هى بحق عروس البحر المتوسط وتاج المدن المصرية على امتدادها شمالاً وجنوبًا، تمتزج فيها الثقافات والحضارات والمعاني والمعالم وحتى وجوه البشر، آسرة هى هذه المدينة التى تغني لها الشعراء، فلم تحظ مدينة أخرى بكل هذه المعاني والكلمات والألحان والشدو العذب من كبار المطربين من "شط إسكندرية يا شط الهوا" رائعة فيروز والأخوين رحباني، إلى "يا إسكندرية بحرك عجايب".
تتميز الإسكندرية بأن لها سحرًا خاصًّا يأخذك بمجرد أن تطأ قدماك أرضها، فى زيارتي الأخيرة إلى عاصمة الثغر أتيحت لى فرصة لزيارة لمكتبة الإسكندرية، هذا الصرح الذى تم افتتاحه، فى حفل عالمي فى 16 أكتوبر عام 2002، بمجرد دخولك إلى القاعة الرئيسية يأخذك جمال وروعة التصميم المعماري الذى نفذته إحدي الشركات النرويجية، بعد أن حصلت على المركز الأول فى المسابقة التى خصصت لاختيار أفضل تصميم، وحسبما ذكرت إحدى المشرفات على القاعة الرئيسية، فإن المكتبة يمكن أن تستوعب 5 ملايين كتاب ومواد أخرى مثل الخرائط والميكروفيلم، والمبني الرئيسي مكون من 11 طابقًا، وعندما تدخل من الباب إلى قاعة القراءة تجد نفسك تقريبًا فى منتصف المسافة بين هذه الطوابق، فهناك أربعة طوابق تحت سطح الأرض وتحت سطح البحر أيضًا، والملاحظ أن هناك سبعة طوابق بنفس اللون وجميعها مخصصة للقراءة والاطلاع، وهى أيضًا متاحة للجميع سواء باشتراك سنوي أو تذكرة دخول يومية، وهناك طابقان باللون الأبيض وهما مخصصان لورش العمل والندوات.
هناك أيضًا 60 عامودًا على شكل زهرة اللوتس وهى، كما تقول محدثتنا، تجسيد للحضارة المصرية القديمة، هناك أيضًا الفتحات فى الحائط الخارجي للمكتبة حيث نلاحظ تأثيرها عندما يتحدث الزائرون فى مكان متسع بدون صدى صوت، أما عن جدران الحوائط فهناك حائط بنوع من الجرانيت اسمه "زيمبابوي الأسود" وهو من أفخر الأنواع فى العالم وهو مفرغ من الداخل لامتصاص الصوت أيضًا، وفوقه حائط مصنوع من النحاس المؤكسد لأقصى درجة لمنع الصدى أيضًا، وحتى يحتفظ بلونه، وهو من الألوان المفضلة لدى القدماء المصريين، وكذلك يحتوى على فتحات صغيرة جدًّا تساعد على امتصاص الصوت والضوضاء.
فى القاعة الرئيسية مجسم للكعبة والمحمل الشريف بديع الألوان والتصميم وهو من إهداء اللورد ياشار حسن عباس حلمي فى عام 2021، تأخذك مكتبة الإسكندرية إلى عوالم من المعارف المختلفة على مر العصور، فمن متحف الآثار بقطعه النادرة إلى متحف المخطوطات بروعة مقتنياته وخاصة من المنمنمات إلى متحف الرئيس الرحل محمد أنور السادات الذى ضم الكثير من مقتنياته وحتى البدلة العسكرية التى كان يرتديها يوم اغتياله، إلى الجناح الخاص بمكتبة الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل الذى تلمس أناقته المعتادة فى كل متعلقاته الشخصية ومكتبته.
مكتبة الإسكندرية لا تكفي السطور للحديث عن بهاء وروعة حضورها على شاطئ البحر.. يكفينا أن نقول إنها مفخرة نباهي بها.
المصدر: الأسبوع
إقرأ أيضاً:
متحف مدرسة حمود بن أحمد البوسعيدي
سالم بن نجيم البادي
زرتُ مدرسة حمود بن أحمد البوسعيدي في ولاية ينقل بمحافظة الظاهرة، وقد أدهشني ما رأيت من تعاون وتكاتف بين أعضاء الهيئة التدريسية جميعًا وإدارة المدرسة بقيادة مدير المدرسة المُبدع إبراهيم بن سعيد بن علي العلوي، وكان عدد المعلمين 71 معلمًا كما أخبرني مدير المدرسة وعدد الطلبة 700 طالب.
ومع هذه الأعداد الكبيرة وهم يتواجدون في مكان واحد، إلا أنهم ظهروا في انسجام تام وتعاون مطلق، انعكس ذلك على نتائج التحصيل الدراسي للطلبة، وعلى الهدوء والنظام السائد في المدرسة، وعلى ندرة المشكلات التي تحصل عادة في المدارس بين الطلبة، وقد بدت المدرسة نظيفة وجملية، وبها لوحات فنية وكل ردهات المدرسة والمكاتب الإدارية وكل زاوية في المدرسة بها لمسات جمالية.
غير أن أكثر ما آثار إعجابي في المدرسة هو المتحف، وقد أخذني الشاب الملهم أحمد الفارسي في جولة عبر المتحف، وهو الذي بذل المال والجهود الجبارة من أجل إنشاء هذا المتحف، الذي يحتوي على المئات من القطع التراثية النادرة من العصور القديمة وقبل بداية النهضة، ومع بدايتها، ويصعب تعداد الأشياء والقطع الأثرية التي توجد في المتحف فهي كثيرة ومتنوعة ومدهشة.
هذا المتحف، متحف متكامل الأركان وليس مجرد معرض كما يطلقون عليه في المدرسة، لكن المتحف يحتاج إلى تسويق إعلامي واهتمام من الجهات الرسمية ودعوة الناس إلى زيارته مقابل رسوم رمزية من أجل استمراريته ونموه وبقائه، ومن أجل أن تستفيد المدرسة من هذه المبالغ.
وعن صاحب فكرة المتحف الأستاذ أحمد الفارسي؛ فهو جدير بالتقدير والشكر والدعم المادي والمعنوي والإشادة بجهوده المتميزة عبر وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي، ونحن نعتز وتفتخر بوجود أمثاله. وقد أخبرني أنه سوف يواصل مشروعه الرائد هذا وقد رفض الإغراءات المالية التي جاءته من بعض الدول من أجل بيع بعض القطع الأثرية ورفض نقل المتحف خارج المدرسة.
شكرًا جزيلًا لكل العاملين في مدرسة حمود بن أحمد البوسعيدي، وإلى أحمد الفارسي مؤسس متحف المدرسة.
رابط مختصر