كيف سيؤثر الاقتصاد الأمريكي على انتخابات الرئاسة المقبلة؟
تاريخ النشر: 11th, August 2024 GMT
نشرت مجلة "ذا إيكونوميست" تقريرًا حول احتمال أن يؤدي تباطؤ الاقتصاد الأمريكي، رغم عدم دخوله في حالة ركود، إلى تأثير سلبي على فرص المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس في الانتخابات الرئاسية القادمة.
وأوضحت المجلة، في التقرير الذي ترجمته "عربي21"، أن الناخبين الأمريكيين لم يمنحوا البيت الأبيض تحت إدارة بايدن الفضل في الانتعاش الاقتصادي الذي شهدته البلاد؛ فهل سيعاقبون كامالا هاريس في حال تدهور الأوضاع الاقتصادية.
وذكرت المجلة أنه بعد نمو اقتصادي أثار غيرة الدول الغنية، يبدو أن الاقتصاد الأمريكي الآن يشهد تباطؤًا، يشعر المستثمرون بالقلق من أن الركود قد يكون قريبًا. ففي الثاني من آب/أغسطس، وبعد مسح مخيب للآمال حول أداء المصانع وارتفاع في طلبات إعانات البطالة، أصيبوا بالذعر عندما ارتفع معدل البطالة في البلاد إلى 4.3 بالمئة في تموز/يوليو، وهو أعلى معدل منذ عام 2021. وفي الخامس من آب/ أغسطس، شهدت الأسواق المالية العالمية تراجعًا حادًا قبل أن تستعيد بعض الخسائر في اليوم التالي.
وأشارت المجلة إلى أن الاقتصاد لا يحدد نتائج الانتخابات في أمريكا، ولكنه يلعب دورًا مهمًا، فالمسار الاقتصادي في الأشهر التسعين القادمة سيكون له تأثير كبير على فرص الديمقراطيين الحاليين في الانتخابات الرئاسية في تشرين الأول/نوفمبر. إن حدوث ركود اقتصادي صريح قد يعني كارثة لهاريس، ولكن حتى لو كان الاقتصاد في حالة تباطؤ فقط، كما هو متوقع، فقد يلحق ذلك ضررًا بها ويساعد دونالد ترامب.
وتناولت المجلة مسألة ما إذا كانت أمريكا حقًا على شفا ركود اقتصادي؛ حيث تبدو بعض المؤشرات مشؤومة بالنسبة للاقتصاد الأمريكي، فقد ارتفع معدل البطالة بشكل كبير عن مستوياته المنخفضة الأخيرة، وهو تحرك غالبًا ما كان يشير إلى فترات ركود في الماضي. وتظهر القواعد العامة أن أسعار الفائدة قد تكون مرتفعة بنسبة تتراوح بين نقطة إلى نقطتين مئويتين عن المعدل المناسب نظرًا لحالة الاقتصاد. وبالفعل، تراجعت عوائد سندات الخزانة طويلة الأجل إلى ما دون عوائد السندات قصيرة الأجل، تحسبًا لضعف الاقتصاد وخفض حاد في أسعار الفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي.
وترى المجلة أنه مع ذلك فوفقًا لمعظم المقاييس؛ يبدو أن أمريكا تشهد تباطؤًا تدريجيًا وليس هبوطًا حادًا. فقد ساهمت أسعار الفائدة المرتفعة في تبريد سوق العمل تدريجيًا منذ أن وصل معدل البطالة إلى أدنى مستوياته في نيسان/أبريل 2023، وهذا بدوره أدى إلى تراجع نمو الأجور وتآكل ثقة المتسوقين. وقد أبلغت بعض الشركات التي تعتمد على المستهلكين، مثل ماكدونالدز، عن مبيعات مخيبة للآمال. ولكن شركات أخرى حققت نتائج أفضل بكثير، ولا يزال الناتج المحلي الإجمالي في توسع، ففي الربع الثاني من العام، نما بمعدل سنوي يبلغ 2.8 بالمئة، وهو ما يتجاوز اتجاهه طويل الأجل. وتظهر التقديرات أن النمو الاقتصادي في الربع الحالي يتجاوز 2% بشكل مريح. وتشير حجوزات المطاعم، والسفر الجوي، وجمع الضرائب إلى أن النمو لا يزال قويًا.
وأضافت المجلة أن انخفاض أسعار الفائدة طويلة الأجل يمنح الاقتصاد دفعة وقائية، وأصبحت هذه الدفعة أكثر قوة مع اندفاع المستثمرين المتوترين إلى السندات هذا الأسبوع. وتظهر استطلاعات البنوك بعض التخفيف في شروط الائتمان. وسيحتاج الاحتياطي الفيدرالي إلى خفض سعر الفائدة الرئيسي في سبتمبر لتلبية توقعات المستثمرين، لكن هذا سيكون مجرد إجراء شكلي. وقد بدأت أسعار الفائدة على القروض العقارية وبطاقات الائتمان في الانخفاض توقعًا لذلك.
وتناولت المجلة الآثار السياسية لتباطؤ اقتصادي دون حدوث ركود، فلا تزال نائبة الرئيس هاريس تواجه مشكلة؛ فحتى لو رفض الناخبون منح الديمقراطيين الفضل في الانتعاش الاقتصادي، فقد يلومونها إذا فقد الاقتصاد زخمه.
وبينت المجلة أنه من الناحية الشكلية؛ ينبغي أن تتمكن هاريس من الاعتماد على سجل الإدارة الاقتصادية في عهد بايدن خلال حملتها الانتخابية، فالأجور الحقيقية المتوسطة للعمال ارتفعت بنسبة 9.4 بالمئة منذ انتخابات 2016. وحتى بين الرجال الذين لم يكملوا تعليمهم الثانوي، يبلغ معدل البطالة 5.1 بالمئة فقط. وأورد تقرير هذا الأسبوع أن الولايات المتأرجحة مثل بنسلفانيا شهدت معدلات تضخم وبطالة أقل من المتوسط الوطني في معظم الأحيان. بالنظر إلى كل ذلك، فإن شكوى جاي دي فانس، المرشح المرافق لترامب الذي يدعم الحماية الاقتصادية، من أن أمريكا ضحت بوظائفها لاستيراد "محامص مقلدة" تبدو غير منطقية.
ولفتت المجلة إلى أن تصورات الجمهوريين حول الاقتصاد مشوهة بسبب سياساتهم، وكذلك الحال بالنسبة للديمقراطيين ولكن في الاتجاه المعاكس. ومع ذلك، يمنح الناخبون ككل تقييماً أسوأ لإدارة الديمقراطيين للاقتصاد مقارنةً بتقييمهم لإدارة ترامب، وربما يكون أحد الأسباب هو الصدمة التي يعانونها كلما ذهبوا للتسوق. فحتى إذا كان التضخم في انخفاض، فإن الأسعار أعلى بنحو 20 بالمئة مما كانت عليه عندما تولى بايدن منصبه.
واعتبرت المجلة أن أنه من غير المرجح أن تزيد التقلبات الأخيرة في سوق الأسهم الوضع سوءًا بمفردها، كما أنها لا تستحق ذلك، حتى لو أطلق عليها ترامب، كعادته في المبالغة، اسم "انهيار كامالا"، حيث هبط مؤشر ستاندرد آند بورز 500 للأسهم بنسبة 8 بالمئة من ذروته، ومع ذلك كان السوق بحاجة إلى تصحيح نظرًا لارتفاع قيمته بشكل مبالغ فيه مقارنة بأرباح الشركات. ورغم ذلك، فإن المؤشر لا يزال مرتفعًا بنسبة 9 بالمئة هذا العام، وقد تفوقت الشركات الأمريكية في المتوسط على توقعات الأرباح. وكان أكبر انهيار قد حدث ليس في وول ستريت، بل في اليابان.
وأكدت المجلة أن التهديد الحقيقي للديمقراطيين هو التباطؤ الاقتصادي الكامن الذي ساعد على توتر الأسواق. وتشير الأبحاث إلى أن الناخبين يعطون وزناً أكبر للأحداث الاقتصادية الأخيرة، مما يعني أن أداء الاقتصاد في الفترة التي تسبق الانتخابات هو الأكثر أهمية للنتائج. وهناك ارتباط وثيق بين نمو الدخل الحقيقي بعد الضرائب لكل فرد في الربعين السابقين للانتخابات ومدة بقاء الحزب في السلطة، ونتائج الانتخابات الرئاسية الأمريكية.
ونوهت المجلة إلى أن هناك ما يثير قلق الديمقراطيين في هذا الصدد. ففي بداية العام، كانت الأجور الحقيقية ترتفع بمعدل سنوي يبلغ حوالي 1 بالمئة لكل ربع سنة، ومع تباطؤ الاقتصاد، انخفض هذا المعدل إلى النصف تقريبًا. وكانت ثقة المستهلكين منخفضة بشكل غير اعتيادي بالنظر إلى النمو القوي وازدهار الوظائف. ومع التباطؤ، أصبحت الثقة اليوم أقل مما كانت عليه في كانون الأول/يناير، وقد تتلقى ضربة أخرى من تراجع سوق الأسهم أو ارتفاع أسعار النفط إذا امتدت الحرب في الشرق الأوسط.
واختتمت المجلة التقرير بتوضيح أن كل ما ذُكر لا يعني أن فوز ترامب أمر محتوم، فقد عاد باراك أوباما إلى البيت الأبيض في عام 2012 رغم تدهور الاقتصاد، كما أن ترامب ضعيف في قضايا أخرى. وفي سباق متقارب، يمكن للعديد من العوامل أن تكون الفارق بين النصر والهزيمةـ فقد منحت موجة من الحماس لصالح كامالا هاريس تقدمًا طفيفًا في استطلاعات الرأي هذا الأسبوع رغم أن هذا التقدم لم يصل بعد إلى حد تأمين الأصوات اللازمة في المجمع الانتخابي. كما أنها تتمتع بتأييد الناخبين في مواضيع مثل الإجهاض والرعاية الصحية. ولكن إذا فازت، فلن يكون الفضل في ذلك للاقتصاد.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي اقتصاد اقتصاد دولي اقتصاد عربي اقتصاد دولي الاقتصاد هاريس الانتخابات امريكا الاقتصاد الانتخابات هاريس المزيد في اقتصاد اقتصاد دولي اقتصاد دولي اقتصاد دولي اقتصاد دولي اقتصاد دولي اقتصاد دولي اقتصاد اقتصاد اقتصاد سياسة سياسة اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة أسعار الفائدة معدل البطالة المجلة أن تباطؤ ا إلى أن
إقرأ أيضاً:
هل تمثل سندات الدين العام الأمريكي سلاحًا فعّالا بيد بكين؟
نشرت صحيفة "لوبوان" الفرنسية تقريراً سلطت فيه الضوء على علاقة الدَيْن العام الأمريكي بالتوازن الجيوسياسي بين الولايات المتحدة والصين، موضحة أن الصين تملك ما يمثل 2.6 بالمئة من الدين العام الأمريكي، وهو ما يحدّ من قدرتها على التأثير في سياسات واشنطن.
وقالت الصحيفة في التقرير الذي ترجمته "عربي21"، إن تحليل موقع الدين العام الأمريكي في الصراع بين القوتين العظميين، يساعد في تقييم الوضع المالي للولايات المتحدة، ومدى صحة القول بأن الصين "تمتلك أمريكا" من خلال حيازتها لسندات الخزانة الأمريكية.
في عام 2020، بلغ معدل الدين العام الأمريكي إلى الناتج المحلي الإجمالي مستوى مماثلاً لذلك الذي سُجل في نهاية الحرب العالمية الثانية.
وذكرت الصحيفة أن الدين العام الأمريكي اتخذ منذ عام 1981 منحى تصاعديًا، مع انخفاض طفيف في التسعينيات، مؤكدة أن الحروب، مثل حرب العراق، والأزمات الاقتصادية مثل أزمة الرهن العقاري وأزمة كوفيد-19، أسهمت في زيادة الدين من 62 بالمئة عام 2007 إلى 120 بالمئة عام 2024.
كما أن خطة التحول البيئي والاستثمار في الطاقات البديلة التي أطلقها الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن بعد الجائحة ساهمت في إبقاء الدين على مستواه المرتفع.
تطور هيكل الدين
بلغ الدين الفيدرالي مع نهاية 2024 نحو 36 تريليون دولار، منها 80 بالمئة مملوكة لمستثمرين محليين وأجانب (يُعرف بالدين الذي تحتفظ به العامة)، و13 بالمئة لدى البنك الاحتياطي الفيدرالي، و7 بالمئة موزعة بين الوكالات الحكومية والضمان الاجتماعي. وكانت نسبة الدين الذي تحتفظ به العامة تبلغ 60 بالمئة عام 2000.
هذا الدين الذي يتم تداوله عبر الأسواق المالية يُعد مصدرا رئيسيا لتمويل النفقات العامة، ويملكه أفراد وشركات وصناديق تقاعد وصناديق استثمار، بالإضافة إلى دول أجنبية. غير أن الاعتماد على التمويل الخارجي قد يؤدي إلى تقليص الاستثمار الخاص وزيادة تقلبات الاقتصاد.
وأوضحت الصحيفة بأنه بين عامي 2019 و2023، ارتفعت حيازة الأجانب للدين الأمريكي بشكل عام، لكنها شهدت تراجعًا في 2022، ثم قفزت مجددًا في 2023. ومع أن الذروة كانت عام 2011، حيث شكّلت الحيازة الأجنبية 49 بالمئة من الدين العام الذي تحتفظ به العامة، إلا أن هذه النسبة انخفضت إلى 31 بالمئة في 2023، ما يعادل 25 بالمئة من إجمالي الدين.
اليابان في الصدارة
أضافت الصحيفة أنه في سياق التوترات بين الولايات المتحدة والصين، يجدر التذكير بأن أكبر ثلاثة حائزين أجانب للدين الفيدرالي الأمريكي هم: اليابان (1100 مليار دولار)، الصين (800 مليار دولار)، والمملكة المتحدة (700 مليار دولار).
وحسب هذه الأرقام، امتلكت اليابان عام 2023 حوالي 14.3 بالمئة من الاستثمارات الأجنبية في الولايات المتحدة، والصين نحو 10 بالمئة، والمملكة المتحدة 8.5 بالمئة.
بذلك، تمتلك الصين نحو 2.6 بالمئة من إجمالي الدين الأمريكي، وهي نسبة مهمة لكنها لا تُخول لبكين -حسب الصحيفة- التحكم في السياسات الأمريكية، وإذا حاولت الصين بيع هذه السندات لإضعاف واشنطن، ثمة دول أخرى قد تستحوذ عليها.
الصين والاعتماد على الدولار
وأوضحت الصحيفة أن الصين تعتمد بدرجة كبيرة على الدولار، إذ تربط به عملتها (اليوان) بهدف تثبيت سعر الصرف والحفاظ على تنافسية صادراتها، وامتلاك سندات الخزانة الأمريكية يمكّنها من امتلاك احتياطيات كبيرة من الدولار. وإذا فقد العالم الثقة بالدولار، فإن الثقة باليوان ستتضرر كذلك.
ومن ناحية أخرى، إذا قامت الصين ببيع سنداتها في الخزانة الأمريكية بشكل مفاجئ، سيؤدي ذلك إلى انخفاض قيمة الدولار، وارتفاع قيمة اليوان، ما سيقلل من القدرة التنافسية للصادرات الصينية.
وخلصت الصحيفة إلى أن الدين الأمريكي لا يعدّ ورقة مؤثرة في خضم الصراع بين الولايات المتحدة والصين، لأن اعتماد واشنطن على بكين في هذا المجال محدود، ما يعني أن الصين لا "تمتلك" أمريكا، بل تحتاج هي نفسها إلى استقرار الدولار.