هل يولدُ أحدنا في الجانب الصحيح من العالم، بينما يولدُ الآخر في الجانب الخطأ منه؟ هل يولدُ أحدنا في رفاهية القوانين والحقوق، بينما يولدُ الآخر في الشقاء غير المنظور؟
أسئلة كهذه دارت بين الشاب السوري «سام علي» الذي يحمل مفردة «لاجئ» كذنب، وبين فنان مشهور يدعى جيفري غودفروي، يُحول الأشياء التي بلا قيمة إلى أشياء قيمة، في فيلم «الرجل الذي باع ظهره»، والذي كتبته وأخرجته التونسية كوثر بن هنية، ورشح لجائزة الأوسكار لعام2021، لنوع الأفلام الأجنبية في الدورة ٧٣.
فماذا عساهم يفعلون أولئك الذين لا يملكون أحصنة لعبور الحدود ولا ينتمون إلى عالم الجن ليقوموا بأعمال سحرية تنقذهم من جحيمهم؟ ربما يرضخون صاغرين لمن يقدم لهم بساطا سحريا، أو قد يتعاقدون مع «مفستوفيليس»، ذاك الذي يمنحُ شيئا ليقبض شيئا آخر كما حدث في قصّة فاوست.
اشترى غودفروي ظهر «سام علي» فجعل منه لوحة، رسم عليها وشم على هيئة فيزا شنجن، تلك العلامة بالغة الأهمية للغرباء الذين يتوقون للوصول إلى أوروبا بشكل قانوني.
أراد غودفروي أن يقول للعالم المتشائم الذي ظن بموت الفن بأنّ الفن لم يكن أكثر نبضا من الآن، «فنحن نعيش في عصر مُظلم، إذا كنت سوريا أو أفغانيا أو فلسطينيا، فأنت شخص غير مرغوب به، والجدران ترتفع من حولك»، ولذا فقد حوّل الفنانُ سام إلى سلعة!
يوقعنا الفيلم في غرائبية الحياة وتحولات قيمها، فتحويل الإنسان إلى نوع من البضائع، يجعله يستعيد حريته! «فتداول السلع أكثر حرية من حركة البشر»! يتحول سام من إنسان إلى مجرد قطعة في المتحف الملكي للفنون الجميلة في بلجيكا. هناك حيث يحظى برغد العيش، لكن في حياة باردة بلا طعم أو معنى، لا يملكُ الحق في التحدث إلى الناس، كما لا يملكُ حق الاعتراض على ما يحدث لجسده!
يظهر التناقض جليا، عندما يأتي رجل من حقوق اللاجئين من بلده الأصلي، ليُدافع عنه، ليُذكره بأنّه ليس حيوانا في سيرك ليلعب هذا الدور، وكالعادة يأتي حُماة الحقوق في المكان والوقت الخطأ!
يخبرنا غودفروي أنّ قصّته مع سام هي على نقيض قصّة الفنان بيغماليون الذي صنع تمثال امرأة وقع في غرامها وتمنى أن تُنفخ فيها الروح، فغودفروي جمّد الإنسان الذي يرى ويفكر ويتحرك وجعله لوحة ثابتة أمام الجمهور وكاميرات التصوير والإعلانات.
تبدو العلاقة والأحاديث بين غودفروي والشاب سام لافتة للغاية، لاسيما عند ظهور الدمامل التي شوهت اللوحة على الظهر الحي فتوجب عصرها!
تتصاعد المأساة عندما يُقرر أحد جامعي التحف أن يشتري اللوحة التي على الظهر، فرغم القلق من الدول المناهضة للإتْجار بالبشر، إلا أنّ هنالك دولا متقدمة في تشريعاتها كما يزعمون تقبل بهذا النوع من السلع البشرية! بل تفاوض حول الطرق التي ينبغي بواسطتها تأمين اللوحة!
تبدأ المساومة اللعينة في تلك اللقطة التي يُدير فيها سام ظهره، كما قد تفعل قطعة جماد عديمة القيمة والروح. لقد مرّ بين الزبائن دون أن يُذكر اسمه، تمّ تغييب كيانه، تحول إلى مجرد قطعة تحمل رقم 69. رمق سام العالم المتفرج بنظرة لوم، ثمّ سرعان ما استشرست نظرته.
ارتفعت أرقام المزايدة عليه حتى وصلت إلى خمسة ملايين، وعندما ملأ التصفيق المزاد وأصبح ثمّة مالك جديد له، صرخ صرخة مدوية. استدار فجعل الجمهور ينظر إلى وجهه، وكأنّه يذكرهم ببشريته البائسة التي تجاهلوها! تلك الالتفاتة والتحرك والصراخ الذي أحدثه سام، دفعهم للركض كأنّهم أمام قنبلة موقوتة!
عندما انتشر خبر مقتل «سام» على يد داعش، لم يكن هنالك من هو معني بإنسانيته الرخيصة، كان الأكثر أهمية هو الوشم الذي يعيش على ظهره، ولذا تحول موته إلى قضية سرقة تحفة فنية، رغم أنّه كان يضحك في جنته البعيدة قائلا: «كان عليّ أن أموت حتى أعيش».
لا نعرف على وجه الدقة إن كانت «لوحة فيزا شنجن» منحت سام القيمة أو سلبتها منه، لكن أكثر ما ينبغي أن يُشغل بالنا هو ذلك العيش في الأوطان التي تتدنى فيها شروط الحياة الطبيعة، تتدنى فيها الحقوق الحريات، فتدفع الناس للتعاقد حتى مع الشياطين!
المصدر: لجريدة عمان
إقرأ أيضاً:
احذر.. فعل شائع بين الرجال نهى عنه النبي يعرضك للعنة 70 ألف ملك
لعل ما يوجب معرفة فعل شائع بين الرجال نهى عنه النبي -صلى الله عليه وسلم - لتجنب ارتكابه والوقوع ، هو أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم - دائمًا ما يرشدنا إلى كل ما فيه خير وفلاح لنا في الدنيا والآخرة ، وينهانا عن كل ما فيه شر وهلاك، من هنا ينبغي الانتباه لأي فعل شائع بين الرجال نهى عنه النبي -صلى الله عليه وسلم - دون استهانة.
مشروب محرم في الأفراح..تعرف على عقوبته في الإسلام عقوبة قطع صلة الرحم.. 20 مصيبة تنتظر قاطعها في الدنيا قبل الآخرة فعل شائع بين الرجال نهى عنه النبيورد عن فعل شائع بين الرجال نهى عنه النبي -صلى الله عليه وسلم - ، أنه النظر إلى عورة المسلم، حيث إنه -صلى الله عليه وسلم نهى أن ينظر الرجل إلى عورة أخيه المسلم، وقال: (من تأمل عورة أخيه لعنه سبعون ألف ملك) ، ونهى المرأة أن تنظر إلى عورة المرأة.
وجاء عن نهي الرجل عن النظر إلى عورة أخيه، هذا نهي ثابت، فعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: لَا يَنْظُرُ الرَّجُلُ إِلَى عَوْرَةِ الرَّجُلِ، وَلَا الْمَرْأَةُ إِلَى عَوْرَةِ الْمَرْأَةِ، وَلَا يُفْضِي الرَّجُلُ إِلَى الرَّجُلِ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ، وَلَا تُفْضِي الْمَرْأَةُ إِلَى الْمَرْأَةِ فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ رواه مسلم (338).
وقال النووي رحمه الله تعالى: " تحريم نظر الرجل إلى عورة الرجل، والمرأة إلى عورة المرأة، وهذا لا خلاف فيه، وكذلك نظر الرجل إلى عورة المرأة، والمرأة إلى عورة الرجل: حرام بالإجماع.
حديث من تأمل عورة أخيهونبه صلى الله عليه وسلم بنظر الرجل إلى عورة الرجل، على نظره إلى عورة المرأة، وذلك بالتحريم أولى، وهذا التحريم في حق غير الازواج ... " انتهى من "شرح صحيح مسلم" (4 / 30 - 31). وأمّا لفظة: " من تأمل عورة أخيه لعنه سبعون ألف ملك " وكذا " أدخله الله مع المنافقين": فهذه لم نجد لها أصلا؛ والمبالغة في الوعيد على هذا النحو مما تختص به الأحاديث المكذوبة.
وروى أبو سعيد الخدري، في صحيح الترمذي | الصفحة أو الرقم : 2793 ، أنه -صلى الله عليه وسلم- قال في الحديث الصحيح : - لاَ ينظرُ الرَّجلُ إلى عورةِ الرَّجلِ ولاَ تنظرُ المرأةُ إلى عورةِ المرأةِ ولاَ يفضى الرَّجلُ إلى الرَّجلِ في الثَّوبِ الواحدِ ولاَ تفضي المرأةُ إلى المرأةِ في الثَّوبِ الواحدِ.
وروى أبو سعيد الخدري في صحيح مسلم ، الصفحة أو الرقم: 338 ، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم - قال: ( لا يَنْظُرُ الرَّجُلُ إلى عَوْرَةِ الرَّجُلِ، ولا المَرْأَةُ إلى عَوْرَةِ المَرْأَةِ، ولا يُفْضِي الرَّجُلُ إلى الرَّجُلِ في ثَوْبٍ واحِدٍ، ولا تُفْضِي المَرْأَةُ إلى المَرْأَةِ في الثَّوْبِ الواحِدِ. وفي رواية: مَكانَ «عَوْرَةِ»: عُرْيَةِ الرَّجُلِ، وعُرْيَةِ المَرْأَةِ).
شرح حديث النهي عن النظر إلى عورة الرجلوجاء فيه أنه قد سَدَّتِ الشَّريعةُ كلَّ الذَّرائعِ المؤدِّيةِ إلى الوُقوعِ في الحرامِ، ورَسَمت للبَشَريَّةِ المُثُلَ العُليَا، والطَّريقَ القَويمَ للحَياةِ الدُّنيويَّةِ والأُخرويَّةِ، لأجلِ ذلك جاء الأمرُ بغَضِّ البَصَرِ والنَّهيُ عن النَّظرِ إلى العَوراتِ؛ لأنَّ ذلك قد يُؤدِّي إلى ارتكابِ الفَواحِشِ.
وورد في هذا الحديثِ نَهى النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أن يَنظُرَ الرَّجلُ إلى عَورةِ الرجلِ، أو تَنظُرَ المرأةُ إلى عَورةِ المرأةِ، وهذا فيه أمرانِ، الأوَّلُ: الأمرُ بسِترِ العَورةِ، والثَّاني: الأمرُ بغَضِّ البَصَرِ، وقد عَفا اللهُ عنِ النَّظرةِ الأُولى التي تَقَع على المُحرَّمِ عَفوًا ودون قَصدٍ، وبدافِعِ الحاجةِ إلى تَمييزِ الطَّريقِ وإمكانِ المَشيِ والحَرَكةِ.
وورد أن محلُّ النَّهيِ عن النَّظر إلى العورةِ ومُباشرتِها: إذا لم تَكُن حاجَةٌ، أمَّا إذا كانت حاجةٌ شَرعيَّةٌ فيَجوزُ النَّظرُ، كالتطبُّبِ ونحوِه، على أن يكونَ النَّظرُ على قَدرِ الحاجةِ وبغَيرِ شَهوةٍ كذلك. وأيضًا فإنَّ النَّهيَ في غَيرِ ذاتِ الأزواجِ، أمَّا الزَّوجانِ فلِكُلِّ واحِدٍ منهما النَّظَرُ إلى عَورةِ صاحِبِه جَميعِها، والنَّهيُ أوكَدُ في نَظَرِ الرَّجُلِ لعَورةِ المَرأةِ، والعَكسُ.
وجاء في رِوايةٍ مَكانَ «عَورة»: «عُرْية الرَّجُلِ، وعُرْية المرأةِ»، وهما بمعنًى واحدٍ، والعَورةُ: هي كل ما يُستَحيَا منه إذا ظَهَر، وهي منَ الرَّجُلِ ما بين السُّرَّةِ والرُّكبةِ، ومنَ المَرأةِ الحُرَّةِ جَميعُ الجَسَدِ، وقيل: عَدَا الوَجه واليَدَينِ.
ونَهى النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عن أن يُفضيَ الرَّجلُ إلى الرَّجلِ في الثَّوبِ الواحدِ، وأن تُفضيَ المرأةُ إلى المرأةِ في الثَّوبِ الواحدِ، أي: لا يَخلُو أحدُهما إلى الآخَرِ في ثَوبٍ أو تَحتَ غِطاءٍ واحدٍ مُتجرِّدَينِ، واقِعًا تَلامُسٌ بين البَشَرَتَينِ.
والمَعنَى: أنَّه لا تَصِلُ بَشَرةُ أحدِهِما إلى بَشَرةِ الآخَرِ في أيِّ صورةٍ كانت؛ لأنَّ ذلك قد يُؤدِّي إلى لَمسِ كلٍّ منهما عَورةَ صاحبِه، ولَمسُها مَنهيٌّ عنه كالنَّظرِ إليها، بل هو أشدُّ في النَّهيِ؛ لِما يُؤدِّي ذلك إلى مَفاسدَ أكبَرَ.
وخُصَّ النَّهيُ بالرِّجالِ مع الرِّجالِ والنِّساءِ مع النِّساءِ؛ لأنَّه رُبَّما ظنَّ البَعضُ أنَّ الرِّجالَ مع الرِّجالِ أوِ النِّساءَ مع النِّساءِ - أدْعى للنَّظَرِ وكَشفِ العَوراتِ؛ وعَليه فإنَّ عَورَةَ الإنسانِ يَجِبُ سَترُها عن كلِّ أجنبيٍّ، رَجُلًا كان أوِ امرأةً، إلَّا فيما استَثناه الشَّرعُ بالتَّخفيفِ كالمَحارِمِ.