بوابة الوفد:
2024-09-10@14:17:09 GMT

جماليات التصوف

تاريخ النشر: 11th, August 2024 GMT

هل يتضاد التصوف مع العقل ومن ثَم التنوير؟ سؤال صاحبنى سنوات عديدة وطفتُ به بين الكتب والبلدان بحثا عن إجابته التى رأيتُ فيها تجاور العقل والتصوف فى بلدان وبيئات متقدمة علميا، لأن التصوف يعالج جوانب الروح بينما التنوير يعيش فى كنف العقل ولذا فما أحوجنا إليهما، وهذا لا ينفى أن يختار من شاء أحدهما ولا ضير.

لقد عشتُ فى أجواء صوفية منذ ميلادى وقد سمعتُ عن الكرامات الصوفية منذ نشأتى الأولى واستهوتنى هذه العجائبية. ولذا حصلت على منحة ألكسندر فون هومبولت على مشروع (أدبيات الكرامة الصوفية، دراسة فى الشكل والمضمون)، صدر فى طبعاته بألمانيا والإمارات العربية ومصر. ونقلت هذه الحكايا التى كنت أسمعها عن الأولياء الذين يمشون على الماء ويطيرون فى الهواء إلى عالم الإبداع فرأيت أنها جنس أدبى مستقل ربما يكون نواة الحكى والسرد القصصى والروائى. فالكرامة التى تحكى عن وَلى يعيش فى قرية مجاورة لنا شرق النيل وصاحبه الولى الذى يقطن غرب النيل. وأن الولى الشرقى يشعل حطبا فى الشتاء ويمسك بيده الجمر فيكوّره كرات ويرميها بيديه إلى الولى الغربى فيتناولها بيديه ويتدفأ بها دون أن تضرهما والمسافة بين دفتى النهر تصل إلى قرابة الكيلومتر. هذا النص بعجائبيته وغرائبيته لا يقبل التشكيك لدى مُعتنقيه. نص شفوى متناول بين الناس ولا يجرؤ أحد على تكذيب سارده، لكن هذا لم يفصلنى عن العقل فقد درستُ أبا العلاء المعرى فى رسالتى للدكتوراه وانشطر البحث العلمى فى عقلنة المعرى وعرفانية التصوف. لا أزال أرى أن العلم والثقافة هما الطريق الوحيد للتقدّم. كل الحضارات التى سادت بقيت بالعلم والتى زالت عندما اضمحلّ علمها. والثقافة المشتقة من ثَقَف أى قوّم فروع الأشجار لتغدو رماحا لا ميل فيها ولا اعوجاج، هنا يصبح العقل قادرا على التفكير دون تأثير الغير عليه وهذا هو التنوير الذى ننادى به لمجتمعاتنا العربية، التنوير الذى يعنى فى أبسط تعريفاته، «إعمال العقل بمعزل عن تأثير الغير».

مختتم الكلام

قال ابن الفارض:

كل مَن فى حِماكَ يهواكَ لكنْ

أنا وحدى بكلّ مَنْ فى حماكَ

 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: هومبولت

إقرأ أيضاً:

الزنان

تفشى فى المجتمع طائفة من الناس تبيع لنا الكلام، يستهزئون بنا وبعقولنا، ويتصور كل واحد منهم أنه وحيد زمانه الذى عجزت الأمهات عن أن تلد مثله. فهؤلاء تُجار الكلام، الذين يصنعون بطولات وهمية لسيدهم الذى يدفع لهم، ينصرون الظالم على المظلوم، ويعملون من أجل معركة التخلف، ويتوهمون أنهم يقودون الناس إلى النور والمستقبل، ويتخيلون أنهم قادرون على إنقاذ الناس من قوى الظلام، ويتفاخرون علينا بأنهم مصدر المعلومات، وليس لديهم أى معلومات حقيقية، إن كل ما لديهم مجرد كلام مكرر وممل يسخر منه الناس، فهذا هو دورهم الحقيقى، عملًا بمثل مصرى أصيل يقول «الزن على الودان أمر من السحر» أى أن مواصلة الحديث قادرة على الاستحواذ على عقول الناس، أو ربما تأثيره أكبر من السحر. لذلك نجد هؤلاء قد انتهزوا هذه الفرصة وتقدموا لهذه المهمة «الكلام من أجل الكلام» ويحاولون تحلية المُر حتى لا يفكر الناس فى شىء، ويقولون لنا «كلوا واشربوا وامرحوا لأننا سوف نموت غدًا» أستغفر الله العظيم... فليس أمامنا إلا سماع هذا الكلام من تُجار الكلام بكلمات لا تُسمن ولا تُغتى من جوع... يا رب ارحمنا منهم.

لم نقصد أحدًا!!

 

مقالات مشابهة

  • الإطارى أو الحرب
  • د.حماد عبدالله يكتب: حضارة الأغنياء فى مصر القديمة !!
  • وليد عونى: ندعم القضية الفلسطينية بسلاح الفن
  • مشكلة الأخلاق
  • تأثير مبادئ ثورة ١٩ وانتماء محفوظ للوفد على نظرته للصحافة
  • الزنان
  • أعطال العقل السياسي السوداني
  • الديون الخارجية تتطلب استراتيجية فعالة تبنى على إعادة الهيكلة والخفض التدريجى
  • رسائل مزعجة ومشهد دراماتيكى فى إسرائيل
  • أمريكا.. الصديق الخائن