شاهد.. أطراف من خشب ومواسير لمبتوري الحرب في غزة
تاريخ النشر: 11th, August 2024 GMT
غزة- يعتبر الجريح العشريني أحمد سعد مبتور الساق أن ما حدث له إنجاز عظيم ومذهل، بعدما حصل على طرف صناعي محلي، من مبادرة مجانية ذاتية للشقيقين المتخصصين في العلاج الوظيفي والأطراف الصناعية صلاح وعبد الله سلمي.
وأطلق الشقيقان سلمي مبادرة لمساعدة مبتوري الأطراف من جرحى الحرب الإسرائيلية الضارية، المستمرة على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي، وذلك من خلال تصميم وصناعة أطراف صناعية بديلة بطريقة بدائية، وباستخدام وإعادة تدوير مواسير الصرف الصحي وأخشاب ومواد بسيطة أخرى.
فقد سعد (25 عاما) أحد ساقيه ونصف قدمه في الساق الأخرى، في استهداف إسرائيلي لمدرسة في مدينة غزة أوى إليها مع عائلته، بعدما اضطروا للنزوح عن منزلهم في حي الشجاعية شرق المدينة، ويقول للجزيرة نت إنه فقد عددا كبيرا من أفراد عائلته شهداء في هذا الاستهداف، وبقي هو ينزف لأيام قبل نقله إلى المستشفى الإندونيسي في شمال القطاع، ولاحقا إلى مستشفى غزة الأوروبي في مدينة خان يونس بالجنوب.
اضطر الأطباء إلى بتر ساق سعد، وبات من ذوي الإعاقة، ليصبح حلمه "السير على ساقين مرة أخرى"، ولجأ إلى الشقيقين سلمي من أجل الحصول على طرف صناعي حتى وإن كان بدائيا، لكنه برأيه "إنجاز عظيم ومذهل" في ظل الحرب الشرسة على غزة، وما تعانيه من حصار خانق.
وبالنسبة لسعد فإن هذا الطرف يمكّنه من الاعتماد على نفسه إلى حد كبير، إلى حين انتهاء الحرب وتركيب طرف صناعي أكثر جودة وصلابة، وقدرة على أداء المهام الحيوية اليومية.
ولا تتوفر في النصف الجنوبي من القطاع، حيث يقيم نحو 90% من السكان والنازحين (زهاء مليوني نسمة)، أي مراكز متخصصة بصناعة الأطراف الصناعية، فيما خرجت مستشفى الشيخ حمد للتأهيل والأطراف الصناعية ومراكز متخصصة أخرى في مدينة غزة وشمال القطاع عن الخدمة، جراء الاستهداف المباشر أو العزلة الحادة وفصل شمال القطاع عن جنوبه.
واستلهم صلاح سلمي، وهو مختص بالعلاج الوظيفي، فكرة المبادرة من ظروف اعتقاله، ويقول للجزيرة نت "اعتقلتني قوات الاحتلال أثناء نزوحي من مدينة غزة نحو جنوب القطاع، عبر حاجز نتساريم الذي تدعي أنه آمن، ومكثتُ في الأسر 47 يوما مكبل الأطراف".
هذه التجربة كانت ملهمة لصلاح، ويقول "وجعلتني أعيش ظروف ومشاعر ذوي الإعاقة، فإحساسي وأنا مكبل الأطراف كان يشبه إلى حد كبير شعور العجز لدى المبتورين".
وعندما تحرر صلاح من سجنه، تداول مع شقيقه عبد الله المختص بالأطراف الصناعية والأجهزة المساعدة فكرة إعانة مبتوري الحرب، بتصميم وصناعة أطراف صناعية لهم، من خلال إعادة تدوير مواد محلية بسيطة، ويقول "نفذنا الفكرة وصنعنا أطرافا بدائية بالإمكانيات المتوفرة، ولكنها بالنسبة لذوي الإعاقة إنجاز كبير وتسهم في تسهيل حياتهم".
ويتكون الطرف الصناعي المبتكر من الخشب ومواسير أو أنابيب بلاستيكية تستخدم للمياه والصرف الصحي، ويتعاون صلاح وعبد الله في إعادة تدويرها وتهيئتها، لتخرج بصورة طرف مريح، ويساعد مبتوري الحرب على تأدية أمورهم الحياتية اليومية.
ونجح الشقيقان سلمي في صناعة عدة أطراف صناعية لمبتوري الأطراف، سواء ثابتة تحت الركبة أو متحركة بمفصل، ورغم بساطة المواد المستخدمة فإن عبد الله يقول للجزيرة نت إن الحصول عليها ليس هينا لندرتها في الأسواق، ولاعتماده وشقيقه على التمويل الذاتي في شرائها وتوفيرها.
وتشير إحصائيات رسمية محلية ودولية إلى أن الحرب تسببت في أكثر من 11 ألف حالة بتر أطراف، من بينها 4 آلاف حالة بتر في أوساط الأطفال، لا تتوفر لهم أطراف صناعية ومتطلبات العلاج اللازمة في القطاع المحاصر.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات الأطراف الصناعیة أطراف صناعیة طرف صناعی
إقرأ أيضاً:
قناعة إسرائيلية: حرب غزة أثبتت أنه لا يمكن هزيمة الفلسطينيين عسكريا
مع الشروع الفعلي في تطبيق المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، تعتبر أوساط إسرائيلية عديدة أنه قد يشكل نقطة تحول حاسمة في الانتقال من الحرب إلى الهدوء، بعد أن تمادت حكومة الاحتلال الإسرائيلي في إطالة أمد العدوان، لكنها اليوم وجدت نفسها متجهة لإبرام صفقة تبادل الأسرى بسبب مخاوفهما أن يؤدي هذا لتفاقم الصراع، بجانب الضغوط التي مارسها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على الجانبين.
البروفيسور الإسرائيلي أرييه كاتزوفيتش المحاضر في العلاقات الدولية بالجامعة العبرية منذ 1993، ويقوم بتدريس الصراع العربي الإسرائيلي منذ عشرين عاما، أكد أن "استمرار الحرب في غزة تسبب بأضرار جسيمة لدولة الاحتلال على كافة المستويات: الاجتماعية والأخلاقية والأمنية والاقتصادية، وفي مجال التعليم والعلاقات الدولية والثقافية والأكاديمية، وحوّلتها إلى "دولة منبوذة"، وجاء تخليها عن المختطفين طوال شهور الحرب الطويلة بمثابة ضربة أخلاقية قاتلة".
وأضاف في مقال نشره موقع "زمن إسرائيل"، وترجمته "عربي21"، أن "الاحتلال الذي لا يريد حماس في غزة بعد الحرب؛ يجب أن يفهم أن الطريقة الوحيدة لذلك هي سياسية، وليس عسكرية، من خلال خلق بديل سياسي لها في غزة، ولوجوده هناك، لأن الحرب استمرار للسياسة بوسائل أخرى، وعلى الاحتلال أن يحدد نهاية للحرب، نهاية استراتيجية واضحة تتعلق بما يريد أن يفعله في غزة بعد وقف إطلاق النار، بعد أن أظهرت الحرب أنه لم يعد قادرا على تنفيذ أي شيء في الصراع مع الفلسطينيين، وبات من غير الممكن هزيمتهم عسكريا".
وأشار إلى أنه "قبل الحديث عن اليوم التالي في غزة، يتعين استباق الأحداث بالحديث عن نقطة التحول المتمثلة بنهاية الحرب وعودة الهدوء، وعودة جميع المختطفين في أسابيع قليلة، مما يعني جعل وقف إطلاق النار دائماً ومستقراً، وانتهاء الحرب رسمياً، من خلال التزام إسرائيلي بإخلاء القطاع، واستبدال حماس بحكومة أخرى، ونزع سلاح غزة، وعدم سيطرة حماس عليها بعد الحرب، ومنح قيادتها خيار المغادرة لتركيا أو قطر، والحصول على الحصانة على غرار نموذج قيادة منظمة التحرير التي غادرت لبنان في 1982 إلى تونس".
وأوضح أنه "في غضون ثلاثة أشهر من سريان وقف إطلاق النار، سيتم إنشاء قوة دولية لحفظ السلام في قطاع غزة، بما فيها قوات من الولايات المتحدة والسعودية والإمارات العربية المتحدة ومصر ودول أخرى، مسؤولة عن الأمن ونزع السلاح من القطاع، وحراسة ممر فيلادلفيا، وتتلقى تفويضًا بنشرها بموجب الفصل السابع من ميثاق مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، بموافقة الاحتلال والسلطة الفلسطينية، وخلال فترة انتقالية تصل ثلاث سنوات، سيتم إنشاء سلطة نقل مدنية مسؤولة عن المساعدات الإنسانية وإعادة إعمار القطاع، بالتنسيق مع المجتمع الدولي".
وأضاف أن "هذه الهيئة تتألف من مواطني القطاع على أساس دائم، دون صلة مباشرة بفتح أو حماس، وتستمد سيادتها من السلطة الفلسطينية، وتتلقى التفويض والشرعية من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، بالتزامن مع عقد مؤتمر دولي حول مستقبل غزة، بمشاركة الاحتلال والسلطة الفلسطينية، لتركيز الجهود الاقتصادية الهائلة لإعادة بناء القطاع في السنوات المقبلة، على أن يبدأ التطبيع مع السعودية، مشروطاً باستعداد الاحتلال لوضع خطة متفق عليها لإقامة الدولة الفلسطينية منزوعة السلاح في غزة والضفة في عملية تدريجية".
ودعا الكاتب إلى أن "يكون الاتفاق على إنهاء الحرب في غزة بموجب قرار من مجلس الأمن تحت بند الفصل السابع، وتكون الدول الدائمة العضوية فيه، وفي مقدمتها الولايات المتحدة، الضامن لتنفيذه، والإشراف على قوة حفظ السلام الدولية والسلطة المدنية خلال الفترة الانتقالية، مع العلم أن الاتفاق لن يكون سهلاً، لكن يمكننا التعلم من تجارب إنهاء الحروب في أماكن أخرى، كالبوسنة والهرسك 1995، وكوسوفو 1999، وتيمور الشرقية 1999، حيث انتهت كل الحروب في نهاية المطاف باتفاق سياسي".