بن غفير يتمسك بالانسحاب من حكومة نتنياهو حال قبولها باتفاق مع حماس
تاريخ النشر: 12th, August 2024 GMT
تمسك وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير بالانسحاب من حكومة بنيامين نتنياهو في حال قبولها اتفاقا مع حركة حماس لتبادل أسرى ووقف إطلاق النار بقطاع غزة، وفق إعلام عبري الاثنين.
ومن المحتمل استئناف المفاوضات غير المباشرة بين إسرائيل وحماس في قطر أو مصر، الخميس، في محاولة جديدة للتوصل إلى اتفاق، بينما تواصل تل أبيب حربا مدمرة على غزة للشهر الحادي عشر.
وقالت القناة "12" الإسرائيلية (خاصة) إن المسؤولين في مكتب نتنياهو بدأوا باستكشاف مواقف الأحزاب الشريكة بالحكومة من الاتفاق المحتمل.
وأفادت بأن حزب "القوة اليهودية" اليميني المتطرف برئاسة بن غفير أبلغ المسؤولين بأنه لا تغيير على موقفه، وفي حال القبول باتفاق سينسحب من الحكومة.
وتتهم المعارضة ومسؤولون أمنيون وعائلات الأسرى الإسرائيليين نتنياهو بعرقلة التوصل إلى اتفاق، لمنع انهيار ائتلافه الحاكم؛ في ظل تهديد وزراء اليمين المتطرف بإسقاط الحكومة إذا قبلت باتفاق ينهي الحرب على غزة.
وحسب القناة، فإن "حجة بن غفير، وفق مقربين منه، هي أن الصفقة لا تترك لإسرائيل أوراقا كافية لضمان إطلاق سراح جميع المختطفين، أي ستتم التضحية بمَن لن يطلق سراحهم في الجولة الأولى".
"كما يزعم بن غفير أن حماس يمكن أن تصبح أقوى، وبالتالي فإن حزب القوة اليهودية يؤيد ممارسة الضغط من خلال وقف المساعدات الإنسانية"، كما زادت القناة.
وبدعم أمريكي، تشن إسرائيل منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 حربا على غزة أسفرت عن نحو 132 ألف قتيل وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد عن 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قاتلة.
ووفق القناة، من المحتمل أن ينسحب بن غفير وحزب "الصهيونية الدينية" اليميني المتطرف، برئاسة وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، من الحكومة في حال قبول الاتفاق.
وحتى الساعة 09:15 "ت.غ" لم يتوفر تعقيب من مكتب نتنياهو بشأن ما ذكرته القناة.
جرائم حرب
والأحد، جدد بن غفير، عبر منصة "تليغرام"، رفضه للاتفاق المطروح، ودعا إلى إعادة احتلال قطاع غزة وتهجير المواطنين الفلسطينيين.
وقال إنه "يجب وقف نقل المساعدات الإنسانية والوقود (إلى غزة) حتى يعود جميع مختطفينا إلى ديارهم. وتشجيع الهجرة واحتلال أراضي قطاع غزة لإبقائها في أيدينا إلى الأبد".
وتحتجز تل أبيب في سجونها ما لا يقل عن 9 آلاف و500 فلسطيني، وتقدر وجود 115 أسيرا إسرائيليا بغزة، أعلنت حماس مقتل أكثر من 70 منهم في غارات عشوائية إسرائيلية.
وحولت إسرائيل غزة إلى أكبر سجن في العالم، إذ تحاصر القطاع للعام الـ18، وأجبرت حربها نحو مليونين من مواطنيه، البالغ عددهم حوالي 2.3 مليون، على النزوح في أوضاع كارثية، مع شح شديد ومتعمد في الغذاء والماء والدواء.
والأحد، دعا المسؤول الأعلى للسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل إلى فرض عقوبات أوروبية على كل من بن غفير وسموتريتش.
وقال بوريل، عبر منصة "إكس": "بينما يضغط العالم لوقف إطلاق النار في غزة، يدعو الوزير بن غفير إلى قطع الوقود والمساعدات عن المدنيين".
وأضاف: وكذلك "تصريحات الوزير سموتريتش الشريرة تشكل تحريضا على ارتكاب جرائم حرب. ويجب أن تكون العقوبات على أجندة الاتحاد الأوروبي".
والأسبوع الماضي، اعتبر سموتريتش أن تجويع مليوني مدني فلسطيني في غزة حتى الموت مبررا ومشروعا؛ ما أثار انتقادات دولية.
وفي استهانة بالمجتمع الدولي، تواصل إسرائيل الحرب على غزة متجاهلة قراري مجلس الأمن الدولي بإنهائها فورا، وأوامر محكمة العدل الدولية باتخاذ تدابير لمنع أعمال الإبادة الجماعية وتحسين الوضع الإنساني المزري بالقطاع.
كما تتحدى تل أبيب مدعي عام المحكمة الجنائية الدولية كريم خان إصدار مذكرتي اعتقال بحق نتنياهو ووزير دفاعها يوآف غالانت، لمسؤوليتهما عن جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في غزة.
المصدر: الموقع بوست
إقرأ أيضاً:
نتنياهو: سياسة الهروب إلى الأمام
للمرة الرابعة طيلة ثمانية أعوام، يمثل رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، أمام القضاء بتهم فساد واستغلال للسلطة، وسط حرب مفتوحة تشنها قواته على فلسطين المحتلة وسورية ولبنان وإيران واليمن، وخلاف في الداخل الإسرائيلي لم يحسم الموقف منه.
نتنياهو الذي أخفقت دولته البوليسية في صد عملية طوفان الأقصى في السابع من تشرين الأول 2023، وفشلت كل أجهزته الأمنية في التعامل المبكر مع ترتيبات العملية، تمكن من إدارة أزمة الخلاف الداخلي التي كادت تطيح به وانتصر على جميع معارضيه في رؤيته السياسية والدموية للحرب على غزة.
العديد من المتابعين للشأن السياسي كانوا يعتقدون أن رئيس الحكومة الإسرائيلية لن يكمل وظيفته بعد تعالي الأصوات التي تطالبه بالذهاب الفوري لإتمام صفقة مع «حماس» تتضمن إعادة الأسرى الإسرائيليين من غزة، غير أن نتنياهو تمكن من تغيير الموجة لصالحه ومضى في الحرب.
لقد ساعده أن خصومه السياسيين ضعفاء وصوت المعارضة غير موحد، ما أتاح له المناورة السياسية بتبني مواقف متشددة تضمن له التحصن خلف قاعدته اليمينية المتطرفة، والمتعارف عليه أن نتنياهو حين يقع في أزمات داخلية أو خارجية يتبنى سياسة الهروب إلى الأمام.
في حربه مع خصومه في المعارضة وقت محاكماته بالفساد، لجأ نتنياهو إلى افتعال أزمات مع الفلسطينيين لحرف الأنظار عن مسار محاكمته، ونجح في ذلك وكسب الوقت لدعم تأييد معسكر اليمين المتطرف الذي ينتمي إليه.
كذلك حينما طالبته المعارضة بالاستقالة والاستجابة لمطالبها بشأن إخفاقات التعامل مع ملف الأسرى الإسرائيليين في غزة، تعمد الهروب إلى الأمام بصب الزيت على النار في غزة وشيطنتها، واعتبار الحرب ضدها حرب تحرر وطني وقومي وديني.
خلال محاكمته الأخيرة قبل أيام، خرج نتنياهو إلى وسائل الإعلام يعدد إنجازاته في تحقيق الأمن والهدوء على الجبهة الشمالية بعد إتمام الهدنة مع لبنان، وبطولاته في محور سورية وتوسيع المنطقة العازلة واستهداف معظم ترسانتها الحربية.
تحدث كثيراً عن ملامح الشرق الأوسط الجديد والسعي لترسيخه على أرض الواقع، بتحييد سورية والتركيز على إيران وفلسطين المحتلة. وقال: إن هذا التغيير مقبل لا محالة، وبالطبع هذه رسالة موجهة للداخل الإسرائيلي قبل الخارج.
هو يريد أن يقول للجمهور الإسرائيلي، إنه الوحيد القادر على تحقيق الإنجازات وجلب السلام الإستراتيجي للدولة العبرية، وأنه الأقدر عن غيره من السياسيين في التعامل مع الملفات الحسّاسة، وليس هناك أدنى شك أنه سيستخدم كل أسلحته ويقدم مسرحية ترجئ أو تفشل محاكمته.
بعد أن تمكن من تحييد جبهتَي لبنان وسورية، يبقى على نتنياهو أن يتعامل مع الملف الفلسطيني وهو الملف الأسخن والأهم لاعتبارات الجغرافيا والديموغرافيا وكذلك لاعتبارات سياسية تتعلق بموقعه في الحكومة الإسرائيلية.
الآن كل الحديث يدور حول هدنة وشيكة مع حركة «حماس»، دون الاستفاضة في تقديم تفاصيل بشأنها والعقبات التي يمكن أن تمنع تحقيقها. هنا سيحاول رئيس الحكومة الإسرائيلية جلب هدنة على المقاس الذي يريده بالضبط.
هو لا يهمه كثيراً مصير الأسرى الإسرائيليين لأن التفكير فيهم سيحد من مناوراته السياسية، ولذلك يفضل «المطمطة» في العدوان على غزة حتى يسمع عن أفكار مقبولة من «حماس» ربما تسمح ببقاء إسرائيل في محورَي فيلادلفيا و»نتساريم».
الفكرة أن نتنياهو يرغب في المماطلة بالملف الفلسطيني حتى يبقى على قمة الهرم السياسي. من الجائز أن يذهب في هدنة مجهولة مع «حماس»، لكنه سيسعى إلى ختمها بالحصول على مكاسب سياسية إما في غزة أو عبر الضفة الغربية.
ثمة ما يسمى مبدأ المكافأة أو جائزة الترضية، وتقوم على أساس أن نتنياهو حينما لم يتمكن من تحقيق أهم أهدافه في قطاع غزة، يذهب إلى الضفة الغربية أو محور سورية ويحقق فيها إنجازات، حتى يقدمها هدية إلى شعبه ثمناً للسكوت عنه.
هذا ما يحدث بالضبط في الضفة الغربية من سياسات تسمين المستوطنات وسرقة ممتلكات الفلسطينيين وتدميرها وإحراقها، وممارسة كل أنواع الترهيب بهدف تحويل الضفة إلى حديقة إسرائيلية، وكل ذلك يأتي تحت العنوان الأكبر «بقاء نتنياهو في السلطة».
في سبيل بقائه بالسلطة، نتنياهو مستعد للتضحية بأقرب المقربين منه حتى يحتفظ بالكرسي. فعلها مع حلفائه وتخلى عن غالانت وزير حربه، وهو الآن ينتظر صديقه الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب حتى يساعده في تجاوز المحن الداخلية والخارجية، وتحقيق مصلحة إسرائيل فوق أي مصلحة أخرى.
(الأيام الفلسطينية)