أطلق مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء عدداً جديداً من نشرته الدورية التي يصدرها بعنوان «نظرة على استطلاعات الرأي المحلية والعالمية»، والتي تضمنت نخبة لأبرز نتائج استطلاعات الرأي التي تجريها تلك المراكز العالمية في المجالات المختلفة.

جاء ذلك ضمن سعى مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، نحو رصد ومتابعة أبرز استطلاعات الرأي التي تجريها مراكز الفكر والاستطلاعات الإقليمية والعالمية، للتعرف على ما يدور بشأن القضايا المختلفة التي يتم استطلاع آراء مختلف المواطنين حول العالم بخصوصها، فضلاً عن التوجهات العالمية إزاء الموضوعات التي تهم الشأن المصري والعربي.

استطلاع آراء المواطنين حول مساعدة بلادهم لإسرائيل وأوكرانيا 

تضمن العدد استطلاعًا للرأي أجرته «جامعة كوينيبياك» على عينة من المواطنين الأمريكيين للتعرف على مدى تأييدهم لمساعدة بلادهم لكل من إسرائيل وأوكرانيا، حيث أكّد 37% من الأمريكيين أن بلادهم تقدم مساعدات لأوكرانيا بقدر مبالغ فيه وقد ارتفعت هذه النسبة بين الجمهوريين 60% وانخفضت بين الديمقراطيين 9%، في حين يرى 29% أن المساعدات أقل مما ينبغي بينما يرى 28% أنها مناسبة، ووافق 52% بالعينة على إرسال بلادهم المزيد من المساعدات العسكرية لأوكرانيا لدعمها في حربها ضد روسيا، وارتفعت هذه النسبة بين الفئة العمرية 65 عامًا فأكثر 69%، في حين انخفضت بين الفئة العمرية 35-49 عامًا 41%، بينما رفض 43% ذلك الأمر.

ورأى 33% من الأمريكيين أنَّ الدعم الذي تقدمه بلادهم لإسرائيل أكثر مما ينبغي وارتفعت هذه النسبة بين الديمقراطيين 41% وانخفضت بين الجمهوريين 19%، بينما أعرب 21% أن الدعم لإسرائيل أقل مما ينبغي مقابل 37% يرونه مناسب، وأكد 52% بالعينة رفضهم لإرسال بلادهم لمزيد من المساعدات العسكرية لإسرائيل لمساعدتها في حربها ضد حماس، وارتفعت هذه النسبة بين الفئة العمرية 18-34 عامًا 68% وانخفضت بين الفئة العمرية 65 عامًا فأكثر 39%، في حين أعرب 39% عن موافقتهم على هذا الأمر.

توقعات زيادة استثمارات الشركات في مجال التحول نحو الطاقة المتجددة

كما تضمن العدد استطلاع شركة «باين أند كومباني» على عينة من المديرين التنفيذيين حول العالم للتعرف على توقعاتهم خلال الفترة المقبلة لزيادة استثمارات شركاتهم في مجال التحول نحو الطاقة المتجددة وأهم العقبات التي تواجه عمليات التحول، وقد أعرب 61% من المديرين التنفيذين في منطقة الشرق الأوسط بالعينة عن تفاؤلهم بمساهمات مجالات النمو الجديدة الموجهة نحو انتقال الطاقة في زيادة أرباح وقيمة شركاتهم بحلول عام 2030، يليهم المديرون التنفيذيون في منطقة آسيا والمحيط الهادئ 55% ثم أمريكا اللاتينية 51% في حين انخفضت هذا التفاؤل بين المديرين في كل من أوروبا 30% وأمريكا الشمالية 29%، فيما رأى 70% من المديرين التنفيذيين بالعينة أن عدم استعداد العملاء لدفع مبالغ مالية بشكل أكبر في مقدمة العوائق أمام توسيع نطاق النمو الموجهة نحو الانتقال للطاقة المتجددة، وقد ارتفعت هذه النسبة مقارنًة باستطلاع 2023 حيث كانت 56%.

ووفقًا للاستطلاع نفسه، جاءت النتائج المتعلقة بالعوائق التي تمثل عقبات دون التحول نحو الطاقة المتجددة على النحو التالي، 70% عدم استعداد العملاء للدفع، و54% السياسات واللوائح الحكومية، و30% لكل من الافتقار إلى القدرة التنظيمية وقيود سلاسل الإمداد، و29% نقص رأس المال، و28% نقص الخبرة والمواهب.

أمريكا الشمالية على رأس المناطق الجاذبة للاستثمارات

ورأى 83% من المديرين التنفيذيين بالعينة أن منطقة أمريكا الشمالية تأتي على رأس المناطق الجاذبة للاستثمارات في مجال الانتقال نحو الطاقة المتجددة، تليها أوروبا 80%، ثم آسيا والمحيط الهادئ 76%، والشرق الأوسط 74%، وأمريكا اللاتينية 73%، كما رأى 70% من المديرين التنفيذيين أن القضاء على التوترات السياسية سيساعد بشكل كبير على قدرة شركاتهم على توسيع نطاق أعمالهم التجارية في مجال الانتقال نحو الطاقة المتجددة، وتوقَّع 70% بالعينة أن يحدث الذكاء الاصطناعي فرقًا كبيرًا في تحسين الصيانة، يليها تحسين الإنتاجية 58% ثم تحسين سلاسل الإمداد 54% وسد فجوة المهارات الوظيفية 29% وتقليل كثافة الكربون في العمليات الخاصة بهم 25%.

واستعرض مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار استطلاع شركة «سي بي أر إي» للخدمات والاستشارات العقارية التجارية الذى أجرته على عينة من المستثمرين الأوروبيين في مجال الفنادق بهدف التعرف على تفضيلاتهم في الاستثمار بمجال الفنادق وأهم الاستراتيجيات وسياسات الاستحواذ التي تتبناها شركاتهم في هذا المجال، إذ كان 48% من المطورين الفندقيين والمالكين في أوروبا هم أكثر المهتمين بزيادة رأس المال الموجه للاستثمار الفندقي في عام 2024 يليهم صناديق الاستثمار الخاصة 24%، ورأى 28% من المستثمرين الأوروبيين أن تعديلات الأسعار هي (الطريقة التي يعتمدها المشترون في عمليات الاندماج والاستحواذ لتأكيد قيمة الشركة أو النشاط التجاري) يأتي في مقدمة الأسباب التي تدفعهم إلى تخصيص الأصول الفندقية في عام 2024 يليها تفاؤلهم بشأن توقعات ارتفاع العائد الإجمالي 21%، وأعرب 51% من مستثمري الفنادق أن القيمة المضافة هي استراتيجية الاستثمار المفضلة لهم خلال عام 2024 تليها استراتيجية استغلال الفرص 24%.

ووفقًا للاستطلاع نفسه، رأى 86% من المستثمرين في مجال الفنادق أن منطقة الأعمال الإدارية هي أكثر المواقع جاذبية وتفضيلًا تليها المنتجعات 81%، ثم المدن الثانوية أو المدن الصغيرة 53%، والمطارات 35%، وأعرب 36% من المستثمرين في مجال الفنادق بأوروبا أنهم ينوون الاستحواذ على الفنادق الشاغرة فيما يتعلق بالجانب المؤسسي والتنظيمي تليها الفنادق المستقلة 28% ثم الفنادق ذات العلامات التجارية الكبرى والمتصلة عالميًا بعلامات تجارية معروفة ولكن مع الحفاظ على علامة تجارية مستقلة 22%، وأشار 63% من المستثمرين في مجال الفنادق إلى أنّهم ينوون تطوير الفنادق فيما يتعلق بعروض الخدمات الشاملة تليها الخدمات المحدودة 17% ثم الاهتمام بتطوير سكني/ فندقي يحمل علامة تجارية 11%، وأكد 81% من المستثمرين في مجال الفنادق أنهم يفضلون الاستحواذ على الفنادق الفاخرة من حيث السلاسل ومستوى الأسعار تليها الفنادق الراقية 78% ثم متوسطة الرقي 62% والفنادق الاقتصادية والمتوسطة 50%.

كما استعرض العدد استطلاع شركة «يوجوف» على عينة من المواطنين في 17 دولة حول العالم للتعرف على رؤيتهم بشأن الحوافز المالية التي تدفعهم لشراء السيارات الكهربائية، إذ رأى 56% من المواطنين بالعينة أن انخفاض تكاليف شحن السيارة الكهربائية يعد من أهم الحوافز الرئيسة التي تجذب لاستخدام السيارات الكهربائية على الصعيد العالمي، يليه كل من انخفاض تكاليف التأمين، وتوفير إعانات حكومية على مشتريات المركبات الكهربائية 55% لكلٍ منهما، ثم انخفاض تكاليف استبدال البطارية، وحزم ضمان وصيانة لفترات طويلة بنسبة .% لكل منهما.

أسباب ووسائل مكافحة التغير المناخي

وتناول مركز المعلومات استطلاع مركز «إبسوس» على عينة من المواطنين في 33 دولة حول العالم للتعرف على آرائهم لأسباب ووسائل مكافحة التغير المناخي وآثاره السلبية، ووافق 63% من المواطنين بالعينة في الدول التي شملها الاستطلاع على قيام بلادهم بمزيد من الجهود لمكافحة التغير المناخي وجاءت إندونيسيا 83% في مقدمة الدول التي وافق مواطنوها على ذلك تليها بفارق طفيف الصين 81% ثم تايلاند 77%، ورأى 31% بالعينة أن حكومات بلادهم لديها خطة واضحة لكيفية عمل الحكومة والشركات والأشخاص أنفسهم معًا لمعالجة تغير المناخ وقد جاءت الصين 75% في مقدمة الدول التي يرى مواطنوها ذلك وتليها الهند 73% ثم إندونيسيا 54%، كما اعتقد 65% من المواطنين بالعينة أن انتقال اقتصاد بلادهم بعيدًا عن الوقود الأحفوري ونحو الطاقة المتجددة قد يؤثر بشكل إيجابي على نقاء الهواء و63% يرجحون تأثير هذا الأمر بشكل إيجابي على مواجهة التغير المناخي، ورأى 69% من المواطنين في 33 دولة حول العالم أنه يمكن لتغييرات بسيطة في الحياة اليومية للأفراد أن تلعب دورًا كبيرًا في مكافحة تغير المناخ وقد جاءت كل من إندونيسيا 82% والصين 81% على رأس قائمة الدول التي يؤيد مواطنوها هذا الرأي.

وفي نفس السياق وفقًا للاستطلاع، رأى 39% من المواطنين في الـ 33 دولة حول العالم أن تقديم حوافز مالية أو خفض الضرائب يعد من أهم الإجراءات الرئيسة التي تشجعهم على المساهمة في مكافحة تغير المناخ عن طريق شراء المزيد من السلع والخدمات الصديقة للبيئة، وأعرب 30% من المواطنين بالعينة عن استعدادهم لتخصيص مبلغ أكبر من دخولهم للضرائب بهدف المساعدة في مواجهة التغير المناخي، وقد جاءت الهند 71% في مقدمة الدول التي أعرب مواطنوها عن ذلك تليها تايلاند 55% ثم الصين 47%، ورأى 74% من المواطنين بالعينة ضرورة مشاركة كل الدول بدون استثناء في مواجهة التغير المناخي، وقد جاءت كل من إندونيسيا 82% والصين 81% وجنوب إفريقيا 80% في مقدمة الدول التي يرى مواطنوها ذلك، وأشار 70% من المواطنين بالعينة إلى أهمية قيام الدول المتقدمة بمزيد من الجهود في التصدي للتغير المناخي، ووافق 37% من المواطنين بالعينة على تضحية بلادهم بالكثير من أجل مواجهة التغير المناخي وجاءت إندونيسيا 84% في مقدمة الدول التي وافق مواطنوها على ذلك تليها الهند 74% ثم الصين 71%.

كذلك أجرى مركز «إبسوس» استطلاع على عينة من المواطنين في 8 دول أوروبية للتعرف على استخدام الأوروبيين للدراجات والسيارات الكهربائية ووسائل النقل الصديقة للبيئة، وقد أبدى 29% من المواطنين بالعينة اهتمامًا باستخدام سيارات كهربائية أو هجينة، كما أيد الشباب الأوروبي فكرة اقتناء سيارة كهربائية في المستقبل بنسبة 42%، وأوضح 35% من المواطنين بالعينة أن العامل المادي هو السبب الرئيس وراء تغير عاداتهم في التنقل، وأعرب 72% من الشباب بالعينة عن تفضيلهم لاستخدام وسائل النقل العام كوسيلة للتنقل كما يستخدم 50% الدراجات العادية ويفضل 31% استخدام الدراجات الكهربائية وهو ما يعكس اهتمام الشباب بالبيئة والتنقل بطريقة صديقة للبيئة، وأوضح 42% من المواطنين في ثماني دول أوروبية أنهم يستخدمون الدراجات الكهربائية منذ أكثر من خمسة أعوام ماضية واعتزم 32% استخدامها بشكل أكبر في المستقبل.

واستعرض مركز المعلومات استطلاع شركة «يوجوف» على عينة من المواطنين في 17 دولة حول العالم للتعرف على أكثر المهن التي يثق بها المواطنون، وقد أوضح 73% من المواطنون بالعينة أن لديهم نظرة إيجابية نحو العاملين بمجال الخدمات الصحية وقد جاءت هذه النسبة مرتفعة بين مواطني دولة الإمارات 80% ويليهم مواطنو دول آسيا والمحيط الهادئ 78%، وأوضح 70% من المواطنين بالعينة ثقتهم الإيجابية بالعاملين في مجال التعليم وارتفعت هذه النسبة بين مواطني الإمارات 83% ويليهم مواطنو دول آسيا والمحيط الهادئ 78%، وأكد 66% من المواطنين بالعينة أن لديهم توجهات إيجابية نحو العاملين في مجال التكنولوجيا وقد جاءت هذه النسبة مرتفعة بين مواطني الإمارات 81% ويليهم مواطنو دول آساي والمحيط الهادئ 73%، وأفاد 33% من المواطنين في الدول محلا الاستطلاع أن لديهم توجهات إيجابية نحو من يعملون في مجال صناعة المحتوى على الانترنت وأشار 55% من الإماراتيين إلى توجهاتهم الإيجابية نحو هذه المهنة ويليهم مواطنو دول آسيا والمحط الهادئ 48%، وأكّد 31% من المواطنين بالعينة أن لديهم توجهات إيجابية نحو العاملين في مجال ألعاب الفيديو.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: رئيس الوزراء مراكز الفكر مركز المعلومات اتخاذ القرار مواجهة التغیر المناخی نحو الطاقة المتجددة آسیا والمحیط الهادئ فی مقدمة الدول التی دولة حول العالم مرکز المعلومات استطلاع شرکة إیجابیة نحو وقد جاءت أن لدیهم فی حین

إقرأ أيضاً:

فرصة تاريخية أمام أمريكا في الشرق الأوسط

ترجمة - نهى مصطفى -

لطالما شكل الشرق الأوسط مقبرةً للطموحات الدبلوماسية الأمريكية، إذ يغادر الرؤساء المتعاقبون السلطة تاركين المنطقة في وضع أكثر تعقيدًا مما سبق.

سعى بيل كلينتون لتحقيق اختراق في عملية السلام، لكن جهوده انتهت باندلاع الانتفاضة الثانية. أطاح جورج دبليو بوش بصدام حسين، فتحول مشروعه إلى مستنقع عزز نفوذ إيران. حاول باراك أوباما استثمار الربيع العربي ووقّع اتفاقًا نوويًّا مع طهران، لكن صعود تنظيم داعش وحرب سوريا عرقلا مساعيه. انسحب دونالد ترامب من الاتفاق النووي وقُتل قاسم سليماني، لكنه ترك إيران أكثر جرأة. أما جو بايدن، فركز على تحقيق الاستقرار، ليجد نفسه في عامه الأخير يواجه تداعيات هجمات 7 أكتوبر 2023 والحرب في غزة.

يجد ترامب نفسه اليوم أمام فرص حقيقية في الشرق الأوسط، قد تمنحه نفوذًا، لكنه في المقابل قد يفاقم أزمات المنطقة، كما بدأ بالفعل عبر خفض المساعدات ودعوته لإخلاء غزة. خلال ولايته، سيعتمد مصير الشرق الأوسط إلى حد كبير على قراراته، بين اغتنام الفرص أو تبديدها باندفاعه.

ترِكة ترامب الأولى تتعلق بإيران، التي كانت لعقود في صميم أزمات الشرق الأوسط. اليوم، تبدو طهران أضعف من أي وقت منذ ثورة 1979، مع محاصرة حماس وحزب الله عسكريًّا، وفشل صواريخها الباليستية في مواجهة الدفاعات الإسرائيلية، وفقدانها السيطرة الفعلية على سوريا، التي باتت تحت تحالف مناهض لها. في حين يعاني اقتصادها من سوء الإدارة والعقوبات وتراجع أسعار النفط.

في ظل هذه الأوضاع، بدأ القادة الإيرانيون يلمحون إلى انفتاح على اتفاق نووي جديد، إذ تبدو البدائل أكثر سوءًا. انتُخب الرئيس مسعود بيزشكيان عام 2024 ببرنامج يركز على تحسين الاقتصاد، وهو هدف لا يمكن تحقيقه دون اتفاق مع واشنطن وتخفيف العقوبات. أما المرشد الأعلى علي خامنئي، فرغم تشدده، يدرك تراجع قدرة إيران على الردع، في مقابل استعداد أمريكي-إسرائيلي متزايد للضربات الهجومية، خاصة في ظل حكومة نتنياهو وترامب غير المتوقعة.

أبدى ترامب اهتمامًا بالاتفاق، وقد يدفعه المشهد الاستراتيجي الجديد للحصول على تنازلات إيرانية غير متوقعة، تشمل قيودًا مشددة على التخصيب النووي، وضوابط دائمة، وحدودًا على الصواريخ الباليستية والتدخل الإقليمي.

رغم ذلك، تبقى حدود للتنازلات الإيرانية، وقد يتجاوز ترامب السقف المطلوب. لكن إبرام اتفاق يمنع إيران من امتلاك سلاح نووي ويحدّ من نفوذها الإقليمي يبدو أكثر واقعية من أي وقت مضى. وإذا نجح ترامب في هذا، فسيتمكن من التباهي بـ«صفقة أفضل» من اتفاق أوباما، وبيعها للكونجرس.

الفرصة الثانية المتاحة لترامب في المنطقة هي إنهاء حرب غزة، التي تُعد أكبر انتكاسة للسلام والاستقرار منذ حرب العراق، وبدء عملية تحقيق الاستقرار في «اليوم التالي». فمنذ هجوم حماس في 7 أكتوبر 2023، وردّ إسرائيل العنيف، غرقت غزة في مأساة غير مسبوقة. لكن وقف إطلاق النار واتفاق الرهائن، الذي تم التوصل إليه في 15 يناير بعد محاولات فاشلة وبمساعدة فريق ترامب القادم، قد يوفر مسارًا لإنهاء الحرب. وبعد 15 شهرًا من الدمار، أوقفت إسرائيل العمليات الكبرى، وبدأت حماس بإطلاق سراح الرهائن، وبدأ سكان غزة بالعودة إلى ديارهم.

المرحلة الأولى من الاتفاق محدودة زمنيًّا، ولا ضمان لاستمراريتها. ويعتمد الانتقال إلى المرحلة الثانية على قرارات صعبة بشأن إطلاق سراح الجنود الإسرائيليين، والسجناء الفلسطينيين، ومصير حماس. كانت صور الرهائن الهزيلين الذين أُطلق سراحهم في 8 فبراير تذكيرًا لإسرائيل بضرورة التوصل لاتفاق جديد قبل وقوع المزيد من الوفيات. وفي المقابل، تدرك حماس أن رفض الصفقة قد يكون مكلفًا، خاصة بعد تهديد ترامب بـ«الجحيم» وغياب أي دعم مرتقب من إيران أو حزب الله، مما دفعها أساسًا للموافقة على الاتفاق. إذا تمكن ترامب من تمديد الهدنة أو منع استئناف القتال، فسيكون أمامه فرصة لوضع أسس استقرار جزئي في غزة والضفة، وتمهيد الطريق لاتفاق «التطبيع» بين إسرائيل والسعودية، وتوسيع اتفاقيات أبراهام. غير أن هذا يتطلب إنهاء الحرب، إلى جانب التزام إسرائيلي بمسار يقود إلى دولة فلسطينية، وهو أمر مستبعد مع الحكومة الحالية، لكنه قد يصبح ممكنًا تحت ضغط ترامب، خاصة إذا رأى فيه فرصة للفوز بجائزة نوبل للسلام.

ورث ترامب أيضًا فرصًا في لبنان، حيث كانت آفاق البلاد قاتمة حتى قبل حرب غزة، لكنها ازدادت سوءًا مع اندلاع المواجهات بين إسرائيل وحزب الله، ما أسفر عن آلاف الضحايا ونزوح عشرات الآلاف من المدنيين. عانى لبنان لعقود، وتفاقمت أزمته منذ 2011 مع تدفق أكثر من مليون لاجئ سوري. غير أن إضعاف حزب الله منح البلاد أخيرًا فرصة للتحرر من النفوذ الإيراني وبناء دولة أكثر استقرارًا وسيادة.

جاءت هذه الفرصة نتيجة للخسائر الفادحة التي تكبدها حزب الله منذ أن أخطأ في الانخراط بالحرب مع إسرائيل عقب هجمات 7 أكتوبر. رغم دعوات بعض المسؤولين الإسرائيليين لعملية عسكرية كبرى ضد الحزب، تردد نتنياهو في البداية تحت ضغط إدارة بايدن لتجنب التصعيد الإقليمي. وبحلول أواخر 2024، صعّدت إسرائيل ضرباتها ضد حزب الله، مستهدفة قادته ومقاتليه عبر عمليات اغتيال دقيقة، بما في ذلك مقتل حسن نصر الله، إضافة إلى غارات جوية دمرت بنيته التحتية العسكرية. وفي نوفمبر 2024 وافق حزب الله على وقف إطلاق النار دون شرط إنهاء حرب غزة، وسحب قواته إلى شمال الليطاني، ما أتاح انتشار آلاف الجنود اللبنانيين في منطقة عازلة بالجنوب.

كما فتح الاتفاق الباب أمام تغييرات سياسية كبرى، حيث تم انتخاب قائد الجيش السابق جوزاف عون رئيسًا للجمهورية، والفقيه نواف سلام رئيسًا للوزراء، وكلاهما ملتزم بتحسين الحكم وتعزيز استقلال لبنان. لا يزال حزب الله مؤثرًا في السياسة اللبنانية، لكن نفوذه تراجع بشكل ملحوظ، لا سيما مع تزايد سخط اللبنانيين من قيادته. كما أن قدرة إيران على دعمه ضعفت بفقدانها لنفوذها في سوريا. في ظل هذه الظروف، قد تحصل الحكومة اللبنانية الجديدة على دعم سياسي واقتصادي وعسكري دولي، بما في ذلك من الولايات المتحدة. وإذا تمكن ترامب من تجاوز معارضته التقليدية للمساعدات الخارجية، فستكون لديه فرصة لتعزيز قدرات الحكومة والجيش اللبنانيين، ما قد يسهم في مزيد من تهميش حزب الله والحد من النفوذ الإيراني في لبنان.

وأخيرًا، تأتي الفرصة الأكثر إثارة للدهشة في سوريا، التي كانت واحدة من أكثر المناطق اضطرابًا في الشرق الأوسط على مدى الخمسة عشر عامًا الماضية. فبعد سنوات من محاولات عزل بشار الأسد أو الإطاحة به، بحلول عام 2020، كانت الولايات المتحدة وحلفاؤها قد تقبلوا إلى حد كبير واقع استمرار حكمه. لكن مع انشغال العالم بأزمة غزة، ومع إضعاف إيران وروسيا بسبب صراعاتهما مع إسرائيل وأوكرانيا، وجدت المعارضة السورية، بقيادة هيئة تحرير الشام، فرصة للتحرك. ولم يكن من قبيل المصادفة أن تشن الهيئة هجومها العسكري مباشرة بعد اتفاق وقف إطلاق النار بين حزب الله وإسرائيل، الذي منع الجماعة اللبنانية من التدخل لإنقاذ الأسد كما فعلت عام 2011 عندما كان نظامه على وشك الانهيار.

المفاجئ بنفس القدر أن هيئة تحرير الشام، التي لا تزال مصنفة كمنظمة إرهابية من قبل الولايات المتحدة، أعلنت التزامها بحقوق الإنسان واحترام الأقليات، ونأت بنفسها عن ماضيها المتشدد. فجأة، اختفى النظام السوري الذي كان حجر الزاوية لنفوذ إيران في الشرق الأوسط، وشريان الدعم لحزب الله، ومستضيفًا للقوات الروسية، ومصدرًا رئيسيًّا لتجارة المخدرات، ليحل محله احتمال قيام سوريا جديدة. ولا يزال على الرئيس الجديد، أحمد الشرع، إثبات التزامه بتحقيق تغيير حقيقي، لكن مجرد وصوله إلى الحكم كان أمرًا لا يمكن تصوره قبل أشهر فقط.

ورغم أن السياسة الأمريكية لن تكون العامل الحاسم في تحديد نجاح أو فشل الوضع في سوريا، فإن واشنطن قادرة على التأثير. فقد يقرر ترامب رفع تصنيف الهيئة كمنظمة إرهابية في مقابل التزامها بالحكم الرشيد والتعاون في مكافحة الإرهاب، بما في ذلك الإبقاء على وجود عسكري أمريكي متفق عليه في الشمال الشرقي لمنع عودة تنظيم داعش. كما قد يخفف العقوبات ويدعم الاقتصاد السوري إذا التزمت الحكومة الجديدة بإغلاق القواعد البحرية الروسية. وقد يساعد سوريا في إيجاد بدائل للحبوب والنفط لتعويض خسارة الإمدادات الروسية والإيرانية. إضافة إلى ذلك، قد يستخدم ترامب نفوذ واشنطن لدى تركيا والأكراد السوريين لتسهيل اتفاق سياسي بينهم وبين النظام الجديد في دمشق.

لا تزال التحديات والمخاطر في الشرق الأوسط هائلة، بدءًا من الحكومات الضعيفة والصراعات العرقية والطائفية، وصولًا إلى التداعيات المستمرة لحرب غزة. لكن سيكون من الخطأ تجاهل الفرص التي خلقها المشهد الاستراتيجي الجديد، والتي بدت قبل عام أو حتى بضعة أشهر فقط بعيدة المنال. ولا شك أن ترامب سيرغب في تحقيق نجاح حيث فشل غيره من الرؤساء الأمريكيين، وهو ما يجعل أي شخص مهتم بالمنطقة يأمل في أن يتمكن من اغتنام هذه الفرصة.

فيليب جوردون دبلوماسي أمريكي وباحث في العلاقات الدولية.

نشر المقال في Foreign Affairs

مقالات مشابهة

  • فرصة تاريخية أمام أمريكا في الشرق الأوسط
  • مصر تحاصر مخطط الشرق الأوسط ضدها
  • ينتج 5000 كيلووات كهرباء .. تفاصيل مشروع الألواح الشمسية الجديد
  • عرقاب: المرأة الجزائرية كانت وستظل رمزاً للعطاء والقوة
  • خطة مصر بشأن غزة تعزز مكانتها في المنطقة
  • ‏في خطوة مهمة نحو تعزيز استخدام الطاقة المتجددة في العراق .. رئيس الهيئة الوطنية للاستثمار يؤكد ..
  • فريق الطاقة المتجددة: المباشرة بتطبيق منظومة الطاقة الشمسية على 5 آلاف بناية حكومية
  • وزير الخارجية الصيني: غزة للفلسطينيين
  • الخارجية الصينية: قطاع غزة ملك للشعب الفلسطيني
  • الصين: ندعم خطة القاهرة لاستعادة السلام في غزة