#الحسابات_الحساسة بين #عمان و #طهران – #ماهر_أبو طير
أقرأ تقريرا عبر موقع BBC عن العلاقات الأردنية الإيرانية، معنون بعنوان يقول..”العلاقات الأردنية الإيرانية..السعي لتحقيق حسن الجوار يواجه تاريخا مثقلا بالتوترات والاتهامات وسحب السفراء” ، والتقرير لم يأت بمفاجئ لكنه يستحق التعليق والتوافق والتضاد أيضا.
التقرير المطول يستعرض علاقات الأردن وإيران منذ عهد الشاه، مرورا بقدوم الخميني للحكم، والتوترات الأردنية الإيرانية الشديدة منذ الحرب العراقية الإيرانية، مرورا بمحطات مختلفة، أغلبها على صلة بخروقات مخابراتية في الأردن، وما يرتبط بإغراءات إيرانية على مستوى الدعم الاقتصادي والسياحة الدينية، وما يرتبط أيضا بمهددات الحدود الأردنية السورية والعراقية، والوضع في فلسطين ولبنان، وتأثير كل هذه الدول على الأردن مرورا باليمن.
تزامن التقرير مع زيارة وزير الخارجية الأردني الى طهران في توقيت فاصل، سبقه بشهور عبور الصواريخ والمسيرات الإيرانية سماء الأردن في طريقها إلى الاحتلال الإسرائيلي، وسط مخاوف من تكرار ذات النمطية في حال قررت إيران الرد مجددا عبر سماء الأردن، وهذا أمر مستبعد حتى الآن، وفقا لمعلومات مؤكدة تتحدث سراً عن جدولة الرد الإيراني، لعل وقفا للحرب في غزة يحدث نهاية هذا الأسبوع، أو لكون الرد الإيراني سيأتي بوسائل مختلفة عن نمطية شهر نيسان في كل الأحوال، أو عبر منصات بديلة في الإقليم، بعيدا عن الأردن مرحليا.
مقالات ذات صلةيمكن القول بكل صراحة أن تحسين العلاقات الأردنية الإيرانية وهو ما تحدث عنه الوزير في طهران يبدو “استحالة عاطفية” في هذا التوقيت على الأقل، فرضتها اللحظة الحرجة، وهذا يعني أن الزيارة برمتها تكتيكية وتستهدف خفض التصعيد، وتجنيب الأردن الرد الإيراني.
بالمقابل هناك قوى سياسية أردنية، تريد تحسين العلاقة مع طهران، والتوازن في العلاقات وعدم معاداتها، خصوصا، ان هؤلاء يعتقدون ان بقية التحالفات الأردنية مع غير إيران هشة ووظيفية وغير مجدية، فوق أن تحسين العلاقة بنظرهم يجنب الأردن انقلابات العلاقات الدولية والإقليمية، واحتمالات التصالح مع إيران، في توقيت قد يخرج فيه الأردن فرقا في الحسابات.
تتجلى الاستحالة هنا لاعتبارات أبرزها أن الأردن وإيران يقفان في معسكرين مختلفين أصلا منذ النشأة والتأسيس وعبر الممارسات المتراكمة، ولكل معسكر مواصفاته، واشتراطاته، وتعريفاته، كما أن التقارب بين البلدين يبدو ممكنا تكتيكيا وبشكل مؤقت في التوقيت الحالي ضمن حدود دنيا فقط لاحتياجات طهران البراغماتية لقنوات عربية أو دولية للتواصل مع الولايات المتحدة أو غيرها، أو لغايات توظيف إيران لخاصرة الأردن للضغط على الأمن الإقليمي وترقية شروط تفاوضها الإستراتيجية، كون الأردن البلد الوحيد في الهلال الخصيب الذي ما يزال خارج النفوذ الإيراني حتى الآن، بما يعنيه ذلك من كلف جوار لفلسطين، وتأثيرات ذلك على إسرائيل.
لكن الابتعاد الأردني الإستراتيجي عن طهران لم يمنع عمان من التواصل مع طهران مؤخرا، وهذا يعني أن القنوات ليست مغلقة تماما، وربما يفترض الأردن هنا على الأقل توقف طهران عن اعتبار الأردن مجرد ساحة يتم استهدافها أو المرور منها، خصوصا، ان الأردن لديه خواصر أمنية حساسة مؤلمة في علاقاته الإقليمية، وهي خواصر متطلبة أيضا.
يرى محللون هنا أن حسابات الأردن برغم كل نقاط الضعف يجب أن تتنبه إلى سيناريوهين بخصوص العلاقة مع إيران، الأول احتمالات انفجار حرب شاملة في كل المنطقة واين سيقف الأردن فيها، وماهية تصنيفه، ومدى قدرته على حماية نفسه من المعسكر الإيراني وعواصمه، بحيث لا يكون مستهدفا، والثاني احتمالات قطف إيران لثمار دورها الإقليمي في أي تسوية دولية محتملة مع طهران والتي ستعيد التموضع في المنطقة، وبحيث لا يلتحق الأردن بقافلة إعادة صياغة خرائط الجغرافيا والنفوذ، أو يخرج من إعادة رسم الإقليم بخسائر لا يريدها.
سقوف الأردن اليوم محددة فقط بعزل الأردن عن الرد الإيراني إذا وقع، قدر الإمكان، والكلام عن العلاقات الثنائية الفاعلة، مجرد عنوان دبلوماسي في صياغات البيانات الرسمية، فيما نفوذ إيران الإقليمي بات كالسوار يحيط الأردن من كل الجهات، بما لا يمكن تجاوزه أو اغفاله.
حسابات التقارب والتباعد بين الأردن وإيران معقدة وغامضة جدا.
الغد
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: عمان طهران ماهر أبو الأردنیة الإیرانیة الرد الإیرانی
إقرأ أيضاً:
اعتقال بريطانيين في إيران.. سياقات التصعيد وانعكاساته
طهران- مثلت قضية اعتقال السلطة القضائية الإيرانية مواطنين بريطانيين -في ديسمبر/كانون الأول الماضي- بتهمة التجسس وجمع المعلومات تحت غطاء السياحة خطوة جديدة في سياق التوتر بين طهران ولندن، أثارت ردود فعل دولية وتساؤلات حول تداعياتها على العلاقات بين البلدين.
وأوضح المتحدث باسم السلطة القضائية أن المعتقلين كانوا ينشطون في عدة محافظات، وأنهم تعاونوا مع مؤسسات تعمل كواجهة لأجهزة استخبارات غربية، ويأتي هذا الإعلان في ظل تصاعد التوتر بين طهران ولندن، لا سيما بعد فرض بريطانيا عقوبات جديدة على مسؤولين إيرانيين بسبب ما وصفتها بانتهاكات حقوق الإنسان.
كما أنه يتزامن مع تحركات دبلوماسية، أبرزها لقاء السفير البريطاني في طهران هوغو شورت مواطنين بريطانيين محتجزين في سجن كرمان الإيراني، وهو لقاء نادر أثار تكهنات حول إذا ما كان جزءا من جهود لحل قضايا المعتقلين عبر قنوات خلفية.
وتاريخيا، شهدت العلاقات الإيرانية البريطانية أزمات متكررة تتعلق بمزدوجي الجنسية، إذ سبق أن اتُهمت طهران باستخدامهم كورقة ضغط سياسية، وهو ما تنفيه السلطات الإيرانية، مؤكدة أن القضايا الأمنية تُنظر وفق القوانين المحلية من دون اعتبارات خارجية.
رأى الدبلوماسي الإيراني السابق أبو القاسم دلفي أن التطورات الأخيرة تعكس مرحلة إعادة ضبط في العلاقات بين البلدين، مشيرا إلى أن القنوات الدبلوماسية لا تزال مفتوحة رغم التصعيد الأمني.
إعلانوقال دلفي للجزيرة نت إن ما نشهده ليس مجرد أزمة أمنية، بل إنه جزء من مشهد أكبر يتضمن إعادة تقييم العلاقة بين طهران ولندن، حيث لا يبدو أن الطرفين يسعيان إلى القطيعة الكاملة.
وأشار إلى أن السماح بلقاء القنصليين البريطانيين مع المعتقلين يعكس توجها أكثر توازنا في إدارة الملف، مقارنة بفترات سابقة شهدت قيودا أكبر على مثل هذه اللقاءات.
وأضاف أن تعيين سفير جديد لإيران في لندن بعد فترة من إدارة السفارة على مستوى قائم بالأعمال فقط قد يكون إشارة على رغبة في إعادة ترتيب العلاقات، لكنه شدد على أن ذلك لا يعني غياب المشكلات العالقة.
وقال دلفي إن علينا أن ننتظر لنرى إذا ما كانت هذه التطورات ستؤدي إلى تغييرات جوهرية في العلاقة بين البلدين، أم أنها مجرد إجراءات شكلية في سياق التعامل مع الضغوط الدولية.
كما أشار إلى أن وصول حزب العمال وتولي رئيس الوزراء كير ستارمر الحكم قد يؤدي إلى تغييرات في السياسة البريطانية تجاه إيران، إذ قد تتبنى الحكومة الجديدة نهجا أكثر براغماتية مقارنة بالإدارات السابقة.
جدل قانونييثير اعتقال مزدوجي الجنسية تساؤلات من الناحية القانونية حول مدى التزام الدول بمعايير المحاكمة العادلة والإخطار القنصلي ويشير أستاذ القانون الدولي محسن عبد اللهي إلى أن إيران لا تعترف بالجنسية الثانية لمواطنيها، مما يعني أن مزدوجي الجنسية الذين يتم احتجازهم يُعاملون حصريا كمواطنين إيرانيين.
وأوضح عبد اللهي، في حديثه مع الجزيرة نت، أن نهج إيران يستند إلى مبدأ مفاده أن الجنسية الأساسية هي التي تُطبق داخل حدودها، ولذلك لا تعتبر نفسها ملزمة بتنفيذ أحكام الإخطار القنصلي المنصوص عليها في اتفاقية فيينا لعام 1963 بشأن المواطنين الإيرانيين الذين يحملون جنسية أخرى.
وأضاف أن العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية لعام 1966، وكل من إيران والمملكة المتحدة طرف فيه، يكفل حقوق المحاكمة العادلة لأي شخص محتجز، بغض النظر عن جنسيته.
إعلانكما أشار عبد اللهي إلى أن حالات سابقة شهدت توترات مماثلة، مثل قضية المواطنة نازنين زاغاري راتكليف، التي اعتقلتها السلطات الإيرانية عام 2016 ورفضت الاعتراف بجنسيتها البريطانية، رغم مطالبة لندن بتوفير الحماية الدبلوماسية لها.
وتطرق أيضا إلى اتفاقية لاهاي لعام 1930، التي تنص على أن الدول لا يمكنها تقديم الحماية الدبلوماسية لمواطنيها مزدوجي الجنسية في مواجهة الدولة التي يحملون جنسيتها الأساسية، ومع ذلك، أوضح أن القانون الدولي المعاصر يتجه نحو السماح بمنح هذه الحماية إذا كانت جنسية الشخص الغالبة هي جنسية الدولة التي تسعى لتقديم الدعم، شريطة أن تكون هذه الجنسية هي المهيمنة وقت وقوع الضرر والمطالبة بالحماية.
وأكد عبد اللهي أن معظم التدخلات الحكومية في قضايا مزدوجي الجنسية على الساحة الدولية تتعلق بالمطالبات بالتعويضات المالية أكثر من القضايا الأمنية، وأضاف أنه لم يُعرض أي ملف أمني من هذا النوع حتى الآن أمام محكمة دولية، إذ تُحل هذه القضايا عادة عبر القنوات الدبلوماسية.
وفيما يتعلق بالموقف الإيراني، أوضح عبد اللهي أن السلطات تنظر إلى قضايا مزدوجي الجنسية ضمن إطار أوسع من المخاوف الأمنية، كما أشار إلى بعض التقارير تزعم تورط مزدوجي الجنسية في أنشطة استخباراتية ضد المنشآت النووية والصاروخية الإيرانية.
وأضاف أنه في ظل هذه الظروف، ترى إيران أن التعامل مع المحتجزين مزدوجي الجنسية يخضع لاعتبارات أمنية، وليس فقط للمعايير المعتادة للحماية الدبلوماسية، وشدد على أن النهج الأكثر فاعلية بالنسبة لإيران في هذه القضايا هو تعزيز الشفافية في الإجراءات القضائية والالتزام بشكل أكبر بمعايير المحاكمة العادلة، الأمر الذي من شأنه أن يخفف الضغوط الدولية.
إعلانوقال "عندما تصبح القضايا الأمنية محور العلاقات الدولية، فإن الحلول القانونية البحتة لا تكفي، ويتعين على الدول إيجاد توازن بين الاعتبارات الأمنية والالتزامات الدولية".