اتجهت الأنظار إلى الحديدة وموانئها بعد توالي الغارات الأمريكية - البريطانية على المناطق المحيطة بهذه المدينة اليمنية.

 

ودفعت هذه الأحداث كثيرا من المراقبين للحديث عن أهميتها الاستراتيجية ونفوذها في خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر وخليج عدن.

 

وجاءت الضربة الإسرائيلية العنيفة لميناء الحديدة الرئيسي في 20 من يوليو/تموز الماضي، رداً على استهداف حركة أنصار الله الحوثية تل أبيب بواسطة طائرة مسيرة، لتثير الاهتمام أكثر بموقع الحديدة في خارطة الصراع الإقليمي الدائر منذ هجوم حركة حماس الفلسطينية على غلاف غزة العام الماضي والحرب التي تشنها إسرائيل في القطاع المحاصر حتى اليوم.

 

بلغت خسائر ميناء الحديدة جراء الهجوم الإسرائيلي عليه ما يزيد على 20 مليون دولار أمريكي، فضلاً عن مقتل ما بين 6-9 وجرح أكثر من 80 شخصاً آخرين، وهو ما بدا كأنه عمل انتقامي وليس مجرد رد على هجمات الحوثيين، وكان الهدف منه هو خفض التوتر في البحر الأحمر، بل وتراجع لغة التهديد والوعيد التي أطلقها الحوثيون ضد إسرائيل.

 

تتوسط المدينة الساحلية اليمنية الساحل الغربي لليمن، البالغ طوله ما يزيد على 33% من السواحل البحرية للبلاد الممتدة كذلك لنحو 2200 كيلومتر بإضافة خليج عدن، جنوب البلاد.

 

وتضم الحديدة ثلاثة موانئ، أكبرها ميناء الحديدة التجاري التاريخي ذو الأهمية الاستراتيجية والاقتصادية، ثم ميناء الصليف الشهير بإنتاج وتصدير الملح، يليه ميناء رأس عيسى النفطي.

 

وتقف هذه الموانئ عند منتصف الساحل الغربي بين ميناء ميدي شمالاً بالقرب من الحدود مع السعودية، وميناء المخا التاريخي الذي اشتهر طوال قرون بتصدير مادة البُن أو ما عُرف لاحقاً بـموكا كافيه نسبةً إلى هذا الميناء.

 

تشرف موانئ الحديدة كذلك على عشرات من الجزر ذات الأهمية الاستراتيجية الواقعة شمالي غرب الحديدة كجزيرة كمَران وأرخبيل جزر حنيش جنوب غرب المدينة وصولاً إلى جزيرة ميون عند مضيق باب المندب جنوب البحر الأحمر.

 

تكتسب موانئ الحديدة أهميتها من حيث كونها تمثل شريان الحياة الرئيسي الذي يمد نحو سبعة ملايين يمني في المناطق الواقعة تحت سيطرة الحوثيين في شمال غربي البلاد بنحو 80 ٪؜ من وارداتهم من الغذاء والدواء والمشتقات النفطية وغيرها، ولعل هذا كان السبب وراء سعي كل من السعودية وبريطانيا الممسكة بملف النزاع اليمني في الأمم المتحدة للتوصل إلى اتفاق استوكهولم في ديسمبر/كانون الأول 2018 أملاً في الإبقاء على هذا الميناء بعيداً عن الصراع وعدم إخراجه من الخدمة.

 

آليات تطبيق الاتفاق

 

تم التفاهم في البداية على تسليم الميناء لخفر السواحل الذين كانوا يعملون في هذه القوات قبل اندلاع الحرب عام 2015.

 

كما تم الاتفاق على إيجاد آلية لمراقبة الوضع على الارض من خلال بعثة أونما التابعة للامم المتحدة ، إذ عُهد إليها برصد أي انتهاك لهذا الاتفاق.

 

وكذلك أتُفق على آلية ثالثة لتفتيش السفن المتوجهة إلى ميناء الحديدة من خلال لجنة خاصة في ميناء جيبوتي القريب.

 

لكن تم الالتفاف على كل هذه الآليات وتجاوزها بطرقٍ عدةٍ ملتوية، وبالتالي تم توجيه الاتهامات إلى الحوثيين وإيران بالاستمرار في استخدام الميناء لأغراض عسكرية من خلال استخدام ضواحي الحديدة منطلقاً وقواعد لانطلاق هجمات الحوثيين، فضلاً عن تهريب الأسلحة واستيراد بعض الأجهزة الحساسة المستخدمة في تصنيع الصواريخ البالستية والطائرات دون طيار.

 

أجندات سياسية إقليمية

كان الهدف المعلن لذلك الاتفاق حينها "إنسانياً" لضمان تدفق المساعدات الإغاثية لليمن، ولكن اتضح في ما بعد، وفقاً لبعض المحللين، أن التوصل إلى هذا الاتفاق كان قد جرى بضغط من قبل السعودية لمنع استيلاء قوات (العمالقة) الحكومية الموالية للإمارات على هذا الميناء بعد أن كانت قد وصلت إلى مطار الحديدة ومنطقة الكيلو 16 لتقطع الطريق الرابط بين صنعاء ومدينة الحديدة.

 

إلى أين تتجه المنطقة؟

 

من المستبعد أن يعكس انحسار موجات الهجمات المتبادلة بين إسرائيل ومعها الولايات المتحدة وبريطانيا والحوثيين نهاية (طوفان) التوتر بامتداد البحر الأحمر لسببين رئيسيين:

 

أولهما يعود إلى إصرار إيران على تنفيذ أجندتها ضد المصالح الغربية والإسرائيلية بواسطة حلفائها الحوثيين الذين يسعون أيضاً من خلال ذلك إلى تحقيق مكاسب سياسية ودعائية داخل اليمن.

 

ثانيهما، أن الحديدة وموانئها الثلاثة لا تزال محل تنافس إقليمي بين الرياض وأبو ظبي من جهة، ونزاع محلي بين الحوثيين وخصومهم في الداخل اليمني الذين طالما أكدوا أن إدانتهم للهجمات الغربية وإسرائيل على اليمن لا تعني نهاية حربهم مع الحركة الحوثية، مالم تجنح هذه الحركة إلى حلٍ شاملٍ ، سلماً أو حرباً يؤدي إلى (استعادة الدولة اليمنية) بما يجعل من اليمن عامل استقرار يضمن أمن اليمن وجيرانه والعالم أجمع.


المصدر: الموقع بوست

كلمات دلالية: میناء الحدیدة البحر الأحمر من خلال

إقرأ أيضاً:

خطة "ضرب الحوثيين".. نشر تفاصيل المحادثات الأميركية السرية

في تطور جديد بشأن ما بات يعرف بفضيحة "سيغنال"، نشرت مجلة "ذا أتلانتيك" تفاصيل المحادثات السرية الأميركية المتعلقة بخطط هجوم عسكري ضد جماعة الحوثي في اليمن.

وتوضح المجلة أن المسؤولين الأميركيين يعتبرون أن الرسائل التي تم الوصول إليها لم تتضمن معلومات سرية، وتضمنت مداولات داخلية وخاصة بين كبار الموظفين لم يكن يجب أن تنشر.

يوم الهجوم

تقول "ذا أتلانتيك" إن جزءا من المناقشات في "سيغنال" كان يدور حول توقيت وسبب الهجمات ضد الحوثيين.

وتضيف إنه في الساعة 11:44 صباحا بتوقيت شرق الولايات المتحدة، نشر وزير الدفاع الأميركي بيت هيغسيث في المجموعة رسالة بعنوان "تحديث الفريق"، ليعلن بداية تحرك القوات الأميركية بشكل واضح، قائلا: "الوقت الآن (11:44 بتوقيت شرق الولايات المتحدة): الطقس ملائم. تم التأكد مع القيادة المركزية الأميركية (CENTCOM) أننا جاهزون لإطلاق المهمة".

وتابع هيغسيث التفاصيل بشكل دقيق: "13:45، بدء هجوم طائرات F-18، حيث سيكون الهدف في موقعه المعرف، مما يستدعي الهجوم في الوقت المحدد، بالإضافة إلى إطلاق طائرات الدرون MQ-9".

حزمة ثانية من الهجوم

أضاف هيغسيث في رسائله: "الساعة 14:10، إطلاق المزيد من طائرات F-18 (الحزمة الثانية من الهجوم)" و"14:15: طائرات الدرون تضرب الهدف.

كما أكد في وقت لاحق: "15:36، بدء الهجوم الثاني بواسطة F-18، بالإضافة إلى إطلاق أولى صواريخ توماهوك البحرية". واختتم قائلا: "نحن حاليا نظيفون من حيث الأمن العملياتي".

رسالة إلى رقم غير معروف

وكشف الموقع أن الرسالة على تطبيق "سيغنال" تكشف عن إرسال نص من وزير الدفاع الأميركي إلى مجموعة تضم رقم هاتف غير معروف، قبل 31 دقيقة من انطلاق أولى الطائرات الحربية.

ويضيف أنه "إذا كانت هذه الرسالة قد وصلت إلى شخص معاد للمصالح الأميركية أو حتى شخص غير حذر وكان لديه وصول إلى وسائل التواصل الاجتماعي".

رسالة من جي دي فانس ووالتز

وفي وقت لاحق، أرسل نائب الرئيس جي دي فانس رسالة نصية إلى المجموعة قائلا: "سأصلي من أجل النصر".

كما أرسل مستشار الأمن القومي مايك والتز نصا في مساء اليوم ذاته يحتوي على تفاصيل حية عن الهجوم على ما يبدو في صنعاء، حيث قال: "المبنى انهار. عمل رائع". 

نهاية الهجوم

وفي وقت لاحق من اليوم، نشر هيغسيث: "عمل رائع للجميع. المزيد من الهجمات مستمرة لساعات الليلة، وسأقدم تقريرا أوليا كاملا غدا. ولكن في الوقت المحدد".

مقالات مشابهة

  • ماذا كشفت تسريبات سيغنال عن الهجمات الأمريكية على الحوثيين في اليمن؟
  • ماذا كشفت تسريبات سيغنال عن الهجمات الأمريكية على الحوثيين باليمن؟
  • خطة ترامب العسكرية لليمن: هل تنجح في إنهاء تهديد الحوثيين؟.. صحيفة أمريكية تجيب
  • تكريم حفظة القرآن الكريم في المسابقة الكبرى بمسجد الميناء الكبير بالغردقة
  • أمين عام حزب الله: "طوفان الأقصى" جاء ليقلب المعادلة ولن نقبل باستمرار الاحتلال الإسرائيلي
  • دون تردد..زعيم الحوثيين يعلن التشبث بالهجمات على إسرائيل وعلى القوات الأمريكية في البحر الأحمر
  • خطة "ضرب الحوثيين".. نشر تفاصيل المحادثات الأميركية السرية
  • مراسلات مسربة بالخطأ تكشف خططا أمريكية للهجوم على الحوثيين
  • بعد اتفاق الثلاثاء..روسيا تهاجم ميناء أوكرانياً على البحر الأسود
  • نظرة فاحصة- ماذا تفعل أمريكا وأوروبا لمواجهة ضربات الحوثيين في البحر الأحمر؟