نور الشريف.. محمد جابر محمد: الفنًّان المثقف.. المناضل.. الإنسان
تاريخ النشر: 12th, August 2024 GMT
لا يختلف النقاد حول براعة الفنان الراحل نور الشريف، ذلك الرجل الذي أراد أن يجسِّد لنا الحالة الإنسانية على الشاشة، استطاع برشاقة ومرونة أن يتلوَّن أمام الكاميرا، تلك الأداة التي تسحر الناس عبر شاشاة السنيما والشاشة الصغيرة، كان محمَّد جابر محمَّد واحدًا من الذين امتلكوا أدوات الوقوف أمامها، فأثر قلوب محبيه.
وقف نور الشريف في أحد المهرجانات الفنية قائلًا: ليس مُرحَّب كثيرًا بالمثقف، بقدر ما هو مرحَّبٌ بالإعلاميين، وهذه كانت حقيقة قالها نور الشريف بأكثر من صيغة، في أكثر من لقاء، محاولًا الدفع بفكرة أنَّ الثقاف لدى الفنَّان شيئًا ضروريًا، لا سيَّما وأنَّه صاحب رسالة يوجهها للجمهور المتابع أمام الكثير من الرسائل التي يواجهها كل يوم. فالفنان كان يؤمن بضرورة الثقافة وحتميتها، ولا يقتنع بفكرة الرمز أوا لشخص الملهم، فخلال حوار له عام 2008، أكَّد لا يوجد شخص يمثل رمزا أو علامة في العالم كله، قائلًا: "نحن في زمن خال من الرموز حتي لا يكون لهم أتباع ومريدون يتنبنون أفكارهم.. نحن في زمن الفكر فيه مرفوض، وكل شيء قابل للبيع".
لا سيما بعدما جسَّد دور الصحابي الجليل عمرو بن العاص، الذي حاول فيه تقديم رؤية تجمع الروايات ولا تناقض واقع التاريخلقد كان نور الشرييف مدركًا بشكل كبير للحقيقة السالفة، فجسَّدها في أعماله، والتي كان كثيرًا ما يُحارب بشأنها أو يُستنكر عليه ما يقدِّمه، لا سيما بعدما جسَّد دور الصحابي الجليل عمرو بن العاص، الذي حاول فيه تقديم رؤية تجمع الروايات ولا تناقض واقع التاريخ، وتتلائم مع المجتمع الذي يُقدَّم فيه. على خلاف ما قدمَّمه عام 1993 في شخصية الملحد من منظور مختلف تمامًا، في فيلم الرقص مع الشيطان، وفيه جسد دور شخص يعيش في دولة أجنبية ثم يعود إلى مصر لينشر أفكاره الغريبة على المجتمع، وكيف يعالج الأمر من الضلال إلى الهداية؟
ناجي العلي.. فيلم القضية الفلسطينية الذي أثار أزمة وأبرز موْقِفًافيلم "ناجي العلي" - أيضًا - الذي صدر عام 1992 يُعد من أبرز الأعمال السينمائية التي واجهت جدلًا واسعًا ومنعًا من العرض، خاصة في مسيرة الفنان الراحل نور الشريف. الفيلم أثار غضب العديد من الأنظمة العربية بسبب تناوله الجريء للرسومات التي تنتقد تلك الأنظمة، والتي جسدها الفيلم بجرأة. الكاتب بشير الديك لم يكتفِ بنقل الرسومات فحسب، بل أضاف إلى السيناريو حوارات تحمل انتقادات مباشرة على لسان بطل الفيلم. هذه الانتقادات أثارت حفيظة أحد رؤساء الدول العربية، الذي رأى في الفيلم إسقاطات وإتهامات شخصية، ما دفعه لقيادة حملة هجوم واسعة على الفيلم وأبطاله، مما أدى إلى منع عرضه في العديد من الدول العربية.
قامت الأجهزة الرقابية بسحب الفيلم من دور العرض بعد أسبوعين فقط من طرحه في مصر.في مصر، قامت الأجهزة الرقابية بسحب الفيلم من دور العرض بعد أسبوعين فقط من طرحه، واستمر حظر الفيلم لمدة تقارب 21 عامًا، رغم المحاولات المتكررة من نور الشريف لإعادة عرضه. ورغم الإصرار الشديد من الفنان الراحل، إلا أن تلك المحاولات باءت بالفشل حتى عام 2014، حينما تم رفع الحظر عن الفيلم وعُرض أخيرًا بعد طول انتظار، ليُعيد للجمهور مشاهدة عمل فني عميق بعد سنوات من المنع.
مساهمة نور الشريف في انتاج الفيلم، الذي كتب قصته بشير الديك، تسببت في أزمة كبرى بينه وبين الكاتب الراحل إبراهيم سعدة رئيس تحرير جريدة اخبار اليوم في هذا الوقت، والذي كان معروفا بولائه الشديد للرئيس السادات وعائلته حتى بعد رحيله، فقرر منع نشر إسم نور الشريف في الجريدة، وشن هجومًا عنيفا على الفيلم هو وعدد كبير من كتاب الجريدة، وسريعا ما امتدت حملة الجريدة لتشارك صحف وأقلام أخرى في الهجوم على نور الشريف.
وصفته بعض الأقلام بأنه غير وطنيأوضح نور الشريف في حوار سابق له مع الكاتب مدحت العدل، أنه فوجيء ببعض زملائه ينتقدوه في الصحف، فيما وصفته بعض الأقلام بأنه غير وطني واتهموه بالحصول على 3 ملايين دولار أمريكي من منظمة التحرير الفلسطينية لتنفيذ الفيلم.
استطاع نور الشريف، خلال مسيرته الفنية التي امتدت لعشرات السنين، أن يسطر فقرة مضيئة في كتاب الفنَّ، لا سيّما وأنَّه – دون تنزيه - قد نجح أن يُظهِر دور الإنسان الواعينور الشريف الإنساناستطاع نور الشريف، خلال مسيرته الفنية التي امتدت لعشرات السنين، أن يسطر فقرة مضيئة في كتاب الفنَّ، لا سيّما وأنَّه – دون تنزيه - قد نجح أن يُظهِر دور الإنسان الواعي الذي يجمع بين الثقافة والتمرُّد أحيانًا من جهة، والمسؤولية التي يلزم أن يتخلَّق بها كل فرد أرادت له مهنته أن يكون نجمًا من نجوم المجتمع أو رجل ذي شأن يؤثِّر فيمن حوله..
رحم الله الفنان نور الشريف الفنًّان المثقف.. المناضل.. الإنسان.
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: نور الشريف ذكرى وفاة نور الشريف محمد جابر محمد نور الشریف فی
إقرأ أيضاً:
مكتبة محمد بن راشد تحتفي بذكرى الفنان جابر جاسم
دبي (الاتحاد)
احتفاءً بسفير الأغنية الإماراتية، الفنان الراحل جابر جاسم، نظمت مكتبة محمد بن راشد أمسية فنية استثنائية، شهدت حضور أعضاء مجلس إدارة المكتبة، وتوافداً كبيراً من عشاق الفن الإماراتي ومحبي الموسيقى، حيث تألق الفنان سيف العلي في أداء مجموعة من أبرز أغاني الراحل، رفقة الأوركسترا بقيادة المايسترو عبد العزيز المدني.
ويُعد الراحل جابر جاسم أحد أعلام الموسيقى البارزين في دولة الإمارات، أسهم خلال مسيرته الحافلة في تطوير الأغنية الإماراتية، مقدماً مجموعة من الأعمال امتزجت بكلمات تعبق بالحب والوفاء للوطن وأبنائه، ليظل رمزاً خالداً من رموز الثقافة والفن الإماراتي، بعد رحيله عن عالمنا عام 2001.
واستهل الفنان سيف العلي الأمسية بتقديم مجموعة من أشهر أغاني الراحل جابر جاسم، شملت «غزيل فله»، «عيونك تجبر الخاطر»، «وناس»، إضافة إلى «ضاع فكري»، «يا ويل من ضاع فكره»، «شدو العربان»، و«نسيتونا حبايبنا»، وأيضاً «حمام ناح»، «صافني يا صخيف»، و«صاح بزقر»، إلى جانب عدد من روائع التراث الإماراتي التي مزجت بين الإبداع الفني والحنين إلى زمن الفن الأصيل.
وتألق المايسترو عبد العزيز المدني، بقيادته الفرقة الموسيقية باحترافية عالية مع فريق من العازفين، الذي تميز بالتناغم المثالي بين الصوت والألحان، حيث قدم توزيعات موسيقية حديثة نجحت في الحفاظ على الطابع الأصيل لأغاني الفنان الراحل جابر جاسم.
وفي ختام الحفل، قدّم الدكتور محمد سالم المزروعي، عضو مجلس إدارة مؤسسة مكتبة محمد بن راشد آل مكتوم، درعاً تكريمياً لكلّ من الفنان سيف العلي والمايسترو عبدالعزيز المدني، كذلك إلى عيد جاسم المريخي، شقيق الفنان الراحل، الذي حضر ممثلاً عن عائلته الكريمة.
أخبار ذات صلة «النسبة الذهبية في الخط العربي» بمكتبة محمد بن راشد اختتام مؤتمر دبي الدولي للمكتبات 2024 بمكتبة محمد بن راشد