هل تستطيع الجزائر حقا فرض عقوبات على فرنسا!؟
تاريخ النشر: 12th, August 2024 GMT
بقلم: عبده حقي
قالت وزارة الخارجية الفرنسية، الخميس الفائت ، إنها ملتزمة بالحفاظ على تعاون قوي مع الجزائر في مختلف القطاعات، بما في ذلك الاقتصاد والثقافة والأمن.
ويأتي هذا البيان في ظل تصاعد التوترات الدبلوماسية بين فرنسا والجزائر بعد موافقة باريس على خطة الحكم الذاتي المغربية للصحراء حيث أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مؤخرا في رسالة إلى الملك محمد السادس أن "حاضر ومستقبل الصحراء هما في إطار السيادة المغربية"، رافضًا بشكل فعال طموحات جبهة البوليساريو للانفصال.
وقد أثار القرار الأخير الذي اتخذته الجزائر بالتفكير بفرض عقوبات اقتصادية على فرنسا دهشة جميع المراقبين. وقد أثارت هذه الخطوة جدالاً حادًا حول مبرراتها الاستراتيجية والاقتصادية، نظرًا للعواقب المترتبة على اقتصاد الجزائر المتعثر. فما هي العواقب المحتملة لهذه العقوبات، التي قد تكون أكثر ضررًا للجزائر منها على فرنسا.
يواجه اقتصاد الجزائر، الذي يعتمد بشكل كبير على الهيدروكربونات، تحديات كبيرة. يمثل قطاع النفط والغاز في البلاد ما يقرب من 90٪ من صادراتها وجزءًا كبيرًا من عائدات الدولة . مع تقلب أسعار النفط وانخفاض مستويات الإنتاج، ماتزال الجزائر تكافح لتنويع اقتصادها. إن هذا الاعتماد على صناعة واحدة يجعل بلاد المليون شهيد عرضة بشكل خاص للصدمات الخارجية، مثل التوترات الجيوسياسية.
إن فرض عقوبات على فرنسا، الشريك الاقتصادي الرئيسي، من شأنه أن يؤدي إلى تفاقم هذه التعثرات. حيث تعد فرنسا واحدة من أكبر الشركاء الاقتصاديين للجزائر، مع تدفقات تجارية واستثمارية ثنائية كبيرة. وتساهم الشركات الفرنسية في قطاعات مختلفة في الجزائر، بما في ذلك الطاقة والبناء والاتصالات. وقد تؤدي العقوبات الجزائرية المفترضة إلى انخفاض الاستثمار الأجنبي وتباطؤ المشاريع المشتركة، مما يزيد من الضغط على الاقتصاد الجزائري ويعمق واقع الهشاشة التي يعاني منها.
إن الاقتصاد الفرنسي قوي ومتنوع ، وله علاقات مع العديد من الأسواق الدولية. وتتمتع فرنسا بالقدرة على استيعاب تأثير انخفاض التجارة مع الجزائر، وخاصة إذا تمكنت من إيجاد موردين بديلين للواردات الرئيسية. بالإضافة إلى ذلك، يمكن للحكومة الفرنسية دعم الصناعات المتضررة من خلال وسائل مختلفة، مما يخفف من التأثير السلبي على اقتصادها.
كان رد المغرب على اعتراف ماكرون بسيادته على الصحراء هو تعزيز علاقاته الاقتصادية والدبلوماسية مع فرنسا حيث يمكن أن تعمل هذه الخطوة كموازنة للخسارة المحتملة للعلاقات الاقتصادية مع الجزائر. إن اقتصاد المغرب، على الرغم من أنه اقتصاد ناشئ مقارنة مع اقتصاد فرنسا، إلا أنه متنوع نسبيًا ويشهد نموًا مطردًا. فقد استثمرت البلاد بكثافة في البنية التحتية والتصنيع والطاقة المتجددة، مما يجعلها شريكًا موثوقا به وجذابًا لفرنسا.
قد يتأثر قرار الجزائر بفرض عقوبات على فرنسا باعتبارات سياسية محلية حيث تواجه البلاد تحديات داخلية كبيرة، بما في ذلك الركود الاقتصادي، وارتفاع معدلات البطالة، والاضطرابات الاجتماعية. قد تستخدم الحكومة العقوبات كوسيلة لحشد الدعم المحلي الداخلي وتحويل انتباه الشعب بعيدًا عن هذه القضايا. ومن خلال اتخاذ موقف قوي ضد فرنسا، تستطيع الحكومة إثارة المشاعر القومية القديمة منذ الاستعمار وتصوير نفسها كمدافع عن سيادة الجزائر وكرامتها.
ولكن هذه الاستراتيجية قد تنطوي على مخاطر. فإذا أدت العقوبات إلى صعوبات اقتصادية للشعب الجزائري، فقد يؤدي ذلك إلى تفاقم السخط القائم وتأجيج المزيد من الاضطرابات. وقد تجد الحكومة صعوبة في الحفاظ على الدعم الشعبي إذا تدهور الوضع الاقتصادي بشكل كبير نتيجة للعقوبات.
بالنسبة للجزائر، قد تفوق التكاليف الاقتصادية المحتملة للعقوبات المكاسب السياسية والدبلوماسية. وقد يتدهور الوضع الاقتصادي في البلاد، مما يؤدي إلى مزيد من عدم الاستقرار الاجتماعي والسياسي. وعلى النقيض من ذلك، من المرجح أن يتحمل الاقتصاد الفرنسي القوي نسبيا تأثير العقوبات بأقل قدر من الاضطراب.
إن قرار الجزائر بفرض عقوبات على فرنسا في أعقاب اعتراف ماكرون بالسيادة المغربية على الصحراء المغربية يثير تساؤلات خطيرة حول فعالية الاستراتيجية وعواقبها. ويبدو أن هذه الخطوة مدفوعة برغبة في تأكيد سيادة الجزائر واستقلالها، لكنها تخاطر بإلحاق أضرار اقتصادية كبيرة بالبلاد وهي على أبواب انتخابات رئاسية في شهر شتنبر القادم. ونظراً لضعف الاقتصاد الجزائري والتأثير المحدود نسبياً على فرنسا، فقد تثبت العقوبات في نهاية المطاف أنها ستعمق الجراح الداخلية.
المصدر: أخبارنا
كلمات دلالية: عقوبات على فرنسا اقتصاد الجزائر
إقرأ أيضاً:
قائد عسكري روسي: أوكرانيا لن تستطيع تغيير الوضع في ساحة المعركة
قال نائب رئيس هيئة الأركان الروسية، سيرغي رودسكوي، إن أوكرانيا لن تكون قادرة على تغيير الوضع بشكل كبير في ساحة المعركة.
وأوضح، في تصريحات أوردتها وكالة "سبوتنيك" ، أنَّ القوات الروسية سيطرت على 75% من مقاطعات دونيتسك وخيرسون وزابوريجيا، وأن عام 2024 كان حاسمًا في تحقيق أهداف العملية العسكرية الخاصة الروسية.
وأضاف : "فقدت أوكرانيا إلى حد كبير القدرة على إنتاج الأسلحة والمعدات والذخيرة اللازمة كقاعدة عامة، التعبئة تُنفَّذ بالقوة ولا تجعل من الممكن تعويض الخسائر الكبيرة في ساحة المعركة، ناهيك عن ضمان تشكيل احتياطيات استراتيجية جديدة".
ولفت إلى أنَّ الجيش الأوكراني خسر خلال عام 2024 أكثر من 590 ألف جندي بين قتيل وجريح، ما يرفع إجمالي خسائر كييف خلال الصراع إلى أكثر من مليون جندي.
???? RUSSIAN FORCES ADVANCE: MAJOR GAINS IN SPECIAL OPERATION ZONE
????Check out a thread on the latest military progress reported by the Russian General Staff (1/4) pic.twitter.com/yEyGlR4FBO
وقال الجنرال الروسي، في مقابلة مع صحيفة "كراسنايا زفيزدا" : "في الوقت الحاضر، تمسك القوات الروسية زمام المبادرة في مقاطعة كورسك بشكل كامل، كما أن القوات الروسية تتقدم في جميع الاتجاهات"، مضيفاً "العدو يتكبد خسائر كبيرة ويتراجع من المواقع التي احتلها، على الرغم من نقل احتياطيات إضافية إليه".
وتابع "تم تقليص مساحة المنطقة الخاضعة لسيطرة الفصائل المسلحة الأوكرانية في المقاطعة إلى أكثر من النصف. تم تطهير أكثر من 800 كلم مربع، وهو ما يمثل نحو 64% من الأراضي التي احتلها العدو أصلا (1268 كلم مربع)".
В Курской области освобождено около 64% занятой ВСУ территории, сообщил первый замначальника Генштаба ВС РФ Сергей Рудской:https://t.co/IQXlw2fILr pic.twitter.com/MQYnrvCXum
— ТАСС (@tass_agency) February 19, 2025وأشار الجنرال إلى أن التشكيلات الأوكرانية الأكثر جاهزية للقتال، تكبدت في نفس الوقت، خسائر كبيرة، تجاوزت تلك التي أصابتها خلال ما كان يسمى بالهجوم المضاد على اتجاهي زابوريجيه وجنوب دونيتسك في عام 2023.
Russia’s Battlegroup Center hit Ukrainian manpower and weapons in the Krasnoarmeisk area in the Donetsk People’s Republic with the use of an Uragan multiple launch rocket system, the Russian defense ministry said:https://t.co/U0Ixam0YyZ pic.twitter.com/YccByXG51T
— TASS (@tassagency_en) February 20, 2025وأكد رودسكوي على أن القوات المسلحة الأوكرانية فقدت على مدى 6 أشهر ونصف، أكثر من 62 ألف عنصر من الوحدات النخبة وحوالي 5.6 ألف وحدة من الأسلحة والمعدات العسكرية.
وأضاف الجنرال أنه "على هذه الخلفية، بدأ الغرب يتحدث عن الخطأ الاستراتيجي الذي ارتكبه نظام كييف. يؤكدون في الغرب الآن أن هذا النظام لم يتمكن من تشكيل صورة جميلة".