مهدت فرنسا لاحتلال المغرب بالتغلغل في البلاد وكان المدخل مدينة "الدار البيضاء" التي شهدت في غشت عام 1907 مذبحة رهيبة ردا على ثورة الأهالي ضد مظاهر التمدد الاستعماري.

فرنسا أرسلت بوارجها إلى "الدار البيضاء" ووجدت حجتها في مقتل عدد من العمال والمقيمين الأوروبيين يقدر عددهم بـ 9 أشخاص.

وكما هي العادة في مثل هذه الأحداث في الحقبة الاستعمارية يتم تشويه المقاومين الذين يدافعون عن بيوتهم ومدنهم وثقافتهم وإظهارهم كمتوحشين "يعضون" يد الدول الأوروبية "المتحضرة"، وتتمثل بالنسبة للمغرب في فرنسا وإسبانيا.

فرنسا أرسلت بوارجها لإخماد انتفاضة "الشاوية" وسكان المدينة الآخرين، فانهمرت القذائف "المتحضرة" الحارقة على السكان وكان يقدر عددهم في ذلك الوقت بثلاثين ألف نسمة.

أستاذ التاريخ المعاصر الدكتورعبد العالي المتليني، يوضح خلفيات تلك الانتفاضة العارمة وما تبعها من مجزرة رهيبة بالقول إن "تفاصيل هذه الواقعة بدأت يوم 28 يوليو1907، عندما تقدم ممثلو قبيلة مديونة إلى عامل الدار البيضاء أبو بكر بوزيد بلائحة مطالب، تركزت حسب أولوياتهم عل تحقيق ثلاث متمنيات، هي طرد المراقبين الفرنسيين من ديوانة الميناء، تخريب سكة الحديد التي أنشأها الفرنسيون بين الميناء والمحجر، والإيقاف الفوري للأشغال الجارية في الميناء".

سيطرة الأهالي على مدينتهم ردت عليه فرنسا بهجوم بحري من 5 على 7 غشت 1907، حيث قصفت البوارج الفرنسية بمدافعها الدار البيضاء وما جاورها، وقتلت عددا يقدر بين 1500 إلى 7500 شخص، علاوة على تدمير المدينة المغربية بشكل شبه كامل.

بعد القصف العنيف بالقنابل الحارقة من بوارج اصطفت على ساحلها، أنزل الفرنسيون قواتهم في المدينة "مع بعض الدعم من الإسبان، واستولوا على المدينة في غضون أيام قليلة وبدأت في قتل المتمردين والمدنيين بشكل عشوائي".

ما جرى للمدينة في تلك الأيام وصفه القبطان الفرنسي "كراسي" في كتابه "اختراق الشاوية" في جملة مختصرة ومعبرة قال فيها إن "الدار البيضاء منذ يوم 7 غشت 1907 لم تعد مسكونة إلا بالموتى".

تلك الأحداث الدموية استمرت بين خمسة إلى سبعة أيام، فقدت المدينة إثرها قسما كبيرا من سكانها، فيما تؤكد التقارير أن عواقب الدمار الهائل التي أحدثته قنابل البوارج الفرنسية الحارقة وشديدة الانفجار، بقيت حتى بعد الحرب العالمية الأولى.

بعد القصف البحري العنيف، وما تلا ذلك من دخول القوات البرية التي عاثت في المدينة نهبا وتقتيلا، تحولت "الدار البيضاء" التي كانت توصف في ذلك الوقت بأنها مدينة "مزدهرة" إلى أنقاض وأطلال.

المصادر الفرنسية تقلل من أعداد الضحايا وتقدرهم بين 600-1500، فيما ترفع المصادر الألمانية العدد إلى رقم يتراوح بين 2000-3000.

أما المصادر المغربية فتفيد بأن عددا قليلا فقط من سكان المدينة نجوا من المذبحة، في حين تؤكد مصادر محلية أخرى أن الدار البيضاء كان عدد سكانها لا يتجاوز ثلاثين ألف نسمة، قتل منهم في تلك المذبحة ما بين 6000 إلى 15000 شخص، وفر ما تبقى من السكان إلى الدواخل.

علاوة على ذلك، جرى اعتقال العديد من المقاتلين الذين شاركوا في تلك الانتفاضة المناهضة للاستعمار الفرنسي، وإعدام بعضهم وسجن البعض الآخر.

إذا أخذنا بعين الاعتبار التقديرات المغربية لعدد من سقطوا في تلك المذبحة يكون الفرنسيون قد قضوا على حوالي نصف سكان مدينة الدار البيضاء، ولا ذنب لهؤلاء الضحايا إلا تمسكهم بسيادتهم وثقافتهم الوطنية ورفضهم القاطع لسيطرة الأجانب على مقدرات بلادهم.

المصدر: أخبارنا

كلمات دلالية: الدار البیضاء فی تلک

إقرأ أيضاً:

الرئيس الفرنسي يستقبل نظيره اللبناني في باريس.. 28 مارس

أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الجمعة، أنه سيستقبل نظيره اللبناني جوزيف عون في باريس، يوم 28 مارس، في خطوة تعكس استمرار الاهتمام الفرنسي بالشأن اللبناني، ودعم الاستقرار والإصلاحات في البلاد.

وجاء الإعلان، عبر منشور لماكرون على منصة "إكس"، حيث تطرق إلى تفاصيل محادثة هاتفية أجراها مع رئيس الوزراء اللبناني نواف سلام، هنّأه خلالها على الجهود التي يبذلها مع حكومته لتعزيز وحدة لبنان وأمنه واستقراره، مؤكدًا أن فرنسا ملتزمة بدعم البلاد في هذه المرحلة الحساسة.

وقال ماكرون: "ناقشنا آفاق إعادة الإعمار والإصلاحات التي يتطلبها لبنان. هذا العمل ضروري ليس فقط للبنان، بل للمنطقة بأسرها".

وأضاف: "التزام فرنسا تجاه لبنان لا يزال كاملاً، من أجل تعافيه ومن أجل سيادته"، في إشارة إلى استمرار باريس في لعب دور محوري في دعم بيروت، خاصة في ظل الأزمات الاقتصادية والسياسية التي تمر بها البلاد.

إعلام إسرائيلي: لبنان يطالب بالحصول على رأس الناقورة في مفاوضات ترسيم الحدود البريةالجيش الإسرائيلي يشن غارات على مواقع لحزب الله جنوبي لبنانبموافقة مجلس الوزراء.. قيادات أمنية جديدة في لبنان| تفاصيلفرص عمل على مهنة غسيل وتشحيم في لبنان براتب 500 دولارهل تطبع إسرائيل العلاقات مع لبنان؟إعلام إسرائيلي: المفاوضات مع لبنان جزء من مسار شامل وخطة واسعةاسرائيل تعلن عن اتفاق مع لبنان على إجراء مفاوضات لترسيم الحدود البرية

وكان الرئيس الفرنسي قد زار بيروت في 17 يناير، بعد 9 أيام فقط من تولي قائد الجيش السابق جوزيف عون منصب رئاسة الجمهورية، في خطوة أكدت رغبة فرنسا في كسر الجمود السياسي الذي عاشه لبنان لأكثر من عامين بسبب الفراغ الرئاسي.

وبعد أيام قليلة من هذه الزيارة، تم تكليف نواف سلام برئاسة الحكومة، ما اعتبره مراقبون مؤشرًا على بداية مرحلة جديدة من الاستقرار السياسي النسبي.

كما سبق لماكرون أن أعلن خلال زيارته الأخيرة للبنان، عزمه عقد مؤتمر دولي لإعادة إعمار البلاد، في ظل الأضرار التي لحقت به نتيجة الحرب بين إسرائيل وحزب الله، والتي توقفت في 27 نوفمبر بعد دخول اتفاق لوقف إطلاق النار حيز التنفيذ. 

ويهدف هذا المؤتمر إلى حشد الدعم الدولي للبنان، خاصة في ما يتعلق بإعادة بناء البنية التحتية وتعزيز الاقتصاد المنهار.

وتسعى باريس إلى لعب دور رئيسي في مساعدة لبنان على الخروج من أزماته السياسية والاقتصادية، عبر الدفع نحو إصلاحات هيكلية، بالتوازي مع دعم الجهود الدولية لإعادة الإعمار، وهو ما يجعل لقاء ماكرون مع جوزيف عون في باريس، محطة مهمة في سياق العلاقات الفرنسية اللبنانية.

مقالات مشابهة

  • وكالة الأنباء: عندما تتهم فرنسا الجزائر وتتجاهل إمتيازاتها الخاصة
  • رغوة غامضة تجتاح أحد أحياء الدار البيضاء والسلطات تحقق في المصدر
  • ارتباك في حركة القطارات بالدار البيضاء بسبب الأشغال
  • FP: هل يتمكن حكام سوريا الجدد من مواجهة المشاكل التي زرعها الاستعمار الغربي
  • الرئيس الفرنسي يستقبل نظيره اللبناني في باريس.. 28 مارس
  • أم تتخلص من ابنتها.. جريمة مروعة تهز ضواحي الدار البيضاء بالمغرب
  • لاول مرة بعد خروجها من السجن .. دنيا بطمة تعود بحفل ضخم في الدار البيضاء
  • بعد عام من الغياب.. دنيا بطمة تُحيي حفلاً بالدار البيضاء
  • رفض السراح ل"ولاد الفشوش" رشقوا سائقين بالبيض في الدار البيضاء
  • طلبة كلية الطب والصيدلة بالدار البيضاء يشتكون "أزمة مالية"