“دول الطوق” ولعنة الجغرافيا والرد المرتقب لجبهة الإسناد
تاريخ النشر: 12th, August 2024 GMT
يمانيون – متابعات
بلغة المنطق القومي والعسكري والاجتماعي والديني والإنساني، يعد الكيان الإسرائيلي كياناً محاصراً من كل الجهات، بدول عربية إسلامية، كانت تحمل أشد العداء للكيان، وما زالت شعوبها كذلك وإن تغيرت الأنظمة باتجاهات سفلى من العداء، والذي يمكن أن يوصف اليوم بأنه أصبح في خانة الصداقة والولاء، مع الأسف الشديد.
إن دول الطوق كما باتت تعرف، تتشارك مع فلسطين وأهلها قيم الإنسانية والعروبة واللغة والثقافة وقبل كل ذلك الدين، لكن على ما يبدو فإنه لم يبقَ لهذه العوامل أي تأثير اليوم.
بالنظر إلى قطاع غزة، بل إلى كل فلسطين التاريخية من البحر إلى النهر، نتساءل عن سبب فرض الحصار الإسرائيلي على غزة، لماذا لا يكون الكيان الغاصب هو الطرف الذي يعاني من الحصار وليس غزة.
كانت الجغرافيا تلعب دوراً محورياً في هذا السياق، ولكنها في الحالة الفلسطينية فقدت الشيء الكثير من هذا الدور، لصالح السياسة، وهي سياسية الانبطاح للعدو الإسرائيلي، تحت عناوين ما أنزل الله بها من سلطان، مثل اتفاقية كامب ديفيد ووادي عربة، وهي بأي حال من الأحوال لا تعني أبداً، السماح للكيان فرض حصاره المتوحش والنازي على أهالي القطاع الذين يتجاوز عدد سكانهم مليونين ونصف المليون إنسان.
لم تعد الجغرافيا، وما ترافق معها من عوامل الدين واللغة ووحدة الأرض والثقافة، قادرة على القيام بدورها، المفترض. قد نتفهم ذلك جزئيًا، في حالة حروب مثل سيف القدس ووحدة الساحات، وما قبلهما، فقد كانت حروباً قصيرة، وقليلة الدمار والقتل، نسبيًا، وسمحت مدتها القصيرة بغض الطرف عن كل هذه المحفزات للإسناد والإنقاذ، إن صح التعبير.
أما اليوم، وبعد عشرة أشهر من التوحش المدعوم غربيًا، بقيادة واشنطن، وعشرات الآلاف من الشهداء والجرحى والدمار الهائل الذي لحق بقطاع البنية التحتية والمشافي والمدارس والمساكن المدمرة بنسبة تصل إلى 80 بالمئة وفق آخر التقديرات، فقد بات من غير المقبول إنسانياً وأخلاقياً ودينياً وقومياً، أن تبقى دول الطوق وما بعد الطوق، في حالة من الصمت والسكوت والتخاذل.
نعم، هذا غير مقبول، إلا أن الطامة لم تعد هنا مع الأسف الشديد، فقد تحولت الدول إياها إلى أسوار تمنع وصول أدنى أذى إلى الكيان الغاصب، ولأول مرة في التاريخ تكتب الصحافة الغربية عناوين من قبيل: الجيش العربي يدافع عن إسرائيل، لقد مثلت تلك الحالة صدمة كبيرة جدًا، للحيثيات المشار إليها آنفًا، وللمواقف العربية المؤكدة في قمة الخرطوم، واللاءات الثلاث، كيف تحولت هذه اللاءات في وجه فلسطين مع الأسف الشديد.
أي لعنة حلت بالجغرافيا العربية، لتتحول إلى سور يصد عمليات الإسناد الإيرانية واليمنية والعراقية لغزة بمواجهة الكيان الغاصب، هل ما تزال تلك الجغرافيا عربية فعلًا؟ نعم هي عربية، لكن قرارها لم يعد عربياً، أصبح بيد واشنطن، لمصلحة إسرائيل.
في خطابه الأخير، وبمرارة تحدث السيد القائد عبدالملك الحوثي، عن الأسوار وطبقات الدفاعات التي يجب على الصواريخ والمسيرات اليمنية أن تتخطاها، وتناور وتتخفى عنها، وهي عربية مع الأسف الشديد مجدداً.
كان سماحته يدرك جيداً من البداية، أن هناك حماية عربية للكيان، بصورة مباشرة وغير مباشرة، ولذلك حثهم وطلب إليهم، فقط أن “استمروا في الرقص والتصفيق، واتركوا الحرب لأهلها”، فلا هم اكتفوا بالرقص، ولا هم تركوا الحرب لأهلها، بل انخرطوا بكل قوة في الدفاع عن إسرائيل أكثر من دفاعهم عن أنفسهم، والجملة الأخيرة من كلام السيد الحوثي (حفظه الله).
الآن.. مع الأسف العميق.. يبدو أن إيران في حال نفذت ضربتها على الكيان، فإن دولًا عربية ستعتبر ذلك انتهاكًا لسيادتها، وهذا لَعمري لمن أشد نكبات ونكد الدهر، إن كانوا قد تخلوا عن واجب الدين والعروبة والجوار الجغرافي، فلماذا ينخرطون ضدها؟ هذه الجغرافيا التي كان يفترض بها أن تستقبل المجاهدين، وتفتح الحدود أمامهم ليعبروا إلى غزة وكل فلسطين فيقدموا الدعم والإسناد لأهلها وصولاً إلى تحريرها، أصبحت تستقبل الدفاعات والجنود الأمريكيين لحماية الكيان. والادعاء أن هذه اتفاقيات تعاون، هذا ليس صحيحاً، هي ليست اتفاقيات تعاون، وإنما تهاون، وتخاذل وتقاعس عن القيام بالدور الإنساني والقيمي والأخلاقي والديني.
لنا أن نتخيل الآن، أن مهمة الرد التي أشار إليها السيدان الجليلان العزيزان من صنعاء وبيروت، والبحث عن الهدف الحقيقي، واحد من أهم أسباب تأخر ذلك هو الجغرافيا. إنها اللعنة التي تحل على أهلها، بعد تخليهم عن واجبهم. للمرة الألف.. مع الأسف الشديد.
– موقع العهد / علي الدرواني
المصدر: يمانيون
إقرأ أيضاً:
تفاقم المأساة الإنسانية في قطاع غزة جراء الأمطار والبرد الشديد (شاهد)
تتصاعد حدة المأساة الإنسانية في قطاع غزة مع تواصل هطول الأمطار الغزيرة في ظل معاناة النازحين تحت ظروف معيشية متردية جراء العدوان الإسرائيلي، ما أسفر عن استشهاد 7 أطفال بسبب البرد القارس فضلا عن تعرض عشرات الخيام لأضرار جسيمة.
وكشفت وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" عن تعرض أكثر من 100 خيمة في منطقة خانيونس في قطاع غزة لأضرار جسيمة بعدما غمرتها مياه الأمطار الغزيرة.
#Gaza: heavy rain continues, tripling the misery.
• Khan Younis: extensive damage with over 100 tents flooded.
• Around 500 families still live along the Gaza shoreline.
Displaced people, already living through the unlivable due to the war, are now battling heavy… pic.twitter.com/f2nnMrQZsZ — UNRWA (@UNRWA) December 31, 2024 هنا غزة
هنا الخيام،
هنا الموت الزؤام..! pic.twitter.com/L4WID7whBD — أنس الشريف Anas Al-Sharif (@AnasAlSharif0) December 31, 2024
وأشارت الوكالة في بيان عبر حسابها الرسمي على منصة "إكس"، إلى أن أكثر من 500 أسرة فلسطينية لا تزال تعيش على طول ساحل قطاع غزة.
وشددت الوكالة الأممية على أن "النازحين الذين يعيشون بالفعل في ظروف غير صالحة للعيش بسبب الحرب، يكافحون الآن العواصف المطرية الغزيرة"، مؤكدة أهمية أن "تصل المزيد من المساعدات الإنسانية المنتظمة إلى غزة لمساعدة الناس على البقاء دافئين هذا الشتاء".
في السياق ذاته كشفت منظمة الأمم المتحدة للطفولة "اليونيسف" عن استشهاد 7 أطفال خلال الأيام الأخيرة بسبب البرد القارس في قطاع غزة، موضحة أن احتياجات الأسر في ظل هذه الظروف "هائلة".
وكان التوأم علي وجمعة من عائلة البطران وسط غزة توفيا خلال الأيام الماضية بسبب شدة البرد وغياب مقومات الحياة في القطاع الذي يتعرض لحرب إبادة إسرائيلية متواصلة للعام الثاني على التوالي.
ويعيش النازحون في قطاع غزة في ظل ظروف معيشية متردية، بالإضافة إلى شح في مستلزمات الحياة الأساسية والملابس والفراش والأغطية في فصل الشتاء.
ولليوم الـ452 على التوالي، يواصل جيش الاحتلال الإسرائيلي في ارتكاب المجازر المروعة، ضمن حرب الإبادة الجماعية التي يشنها على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، مستهدفا المنازل المأهولة والطواقم الطبية والصحفية ومراكز الإيواء.
وارتفعت حصيلة ضحايا العدوان الوحشي المتواصل على قطاع غزة إلى ما يزيد على الـ45 ألف شهيد، وأكثر من 108 آلاف مصاب بجروح مختلفة، إضافة إلى آلاف المفقودين تحت الأنقاض، وفقا لوزارة الصحة في غزة.