سودانايل:
2024-12-16@07:55:01 GMT

الإسلاميون بعد سقوط مايو إلي أين؟ ” 2 -3″

تاريخ النشر: 12th, August 2024 GMT

زين العابدين صالح عبد الرحمن

في المقال السابق: ذكرت أن الإسلاميين بعد ما أسسوا البنوك الإسلامية التي استوعبت العديد من عضويتهم، و ساعدت و دعمت قطاع عريض من رجال الأعمال التابعين للتنظيم، و حتى الذين ليس لديهم عداء مع التنظيم: الأمر الذي ساعد على توسيع قاعدتهم الاجتماعية، و أصبح هناك دائرة تنظيمية للعمل النقابي، و التي كانت تشرف على إداراة الصراع داخل نقابات العمال، و أيضا على النقابات المهنية المختلفة، و اتحادات الجندر، حصل الخلاف بينهم و بين نميري في أواخر عام 1988م حيث تم إعتقال أغلبية القيادات التي كانت مشاركة في وظائف دستورية، و قيادات سياسية.

. كانت القوى السياسية في ذالك الوقت مشغولة بتقديم مذكرتها لرئيس القضاء، و كانت تتواصل أجتماعاتها مع التجمع النقابي، كانت قيادات الأحزاب تعتقد أن الإسلاميين في السجون، و سوف يضعف دورهم السياسي، هذه تعتبر غفلة سياسية، لأنهم كانوا لم يقرأوا التجارب قراءة صحيحة، و لم يكن لديهم معرفة بالتطور الذي حدث للحركة الإسلامية بعد المصالحة، أن الحركة الإسلامية ليست هي المجموعة التي تشكل المكتب السياسي و مجلس الشورى فقط، و لكنها كانت حركة واسعة في جوانب العمل السياسي و النقابي و منتشر في كل مكان، استطاعت أن تدير معركتها بجدارة في 1985م..
كانت نظرة القوى السياسية قاصرة عندما جاءت الانتخابات، اعتقدوا أن سقوط الترابي في دائرة انتخابية باعتباره رمزا للحركة الإسلامية يعني سقوط الحركة، لذلك اجتمعت كل القوى السياسية أن تعطي أصواتها لحسن شبو مرشح الحزب الاتحادي الديمقراطي في مواجهة الترابي في دائرة الصحافة، و بالفعل سقط الترابي في دائرة الصحافة، لكن كانت المفاجأة عندما بدأ فرز الأصوات كان الفارق ليس كبيرا، في تحدى مجموعة من الأحزاب ضد حزب واحد.. أن سقوط الترابي فكرة تؤكد الصراع الأيديولوجية، لأنها قراءة من تجربة سابقة. عندما كان الحزب الشيوعي يرشح عبد الخالق محجوب في دائرة بيت المال ضد الزعيم الأزهري، اعتقادا أن انتصار عبد الخالق محجوب ضد الأزهري يعني انتعاش الحزب الشيوعي و إضمحلال الوطني الاتحادي.. و الغريب أن عبد الخالق فاز بالدائرة بعد ما تركها الأزهرى لأحمد زين العابدين بفارق قليل من الأصوات.. المفاجاة كانت فوز الحركة الإسلامية بجميع مقاعد الخريجين، إضافة إلي ثمانية و عشرين دائرة جغرافية.. هذه الفوز يعد تطورا كبيرا في الساحة السياسية، و قفزة كبيرة للحركة الإسلامية.. و السؤال: هل القوى السياسية استطاعت أن تخضعها إلي دراسة علمية، أم جعلتها تمر كما مرت تجربتها بعد المصالحة الوطنية؟.. هنا يصبح الفارق أن الذي يتابع حركة التطور السياسي في المجتمع و الذي لا تعنيه شيئا غير أنه يعتقد السياسة فقط شعارات..ز
كان الفارق كبير بين الحركة الإسلامية التي كانت في المعارضة زمن الديمقراطية الثالثة و إتلاف الحكم بين " الأمة القومي – الاتحادي" لكنها كانت تشكل لهم أرقا متواصلا، و كانت لها صحف مقروءة "الراية" التي لسان الجبهة الإسلامية و "الوان " المملوكة لحسين خوجلي أحد رموز الإسلاميين، و الغريب في الأمر كانت صحفهم أول من تنفد من أكشاك البيع قبل الصحف الأخرى جميعها بما فيها صحيفة " صوت الأمة " التي تمثل لسان الحكومة.. مما يؤكد أن هناك فارقا كبيرا في إدارة الآلة الإعلامية و الصحفية، إلي جانب منابر المساجد.. الفارق بين الثلاثة أحزاب الكبيرة في البرلمان، أن الجبهة الإسلامية كانت تصرف بسخاء على آلياتها السياسية إذا كانت في الحركة المجتمعية أو في الإعلام، و تستقطب أفضل العناصر في إدارتها. عكس الحزبين الآخرين " الأمة القومي – الاتحادي" كانت أياديهم مغلولة و لا يصرفون ألأموال على نشاطات الحزب و لا يهتمون بنشاطات الشباب و الطلاب، رغم الحزبين كانوا يتلقون دعم من أصدقائهم خارج البلاد، الأمر الذي لا يخلق أي نوع من المعادلة، لأن حوار التيارات الفكرية و تنافسها هو الذي يساعد على ترسيخ الديمقراطية في المجتمع، و يراقب العمل التنفيذي في البلاد و يساعد على كبح الفساد و استقلال الوظائف للمنافع الشخصية و الحزبية.. هناك قيادات أحزاب تتلقى دعم خارجي و لا يذهب للحزب، و يدخل حسابات خاصة ماذا يسمى ذلك فساد – عمالة- أم أكراميات هنا يصبح الفارق كبيرا..
كانت الحركة الإسلامية بحكم متابعة كادرها للنشاط ات الحزبية بصورة عامة، و خاصة المنافسين لها، كانت تخضعها للدراسة، و عندما كانت تخرج الجبهة الإسلامية في التظاهرات التي سمتها " ثورة المصاحف" كانت مدركة أن القوى التي تسبب لها إزعاج هي الجيش، لذلك كانت مسيراتها تخرج دعما للجيش و تتبرع له بالذهب، بهدف إبعاده من الدخول حلبة السياسة، و ليست مذكرة الجيش هي التي جعلتها تسرع بالانقلاب، و لكن الذي كان يشكل لها حرجا و تهديدا لقوتها هي اتفاقية الميرغني قرن 1988م.. أن الاتفاقية كانت سوف تضيف رصيدا يخل بالتراتبية التي جاءت بها انتخابات 1986م، و حتى إذا قبل قرن بكل شروط الحزبين " الاتحادي و الامة " كان سوف يكون خصما على الجبهة الإسلامية، لآن الحركة الشعبية سوف تحصل على أغلبية مقاعد الولايات الجنوبية الثلاثة. و أيضا سوف تنافس في الوسط،.. و لآن الجبهة الإسلامية قارئة للساحة السياسية قراءة جيدة، تعرف التغيير الذي سوف يحدث في توازن القوى، إذا جاءت الحركة الشعبية مشاركة في العملية السياسية.. لذلك كانت أتفاقية الميرغني - قرنق تؤرق مضاجع الجبهة الإسلامية، و هي التي جعلتها تسرع بالعملية الانقلابية.. أما قول الجبهة الإسلامية؛ أن هناك عددا من الانقلابات كانت تدبر بهدف التغيير، كلها تبريرات تحاول بها تبرير فعلتها.. لكن القوى السياسية لا تتابع و لا ترصد مجريات الأحداث و تحليلها، و التنبؤ قبل وقوع الأحداث، أو كيف تفكر القيادات السياسية.. و كان الواجب على الحزب الاتحادي أن يتنبأ بالتغييرات التي سوف تحدثها الاتفاقية، و ردة فعل القوى السياسية تجاهها، و كيف يستطيع أن يجعلها محور العملية السياسية، و كان يطالب أن يقيم تنوير لقيادات الجيش كان منع أي تحرك لانقلاب، لكن من الذي يفكر...!؟ نواصل... نسأل الله حسن البصيرة..

zainsalih@hotmail.com  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: الحرکة الإسلامیة الجبهة الإسلامیة القوى السیاسیة فی دائرة

إقرأ أيضاً:

داخلياً وخارجياً.. تعرّف على مظاهر الفوضى السياسية التي يشهدها الاحتلال

في الوقت الذي يواصل فيه جيش الاحتلال الإسرائيلي تورّطه في حرب لا تتوقف على غزة؛ هناك ورطة أخرى يتواصل الاعتراف الاسرائيلي بها، وتتمثّل في الهزيمة الكاسحة بمعركة الوعي، في ظل وجود حكومة يمينية قد فشلت في كل قراراتها بشكل عام.

وبحسب مقال نشره موقع "زمن إسرائيل"، وترجمته "عربي21"، فإنه: "فيما يتعلق بهجوم السابع من أكتوبر وما تلاه من حرب غزة بشكل خاص، لاسيما عقب فشلها في تحقيق وعدها بتوفير الأمن للإسرائيليين؛ في خضمّ استمرار الحرب الجارية دون نهاية، وما يعنيه ذلك من مواصلة الخسائر في صفوف الجنود والمستوطنين في غزة والضفة معاً".

ونقل المقال عن أستاذ العلوم السياسية والمدير السابق لموقع صوت إسرائيل، مايكل ميرو، تأكيده: "أننا أمام فشل ذريع في معركة الوعي التي بدأت صباح السابع من أكتوبر في هجوم حماس الذي دفع ثمنه عدد كبير من رجال المخابرات والجيش".

وأوضح ميرو: "مع أن هذا الهجوم كان يمكن تجنبه لو كانت العيون والعقل مفتوحين، ما أسفر في النهاية عن انعدام الأمن، وتدهور أداء الجيش الذي بدأ حربه بضربة يصعب استيعابها، إثر الثّمن الباهظ الذي لا يطاق للقتلى والجرحى والمخطوفين".

وأضاف أنه: "بعد مرور أكثر من أربعة عشر شهرا، يبدو أن الكارثة أصبحت في طي النسيان، وبات كثير من الإسرائيليين يزعمون أن ما تلا السابع من أكتوبر شكّل تحولا في قدرة الحكومة وزعيمها على قلب المعادلة، وأن الاحتلال الآن في وضع أفضل بكثير مما كان عليه من قبل".


"مع أن هناك عدد مماثل منهم يقفون قبالتهم، ويبعثون عبر استطلاعات الرأي برسائل مختلفة، صحيح أن الجيش والأمن ربما نجحا بتغيير المعادلة، لكن الحكومة التي تدير الدولة ما زالت فاشلة" استطرد ميرو، بحسب المقال نفسه.

وأبرز أن: "الجيش الذي فقد المئات من جنوده في معارك غزة، قد يكون استعاد صورته النمطية في عيون غالبية الإسرائيليين، بعكس السياسيين الذين فشلوا، ويتكشف فشلهم من نقطة البداية حتى اليوم، الأمر الذي يفسر شعور الائتلاف اليميني بحالة جنون وخوف من الانهيار الوشيك".

وأردف: "يمكن أن نفهم لماذا يشعر رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، الذي لديه حكومة وائتلاف مستقر، بالقلق، والقلق الشديد أيضاً، في ضوء ما تظهره استطلاعات الرأي من زيادة قوة معارضي الحكومة التي تتمسّك بالمسار الذي اتبعته قبل السابع من أكتوبر".

وأشار إلى أن: "الحكومة التي يخوض جيشها معركة وجودية تواصل الانشغال بسنّ القوانين الانقلابية، وتخصخص الإذاعة العامة، وتنفذ حملة ضد المستشار القانوني والمحكمة العليا، لإضعافها، وتثبيت نفسها في الميدان خلال حرب الصراع على السلطة".

واسترسل: "فيما تسعى الحكومة لتعزيز سيطرتها على السلطة التشريعية بيد حازمة، واستهداف النظام القانوني باستمرار، ما يجعل الإسرائيليين المؤيدين للحكومة يعتقدون أن كل مشاكلهم الاقتصادية والاجتماعية والأمنية والسياسية نتيجة النظام القانوني وسببها المستشارة القانونية".

واستدرك بالقول إنّ: "الحراكات الاحتجاجية في دولة الاحتلال التي تملك أموالاً لا بأس بها، لكنها غير قادرة على تغيير المعادلة، سواء في التصدّي للانقلاب القانوني، أو حتى في قضية المختطفين، التي كان من المفترض أن تكون قضية شاملة تتقاطع بين اليمين واليسار".


إلى ذلك بيّن أنه "إذا حاولنا تحليل نتائج حرب الوعي التي يخوضها الاحتلال منذ أربعة عشر شهرا، فيمكن القول إنه تلقى ضربة قاسية، صحيح أنه عاد وردّ عليها بضربات قاسية على سبع جبهات؛ لكن طريقة فتح تلك الجبهات جاء بسبب سلوك غير صحيح".

وختم بالقول: "لذلك فإن الحرب المستمرة في غزة طيلة هذه الفترة، تأتي خلافاً لكل المنطق الاستراتيجي، الذي لا يخدم المصلحة الأمنية للدولة، بل للحفاظ على التحالف الحكومي، والسيطرة الكاملة على غزة، وقوة اليمين الحاكم".

مقالات مشابهة

  • بـ”804.000″ طنٍ.. “الأمن الغذائي” ترسي الدفعة السادسة من القمح المستورد لعام 2024
  • عبدالسند يمامة: قانون الحياة للأحزاب السياسية هو استمرار الحركة والتجديد في العضوية
  • الطاقة الشمسية في تونس.. الحلم الأخضر الذي تعرقله التحديات السياسية
  • داخلياً وخارجياً.. تعرّف على مظاهر الفوضى السياسية التي يشهدها الاحتلال
  • الرئيس التنفيذي لـ”M42″: الرعاية الصحية في الإمارات تحولت لمعيار عالمي
  • العملية السياسية
  • بلينكن: واشنطن كانت على اتصال مباشر مع المجموعة التي أطاحت بالأسد
  • اجتماع العقبة حول سوريا: ندعم عملية انتقال سلمية بمشاركة كل القوى السياسية
  • قراءة لتأثير سقوط الأسد على القوى السياسية المكوناتية بالعراق: هل سيتم استنساخ تجربة العقرب؟
  • قراءة لتأثير سقوط الأسد على القوى السياسية المكوناتية بالعراق: هل سيتم استنساخ تجربة العقرب؟ - عاجل