غزة - آية صمامة - صفا

ضمن فصول حرب الإبادة الجماعية الإسرائيلية ضد قطاع غزة، كانت أقسام الأشعة في المستشفيات، ولاسيما بمحافظتي غزة والشمال، هدفًا أساسيًا لآلة التدمير الإسرائيلية، كجزء من استهداف المنظومة الطبية بأكملها، ودفعها للانهيار.

ومع تدمير معظم أجهزة التصوير الطبي في المستشفيات، وبخاصة مجمّع الشفاء الطبي بمدينة غزة والمستشفى الأندونيسي بشمالي القطاع، تجد الطواقم الطبية نفسها في معركةٍ مضنيةٍ لإنقاذ المرضى والجرحى، وسط نقص حاد في الإمكانيات والمعدات والكوادر الطبية.

وتكمن خطورة تدمير قوات الاحتلال عشرات الأجهزة الطبية في عدم وجود بدائل لها ومنع السلطات الإسرائيلية إدخال أجهزة بديلة عنها إلى القطاع، في ظل الحاجة الماسة إليها لتشخيص حالات آلاف المصابين، عدا عن تكلفتها العالية، التي تصل إلى عشرات ملايين الدولارات.

قسم الأشعة في مستشفى الأندونيسي واحد من هذه الأقسام التي تعرضت للتدمير والقصف، بفعل الاجتياحات والاستهداف الإسرائيلي المتكرر، ويصف رئيسه الطبيب ماهر سليمان ما تعرضت له أجهزة التصوير الطبي بـ"الإجرام". 

تدمير ممنهج

ويقول الطبيب سليمان، في حديث خاص لوكالة "صفا"،: إنَّ "الاحتلال دمّر بالكامل جهاز فلوروسكوبي "Fluoroscopy"، الذي يُستخدم لتصوير جميع أنواع الصبغات في الجهاز الهضمي والبولي، ويبلغ تكلفته نحو ثُلث مليون دولار، وكذلك جهاز الأشعة المقطعية (CT)، الذي فجّره الجنود بالكامل وسرقوا جهاز مانع انقطاع التيار الكهربائي (UPS)، و50 بطارية تابعة للجهاز".

ولم يتوقف الاستهداف عند هذا الحد، بل تعمد الاحتلال تدمير جهاز الأشعة العادية "X-ray"، الذي يُستخدم لإنتاج صور لأجزاءٍ مختلفةٍ من الجسم باستخدام الأشعة السينية، بما في ذلك تشخيص الكسور وأمراض الصدر والأسنان، وغيرها من الحالات الطبية، بالإضافة إلى أجهزة الأشعَّة المتنقلة "Portable X-ray"، و8 أجهزة تابعة لقسم الموجات فوق الصوتية (Ultrasound)، ولم يتبق سوى جهازٍ واحدٍ تم إصلاحه بجهودٍ كبيرة.

ويضيف "كنا أحضرنا جهاز تصوير الثدي (ماموغرافي) لعدم توفره في شمالي القطاع، وكان مخصصًا للكشف المبكر عن المرض، لكن الاحتلال دمر جميع محتوياته وملحقاته، والذي تفوق تكلفته 100 ألف دولار".

والجهاز الوحيد الذي لم يتم تدميره، وفقًا للطبيب سليمان، جهاز الأشعة "C-Arm"، الذي يُستخدم في الفحوصات داخل غرفة العمليات، بما في ذلك تصوير الكسور المثبتة بالبلاتين وإخراج الشظايا.

ويوضح سليمان أن مهندسي الأجهزة الطبية يعملون بجدٍ لإصلاح ما يمكن إصلاحه من الأجهزة، والاستعانة بما يمكن إحضاره من مستشفياتٍ أخرى تعرضت للتدمير جزئيًا. 

ويشير إلى أنه تم نقل جهاز الأشعة العادية "X-ray" من مستشفى اليمن السعيد إلى الأندونيسي، وإصلاح 3 أجهزة ألتراساوند، وجهازي أشعة متنقلين، وجهاز إيكو، مما أسهم في استمرارية تقديم الخدمات الطبية بشكل جزئي في ظل هذه الظروف الصعبة.

ويؤكد أن "المستشفى بحاجة ماسةٍ إلى جهاز أشعة مقطعيةٍ CT، وجهاز أشعةٍ رقمي، وأخصائيين في التصوير الطبي، عدا عن الموارد والأجهزة التي تساعد على إنقاذ حياة آلاف المصابين، وتعزيزنا بالوفود الطبية".

ولم يكن تدمير الأجهزة هو التحدي الوحيد أمام الفريق، بل كان العجز الكبير في الكادر البشري ونقص أطباء الأشعة، والانقطاع المستمر للتيار الكهربائي، وما يتسبب به من تلف الأجهزة، بالإضافة إلى نقص الوقود لتشغيل المولدات، جزءًا من المعاناة اليومية.

ويلفت إلى أنَّ 7 موظفين مختصين بالتصوير الطبي فقط ما زالوا في شمالي قطاع غزة من أصل 35، بفعل سياسة النزوح القسري التي فرضها جيش الاحتلال على الفلسطينيين منذ بدء الحرب. 

حالات طارئة

وحول التعامل مع الحالات الطارئة داخل قسم الأشعَّة، يوضح أنَّ العمل يتم على مدار 24 ساعة يوميًا، إذ جرى تقسيم الكادر، بمن فيه من المتطوعين، إلى ثلاث مجموعاتٍ، كل منها تتكون من أربعة أشخاص، يُخصص أحدهم لقسم العمليات، واثنان للعمل داخل القسم، وواحد للتعامل مع الأقسام.

ويشير سليمان إلى أن أكثر الأوقات التي شعر فيها الفريق الطبي بالضغط، كانت أثناء الاجتياح الأخير لحيي الشجاعية وتل الهوا ومنطقة الصناعة، ونزوح المواطنين إلى شمالي القطاع والشيخ رضوان، وإفراغ المستشفى العربي الأهلي "المعمداني" بالكامل من المصابين والجرحى، بفعل إطلاق النار الكثيف، وخوفًا من محاولة اقتحامه.

ويضيف "لحسن الحظ، كان لدينا فريق طبي جزائري يتألف من عشرة أطباء، مما ساعدنا على التعامل مع الأزمة".

ويؤكد أن "الإصابات التي تصل إلى قسم الأشعَّة خطيرةٌ للغاية، وجميعها في حالة نزيفٍ شديد، مما يستدعي تغطيتها بالضمادات لوقف النزيف وإجراء العمل اللازم، كوننا نتعامل مع الإصابات بالدم، بغض النظر عن العدوى، بسبب نقص الإمكانيات".

ويبين أنَّ "الوضع في فترة الحرب الحالية يختلف جذريًا عن الحروب السابقة التي عاصرتها خلال عملي في وزارة الصحة على مدار الـ 18 عامًا". 

"في السابق كانت الإصابات تأتينا متفرقةً في الأطراف أو أجزاء من الجسم، أما الآن، فتصل إلى مستويات خطيرة، مع نزيفٍ داخلي، وغالبًا ما تشمل إصابات في الرأس والصدر والبطن، ما يستدعي تصوير المصاب بالكامل من الرأس حتى القدم"، يقول سليمان.

ويوضح أنَّ "إسرائيل" لا تستخدم أسلحة ذكية كما تدعي، بل تستخدم أسلحة محرمة دوليًا مثل الفسفور الأبيض والذخائر المتفجرة، والتي تُسبب كسورًا معقدة وفتحات واسعة في جسم الإنسان، ولا تلتئم بسهولة.

المتوفر لا يكفي

أما مدير قسم الأشعة في مجمع الشفاء الطبي بغزة الطبيب ماهر مرزوق، فيقول، في حديث لوكالة"صفا"، إنَّ المستشفى كان خاليًا من الخدمات الطبية في قسم الأشعة بعد الاقتحام الإسرائيلي الأول له منتصف نوفمبر/ تشرين ثاني الماضي، وتخريب الأجهزة.

ويضيف مرزوق، الذي يشرف على أقسام الأشعة بالمستشفيات في لجنة طوارئ شمالي القطاع بوزارة الصحة، "تطوَّعت أنا وبعض الزملاء، وبدأنا بتجهيز أجهزة الأشعة السينية X-ray، وبدأ العمل رسميًّا في 7 ديسمبر/ كانون أول 2023، كما شغّلنا وحدة تصوير مقطعي (CT)، ثم وحدة الموجات فوق الصوتية (Ultrasound)، حتى الاجتياح الإسرائيلي الثاني للمجمَّع".

ويتابع "بعد تدمير مجمَّع الشفاء بأجهزته كافة في 17 مارس/ آذار 2024، توجهنا إلى مستشفى العربي الأهلي (المعمداني)، وباشرنا العمل بتاريخ 1 أبريل/ نيسان 2024".

ويوضح أنَّ أجهزة "X-ray" المتوفرة في مستشفيات شمالي غزة غير مناسبة لحجم الطلب المهول، كما أنها أجهزة متنقلة "Portable" وقديمة للغاية.

ويقول: "لدينا 3 أجهزةٍ: اثنان متنقلة، واحد منهما (CT)، وهو الجهاز الوحيد الذي يخدم محافظتي الشمال وغزة، والثالث "C-Arm" للعمليات". 

وتضطر الطواقم العاملة على أجهزة "X-ray للتعامل مع 170 حالة يوميًا، أما عدد الحالات الطارئة التي تحتاج إلى جهاز CT فتصل إلى 60 يوميًا، وفق مرزوق.

ويوضح أنَّ المعضلة الأساسية تُكمن في عدم انتظام الكهرباء وتأثيرها على برمجيات ولوحات الأجهزة الحديثة، وقلة الكادر البشري في ظل الضغط الهائل، بالإضافة إلى عدم توفر وسائل الحماية، ولاسيما أن الطاقم يتعرض لنسبة عالية من الإشعاع.

ويدعو الطبيب مرزوق دول العالم والمنظمات الرسمية والشعبية والأهلية للتحرك فورًا لوقف النزيف والإبادة الجماعية المتواصلة ضد قطاع غزة.

 

المصدر: وكالة الصحافة الفلسطينية

كلمات دلالية: مستشفيات غزة حرب غزة وزارة الصحة شمالی القطاع جهاز الأشعة الذی ی

إقرأ أيضاً:

نيمار مع الهلال.. صفقة بملايين اليوروهات مقابل 5 مباريات فقط

تعاقد نادي الهلال السعودي مع اللاعب البرازيلي نيمار دا سيلفا في صيف عام 2023 بصفقة قُدرت بنحو 90 مليون يورو، بعقد يمتد لمدة سنتين حتى صيف 2025.

ولكن المفاجأة جاءت بعد مرور سنة ونصف من التعاقد، حيث لعب نيمار مع الهلال 5 مباريات فقط، بينما فاز الفريق معه بأربع بطولات.

رغم هذا العدد القليل من المباريات، إلا أن نيمار كان قد تعرض لإصابة قطع في الرباط الصليبي خلال نوفمبر الماضي أثناء تمثيله لمنتخب البرازيل، ومنذ ذلك الحين وهو يعاني من الإصابة ولم يتمكن من العودة للملاعب.

موعد مباراة ليبيا ضد بنين والقنوات الناقلة في تصفيات أمم إفريقيا تشكيل منتخب إنجلترا المتوقع أمام فنلندا في دوري الأمم الأوروبية

خلال تحضيرات الموسم الحالي، لم يستطع نيمار التدريب بشكل كافٍ للتعافي، وظل مُصرًا على العمل مع المدرب البدني الخاص به بدلًا من مدرب الهلال.

وأعلن نادي الهلال اليوم، أن نيمار لن يعود للمشاركة في المباريات قبل يناير المقبل، مما دفع المدرب خورخي جيسوس إلى استبعاده من قائمة الفريق في الدوري السعودي.

ومن المتوقع أن يصبح نيمار لاعبًا حرًا في الصيف المقبل، ما يسمح لأي نادٍ بالتعاقد معه دون دفع أي مقابل لنادي الهلال.

تكلفة نيمار على الهلال خلال السنتين

قيمة الصفقة: 90 مليون يورو
راتب سنوي: 100 مليون يورو
80 ألف يورو لكل مباراة يفوز فيها الهلال
500 ألف يورو مقابل كل منشور على إنستجرام يروّج فيه للهلال أو لكرة القدم السعودية
طائرة خاصة لاستخدام نيمار في أي وقت يريده

التكلفة الإجمالية تجاوزت 500 مليون يورو، وهو رقم خيالي بالنظر إلى عدد المباريات التي شارك فيها نيمار.

هذه الصفقة تُظهر مفهوم "المال السائب " في أوضح صورة.
 

مقالات مشابهة

  • مع اقتراب انتهاء مهمة غزة.. إسرائيل تعلن نقل مركز ثقلها إلى لبنان!
  • الصحة: توفير 32 جهاز أشعة بعدد من المستشفيات خلال يوليو الماضي
  • الصحة: توفير 32 جهاز أشعة لعدد من المستشفيات خلال شهر يوليو
  • نيمار مع الهلال.. صفقة بملايين اليوروهات مقابل 5 مباريات فقط
  • الصحة: توفير 32 جهاز أشعة لعدد من المستشفيات خلال شهر يوليو الماضي
  • «صحة مطروح»: دعم المستشفيات بـ4 أجهزة أشعة للموجات فوق الصوتية
  • "الغذاء والدواء" توصي بإرشادات آمنة لاستخدام أجهزة الغسيل الكلوي البريتوني
  • "ملك الدولار".. قصة العراقي الذي استغل المركزي الأمريكي لتحويل أموال إلى إيران
  • إسرائيل: الوثائق الملفقة أغضبت قادة أجهزة أمنية وقد تزيد حدة التوتر
  • عملية مشتركة لمكافحة الإرهاب والمخابرات تنتهي بالعثور على مبرزات مهمة لداعش في صحراء الانبار