في وقتٍ تستمرّ التكهّنات بشأن ردّي "حزب الله" وإيران على جريمة اغتيال رئيس المكتب السياسي في حركة حماس إسماعيل هنية في طهران، والمسؤول العسكري في الحزب فؤاد شكر في الضاحية الجنوبية لبيروت، والتي تمتدّ من التوقيت إلى الشكل والمضمون، وما إذا كانا منفصلين أم لا، عاد الحراك السياسي حول غزة ليتصدّر الاهتمام، بعد دعوة ثلاثية أميركية قطرية مصرية لاستئناف المفاوضات، وإن لم تكن طريقها ميسّرة على ما يبدو.


 
وفي وقتٍ قيل إنّ البيان الثلاثي الذي حدّد الخميس المقبل موعدًا لاستئناف التفاوض، لقي تجاوبًا "مبدئيًا" من قبل الطرفين المتفاوضين، أي حركة حماس وإسرائيل، برز البيان الذي أصدرته الحركة ليل الأحد، وذكّرت فيه بما قدّمته من مرونة وإيجابية على امتداد جولات التفاوض السابقة، لتدعو الوسطاء إلى "تقديم خطة لتنفيذ ما قاموا بعرضه على الحركة ووافقت عليه، وإلزام الاحتلال بذلك، بدلاً من الذهاب إلى مزيد من جولات المفاوضات".
 
وفي وقتٍ رأى البعض في بيان الحركة إجهاضًا لجولة مفاوضات 15 آب، خصوصًا بعد المجزرة الأخيرة في غزة، فيما اعتبر آخرون أنّ جهود الوسطاء ستنجح في تثبيتها، وإقناع حماس بالمشاركة فيها، فإنّ علامات الاستفهام لا تزال مطروحة حول انعكاسات هذا التطور السياسي على ردّي "حزب الله" وإيران، فهل "يجمّدها" الحراك السياسي حتى إشعار آخر، أم أنّ ذلك يمكن أن يسرّع في "الرد"، ربما لرفع الأسقف، بما يسمح باستثمارها في المفاوضات؟
 
الردّ "منفصل"
 
في المبدأ، يقول العارفون إنّ الردّ على جريمتي اغتيال هنية في طهران وشكر في الضاحية، "منفصلان" عن تطورات الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، وفق ما أكّد المعنيّون في أكثر من مناسبة، وبالتالي فإنّهما ليسا "مُدرجَيْن" على طاولة المفاوضات إن عقدت، وإن كانت الأخيرة ستترك تأثيراتها على الميدان، وتحديدًا على "جبهة الإسناد اللبنانية" التي أعلن "حزب الله" أنّ مهمّتها تنتهي عندما يتمّ التوصل إلى وقف لإطلاق النار في قطاع غزة.
 
بمعنى آخر، فحتى لو نجح الحراك السياسي الذي استعاد حيويته بصورة أو أخرى، في التوصل إلى هدنة في غزة، فإنّها لن تسري بحسب ما يقول العارفون على الردّين المنتظرَين، لأنّ ما حصل في طهران وفي الضاحية شكّل "تجاوزًا" من جانب إسرائيل لا لقواعد الاشتباك فحسب، ولكن أيضًا للخطوط الحمراء، وهو ما لا يمكن لمحور المقاومة السكوت عليه أو تمريره، مهما طال الزمن، خصوصًا في ظلّ حرب "الردع" القائمة بين الجانبين على أكثر من خطّ.
 
ولعلّ التصريحات التي صدرت في اليومين الماضيين، سواء عن المسؤولين في إيران، أو عن قيادة "حزب الله" تؤكد أنّ الجانبين مصرّان على الردّ، باعتباره "حتميًا وبديهيًا ولا جدال فيه أو نقاش بشأنه"، ولو أنّ هذه المواقف يضعها كثيرون في سياق الحرب النفسية القائمة أيضًا، والتي كان الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصر الله قد أطلقها في خطابه الأخير، حين قال إنّ التأخير في الردّ هو بحدّ ذاته "جزء من الرد، وجزء من العقاب".
 
هل تتغيّر الخطط؟
 
مع ذلك، ثمّة من يلمّح إلى إمكانية تغيير الخطط الموضوعة من جانب "حزب الله" وإيران، سواء لجهة خفض سقف الرد، أو "تعليقه"، أو تأجيله بالحد الأدنى، خشية أن يؤدي إلى المزيد من التصعيد الإسرائيلي في المفاوضات، خصوصًا إذا ما أتى خارج سياق توقعات تل أبيب، أو قدرتها على الاحتواء، ولا سيما أنّ الحزب الذي فتح الجبهة "إسنادًا" للفلسطينيين في المقام الأول، لن يقبل أن يكون "حجر العثرة" أمام فرصة المفاوضات، بحسب ما يقول هؤلاء.
 
إلا أنّ العارفين الذين لا ينفون وجود ضغوطات واتصالات جرت في الأيام الماضية للضغط باتجاه تعليق الرد، ريثما تنضج صورة الحراك السياسي المستجد وما يمكن أن ينبثق عنه، يلفتون إلى أنّ الإشكالية يجب أن تكون في مكانٍ آخر، فمن يجب أن يتمّ الضغط عليه بالدرجة الأولى هي إسرائيل نفسها، التي لم تتوانَ عن ارتكاب مجزرة وحشية ومروّعة بحق النازحين، أسفرت عن استشهاد أكثر من مئة شخص، بعد ساعات فقط من "تجاوبها" مع الدعوة للمفاوضات.
 
وفي حين يذكّر العارفون بأدبيّات "حزب الله"، أنّه وإيران في موقع "ردّ الفعل" لا "الهجوم" حتى تتركّز الضغوط عليهم، يشدّدون على أنّه بمعزل عن أيّ تغييرات على "خطة العمل"، يبقى الثابت أن الرد "آتٍ" حتى لو انتهت الحرب على غزة، علمًا أنّ الارتباك الإسرائيلي في التعامل مع الموضوع يبدو فاقعًا، وقد ضرب إعلام تل أبيب حتى الآن أكثر من موعد للضربة المُنتظَرة، ولا يتوقف عن التحليلات والتكهنات المرتبطة بها.
 
في الشكل إذاً، لا علاقة بين ردّي "حزب الله" وإيران على جريمتي اغتيال إسماعيل هنية وفؤاد شكر وبين الحراك السياسي حول غزة، سواء نجح أم لم ينجح. أما في المضمون، فإنّ أيّ تغيير في الخطط التكتيكية، إن حصل، سيبقى "غير مُعلَن"، لإبقاء حالة "الارتباك" الإسرائيلي. لكن قبل هذا وذاك، تبقى الإشكالية في مكانٍ آخر، وتحديدًا عند من يغتال من يفاوضه، ثمّ يتجاوب شكليًا مع الدعوة للمفاوضات، ويترجم ذلك بمجزرة دموية!
  المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: الحراک السیاسی حزب الله أکثر من

إقرأ أيضاً:

استطلاع أجرته نيويورك تايمز: ترامب يتقدم على هاريس بنسبة 48% مقابل 47%

استطلاع أجرته نيويورك تايمز: ترامب يتقدم على هاريس بنسبة 48% مقابل 47%

مقالات مشابهة

  • من فقهنا السياسي.. من الخطأ وضع مصطلحات السابقين على نوازل العصر
  • الفضلي: الحراك البيئي في المملكة ينطلق من رؤية وطنية متكاملة
  • عاجل من صنعاء| بيان هام للمكتب السياسي لأنصار الله.. هاكم ما جاء فيه
  • غانتس: تأخرنا في نقل التركيز العسكري من غزة إلى لبنان وإيران!
  • غانتس: "تأخرنا" في نقل التركيز العسكري من غزة إلى لبنان وإيران
  • ندوات المهرجان التجريبي تحدث حالة من الحراك المسرحي
  • تظاهرة في صنعاء ترفع أعلام الحراك التهامي تستنفر الحوثيين
  • استطلاع أجرته نيويورك تايمز: ترامب يتقدم على هاريس بنسبة 48% مقابل 47%
  • بعد قصف حزب الله ..الجيش الإسرائيلي يعلن الرد و يشن ضربات عنيفة في جنوب لبنان
  • نتائج الحراك الرئاسي رهن تطورات المنطقة.. وإسرائيل غير مهتمة بوقف إطلاق النار جنوباً