ساهمت ملامحها البريئة والهالة النورانية التي تملأ جنبات وجهها وصفاتها النبيلة في أن تكون للعذراء مريم مكانة كبيرة في قلوب الملايين حول العالم، حتى أن صورها وأيقوناتها انتشرت منذ مئات السنين بشكل كبير، وأبدع آلاف الرسامين من بلدان مختلفة في رسمها ونحت تماثيل تظهر ملامحها كل حسب بيئته وثقافته.
وظهرت العذراء مريم بملامح آسيوية وأفريقية وأوروبية، حيث حرص الرسامون على أن تظهر مرتدية الأزياء الشعبية من كافة بلاد العالم وتصويرها بأشكال مختلفة يغلب عليها الطابع المحلي الأقرب إلى قلوب شعوب هذه البلدان، لتظهر وكأنها واحدة من بلدتهم، قريبة منهم في ملابسها وملامحها مع الأخذ في الاعتبار قدسيتها ومكانتها الكبيرة في قلوبهم.


في الشرق ظهرت العذراء مريم التي عاشت في الناصرة بملابس محتشمة للغاية تغطي شعرها وجسدها بالكامل، وذلك في عشرات اللوحات والأيقونات التي تظهر وقارها وجمالها البارع، وتنوعت هذه اللوحات ما بين ظهورها بمفردها مثل لوحة الصعود وغيرها، وبين ظهورها حاملة ابنها السيد المسيح وهو طفل صغير، وغلب على هذه اللوحات الإحساس بأنها تشبه ملكة متوجة ترتدي ملابس يغلب عليها اللونين الأزرق والأحمر وهي ألوان زاهية للغاية بالاضافة الى زخرفة هذه الملابس ببعض الزخارف، وكأنها ترتدي حلة الملكات.

في العديد من المدن الأفريقية رسم الفنانون مريم العذراء ببشرة سوداء، حيث قدمها الرسامون بالزى الأفريقي والشعر المجعد وبالطبع البشرة السوداء مثل النساء الأفارقة، إلا أن الأمر لم يقتصر على الرسوم التي تصورها الرسامون الأفارقة فقط فقد ظهرت مريم العذراء ببشرة سوداء في قلب أوروبا حيث تسود البشرة البيضاء والشعر الأشقر.

ويعود بداية ظهور لوحات العذراء مريم بالبشرة السمراء إلى القرن الرابع عشر، حيث توجد أيقونة لها في مدينة جنوب بولندا تدعى شيستوشوفا ، تعرف باسم black Madonna أو (العذراء السوداء)، تمتعت هذه الأيقونة بشعبية واسعة عبر العصور، حتى أصبحت أحد أهم المعالم السياحية في بولندا يتوافد إليها ما يقرب من 150 ألف شخص سنوياً، كما تم رسم العذراء ببشرة سوداء في العديد من القطع الفنية في أوروبا الغربية وأمريكا اللاتينية، لعل أشهر الأمثلة لهذا النوع من اللوحات هو عذراء جوادالوبي بالمكسيك وعذراء مونسيرات بإقليم كتالونيا بإسبانيا وعذراء ويلسدن بلندن، وترجع ظاهرة بلاك مادونا أو مريم السوداء إلى القرون الوسطى حيث ظهرت بشكل كبير على التماثيل الحجرية الخشبية.

في فيتنام صوَّر المحليون العذراء التي رأوها خير معين وقت الهروب والاضطهاد كسيدة فيتنامية مرتدية الرداء الشعبي (آو داي) وهو يأخذ شكل فستان طويل مفتوح من الجانبين وهو زي لا يزال يتمتع بشعبية كبيرة بين نساء فيتنام.

أما في الصين فقد صورت عذراء دونجلو- والتي حسب اعتقادهم أنقذتهم من الغزو في مطلع القرن العشرين ببشرة شاحبة ووجه مستدير وعيون صغيره مُرتدية الزي الشعبي الصيني.
وفي رواندا أظهروا عذراء كيبيهو (سيدة الأحزان) كامرأة أفريقية ذات بشرة سوداء ورأس بيضاوي وملامح أفريقية مميزة، ولم تكن هذه اللوحات الشعبية ذات قيمة روحانية فقط بل باتت رموز الهوية القومية لمختلف الثقافات.

في مصر، توجد واحدة من أجمل الأيقونات المحفوظة بالكنيسة المعلقة،  تعرف باسم "الموناليزا القبطية"، ولم يتم رسم أي لوحة بطريقة مشابهة لها في مصر، وحملت هذا الاسم لأن من ينظر إلى اللوحة من أي اتجاه يشعر وكأن السيدة العذراء تنظر إليه، وقام بعمل هذه الأيقونة فنان أرمني، وتصور هذه الأيقونة السيدة مريم العذراء وهي جالسة، ويعلوها اثنان من الملائكة، والسيد المسيح يجلس على ساقها اليسرى، بينما يجلس القديس يوحنا المعمدان على الجانب الأيمن منها يقبل قدم السيد المسيح.
عمر لوحة الموناليزا القبطية إلى القرن الثامن الميلادي، أما لوحة الموناليزا للفنان الإيطالي ليوناردو دافنشي فترجع إلى القرن السادس عشر الميلادي، من المرجح أن دافنشي قد استلهم فكرة لوحته من الموناليزا المصرية.

وفي فلسطين توجد العديد من صور العذراء الرسمية المحفوظة في قبرها، في الجسمانية القدس، منها أيقونة رسمت بشكل عجائبي عام 1870، حيث كانت الراهبة تتياني رسامة الأيقونات تتنسك في دير القديسة مريم المجدلية الروسي والموجود مقابلة مع سفح جبل الزيتون، هذه شاهدت في إحدى الليالي رؤيا للسيدة العذراء قالت لها خلالها: (أيتها الأخت، أنا قد أتيت من أجل أن ترسميني) رأت بأن راهبة غريبة زارتها في قلايتها (غرفتها) قائلة لها فأجابتها الراهبة تتياني: (سامحيني أيتها الأخت فأنا أرسم الأيقونات ولا أرسم أشخاصًا)، فقالت لها الزائرة: (طالما هكذا ارسمي أيقونتي) فاندهشت تتياني من شجاعة الزائرة مجيبة إياها: "ليس عندي خشب كي أرسمك" ، فأعطتها الزائرة خشبة الرسم قائلة لها: "ارسمي" لكن الراهبة تتياني شاهدت ملابس الزائرة تصبح ذهبية وأصبح وجهها يضيء كثيراً، وسمعتها تقول لها: "آه يا تتياني المغبوطة، أنت سترسمي أيقونتي مرة أخرى بعد القديس الرسول والبشير لوقا" فشعرت تتياني بأنها قد رسمت أيقونة العذراء! فاضطربت واستيقظت وأسرعت  إلى رئيسة الدير وقصت عليها الرؤيا، لكن الرئيسة لم تصدقها في بادئ الأمر،  ولكن لما عادت من عند الرئيسة رأت بأنه كان يخرج من القلاية نور ورائحة زكية، ولما دخلت القلاية شاهدت الأعجوبة المذهلة بأن أيقونة العذراء المقدسة والتي شاهدتها في الرؤيا كانت حقيقة موجودة بالفعل.

364800840_1220249035309560_3096552406605930057_n 364813773_1032168241128234_2766734501353297559_n 365130742_313576327853151_1741787689470526266_n 365278354_1027213468457325_2864377175464344648_n 365431038_178783998551112_2372523822450310874_n 365483294_195463680195968_4015604385059487847_n 366356850_1097547234538869_7817287673727299563_n

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: العذراء مريم ريشة العالم البشرة السمراء العذراء مریم

إقرأ أيضاً:

لوحات جدارية في حماة تمحو آثار النظام البائد وتجسد فرحة التحرير

حماة-سانا

لوحات جدارية عدة رسمها شبان وشابات من فريق حكاية شغف على جدار الثانوية الصناعية الثانية في مدينة حماة تمحو آثار النظام البائد وتؤسس لمرحلة جديدة عنوانها الأمل والتفاؤل بغد أفضل.

وقال مؤسس وقائد فريق حكاية شغف، براء الشبيب، في تصريح لمراسل سانا: “إن الفريق كان يفتقر منذ بداية تأسيسه قبل سبع سنوات نكهة الحرية للإبداع، لذا وبعد تحرير سورية وزوال النظام البائد كان لابد لفريقنا أن يضيف أثراً جديداً يمحو أثر النظام البائد. فانطلق الفريق بالتعاون مع تيار سورية الجديدة بمبادرة أثر التي تهدف إلى تجميل شوارع مدينة حماة وتزيينها برسومات جدارية تعكس روح الحياة والأمل”.

ولفت الشبيب إلى أن اللوحات الجدارية تعطي طابعاً جمالياً وفنياً لأن الفريق يؤمن بأن هذه الأعمال الفنية ليست مجرد تزيين بل هي علامة على بداية مرحلة جديدة، مشيراً إلى أن الفريق يمنح مساحة آمنة لتمكين وتطوير مواهب الشباب، فهو يضم عناصر تتقن الفن بكل أشكاله من رسم وتمثيل وكتابة، إضافة إلى وجود قسم خاص بالتطوع الخيري.

بدوره عبر الرسام المشارك في اللوحات، يزن المصري، عن سعادته بالمشاركة في رسم اللوحات الجدارية لقناعته المطلقة بأن بناء سورية يعتمد على أبنائها كلهم، ولكل منا دور يقدمه ورسالة يعمل لأجلها، وأنا بدوري أدركت أن الفن وسيلة للتغيير الذي طالما حلمنا به.

يُذكر أن فريق حكاية شغف تأسس عام 2018 ويضم حالياً أكثر من 100 شاب وشابة.

مقالات مشابهة

  • العالم عبارة عن مزيج من الثقافات الإنسانية
  • بفستان بسيط.. مريم الخشت تخطف الأنظار في أحدث ظهور لها
  • حرائق وعواصف تضرب ولايات أمريكية وتعرض الملايين للخطر
  • بينهم بلدان عربية.. ترامب يدرس حظر 43 دولة من السفر لامريكا
  • بالصور| الملايين يحتفلون بمهرجان "هولي" للألوان
  • نخب صداقة العمر..4 صديقات يُعدن إحياء صورة لهنّ بعد 35 عامًا
  • برج العذراء| حظك اليوم الجمعة 14 مارس 2025.. تحديات صعبة
  • الهلال يصدر قميص جديد لكأس العالم للأندية .. صورة
  • لوحات جدارية في حماة تمحو آثار النظام البائد وتجسد فرحة التحرير
  • المرور تعلن انطلاق خدمة لوحتك لبيتك لتسجيل المركبات