معادلة الوقوف على رجل ونصف
تاريخ النشر: 11th, August 2024 GMT
د. قاسم بن محمد الصالحي
بالبث الحي المباشر يواصل الكيان الغاصب لفلسطين، عملية الإبادة الجماعية في غزة.. العالم يشاهد أكبر مأساة إنسانية، في غضون هذا المشهد تتحرك رمال العلاقات والتحالفات، ويحاول قادة الكيان تحويل المنطقة إلى قنبلة موقوتة إن صح التعبير لقيام حرب شاملة، بمساعدة الإنجيليين "دواعش أمريكا والغرب"، أصحاب الخطى الصليبية، فهم أيضاً يصبون الزيت على نار إشعالها.
الشرق الأوسط على حافة الهاوية، بعد أن أشعل شرارة الانفجار، رئيس الكيان الغاصب، باغتياله "لقائد من حزب الله في الضاحية الجنوبية، واختياره العاصمة الإيرانية طهران لاغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، وقيامة بغارة على ميناء الحديدة في اليمن. عندما نقرأ التاريخ نجد أنه رغم أن السبب المباشر لنشوب الحرب العالمية الأولى، حادثة اغتيال ولي عهد النمسا فرانز فرديناند مع زوجته، أثناء زيارتهما لسراييفو، من قبل طالب صربي يدعى غافريلو برينسيب، إلا أن الحرب بدأت أوروبية وانتهت عالمية، وحادثة الاغتيال مهدت لتغييرات سياسية كبيرة، وتوتر في العلاقات الدولية، صراعات على النفوذ، تزايد التنافس الاقتصادي والتجاري بين الدول الإمبريالية، لاقتسام النفوذ عبر العالم والسيطرة على الأسواق لتصريف فائض الإنتاج الصناعي والمالي، والتزود بالمواد الأولية، فضلا عن دخول الدول الإمبريالية في تحالفات سياسية وعسكرية، أدت إلى سباق تسلح بين الدول المتنافسة التي رفعت من نفقاتها العسكرية، فهل اكتملت دائرة التاريخ لقيام حرب كونية ثالثة؟
ما حدث ويحدث في المنطقة أمر له أبعاد متعددة، ومن الصعب الإحاطة بكل ما يحمله من نتائج.. لكن ما أشرنا إليه في مقدمة المقال قد يغطي الكثير من الأسئلة والإشكاليات، بعضها سياسي والبعض الآخر قراءة لما يحصل في الميدان، أو حتى دلالات ما نشاهده مباشرة من وجوه متعددة.. المخيف في هذه المشاهد هو إمكانية اشتعال فتيل حرب شاملة، يكون مسرحها الرئيس منطقة الشرق الأوسط، فالأحداث الجارية بمثابة قنبلة قد دقت ساعتها نتيجة للصراعات في العلاقات بين القوى الإقليمية والدولية، بعد أن حطمت المقاومة ثقة مخلب الغرب المتقدم.
إن 7 أكتوبر 2023، جعل الكيان الصهيوني يعاني مجددا شعور فقدان الثقة بالنفس الذي لازمه منذ اصطناعه في المنطقة من قبل القوى الغربية، فقدان الثقة هذا هو السبب الذي يكمن وراء الهجوم الوحشي على قطاع غزة، الهدف إبادة الرجال والنساء والأطفال، والرضع، والبهائم، واتلاف الأملاك، بحسب وصايا التوراة المحرفة، وذلك بسبب الصدمة التي أحدثها أبطال كتائب القسام.. والمقاومة في غزة عندما قامت بعملية 7 أكتوبر كان هدفها نصرة الإنسانية، بعد أن تملك الفلسطينيين الإحباط واليأس من علاقات دولية منحازة، انهارت فيها القيم والمثاليات، سادتها الحروب والتجربة بين الموت والبقاء.
قد يكون من الصعب استشراف مآلات وارتدادات ما يقوم به رأس الكيان خائر القوى من أفعال إجرامية.. غير أن نظرة سريعة للأحداث، تظهر الدور البارز لتلك الأفعال في إشعال فتيل حرب كبرى قادمة، لا سيما في ظل علاقات دولية تغيب فيها القيم والأخلاق، يسودها التوحش والجشع.. ربما يمكن القول إن تاريخ أثر هؤلاء القوم على إشعال الحروب، وإثارة الفتن، يعود إلى عصور أسلافهم الأوائل، فعندما نبحث في أقدم الحروب والجرائم، في الغالب نرى أن معتقداتهم ونظرياتهم قد لعبت دورا مباشرا في قيام أحداث كبرى في العالم، نستنتج أن رأس الكيان بمعتقدات أسلافه، يحاول خلق بطولات وهمية وأسطورية له شخصيًا، خلاصة ما يريد رسم صورة نمطية لتراجيديته الواهية في خلق ملاحم بطولية، وعندما نقترب من عصور أسلافه، نرى أن دائرة التوجه نحو الأماني في معتقداتهم الواهية. لذا نستطلع مغزى الإجرام والمذابح، وإشعال فتيل الحروب عندما تزداد اتساعًا بعد التطورات التي شهدتها المنطقة، ولا سيما في أعقاب الرعونة التي ارتكبها طالب الكيان الفاشل، في اليمن ولبنان وطهران، ظهرت على السطح علاقات دولية من نوع آخر، وبرزت مواقف مثالية داعمة للقضية الفلسطينية.
ومن جهة أخرى، شهدت المنطقة نقلة نوعية في فرض معادلات جديدة في العلاقات، نتج عنها توحد الساحات والجبهات، فقارعت المقاومة الكيان بغضب، لكن بعقل وحكمة، فواجهت حربه العبثية الدامية ومآسيها.. بالرغم من أن قيادات الكيان اللقيط يفخرون بإجرامهم في حق الفلسطينيين، مستندين لدعم حلفائهم وأعوانهم الصهاينة، إلا أن المقاومة تمكنت من جعل كيانهم كله يقف على رجل ونصف، كمعادلة جديدة، في منطقة تشهد ظهور اشتعال فتيل حرب كونية ثالثة، في ظل علاقات دولية تنظر إلى المذابح الجماعية في غزة، من منطلقات أو ذرائع الكيان الغاصب فحسب.
لقد أجبرت تلك الأفعال الإجرامية المقاومة والأحرار على فرض معادلات جديدة في العلاقات الدولية، لوقف الإبادة الجماعية التي يتسبب بها رأس الكيان الصهيوني، وهو يبكي فوق أجساد قتلاه.. هل اكتملت دائرة التاريخ لقيام حرب كونية ثالثة؟!، أم سيلجم طالب الكيان الفاشل بالمعادلة التي فرضتها المقاومة بعلاقات دولية جديدة؟!
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
الغارديان: المستوطنون الإسرائيليون يواصلون الاستيلاء على أراضٍ جديدة في الضفة الغربية
نشرت صحيفة "الغارديان" البريطانية، تقريرا، للصحفيين بيتر بومونت وكويك كيرزينباوم، قالا فيه؛ إنّ "المستوطنين الإسرائيليين يستمرون في الاستيلاء الفعلي على مساحات كبيرة من الأراضي الريفية في الضفة الغربية المحتلة، التي شهدت بالفعل تهجيرا شبه كامل للبدو في مناطق واسعة".
وأوضح التقرير الذي ترجمته "عربي21" أنه: "حين تم توثيق نشاط المستوطنين، بما في ذلك العنف، منذ فترة طويلة في الجزء من الضفة الغربية الذي حددته اتفاقيات أوسلو لعام 1993 على أنه تحت السيطرة الأمنية والإدارية الإسرائيلية، ما يسمى بالمنطقة ج من الأراضي المحتلة، بما فيها تلال الخليل الجنوبية، حوّل المستوطنون تركيزهم للمنطقة ب الريفية في الغالب، التي تم تحديدها لتكون تحت السيطرة المدنية الفلسطينية في البداية".
وتابع: "كان من المقرر بموجب الاتفاقيات أن يتم نقل المناطق الثلاث التي تم الاتفاق عليها في أوسلو -المنطقة أ- التي تضم المدن الفلسطينية الرئيسية، إلى دولة فلسطينية مستقبلية".
وبحسب التقرير نفسه، فإنه: "في الوقت الذي تحدث فيه الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، عن نقل الفلسطينيين من غزة، وهو ما يؤيد فعليا التطهير العرقي هناك، تتقدم بالفعل عملية التهجير في المنطقة ب، مع تعرّض الفلسطينيين في الضفة الغربية لضغوط من المستوطنين وأنصارهم السياسيين من اليمين المتطرف".
"في أحد أقسام المنطقة ب في التلال الصحراوية القاحلة بين بيت لحم والبحر الميت بالقرب من مستوطنة تكواع، يبدو أن كل الأدلة على وجود البدو الذين عاشوا هناك قد تم محوها، بينما يتعرض من تبقّى في منطقة ثانية للمضايقات من قِبَل عنف المستوطنين"، أبرز التقرير.
وأضاف: "في مشهد من الوديان العميقة والمنحدرات الجيرية المتربة، كان رعاة البدو حتى وقت قريب يرعون قطعانهم على النباتات المنخفضة التي تظهر في أشهر الشتاء، أو على المحاصيل العلفية المزروعة موسميا في قيعان الوديان المسطحة".
إظهار أخبار متعلقة
وأردف: "الوديان التي كانت تؤوي في السابق مجموعات من البدو يصل تعدادها إلى بضع مئات، أصبحت الآن مأهولة ببؤر استيطانية غير قانونية متداعية، وأحيانا منزل واحد أو كوخ، وأحيانا بضعة مبان، يمكن رؤيتها وهي تشع من مستوطنة تكواع عبر التلال، ومتصلة بالمستوطنة الرئيسية بأنابيب مياه متعرجة".
وأكد: "أصبحت الآبار التي استخدمها البدو لأجيال الآن تحت سيطرة المستوطنين، في حين أن زراعة المستوطنين الجديدة، إلى حد كبير من أشجار الزيتون التي تغذيها أنابيب المياه، تحل محل رعي الأغنام".
وقال الباحث في مجموعة مراقبة المستوطنات "السلام الآن"، ليوني ميزراحي؛ إنّ "الكثير من إفراغ هذه المنطقة بالقرب من مستوطنة تكواع حدث في أعقاب 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، وهو الحدث الذي أدى لزيادة نشاط المستوطنين في الضفة الغربية".
وأضاف ميزراحي: "مع ذلك، ذهبت ثقافة فريدة من نوعها في التلال، التي كانت حتى قبل بضع سنوات فقط تبدو غير منفصلة عن المناظر الطبيعية"، متابعا: "يمكنك أن ترى مدى خلوها باستثناء عدد قليل من البؤر الاستيطانية".
وأوضح: في حين أنّ هذه البؤر الاستيطانية غير القانونية تصوّر نشاطها على أنه "زراعة"، فإن هذه الأكواخ في الواقع تمثل جهدا للسيطرة على مناطق ريفية كبيرة، نجحت حتى في غياب جيش الاحتلال الإسرائيلي.
وأردف ميزراحي، في إشارة إلى الضفة الغربية المحتلة: "في عام 2024 أحصيت 59 بؤرة استيطانية غير قانونية جديدة. لقد كان عاما قياسيا. بؤرة جديدة كل أسبوع. قبل ذلك، قد ترى ما بين صفر و10 إلى اثنتي عشرة بؤرة استيطانية بالمتوسط خلال عام".
وأبرز: "هذا الجهد مدعوم ببناء طرق غير قانونية جديدة، والتي تم هدمها بالجرافات في المنطقة الواقعة شرق مستوطنة تكواع إلى التلال"، مؤكدا أن: "البدو هنا هم الأضعف والأكثر عرضة للخطر بين المجتمعات الفلسطينية، وهم يتعرضون للتشريد كمجتمعات ويصبحون بلا مأوى".
إظهار أخبار متعلقة
إلى ذلك، أفاد التقرير أنه: "بعد رحلة قصيرة بالسيارة إلى الجنوب، تصل إلى قرية المنية ومكب نفايات مفتوح ضخم على حافة التلال الصحراوية، حيث لا يزال البدو يحاولون البقاء على أرضهم على بعد كيلومتر واحد أو نحو ذلك من المكب".
"في أحد المخيمات الصغيرة، تمكن جميل ومجاهد شلالدة من الصمود، على الرغم من حملة العنف منذ وصول مجموعة من المستوطنين المتطرفين الشباب إلى مكان قريب في كانون الأول/ ديسمبر" بحسب التقرير ذاته، مردفا: "يمكن رؤية أكواخ المستوطنين المعروفين باسم قطيع إبراهيم على مسافة قريبة، حيث تتحرك سياراتهم عبر تل قريب".
كذلك، تم عرض مقطع فيديو لصحيفة "الغارديان" لهجمات حديثة، تبرز مستوطنين يحاولون تخويف قطعان الأغنام التابعة للبدو، وإشعال النار في مبنى، وسرقة معدات، وإطلاق كلب على أطفال البدو.
قال جميل: "يوجد قبيلتان هنا. نحن هنا منذ 52 عاما. وصل المستوطنون قبل ثلاثة أشهر. كل يوم وكل ليلة نخشى ما قد يفعلونه. كانت هناك عائلة أخرى هنا، لكنهم خافوا فغادروا المكان. لكن ليس لدينا مكان آخر نذهب إليه".
وأضاف: "لقد دمروا المباني في مخيمنا، ورغم أننا ذهبنا إلى الشرطة إلا أنهم لم يفعلوا شيئا". فيما قال يهودا شاؤول، من مركز أوفيك للشؤون العامة الإسرائيلي: "نحن نتحدث عن آلاف وآلاف الدونمات من الأرض". الدونم يعادل ربع فدان.
قال شاؤول: "ما يحدث حول مستوطنة تكواع هو ما يحدث في أماكن أخرى. مناطق جديدة يتم تطهيرها بعنف المستوطنين". مضيفا: "في الأشهر الاثني عشر التي سبقت 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، رأينا ما يقرب من 100 فلسطيني نازح، ولكن في الأشهر التي أعقبت 7 تشرين الأول كان العدد 1400.
إظهار أخبار متعلقة
وأضاف أن تسارع النشاط الاستيطاني في منطقة تقوع، يتم استيعابه من خلال المناخ السياسي الإسرائيلي الحالي. مردفا: "قبل ثلاث سنوات ونصف، كان هناك حوالي 240 ألف دونم لم يتمكن الفلسطينيون من الوصول إليها بسبب عنف المستوطنين. اليوم يقترب هذا الرقم من 800 ألف. وهذا يمثل 12 في المئة من الضفة الغربية".
وقال شاؤول؛ إن ما هو مهم الآن، هو كيف أن المستوطنين الإسرائيليين الذين تصرفوا لفترة طويلة دون عقاب في المنطقة (ج)، يحولون الآن تكتيكاتهم إلى أجزاء جديدة من الضفة الغربية، بهدف تفتيت المنطقة المخصصة للدولة الفلسطينية المستقبلية بالكامل.