#الانتخابات بالصور
د. #حفظي_اشتية
حلمت ذات سهوة بعد أرق مقضّ وقلق ممضّ أنه بعد حراك سياسي توعوي امتد لسنوات، هدف إلى إقناع الناس بضرورة الانغماس في الشأن السياسي، والانخراط في أحزاب لها برامج واعية هادفة رشيدة صادقة، للنهوض بالوطن وإعلاء شأنه، وتحصين أمنه، وتحسين مستقبله، وتخليصه من دَينه، والارتقاء به اقتصادا وتعليما وصحة، وحربا شرسة ضروسا للفساد، وإصلاحا إداريا شاملا فاعلا….
وأخيرا….. وفي ليلة غاب قمرها….. استيقظنا صباحا فإذا آلاف #صور_المرشحين للانتخابات النيابية تشوّه البيئة، وتحتل الأعمدة، وتستبيح الشوارع والميادين، تُعشي البصر، وتُعمي البصيرة، وتستفز المشاعر، وتحجب الأنظار، وتستثير في أذهاننا الكليلة المكدودة آلاف الأسئلة التي تحيّرنا، وتقضّ مضاجعنا، وتقلق راحتنا، وتهدّ حيلنا حيال ما يجري حولنا في منطقة دامية تمور بالأحزان والاضطراب والتوتر والترقب والخذلان…. يتلاعب بها أعداء ما رحمونا يوما ولن يرحموا، ولا يرون فينا إلا عقبة كأداء يجب تطويعها، أو تذويبها وإزالتها تماما لتحقيق مآربهم الدينية الخرافية، أو السياسية الماكرة، أو مصالحهم العابثة الأنانية الماجنة الفاجرة….
مقالات ذات صلة الحسابات الحساسة بين عمان وطهران 2024/08/12جاءت الصور لتجيب عن كل هذه الأسئلة!!!!!!! فإن أردت أيها المواطن المقهور بهمّ وطنه، المغلوب على أمره، المفجوع بمصير أمته، إن أردت الجواب الشافي الكافي الجامع المانع عن كل سؤال يدور في ذهنك العليل، أو أردت الحل الباتع الناجع لأيّة مشكلة، فما عليك إلا أن تنظر في صور المرشحين لتجد الجواب أو الحل!!!
الصورة أمامك، انظر، تمعّن، فكّر، تبصّر، تدبّر، شغّل عقلك، ثم اخترْ.
الجواب معروض أمامك عيانا في الصورة، ولك عينان تنظران، وعقل يعي!!!
قد تجد الجواب في لون عينيْ المرشح، أو شكل حاجبيه، أو طول أنفه أو فلطحته، في رسمة شاربيه، في نوع صبغة شعره، في صلعته، في تدويرة أو استطالة لحيته، في أسنانه الطبيعية أو الهوليودية، في سر نظرته، في شكل شحمة أذنه، في سحر ابتسامته، في ربطة عنقه، في ياقة قميصه، في ماركة بدلته، في ساعة معصمه….!!
الجواب موجود، شغّل عقلك…. من خلال الصورة ستعرف مواقف المرشح من متاعب الوطن ومصائبه وجروحه النازفة، من رزايا الأمة، ومكائد الإعداء…. ستعرف كم كتابا قرأ ؟ وما منهجه الفكري ؟ وكيف طاف بكل تجارب الأمم ماضيها وحاضرها ليستقطر الرحيق ويعالج مرضنا العضال ؟
ستعرف خططه الإبداعية لحل مشكلاتنا الاقتصادية، وتطوير مؤسساتنا، وتسديد ديوننا، وتسييج وطننا بالقوة العلمية والعسكرية، وخلق فرص العمل للعاطلين، ورفع سوية الصحة والتعليم، وربط الوطن بتاريخه ودينه وأمته برباطٍ وثيق محكم متين، والذود عن حياضه أمام الطامحين المشعوذين.
ستعرف إن كان المرشح خبيرا بأنواع الملوخية، أو تعليمات المقاولات، أو ألوان العصير…..
ستعرف إذا اتكأ المرشح على عيال العم، وأتراب المضارب، وأمجاد القبيلة إن كان سيحفظ الجميل لأهله، ويصون إرث قبيلته، أم أنه سيحل كل مشاكلنا بهزّة يده بالسيف هزّة الثمل بالفخر، ليقيم لنا إمبراطورية عرمرمية يتزعمها هو نفسه، نَسَمُها الجمعي الكلي الإجمالي أقل من مائة ألف!!
ستعرف كيف تشكلت بعض القوائم على المناسف في سهرة صيف، لتطل علينا صور المجموعة العتيدة صباحا في المواقع الإخبارية، تجمع الشاميّ والمغربيّ ثم تفتح المندل لتفهم: ما الذي جمعهم؟! وما الفكر الذي لمّهم؟! وما المنهج الذي ضمهم؟!!!
ستعرف إن كان المرشح خبيرا في التاريخ والجغرافيا والسِّيَر، يعرف أشجار الأردن، ومَن الصحابة الذين استظلوها في رحلاتهم وفتوحاتهم، ليستنهض في خلق الله الشعور الديني الطيب، يركب موجته ليصل إلى مراده، ثم يدخل المجلس فاتحا منتشيا يلتقط الصور التذكارية، ثم يغادر غادرا بعهده، ناكرا لأمانته، يبحث عن مطامحه الذاتية في أسواق النفاق، ليغرق في مهاوي المصالح الشخصية الأنانية.
لقد طغى بنا الهمّ، وادلهمّ!!! فمن نخاطب؟ ونشكو قلة حيلتنا وهواننا لمن؟!
لم يبقَ أمامنا إلا أن نخاطب عامّة شعبنا نرجوهم ألا ينخدعوا بالدعاية المزيفة، والأقوال المنمقة، والوعود العرقوبية الخلّبية السرابية، وألا يبيعوا وطنهم من خلال بيع أصواتهم لمن لا يستحق، وأن يصونوا وحدتهم الوطنية، وألا يكونوا صرعى الخجل أو الرهبة أو الرغبة، بل عليهم أن يُشهروا موقفهم الصريح الصارخ بأنهم حماة وطنهم. ولأنهم كذلك فلن يسلموه إلا لمن يؤتمن عليه. ونذكّرهم بأننا في عين العاصفة، وأن الأعداء يتربصون بنا، قد فتكوا وما زالوا يفتكون بأهلنا، وعينهم علينا، ويعدّون العدة لنا، وبأننا ورثة مجد تليد، بلدنا فريد بين الأوطان، صغير بحجمه، عظيم بأثره وتاريخه وتضحياته…..
دافع بشرف عن أمته، وخلّد أبطالُه أسماءَهم في تاريخ الشرف، في ثرى فلسطين السليبة عامة، وبخاصة في القدس بأسوارها وأزقتها ووديانها ومآذن مساجدها ونواقيس كنائسها….. وما زال حناء دمائهم الطاهرة يفوح عطرا وشهادة وتضحية وشجاعة هناك، وفي تلال الكرامة، وفي الجولان وفوق الثرى الطهور في كل مكان.
وأن هذا الوطن ذات يوم ــ وقد لا يكون بعيدا ــ سيعود واسطة العقد، ومفجّر ميلاد الأمة المجيد الجديد، ومنارة تهدي السالكين نحو التحرير وتخليص البلاد والعباد من كيد الشرذمة المعتدين، ومكر المستعمرين الطامعين.
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: حفظي اشتية صور المرشحين
إقرأ أيضاً:
تهديد ترامب للديمقراطية الليبرالية في الولايات المتحدة
هل ستبقى ديمقراطية الولايات المتحدة بعد انقضاء رئاسة ترامب؟ هذا ليس سؤالا نظريا، من الواضح أن ترامب يتبع نهجًا معروفًا لتحويل الديمقراطية الليبرالية إلى ديمقراطية «غير ليبرالية»، وهذه الأخيرة اسم للديكتاتورية.
في كتابه «روح الديمقراطية» يرى لاري دياموند الأستاذ بجامعة ستانفورد أن الديمقراطية الليبرالية تتكون من الانتخابات الحرة والنزيهة وحماية الحقوق المدنية والإنسانية لكل المواطنين دون فرز وحكم القانون الذي يُلزم كل المواطنين بالقدر نفسها. هذه إذن هي «قواعد اللعبة»، لكن فعالية هذه القواعد تعتمد على القيود المفروضة على أولئك الذين يسيطرون على الدولة مؤقتا. أهم هذه القيود القضاء والأحزاب السياسية والأجهزة البيروقراطية للدولة ووسائل الإعلام. هل ستصمد هذه القيود أولا أثناء رئاسة ترامب ثم لاحقا في الأجل الطويل؟
في حوار دار مؤخرا بمجلة «نيو ريبَبلك» أشار ستيفن ليفيتسكي ودانيال زيبلات الأستاذان بجامعة هارفارد ومؤلفا كتاب «كيف تموت الأنظمة الديمقراطية» إلى أن العملية الكلاسيكية المتمثلة في «التنازل الجماعي» أو «الانتحار المؤسسي» أمام الاستيلاء الاستبدادي على السلطة قطعت شوطا بعيدا. لقد استولى ترامب على الحزب الجمهوري، وأقنعت سيطرتُه على قاعدة الجمهوريين الانتخابية الحزبَ بقبول «الكذبة الكبيرة» عن فوزه بالانتخابات الرئاسية في عام 2020.
إلى ذلك، قررت المحكمة العليا أن الرئيس محصَّن من الملاحقة الجنائية عن أفعاله الرسمية، وهذا مبدأ يصر الفقيه القانوني البريطاني اللورد جوناثان سومشون على أنه يضع الرئيس فوق القانون وبالتالي يجعله عمليًا أشبه بالملك منه إلى المواطن. ونحن نشهد على الأقل أفرادًا أقوياء من أمثال مارك زوكربيرج وهم يركعون أمام حاكمهم الجديد.
ممَّ يخاف هؤلاء؟ إنهم يخشون من استخدام الرئيس جهاز الدولة ضدهم، وهذا ما ينوي عمله هو والناس الذين يحيطون به. فترشيحاته (لمن سيشغلون مناصب إدارته) تشير بقوة إلى ذلك. وأيضا خططُ إحلال البيروقراطيين (كبار موظفي الدولة) بأناس موالين لترامب والتي وُضِعت خطوطها العريضة في «مشروع 2025» لمؤسسة هيرتدج فاونديشن. مثل هذا الولاء سيكون سلاحًا قويًا للأوتوقراطية (الاستبداد)، فهو سيجعل الجهاز البيروقراطي للدولة مطيعًا للرئيس بدلا عن القوانين التي يلزمه تطبيقها.
تيموثي سنايدر، الأستاذ بجامعة ييل والخبير في الأنظمة الشمولية الأوروبية في القرن العشرين يصف الأسماء التي رشحها ترامب لتولي وزارات الصحة والعدل والدفاع وأيضًا أجهزة الاستخبارات بضربة «قطع الرأس» جزئيًا لأن عدم كفاءتهم وسوء طويَّتهم سيلحقان أذى جسيمًا بأداء الدولة. وأيضا سيتسبب التهديد بتسييس الحكومة الفيدرالية بما في ذلك القانون «ضد الأعداء في الداخل» بضرر بالغ للديمقراطية. (يقصد سنايدر بضربة قطع الرأس أن ترامب يهدف بترشيحاته إلى إضعاف وشل هذه المؤسسات الحكومية وجعلها بلا فعالية من خلال إحلال قادتها أو رؤوسها بقادة غير مؤهلين ومعارضين لرسالتها - المترجم).
كل هذه، يضيف ليفيتسكي وزميله زيبلات، تصرفات كلاسيكية لمن سيتحولون إلى مستبدين. ويمكن تصنيفها تحت عنوانين عريضين هما «السيطرة على الحكام وتهميش اللاعبين».
تحت عنوان السيطرة على الحكام تندرج التغييراتُ في الجهاز القضائي على كل المستويات، أما التصرفات المتعلقة بتهميش اللاعبين فتشمل مختلف أنواع الهجمات ضد المنظمات الإعلامية المستقلة والصحفيين والمؤسسات الأكاديمية والناشرين.
إلى جانب ذلك ينبغي تذكر المشروع المركزي الذي يستهدف إبعاد المهاجرين غير الشرعيين. ويبدو أنه في الغالب يوحِّد عناصر عديدة للمقاربة الجديدة التي يعتمدها ترامب في إطار شامل. فترحيل ملايين عديدة من البشر سيتطلب عملية عسكرية ضخمة وتدخلات واسعة النطاق في الاختصاصات الولائية والمحلية وإقامة مراكز احتجاز كبيرة وقمع الاحتجاجات وليس أقله إيجاد بلدان يُلقَى فيها بالمهاجرين المرحَّلين..
هل يمكن أن يحدث كل هذا حقا؟ ربما. لكن اقتران مثل هذه الزعزعة بما يمكن أن يكون في الغالب اضطرابًا اقتصاديًا كبيرًا قد يحوِّل الرأي العام بقوة ضد ترامب الذي فاز بهامش في الأصوات يساوي فقط 1.5% ولم يحظ أبدا بشعبية واسعة. (حصل ترامب في الانتخابات الأخيرة على 49.8% من الأصوات الشعبية وهاريس على 48.3%- المترجم).
لدى ترامب أنصار متعصبون، لكن لديه أيضا خصوما متعصبين. إلى ذلك، إذا ظل الدستور قائما سيقضي ترامب في الحكم فترة رئاسية واحدة (4 سنوات)، في الإجمال، من المرجَّح أن تضعف قبضته على الرأي العام وعلى الحزب بداية من الآن.
قدرات ترامب كمهرِّج شعبوي استثنائية، وغالبا ما سيجد الحزب الجمهوري استحالة في اكتشاف بديل كاريزمي بقدرٍ كافٍ لترامب في الانتخابات الرئاسية عام 2028. كما يكشف تحالفه أيضا عن دلائل على تداعيه. فالوطنيون المسيحيون والقوميون المتشددون ليسوا رفاقَ دربٍ طبيعيين «لبلوتوقراط» التقنية الأقوياء من أمثال ايلون ماسك. وإذا نجحوا في تقويض الانتخابات الوطنية الأمريكية قد تكون تلك «نهاية اللعبة»، وحينها ستكون العواقب وخيمة على العالم. فمن دون الوجود النشط للولايات المتحدة التي تحتكم إلى الديمقراطية ستتعرض عافية الديمقراطية الليبرالية في العالم إلى خطر عظيم.
في عام 1787 عندما سأل مواطنون أمريكيون بنيامين فرانكلين عن نوع الحكم الذي تبنّاه المؤتمر الدستوري قال لهم «الولايات المتحدة لديها جمهورية، إذا أمكنكم الحفاظ عليها»، ربما سنعرف قريبًا إذا كان ذلك ممكنا.