المعاشات: التخطيط المالي السليم يبدأ من فهم دورة الحياة الشخصية وتحديد الاحتياجات وتبني قيم ناضجة في الإنفاق
تاريخ النشر: 12th, August 2024 GMT
أعلنت الهيئة العامة للمعاشات والتأمينات الاجتماعية بالتعاون مع الهيئة الاتحادية للموارد البشرية الحكومية عن تدشين برنامج التخطيط المالي الاستباقي “وفره” على منصة “جاهز”، حيث يركز البرنامج على رفع الوعي حول التخطيط المالي الاستباقي وثقافة الادخار والاستثمار المبكر، ويغطي البرنامج الجوانب الرئيسية للتخطيط المالي الشخصي، بما في ذلك إعداد الميزانية والادخار والاستثمار وإدارة الديون وتحقيق الاستقرار المالي والنمو والتطور الذاتي على المستوى الاقتصادي.
تتكون رحلة التعلم على المنصة من 9 وحدات، مقسمة إلى مرحلتين تشمل المستوى التأسيسي والمستوى المتقدم، ويغطي المستوى التأسيسي 6 وحدات، فيما يغطي المستوى المتقدم 3 وحدات إضافية يتم تدشينها في المراحل التالية من البرنامج، ويحصل المشاركون على شهادة إنجاز في نهاية كل مستوى من البرنامج، وبإمكان كافة المشتركين على منصة “جاهز” حضور هذه الدورات من خلال صفحة “المعارف” على المنصة.
تقدم الدورة الأولى” دورة الحياة الشخصية والرغبات والاحتياجات والقيم” رؤية حول العلاقة بين معدلات الاستهلاك الشخصية مقابل الدخل، والتمييز بين الاحتياجات والرغبات، وفهم كيفية تأثير القيم الشخصية على الإنفاق، وتبرز الدورة الاستراتيجيات التي تساعد على اتخاذ قرارات الشراء الصحيحة، ويكتسب المشاركون في الدورة المعرفة المالية الأساسية لتطوير مهارات التخطيط للميزانيات الشخصية، وزيادة المدخرات، وتبني عادات سليمة في الإنفاق والاقتراض.
القرارات المالية
تعتمد القرارات المالية على تحديد الاحتياجات والرغبات مقابل الدخل المتوقع، مع تبني استراتيجيات مثل “القيمة مقابل المال” و”الاحتياجات في مقابل الرغبات” أو “الضروري في مقابل غير الضروري”، وتبرز أهمية تعاون الشريكين حول كيف ومتى ومقدار الانفاق الفردي والأسري والوعي بقيم الادخار والتفرقة بين الاحتياجات والرغبات وتحمل المسؤوليات المشتركة التي تساهم في ترسيخ الاستدامة المالية من خلال ممارسات إنفاق صحية.
دورة الحياة
تتغير الاحتياجات خلال كل دورة من دورات الحياة من الطفولة وحتى الشيخوخة، ويستطيع الفرد أن يحدد احتياجاته خلال كل دورة، من خلال تحديد أهداف مالية واضحة، وعلى غرار تغير الاحتياجات، يتغير مستوى الدخل ومستوى الانفاق، وكل مرحلة يتمكن فيها الفرد من تحقيق الأهداف المخططة خلالها تساهم في الوصول إلى استقرار مالي على المدى القريب أو البعيد.
المال وأوجه الانفاق
تتمثل أوجه الانفاق في ثلاثة مجموعات وهي: الاحتياجات الأساسية وتشمل الضروريات التي لابد لكل شخص من الحصول عليها للبقاء على قيد الحياة، والرغبات الشخصية وتعبر عن الأشياء المرغوب فيها من كماليات مرجو امتلاكها، والطموحات الشخصية، وتعبر عن الأشياء أو التجارب التي يتمنى الأشخاص امتلاكها في المستقبل والأشياء التي لا حدود لها، وتتمثل المشكلة الأساسية في محدودية الموارد مقابل الرغبات غير المحدودة، وهنا يبرز دور الادخار لتحقيق كافة هذه الأهداف.
وتنقسم العوامل التي تؤثر في الاحتياجات، والرغبات والطموحات إلى عوامل داخلية وعوامل خارجية وتشمل العوامل الداخلية أسلوب الحياة، عدد أفراد الأسرة، القدرة على تحمل التكاليف، القيم، المعتقدات، السلوكيات، الانطباعات، والتفضيلات. أما العوامل الخارجية فتشمل التسويق والإعلان، وضغط الأقارب والأصدقاء، والتوجهات العامة، والشخصيات المؤثرة، وتلعب الظروف غير المتوقعة دورها في التأثير على دورة الحياة والتعاطي مع هذه العوامل، وهذا يعني أن على كل فرد عليه أن يقيم ظروف حياته واحتياجاته في كل دوره من دورات حياته حسب هذه المتغيرات وموائمة احتياجاته مع مدخولاته.
ومع ذلك تشير الأبحاث إلى أنه توجد العديد من العوامل التي تؤثر على اتخاذ القرارات المالية للأفراد وتعتبر القيم الشخصية أحد هذه العوامل، حيث إن مشاعر الشخص تؤثر على أفعاله وتصرفاته، والارتباط بين الأفكار والمشاعر والسلوكيات يرجع إلى قيمنا الشخصية التي نتبناها، لذلك فإن هناك أهمية لعدم انقياد الفرد خلف قيم غير صحية تؤثر سلباً على حياته الشخصية والعائلية.
محددات الاستثمار الأخلاقية
وهنا يبرز مصطلح هام وهو محددات الاستثمار الأخلاقية ويعنى مجموعة من محددات السلوك والقناعات التي تختلف باختلاف الأشخاص. حيث تتأثر الخيارات المالية للشخص بما يقترضه أو ينفقه أو يستثمره وإلى أي مدى يشعر أن باستطاعته إدارة التكاليف وتحمل العواقب، فالكثيرون على استعداد للاستدانة لكن السؤال لأي مدى يمكنهم سداد هذا الدين بمعنى هل القدرة على التخطيط للمستقبل ووضع الموازنات يتم في الإطار الصحيح أم لا، وعليه فإن ترتيب أولويات الإنفاق يساعد على تنظيم الشؤون المالية حسب درجة الأهمية من خلال إعطاء الأولوية للمشتريات الضرورية قبل المشتريات غير الضرورية
إدارة النفقات
تتعلق إدارة النفقات بالحصول على القيمة المرغوبة لقاء كل درهم يتم إنفاقه، وهذا لا يعني دائماً الحصول على الأشياء بأرخص سعر فالشيء الأرخص قد يؤدي إلى قيمة اقتصادية زائفة، وتعرف القيمة في مقابل المال بكونها جامعة للمقومات الأكثر منفعة من حيث التكلفة والجودة والملاءمة لتلبية متطلبات الأشخاص، وعموماً فإن للناس سلوكين شائعين تجاه إنفاق الأموال وهما: الأول إنفاق القليل من الأموال وادخار الكثير، والثاني إنفاق الأموال فور الحصول عليها، لذا يجب التفكير دائماً في الأمور التي نحن بحاجة إلى إنفاق أموالنا عليها أكثر من غيرها.
لماذا يعد ادخار المال مهماً؟
لكل شخص أسباب مختلفة للادخار، لكن وجود هدف مالي واضح يجعل من السهل ادخار المال، مثل الادخار تحسباً لأي طارئ، الادخار لسداد دفعة مقدمة لشراء منزل، تأمين الاحتياجات الأسرية في المستقبل، السفر في إجازة إلى الخارج، ضمان حياة مريحة عند التقاعد، ومع تفهم بعض أسباب الاقتراض إلا أن الادخار كممارسه أفضل من الاقتراض خاصة وأن الاقتراض الخاطئ يمكن أن يضر بالأهداف المالية، لذا قبل الاقتراض من المهم السؤال عما إذا كان الفرد بحاجة إلى الشيء الذي يقترض من أجله أم لا؟ والتأكد من حصول الفرد على دخل كافٍ في المستقبل لسداد قرضه.
المصدر: جريدة الوطن
إقرأ أيضاً:
أهم 4 دروس من سورة القصص.. لبناء الشخصية والمجتمع
سورة القصص هي إحدى السور المكية التي تضم العديد من العبر والدروس المستفادة التي توجه المسلم في حياته اليومية، وتساعده في فهم العوائق التي قد تواجهه وكيفية التعامل معها بالصبر والتوكل على الله.
هذه السورة تروي قصة موسى عليه السلام، وتقدم العديد من الدروس التي يمكن أن يستفيد منها المسلم في جميع جوانب حياته. وفيما يلي أهم أربعة دروس من سورة القصص، التي تساهم في بناء شخصية المسلم والمجتمع.
1. التوكل على الله والتفويض الكاملمن أبرز الدروس المستفادة من سورة القصص هو أن التوكل على الله هو السبيل لتحقيق النجاح والتفوق. في قصة موسى عليه السلام عندما كان في موقف صعب، حيث طاردته جيوش فرعون، وعندما وجد نفسه أمام البحر الأحمر، رفع يديه إلى الله وقال: "كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ" [القصص: 62].
كان التوكل على الله مصدرًا لقوة موسى عليه السلام، وبدعائه وتفويضه لله سبحانه وتعالى، انفلق البحر أمامه. هذا يعلّم المسلم أن لا ييأس أبدًا، وأن يضع ثقته الكاملة في الله مهما كانت الظروف.
2. الصبر في مواجهة الابتلاءاتتعلمنا سورة القصص أن الصبر هو مفتاح الفرج. فحتى في أشد اللحظات صعوبة، كان موسى عليه السلام صابرًا، وقد مر بتجارب مريرة منها الظلم في مصر، والطرد، ثم الغربة والابتعاد عن وطنه، إلا أن الله عز وجل كان يبتليه ليصنع منه شخصية عظيمة.
قال الله تعالى: "إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ" [القصص: 14]، وهذا يعني أن الله يضع المؤمن في اختبارات ليزيد من قوة إيمانه ويُقويه ليحقق مهمته في الحياة.
3. العدالة والحق لا يتأخرانسورة القصص تسلط الضوء على أن العدالة لا بد أن تتحقق في النهاية، رغم ما يبدو من تسلط الظالمين أو الظلم الذي يعيشه المؤمنون في بعض الأحيان. في قصة فرعون الذي ظلم واستكبر، أرسل الله له موسى ليحاربه في الظلم، وفي النهاية، لاقى فرعون مصيره المحتوم. قال الله تعالى: "وَفَجَّرْنَا الْبَحْرَ لِمُوسَىٰ فَفَجَّرْنَا فِيهِمْ لِمُوسَىٰ" [القصص: 60]، وهذا يعني أن الله سينتصر للحق ويجعل الظلم زائلًا في النهاية.
4. التمسك بالهداية والابتعاد عن الغرورفي درس آخر من سورة القصص، نجد أن موسى عليه السلام يُظهر لنا كيفية التمسك بتوجيهات الله وعدم التكبر أو الغرور بعد أن حصل على مكانة عظيمة في مجتمع بني إسرائيل.
كان موسى عليه السلام يحذر من الكبر، وأخذ العبرة من هلاك فرعون الذي قادته غروره وكبرياؤه إلى الهلاك، بينما ظل موسى عليه السلام متواضعًا ومخلصًا في عبوديته لله. قال الله تعالى في هذا الصدد: "وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَىٰ" [القصص: 31]، ليعلم موسى عليه السلام أن العظمة لله وحده، وأن الإنسان لا يجب أن يفتخر أو يغرّه ما يملكه من نعم.
سورة القصص تقدم للمسلم دروسًا هامة تساعده على التوكل على الله، والصبر في مواجهات الحياة، والتفاؤل بتحقيق العدالة في النهاية، والابتعاد عن الغرور. هذه الدروس تعد مصدرًا هامًا لكل مسلم يسعى لبناء شخصية قوية مستنيرة بالإيمان.