نحوه المفاوضات بشكل مباشر.

التفاؤل مطلوب والحذر كذلك، ومواصلة حملات الضغط والتوعية بأهمية وقف الحرب وتحقيق السلام واجب وفرض عين  

المصدر: سودانايل

إقرأ أيضاً:

الجامعة العربية تدعو كافة المؤسسات الحقوقية والإنسانية لتحمل مسؤولياتها إزاء الحرب التي يشنها الإحتلال على المسيرة التعليمية بفلسطين

دعت جامعة الدول العربية، كافة المؤسسات الحقوقية والإنسانية والإعلامية لتحمل مسؤولياتها إزاء الحرب التي يشنها الإحتلال الإسرائيلي على المسيرة التعليمية في فلسطين، مؤكدة على أهمية الإستمرار في توفير الدعم العربي والدولي للعملية التعليمية بما يسهم في ضمان إستمرار تقدم المسيرة التعليمية وتحسين جودة التعليم لأبناء فلسطين.

وقال الأمين العام المساعد لشؤون فلسطين والأراضي العربية المحتلة في جامعة الدول العربية السفير سعيد أبو علي، في كلمته أمام لجنة البرامج التعليمية الموجهة إلى الطلبة العرب في الأراضي العربية المحتلة في دورتها 108، والتي أختتمت أعمالها اليوم، إن إجتماعنا يأتي بعد إنقطاع ما يقارب عام ونصف بسبب الظروف البالغة الصعوبة التي تمر بها القضية الفلسطينية والحرب الاسرائيلية التدميرية، كما يأتي بالتزامن مع أعمال القمة العربية والإسلامية الطارئة بالرياض والتي اتخذت مجموعة كبيرة من القرارات النوعية الهامة في إطار  التأكيد على مركزية القضية الفلسطينية، وتضامن دولنا العربية والإسلامية مع نضال الشعب الفلسطيني المشروع لنيل حقوقه كاملة بإقامة دولته المستقلة على خطوط الرابع من يونيو عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية وفق رؤية حل الدولتين، ودعم الاعتراف بدولة فلسطين وحصولها على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة، وكذلك التحرك أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة لتجميد عضوية إسرائيل.

وأضاف، إن القمة طالبت أيضا مجلس الأمن بإصدار بقرار ملزم لوقف إطلاق النار في غزة، وإدخال المساعدات الإنسانية فوراً إلى قطاع غزة، مؤكدة أنه لا سلام مع إسرائيل قبل انسحابها من كافة الأراضي العربية المحتلة "حتى خط الرابع من يونيو 1967، مشيرا إن القمة أطلقت أيضا آلية التعاون الثلاثي بين كل من جامعة الدول العربية، ومنظمة التعاون الإسلامي، والاتحاد الإفريقي، لتنسيق المواقف المشتركة وسبل الدعم لمساعدة الشعب الفلسطيني بهدف تحقيق تقرير المصير له.

وأوضح الأمين العام المساعد، إن هذه الدورة تعقد بعد أكثر من 400 يوم من بدء العدوان على غزة، ولا تزال مشاهد المجازر والقتل والتدمير والتجويع خاصة في شمال غزة متواصلة، فقد أسفر العدوان الإسرائيلي المتواصل وجرائم الإبادة الجماعية منذ السابع من أكتوبر 2023 عن تدمير واسع النطاق لكافة مقومات الحياة، أدى إلى سقوط أكثر من 180 ألف مواطن بين شهيد وجريح ومفقود، وإعتقال أكثر من 5200 مواطن، ونزوح 2 مليون داخليا، مع تدمير ما يقارب من 80% من المباني السكنية، حيث إرتكب جيش الإحتلال الإسرائيلي أكثر من 4000 مجزرة مروعة، واستخدام حوالي 90 ألف طن من المتفجرات، بالإضافة لما يتعرض له سكان القطاع من حرب تجويع قاتلة.

كما أشار، أن الوضع في الضفة الغربية المحتلة لا يقل خطورة وكارثية من حيث مواصلة الإحتلال الإسرائيلي التصعيد في تنفيذ سياساته العدوانية في مدينة القدس وكافة المدن والبلدات والمخيمات الفلسطينية، ما أسفر عن استشهاد حوالي 780 شهيد، واعتقال ما يقارب من 12 ألف مواطن مع تدمير ممنهج للبنية التحتية، في نفس الوقت الذي تواصل فيه عصابات المستوطنين المسلحة وبدعم مباشر من جيش الاحتلال ممارسة الإرهاب والاعتداءات المتواصلة في إطار سياسة الإحتلال الرسمية الممنهجة في حرق واقتلاع وتدمير للممتلكات، وفرض العزل والاغلاقات إلى تنفيذ الاعدامات الميدانية والتهويد وممارسة التمييز العنصري والتطهير العرقي والتهجير القسري، والتمدد الاستعماري وصولاً إلى ما أعلنه أمس رئيس وزراء الإحتلال ووزير ماليته بشأن الضم الرسمي والمعلن للضفة الغربية وتصفية القضية الفلسطينية.

وقال أبو علي، إن القرار الإسرائيلي بقطع العلاقات مع وكالة "الأونروا" ضاربا بعرض الحائط جميع الأعراف والمواثيق والقرارات الدولية والقانون الدولي الإنساني، بهدف تصفية قضية اللاجئين وشطب حق العودة وإلغاء أنشطتها ودورها بالعنوان السياسي، مؤكدا أن مواصلة الإحتلال تقويض ولاية الأونروا لن يغير من الوضع القانوني للوكالة التي تتمتع بتفويض دولي بناء على قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة.

وطالب الأمين العام المساعد، المجتمع الدولي بدوله وهيئاته المتعددة وخاصة مجلس الامن التدخل المباشر والفوري، وإتخاذ التدابير العملية اللازمة لتوفير نظام حماية دولي في الأرض الفلسطينية لوضع حداً لاستمرار هذا العدوان الممنهج والانتهاكات الجسيمة لقواعد وأحكام وقرارات الشرعية الدولية، فقد كان قطاع التعليم وكل مكوناته في مقدمة القطاعات التي تعرضت للاستهداف الإسرائيلي التدميري، ما أسفر عن كارثة كبيرة بحجم الخسائر البشرية والمادية التي طالت مكونات التعليم كافة كما تداول وبحث مؤتمركم، فهناك أكثر من 30 ألف طفل/ة ما بين شهيد وجريح وسط تدمير 93% من أبنية القطاع التعليمي، فيما تعرضت 70% من مدارس الأونروا الـ200 للقصف والتدمير، وتم قصف 4 مبان من كل 5 مبان مدرسية، وكذلك تدمير 130 من المباني والمنشآت الجامعية كما حرم أكثر من 750 ألف طالب/ة من حقهم في مواصلة تعليمهم في مدارسهم، وجامعاتهم.

وقال الأمين العام المساعد، إنه منذ اليوم الأول للعدوان الإسرائيلي، توقفت العملية التعليمية في كافة الجامعات والمدراس والمراكز التعليمية والتدريبة، وتحول عمل المدراس من أماكن تعليمية إلى مراكز إيواء يستخدمها السكان النازحين الذين هُجروا من منازلهم قسراً، ومع ذلك لم تتوان قوات الإحتلال عن استهداف هذه المدارس والمنشآت وهي مكتظة بالنازحين، لتوقع المئات من الشهداء والمصابين، حتى وإن كانت المدرسة أو المنشأة تتبع لهيأة دولية كالأمم المتحدة وترفع علمها، حيث مازال واقع حال التعليم في القدس، تحت وطأة سياسات الأسرلة والتهويد، ومحاربة المناهج الفلسطينية وتحريفها، في معركة مستمرة ومتجددة مع بداية كل عام دراسي جديد، لفرض مناهج الإحتلال الإسرائيلي، والذي يستوجب تدخل المعنيين من دول وهيئات ومنظمات رسمية وأهلية الالتفات لمدى التحريض والعنف ومستوى مضامين العنصرية بالمناهج الإسرائيلية، التي تشكل انتهاكاً جسيماً وخطيراً للمواثيق الحقوقية الدولية، وانتهاكاً للاتفاقيات والمعاهدات الدولية، خاصة معاهدة جنيف الرابعة وما فيها من نصوص حيال الوضع التعليمي في البلاد المحتلة.

كما أكد الأمين العام المساعد، أن هذه الممارسات والانتهاكات الإسرائيلية شكلت حافزاً لمضاعفة أسباب الصمود والإصرار الفلسطيني على تطوير والعملية التعليمية وحمايتها، لتحقيق المزيد من النجاحات والإنجازات.

يذكر أن الإجتماع عقد برئاسة وكيل مساعد للشؤون التعليمية بوزارة التربية والتعليم أيوب عليان، وممثلي عن إتحاد إذاعات الدول العربية، والمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم "الالكسو" بالإضافة إلى وكالة الغوث للاجئين الفلسطينيين "الأونروا".

مقالات مشابهة

  • الأمن يدعو سالكي بعض مناطق العاصمة لتوخي الحيطة والحذر
  • سوق العملات الرقمية يتجاوز 3 تريليونات دولار بفضل التفاؤل لعودة ترامب للرئاسة الأمريكية
  • أحمد حسين: الحرب الإعلامية التي تمارسها الميليشيا عن تحركاتها في الأطراف الشرقية لمدينة الفاشر محاولة “
  • تراجع أغلب بورصات الخليج بسبب انخفاض النفط والحذر قبيل بيانات أمريكية
  • من غزة إلى لبنان: معاناة الأطفال التي لا تنتهي بين نارين
  • البتكوين تتجاوز 90 ألف دولار مستفيدة من التفاؤل بفوز ترامب
  • الجامعة العربية تدعو كافة المؤسسات الحقوقية والإنسانية لتحمل مسؤولياتها إزاء الحرب التي يشنها الإحتلال على المسيرة التعليمية بفلسطين
  • التفاوض بالنار يواكب طرح ترامب لحل ينهي الحرب بين لبنان وإسرائيل
  • هل لبنان مستعد لمفاوضات وقف الحرب؟
  • تطورات جديدة في مفاوضات ليفربول مع محمد صلاح للتجديد.. الاتفاق بعيد