شاهد: حينما يتحول أسد البحر إلى مصور
تاريخ النشر: 12th, August 2024 GMT
ما يدركه العلماء عن الفضاء يفوق مجمل معرفتهم عما هو قابع في البحار والمحيطات، على الرغم من أن هذه المسطحات المائية تقع مباشرة بجانبنا، ويرجع ذلك لأسباب مهمة تتعلق بصعوبة الظروف البيئية التي تحكم النقاط المائية العميقة التي يكون الضغط فيها مرتفعا جدا.
ويعرف العلماء أن ثمة عديدا من البقاع الحيوية ومواطن الحيوانات غير المكتشفة بعد، وهذا ما دفع مجموعة من العلماء الأستراليين إلى ابتكار حيلة بتوظيف مجموعة من أسود البحر، وهي حيوانات برمائية شبيهة بالفقمات، للقيام بعمل المصورين في أعماق البحار، وكانت النتائج مذهلة في الدراسة التي نشرت في دورية "فرونتيرز إن مارين ساينس".
ويقول الباحثون في دراستهم إنه بالنسبة لرسم خرائط ومسح الموائل البحرية، توفر مقاطع الفيديو التي تنقلها أسود البحر الأسترالية مزايا فريدة، حيث يمكن تسجيل الفيديو عبر مناطق كبيرة من القاع في أطر زمنية قصيرة، مع عدد أقل من الأفراد بتكلفة منخفضة نسبيًا.
ويوضح الباحثون أنه يمكن جمع مقاطع الفيديو من الأعماق والموائل والمناطق البحرية التي يصعب أو يستحيل الوصول إليها باستخدام طرق أكثر تقليدية، مثل مسوحات الغواصين ونشر الكاميرات التي يتم سحبها وإسقاطها.
وتوفر مقاطع الفيديو التي تنقلها الحيوانات من أسود البحر الأسترالية أيضا طريقة جديدة لفهم القيمة البيئية للموائل القاعية المختلفة من منظور المفترس، مما يكمل الأساليب التقليدية، التي تقيم جودة الموائل وأهميتها.
نتائج مذهلة ولقطات من العالم السحيقبعد تحليل بيانات اللقطات المصورة التي التقطتها أسود البحر، تمكن الباحثون من تحديد 6 موائل حيوية تغطي مساحة 5 آلاف كيلومتر مربع من قاع البحر الواقع جنوب أستراليا مباشرة، وتوفر هذه البيانات القدرة على الوصول إلى الكائنات المهددة بالانقراض واكتشاف كائنات حية جديدة.
وقد استعان الباحثون بـ8 من أسود البحر الإناث، مزودة بكاميرات صغيرة وخفيفة وأجهزة تتبع ألصقت بطريقة آمنة فيهن، ولا يتجاوز وزن جميع الإضافات 1% من وزن جسم أسد البحر، مما سمح بتحركها دون قيود، وجرت عملية التسجيل 3 أيام قبل جمع جميع البيانات.
وبطبيعة الحال، يعزى اختيار الإناث فقط، لإجبارهن على العودة إلى نقطة الانطلاق حيث يوجد صغارهن لإرضاعهن في مراكز مخصصة.
وقد استخدم الباحثون نماذج حاسوبية للتنبؤ بالموائل الحيوية الستة التي جرى رصدها من مقاطع الفيديو الملتقطة البالغ مجموعها نحو 89 ساعة، لتسهم الدراسة بشكل كبير في تحديد المناطق الحيوية في قيعان البحار، وأماكن وجود الحيوانات المهددة بالانقراض، بما فيهم أسود البحر التي انخفضت نسبة وجودها في جنوب وغرب أستراليا بنسبة 60% خلال العقود الثلاثة الأخيرة.
ويعد استخدام الحيوانات في عمليات الاستكشاف والتنقيب من الطرق الآمنة وغير المكلفة، نظرا لقدرة هذه الكائنات الحية على التنقل في بيئات ذات ظروف قاسية على الإنسان والآلة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات مقاطع الفیدیو أسود البحر
إقرأ أيضاً:
هل تنهي الاختبارات التكنولوجية استخدام الحيوانات في ابتكار الأدوية؟
شهدت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية (اف دي ايه FDA) منعطفا حاسما في مجال ابتكار الأدوية، من خلال التخلي تدريجيا عن اختبارات الأجسام المضادة وحيدة النسيلة على الحيوانات، وهي علاجات تستخدم تحديدا لمعالجة الأورام وأمراض معقدة أخرى.
ويرمي هذا القرار إلى « تسريع عملية ابتكار الأدوية »، وخفض « تكاليف البحث والتطوير وبالتالي أسعار الأدوية ».
وأكدت إدارة الغذاء والدواء أن « آلاف الحيوانات، بينها كلاب وقردة، ستنقذ سنويا بفضل اعتماد هذه الأساليب الجديدة ».
وقد فتحت الولايات المتحدة عام 2023 المجال لبيع الأدوية المبتكرة من دون الاستعانة بالحيوانات.
وبدأت راهنا تتخذ خطوات فعالة، إذ تعتزم إطلاق برنامج تجريبي يتيح لمصنعي الأجسام المضادة وحيدة النسيلة إجراء الفحوص الكاشفة عن السمية (تجرى قبل إجراء التجارب على البشر) من دون الحاجة إلى إجراء اختبارات على الحيوانات.
وتأتي هذه الاستراتيجية في وقت تخطط إدارة ترامب لإلغاء 10 آلاف وظيفة في وزارة الصحة والهيئات الإنسانية والوكالات الصحية، مما يثير مخاوف بشأن تأخير إصدار الموافقات على الأدوية الجديدة.
وعلى أوربا أيضا أن تحدد هذا العام الإجراءات اللازمة للتخلص تدريجيا من التجارب على الحيوانات في تقييم سلامة المنتجات الكيميائية، بما في ذلك الأدوية.
لا تزال القوانين الأوربية تشترط إجراء اختبارات على الحيوانات قبل إصدار ترخيص ببيع الدواء أو المنتج.
إلا أن الابتكارات التكنولوجية توفر بدائل في مجال الأبحاث الطبية، بحسب لجنة « برو انيما » العلمية التي تعمل على تسريع التحول نحو البحوث التي لا تستعين بالحيوانات.
وتشكل هذه الابتكارات فرصة يمكن استخدامها، إذ أن النماذج الحيوانية لا تسمح بالتنبؤ بالسمية لدى البشر في 50% من الحالات على الأقل، بحسب الوكالة الوطنية الفرنسية للأبحاث.
بالإضافة إلى الذكاء الاصطناعي، تعد العضيات – وهي أنظمة زراعة خلايا تنتج نسخا ثلاثية الأبعاد مصغرة من العضو – والأعضاء على الشرائح الكترونية، والتي تحاكي عمل العضو على نطاق بطاقة الذاكرة، أدوات تجريبية جديدة.
وهذه التقنيات قادرة على اختيار الجزيئات واختبار فعاليتها ودرجة سميتها باستخدام كمية قليلة جدا من المواد البيولوجية، وتتحدث عنها منظمات أبحاث كبرى على أنها استجابة لقانون عن التجارب التي تحد بشكل متزايد من استخدام الحيوانات.
ويبقى أن نرى إلى أي مدى سيتم أخذ هذه الأساليب الجديدة في الاعتبار في خارطة الطريق التي وضعتها المفوضية الأوربية بشأن تقييم المخاطر الكيميائية، والتي يتوقع أن تصدر بحلول نهاية العام.
و »كيف ستقوم هيئات تنظيم الأدوية بدمجها في معاييرها لقبول طلبات التسويق »، بحسب « برو أنيما » .
تقول هذه المنظمة « إذا كانت أوربا تريد أن تبقى مبتكرة وقادرة على المنافسة، فيتعين عليها أن تتبع « المسار الذي اتخذته الولايات المتحدة والهند التي ألغت إلزامية إجراء الاختبارات على الحيوانات في عملية ابتكار الأدوية.
وكانت هولندا قد اتخدت خطوة في هذا الخصوص من خلال افتتاح مركز انتقالي وطني مخصص لطرق استبدال التجارب على الحيوانات والحد منها.
يعتبر مختبر « ميرك » الألماني أن « من الضروري وضع خارطة الطريق هذه بواقعية »، مؤكدا أنه « نجح في خفض عدد الحيوانات » المستخدمة في أبحاثه « بنسبة تزيد على 20% » خلال السنوات الخمس الماضية.
ويضيف إن « التحدي والعائق الرئيسيين لا يتمثلان في التكنولوجيا البديلة في ذاتها، بل في العملية الطويلة والبيروقراطية لقبول الأساليب البديلة من قبل السلطات الصحية في مختلف أنحاء العالم ».
وبينما بدأ التخلي عن استخدام الحيوانات في الأبحاث، لا تزال هذه الممارسة تعد سابقة لأوانها في الجراحة التنظيرية داخل الجسم (القلب، والجهاز الهضمي، وأمراض النساء…)، التي يتم إجراؤها جزئيا على الحيوانات.
وحتى اليوم، لا توفر النماذج المختبرية والمحاكاة الحاسوبية « استجابة لمسية واقعية للجراح، ولا يمكنها إعادة إنتاج النزف المرتبط بالثغرات الوعائية بشكل صحيح »، بحسب الأكاديمية الفرنسية للطب.
(وكالات)
كلمات دلالية أدوية ابتكارات اختبارات حيوانات دراسة