على خلفية بيان الجيش…إلى أين يسوقنا الإخوان المسلمون؟
تاريخ النشر: 12th, August 2024 GMT
بحسب بيان رئيس وفد الجيش بعد اللقاء التشاوري بجدة، وذكره بعدم التوصل لاتفاق مع الولايات المتحدة الأمريكية على المشاركة في منبر جنيف، الأمر الذي يعتبر ديدناً للوفود الممثلة للجيش المؤتمر بأمر الاخوان المسلمين في السودان – المؤتمر الوطني، فإخوان السودان لا تطلب منهم الحضور إلى بهو القاعات المفتوحة لنقاش قضية إنهاء الحرب، لأنهم يعلمون علم اليقين أن نهايتهم وتوابعهم – الحركات المسلحة – تكمن في وقف اطلاق النار، الذي يعني تمهيد الطريق للحكم المدني وتجنيب البلاد شر العسكرة، والحزب المحلول للإخوان لن يستجيب لأي داعي من دعاة "لا للحرب"، لإدراكه التام بأن الحياة الطبيعية بعد اسكات صوت البندقية لن تأتي به مجدداً إلى بهو القصر، فالبندقية كانت الحارس الأمين لجوقة هذا الحزب المتطرف، طيلة الفترة التي قضاها وهو يمارس السلطة من برج عال وعاجي، ورموزه على دراية تامة بأنهم منبوذين من الناس، ولم يكن استمرار حكمهم وسلطانهم إلّا بسبب أمرين، الأول البطش وتركيع المجتمع بكل الأساليب غير الأخلاقية، والثاني شراء الذمم بموارد الثروات البترولية والحيوانية والزراعية، وما رئيس وفد الجيش هذا إلّا واحد من الذين قبضوا ثمن تضامنهم مع مشروع إعادة فلول النظام البائد، حتى أن ثقافة الرأي العام في حقبة سيطرة جماعة الهوس الديني على جهاز الدولة، تخللتها هذه الأجندة المنحرفة المؤيدة لعنصر الابتزاز المادي في القضايا المصيرية، فحينما عرض الحاكم المزعوم لدارفور موقفه الحيادي للبيع لقوات الدعم السريع، رفض طلبه القائمون على أمر القوات التي لقنت كادر المؤتمر الوطني العنيف الدرس البليغ، لقد رفضوا هذا العرض غير الأخلاقي الذي تقدم به رئيس الحركة المنهارة، التي لولا قائد الدعم السريع لما اتيحت لها فرصة الصعود على أكتاف مواطني الإقليم مرة ثانية.
تماطل قيادة الجيش وتخاذلها في تلبية الدعوات الدولية والإقليمية الساعية لوضع حد للحرب في السودان، يضعها في عزلتين – دولية وإقليمية، والأهم من ذلك صحوة بعض المواطنين الظانين بجيشهم خيراً، من غفوة الموافقة على منح هذا الجيش شيكاً على بياض، ودخولهم حلبة صراع جدلية أهلية قيادة الجيش لامتلاك زمام قضية سلام واستقرار الوطن، وهذا بطبيعة الحال سيفتح الأبواب على مصاريعها لقيادة الدعم السريع لكي تكون الأمل للمواطن المسكين المنادي بوقف الحرب، لأنها أثبتت تفوقها على صنوها في إبداء الشجاعة وحسن النية والجدية في تحقيق حلم الشعب السوداني، ألا وهو التوصل لوقف إطلاق النار، لأن الشعور العام لغالب الناس باحتمالية استمرار الحرب اللعينة، يضعهم مباشرة في صف الطرف الذي يجاهر بأولوية وقف اطلاق النار، خاصة وأن هذا الطرف المرجح لكفة ميزان الجلوس للتوصل للحل، هو المنتصر عسكرياً والمتقدم ميدانياً في جميع المحاور، غرباً ووسطاً وشرقاً وشمالاً، فرهان فلول النظام الاخواني البائد على التنظيم العالمي، الذي يتمتع بشبكة قوية جعلت من حرب غزة محور اهتمام العالم، لن يجدي نفعاً مع الحالة السودانية المتجاوزة للمحيطين العربي والإسلامي، فالبعد الافريقي اصبح من الأبعاد الفاعلة لوضع حد لنهاية الحرب، ومهما اجتهد قائد الجيش في تتبع خطوات قائد الدعم السريع، بالانتباه للمحور الافريقي أخيراً ومتأخراً بزيارته لرواندا، إلّا أن قائد الدعم السريع قد سبق قيادة جيش الاخوان الضالعين في جرائم الإبادة الجماعية في السودان، في هذا المضمار، فالاتحاد الافريقي لن يحيد عن موقفه الداعم لخط الثورة السودانية، المندلعة من أجل الدولة المدنية وتحقيق شعار العسكر للثكنات، فالإخوة الأفارقة والجيران العرب قد استوعبوا نقاط ضعف النظام البائد.
الحل يكمن في تنازل وتواضع الجماعة الإخوانية، وضرورة اتباعها لنهج براغماتية حزب العدالة والتنمية التركي، الذي لم يحمل السلاح في وجه مواطنيه، ولم يعترض على نسق الدولة العلمانية، بل بدأ بالبلديات المدنية وقبل أن يكون خادماً للمجتمع، لا ناهباً متغطرساً لموارده، وأن تقبل بأن تجلس في المقاعد الخلفية (كنبة الطيش)، فالجماعة الاسلاموية السودانية، جماعة انتهازية لا مبادئ وطنية تلجمها، لذلك أصبحت (ملطشة) لمن يسوى ومن لا يسوى، وهذا مصير كل من دخل عالم السياسة من باب الفساد والإفساد، فما تهيأ لهذه الجماعة لم يتهيأ لأي حزب ولا تنظيم، ولا لأي جهة منذ أن نال السودان (استقلاله)، فإسلاميو ماليزيا الواقعيون حولوها لكبرى اقتصاديات النمور الآسيوية، في ظرف عقد ونصف العقد من الزمن، وإخوان تركيا ارتقوا بها لمصاف العظام في مجال التجارة الدولية، أما ذات الجماعة الاخوانية في مصر وتونس أخفقت نسبة لمطامعها اللامحدودة، فتمت السيطرة عليها بواسطة رئيسين، أحدهما براغماتي والآخر علماني يدين بالولاء لتعاليم أبو رقيبة مؤسس الجمهورية التونسية، وأصبحت الجماعة مشرّدة بين السجن والنفي والأحكام القضائية العادلة، أما بخصوص جماعتنا الإخوانية السودانية، فهي بحاجة إلى إبداء موقف أكثر قوة، والظرف الحالي واللحظة التاريخية الحاضرة بحاجة لاستنهاض همم المكتوين بنار جرائم الطيران الحربي المدمر لبيوت المواطنين، وثرواتهم الحيوانية والطبيعية الممتدة على مد بصر الرائي غرباً وشمالاً وجنوباً وشمالاً، إنّ الجرائم المرتكبة بحق المواطنين من كتائب الفلول الإرهابية يجب أن تشعل ثورة عارمة تطيح برؤوس الفتنة المتغلغلين في المواطنين، من أمثال الناجي الأول والناجي الثاني، وإني أحسبهما هالكين ولا حظ لهم من النجاة.
إسماعيل عبد الله
ismeel1@hotmail.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: الدعم السریع
إقرأ أيضاً:
الدعم السريع ترقص في احتفال على الجماجم والأشلاء
تحصد آلة القتل الفتاكة لمليشيا الدعم السريع أرواح الأبرياء من المدنيين والأهالي البسطاء في قرى ولاية النيل الأبيض بوسط السودان وتُسيل دماءَهم بالرصاص والقذائف المضادة للدروع التي يطلقها عليهم بصورة عشوائية جنودُ مليشيا الدعم السريع بلا رحمة وبلا تفريق بين كبار السنّ والنساء والأطفال والمرضى وذوي الاحتياجات الخاصة.
ويقول بيانٌ صادرٌ من وزارة الخارجية السودانية الثلاثاء 18 فبراير/ شباط، إن 433 مدنيًا، بينهم أطفال رضّع لقوا مصرعهم في هجمات لمليشيا الدعم السريع على قرى بولاية النيل الأبيض، فيما وصفته (بأسلوب المليشيا المعتاد في الانتقام من المدنيين العزّل في القرى والبلدات الصغيرة).
بينما تحدث هذه المشاهد المأساوية الموغلة في القتامة والبشاعة والفظاعة والفظاظة والغلظة والقسوة، يبدو مشهد سوداني آخر نقيضًا لذاك المشهد المأساوي، تدور أحداثه على خشبة مسرح آخر خارج حدود الدولة السودانية المثخنة بجراح حرب ضروس، أوقعت عشرات الآلاف من القتلى ومئات الآلاف من المصابين والمفقودين، وملايين النازحين داخل السودان، ومثلهم من اللاجئين خارج السودان.
المشهد الآخر الذي تتزامن أحداثه مع تلك الأحداث الدرامية الدامية في ولاية النيل الأبيض، هو مشهد ثُلة من السياسيين وزعماء أحزاب سودانية في منافيهم الاختيارية خارج البلاد من الموالين لمليشيا الدعم السريع والمناصرين لها سياسيًا بزعامة (حمدوك)، وهم يرقصون داخل إحدى قاعات المؤتمرات الأنيقة في كينيا، وهم مبتهجون ويهتفون فرحين بشعارات وأهازيج تمجد قائد مليشيا الدعم السريع المعروف بحميدتي الذي ارتكبت قواته تلك المجازر البشعة، وتسببت في أسوأ حرب شهدها السودان في تاريخه الحديث، من أجل الوصول إلى السلطة.
إعلانيرقص هؤلاء ويتمايلون على أنغام وألحان وأغانٍ تنبعث من بين أركان القاعة الأنيقة فرحًا واحتفاءً بما يرونه إنجازًا تحقق تتويجًا لثلاثة وعشرين شهرًا من القتل وسفك الدماء وانتهاك الأعراض والتهجير القسري وتدمير البنى التحتية، التي ارتكبت بحق مواطنيهم وأهليهم بيد حليفهم العسكري؛ الدعم السريع.
إنه (الميثاق السياسي) المحتفى به والإنجاز الذي كان مهرُه عشراتِ آلاف الجماجم والأشلاء وأنهارًا من الدم المسفوح ظلمًا بغير حق، وأحزانًا متراكبة بعضها فوق بعض تئن بها صدور ذوي الضحايا من الثكالى والأرامل واليتامى والحرائر اللاتي فقدن أغلى ما يملكن على أيدي وحوش وذئاب في ثياب بشر أتوا كما قالوا كذبًا وزورًا من أجل جلب الديمقراطية والحكم المدني بزعمهم.
الميثاق السياسي المحتفى به والذي تأجلت مراسم التوقيع عليه، سيصبح أساسًا ومرجعية لتشكيل حكومة موازية للحكومة القائمة التي عجزوا عن إزاحتها ونزع الشرعية عنها بقوة السلاح طوال أشهر الحرب، وهذا هو مبعث فرحهم وابتهاجه.
فبعد أن كان الهدف حكم السودان كله من شرقه إلى غربه، ومن شماله إلى جنوبه، انكمش هذا الهدف وتقلص ليصير مجرد حكومة افتراضية كل وزرائها خارج حدود السودان، حكومة (جوالة) بلا أرض وبلا جماهير، حكومة وزراؤها بلا أعباء حقيقية، أيديهم ملطخة بدماء الضحايا، ولا تستطيع أقدامهم أن تطأ أرض السودان خوفًا وخشية ورهبة من مصير معلوم.
حكومة موازية بلا مقاعد في المحافل الإقليمية والدولية ولا تحمل هوية ولا تاريخًا ولا ثقافة، حكومة مصنوعة وسياساتها معلّبة تخدم مصالح صانعيها ولا شأن لها بمصالح السودان وشعب السودان.
إنها متلازمة حبّ السلطة حتى وإن أتت على الجماجم والأشلاء وأنين الضحايا، لا يهم ما دامت أنها تأتي، حتى وإن جاءت محمولة على أكف أيادٍ أجنبية مردت وتمرّست على نشر الخراب والدمار والموت حيثما حلّت، فأصبح ذاك شغلها الشاغل ومهنتها التي تدفع في سبيل مزاولتها أموالًا طائلة كان يمكن أن توجّه نحو الإعمار والتنمية والبناء والازدهار، فتقوى بها صلات القربى وتوثّق عُرى الأخوّة وروابط حسن الجوار .
إعلانإن أكثر الأسئلة إلحاحًا وإلحافًا والتي تدور في أذهان السودانيين الذين تلاحقت عليهم الأرزاء، وتكالبت عليهم المصائب والمحن جراء هذه الحرب المصنوعة القادمة من وراء الحدود، ولا يجدون لها جوابًا، هي: لماذا كل ذلك؟ .. ولا جواب.
ما هي الجناية التي اقترفتها أيديهم في حق أولئك الذين يصدرون لهم الموت والدمار والخراب؟
هل من المعقول أن يكون كل ذلك من أجل التسلية؟
هل من المعقول أن يكون كل ذلك من أجل (لا شيء)؟!
ولا جواب..
ولربما الفاعل نفسه لا يعرف الجواب.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.
aj-logoaj-logoaj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outline