هل تخضع ايران للضغوط الغربية.. اين تقف روسيا حقا؟
تاريخ النشر: 12th, August 2024 GMT
لا تزال الضغوط الديبلوماسية تمارس على ايران لدفعها بإتجاه عدم التصعيد في وجه اسرائيل، واذا كان عدم الرد بات امراً مستحيلاً ويهدد صورة طهران امام الرأي العام العربي والاسلامي ويصيب هيبتها السياسية، فإن الحديث بات عن رد شكلي استعراضي تحفظ فيه ايران ماء وجهها ولا يؤدي الى حرب شاملة في المنطقة.فهل يمكن لايران القبول بمثل هذا الامر؟ او المساومة على في هذه اللحظة الحساسة التي تمر فيها المعركة في غزة والقضية الفلسطينية عموما؟
بعيدا عن الاغراءات التي اعطيت لطهران والتي تشمل حل ازمة غزة وانهاء الحرب فيها، لكن هل يصب الرد المحدود في مصلحة ايران حقا؟ ومن قال ان توجيه ضربة قاسية لاسرائيل ليس مصلحة ايرانية تحديدا في هذه المرحلة؟ وكيف يمكن للايرانيين الاستفادة من هذا الحشد الديبلوماسي تجاههم والذي يقدم لهم كل ما قد يتمنونه مقابل التراجع عن فكرة التصعيد الكبير الذي لا يزالون يلوحون به عبر تصريحات قادتهم السياسيين والعسكريين والروحيين.
في الايام الماضية حوّل الايرانيون الرد على اسرائيل الى واجب ديني والى تكليف صدر عن ولي الفقيه ويجب تنفيذه وهذا يعني ان التفاوض على اي شرط دون وقف الحرب على غزة فورا وانسحاب الجيش الاسرائيلي من القطاع لا يمكن ان يبدل القرار الايراني، وحتى ان التحليلات التي ربطت تعيين عباس عرقجي وزيرا للخارجية برغبة ايرانية بالتفاوض لا تبدو دقيقة، اذ ان طهران تريد التفاوض مع ادارة الرئيس الجديد حول قضايا داخلية مثل الاتفاق النووي والعقوبات، لكن هذا لا يشمل الحرب الحالية.
عمليا، وبالرغم من تقدمه التكتيكي في المعركة المندلعة منذ عشرة اشهر، يمر الجيش الاسرائيلي بأزمة حقيقية، اذ ان خسائره الكبرى تجعله غير قادر على توسيع الحرب لا بل تجعله غارقا في مستنقع غزة الذي يستنزفه بشكل كبير، فالقتل والتدمير واصابة حماس اصابات بالغة لا يلغي فكرة ان اسرائيل غير قادرة على الصمود في غزة، وان بقاء الجيش فيها سيصيب بنيته العسكرية والتنظيمية باضرار لا يمكن اصلاحها قبل سنوات، وعليه فإن تل ابيب لم يبق لها من القوة الفعلية القادرة على المناورة من خلالها سوى سلاح الجو والقدرات الاستخبارية.
وتعتبر ايران ان ما حصل فيها من اغتيال رئيس المكتب السياسي في حركة حماس اسماعيل هنية هو نتيجة قدرات استخبارية اسرائيلية وهذا ما يمكن تعطيله بشكل كامل من خلال الردع ورسم خطوط حمر، وعليه يجب ايلام تل ابيب ومنعها من استخدام تفوقها الاستخباري لضرب طهران وحلفائها، اما بشأن التفوق الجوي، فبسبب بعد المسافة واتساع مساحة ايران، يصبح تأثير اي ضربة اسرائيلية على ايران محدودا من دون مساعدة مباشرة اميركية، امام كل ذلك تصبح الضربة الايرانية القاسية (المفترضة) رابحة بكل المقاييس ايرانيا وتزيد الضغط على تل ابيب.
اما عن دخول واشنطن في الحرب فهذا غير وارد ولا يزال يعتبر من الخيال، خصوصا ان روسيا، وبعكس كل ما حكي، تنتظر لحظة غرق واشنطن في وحول الشرق الاوسط مجددا، وها هي اظهرت استعدادها لتقديم الدعم العسكري اللامحدود لطهران، بعد ان قدمته سابقا لانصار الله في اليمن، وعليه فإن منع ايران من توجيه ضربتها ممكن لكن ثمنه سيكون اكبر ربما من ثمن اي رد ايراني قاس على اسرائيل..
المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
إقرأ أيضاً:
كل شيء هادئ على الجبهة الغربية !….. سينما
All Quiet On The Western Front
كل شيء هادئ على الجبهة الغربية !..... سينما
1
في هذا العام و الحرب في السودان تلقى بظلالها الكئيبة على كل الأشياء، قررت ان يكون احتفائي و احتفالي بالعام الجديد و عيد الاستقلال في المنزل مع الأسرة، و ذلك بمشاهدة فيلم يرفع الروح المعنوية قليلا . و نحن نحرك مؤشر البحث في قناة ( نفليكس ) و قع اختيارنا و بالصدفة المحضة على فيلم باسم ( كل شيء هادئ في الجبهة الغربية) !
كنت قد سمعت من قبل عن الفيلم و حصده كفيلم أجنبي على عدد كبير من جوائز الأوسكار في العام 2023 ، فقد نال جائزة أفضل فيلم أجنبي ( المانى )، أفضل سيناريو مقتبس، أفضل تصوير سينمائي، أفضل مؤثرات صوتية بالإضافة الى أفضل موسيقى تصويرية. قد يكون ذلك أحد الأسباب المحفزة لمشاهدته، برغم اعتقادي بأن هنالك سبب آخر خفى غير مفصوح عنه، و هو حرب السودان اللعينة.
2
احداث الفيلم بشكل مختصر تبدأ بتطوع أربع من الأصدقاء الألمان للحرب مع الجيش الألماني بعد أن تمت تعبئتهم في المدارس بالتطرف الوطني و كان ذلك في العام 1918 و الحرب تشرف على نهايتها، من ضمن هؤلاء ( بول بولمر ) الذى لم يتجاوز عمره السابع عشر. كانوا منشرحين و فخورين و هم يستلمون ملابس الجيش التي كانت من قبل لجنود قتلوا في نفس هذه الحرب، نزعت منها الأسماء و تم غسلها و إعادة تدويرها ! ثم تم شحنهم فى عربات ضخمة و ارسالهم الى الجبهة الغربية في فرنسا، عندما دخلوا الخنادق الفاصلة بيت القوتيين الفرنسية و الألمانية قال لهم قائدهم المباشر ( سيكون هذا منزلكم حتى نهاية الحرب... أو الموت ) !
اشتهرت الحرب العالمية الأولى بانها حرب ( الخنادق ) ، و الوحشية فاقت حد التصور و وصل ضحاياها 16 مليون شخص ....7 مليون من هؤلاء مدنيين، كما يمكن لأى مشاهد للفيلم أن يطلق عليه باختصار تسمية ( الحروب البشعة و العبثية ) . يتقاتل هؤلاء الجنود على شبر من الأرض يموت جراءه الالاف، ليستعيد الطرف الآخر في اليوم التالي هذه الأمتار التي كانت قد استلمت في اليوم السابق مع موت الالاف أيضا ! الأصدقاء الأربعة المتطوعون يموتون الواحد تلو الآخر، و لم يتبقى غير ( بول ) الذى تضاعف عمره في هذه الشهور عشرات الأعوام، و أصبح يقاتل فقط من اجل حياته و تبخرت كل أحلامه السابقة عن حماية الوطن الأم . و عندما يواجه في الخندق احد الجنود الفرنسيين يقتله ببشاعة ، و عندما يصدر من الفرنسي حشرجات من الألم و هو يحتضر، يبكى ( بول ) بحرقة و يحاول إنقاذه و لا يستطيع !!
من الجانب الآخر يستعرض الفيلم حياة القادة العسكريين في مكاتبهم الفخمة و هم يأكلون في ( الكافيار ) و يحتسون الكونياك المعتق و من ثم يرفضون أى تسوية لإيقاف الحرب ،لأن الحرب كما يقولون مرتبطة بمجد المانيا ، و الجنود في الخنادق يموتون من الجوع و تردى ظروفهم التي تدفعهم أحيانا للسرقة لإطعام أنفسهم. بالطبع هذا الكلام الذى يقومون بتسويقه محض هراء ،لأن أحدهم يقول لزميله و هم يواصلون المسامرة ( كيف تصبح قائدا مجيدا من غير حروب ) !! و من ثم هم يتناقشون كيف يبدأون حياتهم بعد انتهاء الحرب بممارسة ( البيزنس ) ؟!!!
فجأة و انا أشاهد الفيلم تجسدت أمامي حرب السودان..... المقاتلون المغيبون من الجنود و المستنفرون في الجيش السوداني و المرتزقة من الجنجويد .....و هم يقتلون....ينهبون و يغتصبون و يقصفون المدنيين في الأحياء الهادئة بالبراميل المتفجرة أو التدوين بالمدافع الضخمة باسم حماية الوطن، الدين و العقيدة، الديمقراطية و الحكم المدني ؟؟!
الصفوف المتكدسة امام " التكايا " لتناول كمشة من العدس أو الفول........هجرة 12 مليون شخص و موت 150 ألف خلال عامين و ملايين السودانيين المهددين بالموت جوعا في المعسكرات ، المدن والقرى ...ألخ......الأدهى و الامر انهم يريدون أن يحكموا السودان مرة أخرى ؟!......ارتسمت في ذهني بصورة مكبرة جنود الجيش و مرتزقة الجنجويد و كل منهما يهتف ( الله أكبر ) ! لقتل الطرف الآخر في تزييف و تزوير للدين و محاولة إعطاء ما يقومون بفعله من قتل مشروعية دينية و أخلاقية زائفة.
3
في نهاية الفيلم عندما يقبل الجنرالات المتغطرسون من الجانبين توقيع اتفاق بوقف الحرب في تمام الحادية عشر ظهرا بتاريخ 11-11- 1918 ، يستبق القائد الألماني المتعجرف اعلان وقف الحرب ويقوم بإرسال جنوده قبل الساعة الحادية عشر لمواصلة الحرب و مخاطبا لجنوده ان ذلك ( في سبيل مجد المانيا ) ! و كان من ضمن الجنود ( بول بولمر ). في تمام الساعة العاشرة و خمسة و أربعين دقيقة هجم الجنود الالمان على خنادق الجنود الفرنسين ( المندهشين ) ، و في خلال ربع ساعة مات كل المهاجمين الالمان و من ضمنهم ( بول ) بطعنه في ظهره و الميكرفونات تعلن وقف الطلاق النار .
وقعت معاهدة ( فرساي ) بين دول الحلفاء المنتصرين و المانيا ( دول المحور ) المهزومة في قصر فرساي بالقرب من باريس في 28 يوليو 1919 ، يقول المؤرخون و ناقدو أحداث التاريخ ان اتفاقية ( فرساي ) فرضت شروط قاسية و مهينه على دولة ألمانيا مما أعطى النازية سببا تتكئ عليه في شنها الحرب العالمية الثانية ، كما أن المعاهدة لم تهتم بإرساء قواعد ثابته للسلام و جنحت على معاقبة المهزومين.
- أعتقد أن الفيلم الذى كتبت قصته منذ قرن نجح في توصيل فكرته دون تعسف و المتمثلة، في عبث الحروب ثم عنجهية العسكر و تزمتهم، فعل ذلك من خلال احداث الفيلم المكثفة ، الموسيقى التصويرية..... و الصور المتناقضة....جمال الحياة من خلال الطبيعة الساحرة و " ثعلبه " و هي تقوم بإرضاع صغارها، و من بعدها صور الجنود المنتشرين موتى في الخنادق بأعضائهم المبتورة.... و من ثم رميه ببراءة في ذهن المشاهد..... السؤال التجريدي الذى يفتقد الإجابة ....الى متى تستمر الحروب ؟!
- هذا الفيلم هو النسخة الثالثة و المقتبسة من الفيلم الألماني الأول الذى عرض في العام 1930 و المسلسل التلفزيوني الإنجليزي في العام 1979
مخرج الفيلم الألماني : ادوارد بيرغر
كاتب الراوية الألمان : أريك ماريا ريماك
قام بدور شخصية بول بولمر الممثل النمساوي فيلكس كاميرر
- الفيلم جدير بالمشاهدة و التأمل
عدنان زاهر
1 يناير 2025
elsadati2008@gmail.com