هل تضيع فرصة جديدة للسلام بالسودان بعد تعثر مشاورات جدة؟
تاريخ النشر: 12th, August 2024 GMT
الخرطوم – تعثرت المشاورات التي جرت في جدة بالسعودية بين الإدارة الأميركية والحكومة السودانية بشأن المفاوضات التي كانت مقررة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في جنيف الأربعاء المقبل، مما أحبط آمال السودانيين الذين كانوا ينتظرون وقفا قريبا للحرب المستمرة منذ نحو 16 شهرا في بلدهم.
وكانت الخارجية الأميركية قد دعت طرفي الحرب بالسودان إلى مفاوضات يوم 14 أغسطس/آب الحالي بمشاركة السعودية كدولة مضيفة مع سويسرا، إضافة إلى الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي ومصر والإمارات بصفة مراقب، لبحث وقف الحرب وإيصال المساعدات الإنسانية للمتضررين، واتفقت واشنطن مع القيادة السودانية على مشاورات تحضيرية لمناقشة "شواغل الحكومة".
وقال رئيس وفد الحكومة السودانية للاجتماعات التشاورية مع الولايات المتحدة محمد بشير أبو نمو اليوم الأحد إن المشاورات، التي احتضنتها مدينة جدة بالمملكة العربية السعودية، انتهت دون اتفاق على مشاركة الوفد السوداني في المفاوضات.
وأوضح أن الجانب الأميركي يرغب في مشاركة الجيش السوداني في مفاوضات جنيف، في حين تريد الحكومة السودانية أن تكون هي الجهة الرسمية المقابلة للطرف الآخر (الدعم السريع) في المفاوضات، مشيرا إلى أن تفاصيل كثيرة دفعتهم لإنهاء الحوار التشاوري.
وقال أبو نمو -وفقا لما ورد في وكالة الأنباء السودانية- إن الاجتماعات انتهت من غير اتفاق على مشاركة الوفد السوداني في مفاوضات جنيف، سواء كان الوفد ممثلا للجيش حسب رغبتهم، أو ممثلا للحكومة حسب قرارها من الآن فصاعدا، وأضاف أن الأمر متروك في النهاية لقرار القيادة وتقديراتها، مشيرا إلى أن هناك تفاصيل كثيرة قادت إلى قرار إنهاء الحوار التشاوري دون اتفاق.
نقاط الخلافوتكشف مصادر قريبة من الخلية المعنية بمفاوضات السلام -طلبت عدم الإفصاح عن هوياتها- أن هناك ثلاث نقاط جوهرية أدت إلى تعثر مشاورات جدة، موضحة أن الجانب الأميركي أقر باعترافه بعبد الفتاح البرهان رئيسا لمجلس السيادة وقائدا للجيش، لكنه تمسك بأن يقود الجيش وفد المفاوضات مع قوات الدعم السريع باعتبارهما طرفي الحرب، لكن وفد الحكومة رفض ذلك.
وفي حديث للجزيرة نت، تبيّن المصادر الرسمية أن الوفد الحكومي تمسك بتنفيذ "إعلان جدة" لحماية المدنيين الموقع يوم 11 مايو/أيار 2023، وأبرز بنوده خروج قوات الدعم السريع من الأعيان المدنية والانسحاب من المدن وتحديد آليات تنفيذ ذلك قبل الدخول في مناقشة وقف إطلاق النار، لكن الجانب الأميركي تحفظ على ذلك.
كما تمسك الوفد الحكومي بأن تقتصر رقابة المفاوضات على الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة، غير أن الجانب الأميركي يرى ضرورة وجود أطراف مؤثرة في المشهد السوداني بصفة مراقب للمساهمة في تسهيل عملية التفاوض وضمان تنفيذ ما يتم الاتفاق عليه، حسب المصادر ذاتها.
وينتظر الوفد الحكومي -كما تقول المصادر- عودة البرهان من العاصمة الرواندية كيغالي، التي وصل إليها للمشاركة في تنصيب الرئيس الرواندي بول كاغامي بعد فوزه بولاية جديدة، لتحديد مشاركة وفد الجيش في مفاوضات جنيف أو مقاطعتها، وترجح أن يطلب مجلس السيادة تأجيل التفاوض ومنحهم فرصة للتشاور.
من جانبه قال المبعوث الأميركي الخاص إلى السودان توم برييلو إنهم وجهوا الدعوة إلى البرهان وقائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو (حميدتي) وفقا لصفتيهما العسكرية ودون منح أي شرعية لأي من الفريقين.
وأضاف، في تصريحات تلفزيونية، أنهم يريدون فقط أن يجتمع الطرفان للاتفاق على وقف العنف، وقال "نتمنى أن يكون هناك تمثيل على أعلى المستويات، لكن الأساس هو أن يشارك شخص لديه القدرة على اتخاذ القرارات، بمعنى شخص رفيع المستوى للوصول إلى نتائج عملية، وأن نجد حلا لكل الأزمات، ونبدأ بتطبيق الاتفاقيات السابقة".
وتابع المبعوث الأميركي "نحاول جلب الفريقين إلى جنيف، وإن لم يحضرا سنستمر في النقاش مع اللاعبين الدوليين، ونحاول أن نجد حلولاً تقنية للمشاكل المتعلقة بالمساعدات الإنسانية".
التصريح الذي أدلى به السيد محمد بشير أبو نمو عن خلاصة نقاشاتهم مع الجانب الامريكي التي انعقدت بالمملكة العربية السعودية، والذي أعلن فيه توصيتهم لقيادة القوات المسلحة بعدم المشاركة في مفاوضات جنيف، هو موقف مخيب لآمال الملايين من السودانيين/ات ممن شردتهم هذه الحرب ودمرت حياتهم.…
— Khalid Omer Yousif (@KHOYousif) August 11, 2024
ردود سياسيةمن جهته، وصف خالد عمر يوسف، نائب رئيس حزب المؤتمر السوداني والقيادي في تنسيقية تحالف القوى الديمقراطية المدنية "تقدم"، تصريح رئيس وفد الحكومة محمد بشير أبو نمو بانتهاء مشاورات جدة دون اتفاق بأنه موقف مخيب لآمال ملايين السودانيين ممن شردتهم هذه الحرب ودمرت حياتهم، واستغرب إعلان أبو نمو توصية عبر الإعلام بعدم المشاركة في مفاوضات جدة.
وقال يوسف في تغريدة على منصة "إكس"، إن ذلك يأتي في سياق الضغط على قيادة القوات المسلحة لعدم الذهاب للتفاوض، مضيفا "وهو أمر تزامن مع حملة ينظمها عناصر النظام البائد عبر القنوات الإعلامية ومنابر المساجد تسير في الاتجاه الداعي لاستمرار القتال ورفض الحلول السلمية التفاوضية"، متهمًا أطرافا في معسكر الجيش برفض الحل السلمي التفاوضي.
أما زعيم حزب الأمة ورئيس تحالف التراضي الوطني مبارك الفاضل المهدي فانتقد رئيس الوفد الحكومي، وقال إنه عضو في "حركة تحرير السودان" بزعامة حاكم إقليم دارفور مني أركو مناوي، "وبالتالي فإن من مصلحته ومصلحة حركته استمرار الحرب"، حسب قوله.
ويقول المهدي في منشور على منصة إكس "طبيعي أن يعلن أبو نمو توصية باسم اللجنة بعدم المشاركة في مفاوضات السلام قبل إطلاع البرهان وقبل تسليمه تقرير اللجنة حتى يحرجه ويقطع عليه الطريق باتخاذ قرار الذهاب إلى جنيف"، ودعا قائد الجيش إلى "اتخاذ قرار الشجعان" وإرسال وفده إلى جنيف.
بدوره، يرى الباحث السياسي سر الختم خيري أن تصريح رئيس وفد الحكومة بشأن مشاورات جدة ترك الباب مواربا، فإذا قرر مجلس السيادة عدم المشاركة في مفاوضات جنيف، فإن ذلك سيكون استنادا على توصية الوفد.
وحسب حديث الباحث للجزيرة نت، فإن موقف أبو نمو يوجه رسالة لتطمأنة القوى والجهات الرافضة لمفاوضات جنيف من دون حسم الموضوع بشكل نهائي، ولا يستبعد أن يكون "بالون اختبار" لقياس ردود الفعل الداخلية والخارجية، مع احتمال أن يتجاوز مجلس السيادة توصية الوفد الحكومي، وأن يستمر التواصل مع واشنطن مباشرة أو عبر وسطاء لجسر الهوة بين مواقفهما.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات المشارکة فی مفاوضات الجانب الأمیرکی فی مفاوضات جنیف الوفد الحکومی الدعم السریع مشاورات جدة وفد الحکومة أبو نمو
إقرأ أيضاً:
مجـ.زرة جديدة في جنوب غزة.. والأونروا تؤكد انتهاك إسرائيل لقواعد الحرب
واصل جيش الاحتلال عدوانه الوحشي على قطاع غزة الذي بدأ في 7 أكتوبر 2023، مخلفا عشرات الآلاف من الشهداء والجرحى والمفقودين وسط وضع إنساني يوصف بالكارثي ومجاعة متفاقمة تخيم على القطاع المحاصر.
وأعلنت وزارة الصحة بغزة اليوم أن الاحتلال ارتكب 5 مجـ.ازر جديدة ضد العائلات في القطاع راح ضحيتها 58 شهيدا و56 مصابا خلال الساعات الـ24 الماضية.
وارتفع عدد ضحايا العدوان الإسرائيلي على غزة إلى 45317 شهيدا و107713 مصابا منذ 7 أكتوبر من العام الماضي.
وارتكبت قوات الاحتلال مجـ.زرة جديدة في منطقة المواصي -التي وصفتها سابقا بأنها آمنة- غرب مدينة خان يونس، في حين اتهمت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) إسرائيل بانتهاك جميع قواعد الحرب في غزة.
وأكد المفوض العام لوكالة الأونروا فيليب لازاريني في منشور على موقع إكس "لكل الحروب قواعد، إلا أنه تم انتهاك جميع هذه القواعد في غزة، الهجمات على المدارس والمستشفيات باتت أمرا شائعا، ولا ينبغي للعالم التعود على ذلك".
كما واصلت قوات الاحتلال استهداف مستشفى كمال عدوان في بيت لاهيا شمالي القطاع، وقال محاصرون من الطواقم الطبية والمرضى في المستشفى إنهم "معرضون لخطر الموت جوعا بعد نفاد كل مقومات الحياة الأساسية".
وأوضح المحاصرون أنهم غارقون في الظلام، بسبب قصف الاحتلال لمولدات الكهرباء، ولا يعرفون بعضهم بعضا إلا بأصواتهم، كما أكدوا وجود عدد من الشهداء لا يستطيع أحد دفنهم منذ السبت الماضي خشية القصف المستمر.
من جهتها، أكدت منظمة أوكسفام غير الحكومية أن 12 شاحنة مساعدات إنسانية فقط وزعت الغذاء والماء في شمال غزة خلال شهرين ونصف الشهر، محذرة بشدة من تدهور الوضع الإنساني هناك.
وشددت المنظمة على أن الجيش الإسرائيلي يعرقل بشكل ممنهج "إيصال المساعدات إلى المدنيين الفلسطينيين الذين يتضورون جوعا".
وينفذ جيش الاحتلال ما تعرف باسم خطة الجنرالات التي تهدف لتهجير أهالي شمال القطاع، ومحاصرتهم بالجوع، ومنع عودة المهجرين إلى ديارهم.
في غضون ذلك، أصدر جيش الاحتلال أوامر إخلاء إلى سكان منطقة الشجاعية وطالبهم بالانتقال لغرب مدينة غزة.
في الأثناء، قالت كتائب القسام إن "مجاهديها تمكنوا في عملية أمنية معقدة من طعن وقتل 3 جنود صهاينة كانوا في مهمة حماية مبنى تحصنت به قوة صهيونية بمشروع بيت لاهيا شمال غزة".
وأضافت القسام أن مقاتليها اقتحموا المنزل وأجهزوا على كافة أفراد القوة الإسرائيلية من مسافة الصفر واغتنموا أسلحتهم وأخرجوا عددا من المواطنين الذين احتجزهم الاحتلال داخل المنزل.
وفي القدس المحتلة، زعمت إذاعة جيش الاحتلال إن "الشرطة أطلقت النار على شاب فلسطيني حاول تنفيذ عملية طعن قرب حاجز حزما شمال القدس دون وقوع ضحايا".
وأكدت أن قوات الأمن أغلقت الطرق المحيطة بموقع عملية الطعن قرب حاجز حزما بالقدس المحتلة.