مع الدكتور/ الدرديري محمد احمد… مرة أخرى
تاريخ النشر: 9th, August 2023 GMT
بسم الله الرحمن الرحيم .
تعليق على مقال: "الدرديري محمد احمد..رجل انتهازي بامتياز!!"، المنشور بسودانايل بتاريخ 7/8/2023م للكاتب الزين الطيب.
اجدني مضطرا ان اعلق مرة اخرى على ماكتب عن الدكتور الدرديري محمد احمد ومقالتيه عن عرب الشتات ،فقد سبق ان كتبت مقالا بعنوان : دكتور الدرديري محمد احمد المفترى عليه"، نشر بسودانايل تاريخ: 22 July, 2023 .
.ومشكلة الدرديري،التي اثارت عليه الكاتبين، الموضوع الذي تناوله في مقالتيه ،وتتبعه لمن اطلق عليهم عرب الشتات ،ودورهم المدمر في التاريخ، وعرضه لبعض الدول والمجتمعات التي دمروها وخربوا بنيانها ،وتحذيره من تكرار هذه الممارسة في السودان،وان الحرب الدائرة الان مثال لذلك، واشارته الى ان هناك مؤامرة كبرى -كما يقول - تجري لإحلال رعاة دول الساحل الإفريقي مكان المجتمع السوداني.وكان يتوقع من الغالي ومن الزين، ان يتناولا هذه القضية ومدى مصداقية ما اورده الدكتور الدرديري من تاريخ لهذه الجماعات،ومن السعي لاحلالها محل الدولة السودانية ، ويجريا حواراًً علمياً وتقييماً دقيقاًً للمقالتين يستفيد منه القراء،ويسهم في معرفة طبيعة هذه المليشيا، ويسهم في تفسير ما يجري في الساحة السودانية . ولكن بدلا من ذلك جرى "الطيب الزين" على نهج زميله "الدكتور الغالي" ،فجعل من مقاله منبرا لهجوم شخصي على الدكتور الدرديري، فوصفه بخواء العقل وميتة الضمير. ،وان الدكتور بمقالتيه ، " كشف عن حجم التناقض بين اللقب الذي يحمله،والغثاء الذي سطره ،وان ما سطره من غثاء كشف عن جهله وتخلفه واكاذيبه وادعاءاته واوهامه،وانه في مقالتيه خلط الاوهام والاكاذيب والادعاءات،ونشرها على انها حقائق" الى غير ذلك من الاوصاف التي اطلقها الكاتب على دكتور الدرديري والتي يعف اللسان عن ايرادها .وانكر الزين -على الدكتور- وصفه لقوات الدعم السريع بعرب الشتات،وهذا الوصف لن يغير من حقيقتها التي تقول- وفقا لعبارته- انها تتكون من ابناء وبنات السودان. وحقيقة لم يتجاوز الدكتور الدرديري في مقالتيه-ايراد الحقيقة التي يعرفها كل الناس ما عدا الكاتب- من ان قوات الدعم السريع تتكون في اغلبها من مرتزقة اجانب: جاؤوا مِن تشاد ،والنيجر، والكاميرون، وأفريقيا الوسطي، وجنوب ليبيا ،وبوركينا فاسو ،ونيجيريا ،وموريتانيا وحتي السنغال في أقصي غرب أفريقيا، اضافة الى قليل من السودانيين.ونسبة السودانيين فيها لا تتجاوز 40%،،ومعظمهم من اعراب غرب دارفور،اما الاخرون من مناطق السودان الاخرى، فكما هو معلوم انضموا الى الدعم السريع ابان فتح المجال لحميدتي ليجند لقواته من مختلف انحاء السودان،مستغلا غفلة العسكر وتوهمهم انه يكون بفعله هذا رصيدا للقوات المسلحة،وما ظن احد انه يعد لمشروع دولته القادمة وتحقيق احلامه الطائشة.
وكشف الكاتب عن انتمائه الصريح للجنجويد حين وصف ما قاموا به ثورة ،يبذل الجنجويد في سبييلها المهج والارواح،وانهم يسعون الى تخليص البلاد من الكيزان،وبناء دولة تسع الجميع من غير اقصاء لاحد، ،ووصف ما كتبه الدرديري بأنه "مجموعة من الأكاذيب والإدعاءات بهدف تشويه الثورة التي يكتب صفحاتها أشاوس قوات الدعم السريع بدمائهم وأرواحهم للتخلص من بقايا الكيزان في داخل مؤسسات الدولة المدنية والعسكرية وبناء دولة جديدة تسع الجميع، بلا تمييز أو إقصاء. وان أشاوس الدعم السريع قد أدوا القسم إما نصر لصالح الشعب وإما شهادة تغيظ الأعداء."،ورغم الاختلاف مع الكاتب فيما ذهب اليه ،فمن حقه ان يتخذ الموقف الذي يراه،ولكن وصفه للجنويد بهذه الصفات مجرد وهم تردده ابواق الجنجويد، ويحاولون اقناع الناس به. وهو وهم تكذبه اعمال الجنجويد،وممارساتهم . ومن الافضل ،ردا على تلك الاوهام ،ان نورد مرة اخرى ما ذكره دكتور الدرديري عن ما سماه بالمؤامرة الكبرى التي تستهدف الدولة السودانية، ويقف خلفها قوى اقليمية ودولية ، تهدف الى خلق دويلة تحقق طموح بعض الأسر ،ومصالح دول اقليمية ودولية، الامر الذي ينكره الطيب الزين ،وانكره من قبل مرتضى الغالي، ، ،وهو امر لم ينفرد به الدكتور الدرديري ، بل اصبح حقيقة يسندها الواقع وتحركات الدعم السريع وقبائل الشتات، وما تجمعاتهم في معسكر العوينات الذي دمره نسور الجو، وما روى من أنه كان فيه أربعين ألف مقاتل بعدتهم وعتادهم وتاتشراتهم! ،وما روي عن تجمعاتهم في الكفرة واجدابيا، ودعواتهم في تجمعاتهم،بالنيجر وتشاد وافريقيا الوسطى،بالنصر للجنجويد،وسرورهم لاخبارهم حين ينتصرون،واستعدادهم للحاق بهم من تشاد والكميرون وافريقيا الوسطى، حين تحل بهم الهزائم ،الا خير دليل على ابعاد المؤامرة واهدافها. ،فضلا عما كشفته خيوط المؤامرة ،وما اعده حميدتي في معسكرات قواته- التي بلغت احد عشر معسكرا والمنتشرة في اماكن استراتيجية في مختلف مداخل العاصمة - من ذخاير وآليات عسكرية مختلفة الانواع ،ومؤن غذائية تكفي لعدة اشهر، اعد كل ذلك في غفلة من اجهزة الرقابة،مما يدل على انه كان يعد لحرب يتوقعها، وتخطط للانقضاض على الدولة السودانية وتفكيكها ،واقامة "مملكة الجنجويد" او "مملكة آل دقلو" مكانها،; اما الشعارات التي رفعها حميدتي من انه حامي الديمقراطية،وانه يسعى لاقامة حكم مدني، ومحاربة الفلول،واصبحت ترددها ابواقهم ، طمعا في تولي السلطة،او لكسب سياسي اومادي آن او مرتقب.فهي شعارات اطلقها الجنجويد بعد فشل مخططهم او الخطة ( أ) كما قال عثمان ميرغني.والتي كانت تهدف الى القبض على راس الدولة ( البرهان) او قتله. وبعد ان سقط شعارهم ودعوى انهم يحاربون من اجل حماية الدولة المدنية،وجلب الديمقراطية،وراى الناس ان من يقومون بتلك الجرائم لا يمكن ان يؤسسوا لنظام ديمقراطي او يحمونه،لجأوا هم ومن يقف من ورائهم ويشجعهم، الى الدعوى انهم يحاربون الفلول او الكيزان ،واالى رفع شعار آخر اكثر غرابة واكثر ايهاما، وهو تصفية ما أسموه (دولة ٥٦ )، دون أن يعطوا تعريفاً محدداً لماهية تلك الدولة، ومَن هي القوى التي يجب أن تُصفى بموجب تصفية تلك الدولة.. ولصالح مَن؟!
,والحمد لله الان بعد ان خارت قواهم وطاشت احلامهم تحولوا لعصابات تنهب وتغتصب وتعتدي على المواطنين بالقتل ومصادرة اموالهم واحتلال مساكنهم،وتعطيل المستشفيات وتحويلها الى ثكنات عسكرية،وتدمير المنشآت الاقتصادية من مصانع وبنوك ،الى غير ذلك من الجرائم التي مارسوها من قبل في دارفور ويمارسونها الان في العاصمة السودانية.ووضعوا بذلك حاجزا بينهم وبين المواطنين،مما يجعل من الصعب قبولهم ضمن القوات المسلحة السودانية، او ادراجهم ضمن المسار السياسي.
وفي الختام ادعو الكاتب ومن على شاكلته من المثقفين والساسة ان يتبينوا الحقيقة قبل فوات الاون ويدركوا ما يهدف اليه الجنجويد ،وان يؤجلوا مشاريعهم السياسية ايا كانت، وان يوحدوا صفوفهم ،ويعملوا يدا واحدة على منع الجنجويد من تحقيق اهدافهم ،لان في تحقيق تلك الاهداف نهاية للدولة السودانية،ووجود السودانيين كشعب له هوية وثقافة وذاكرة تاريخية. وليس من سبيل الى تفويت الفرصة على الجنجويد،وافشال مشروعهم وما خططوا له، الا بالاصطفاف مع القوات المسلحة،لانها هي الجهة الوحيدة الوطنية التي تتصدى لذلك المشروع ،ولا خيار للناس سوى الاصطفاف مع القوات المسلحة، ،لانه اذا انتصر حميدتي وجنجويده، لا قدر الله ، فسيصبح مستقبل السودان في مهب الريح. ولن نجد سودانا نختلف حوله او عليه.
*ولا ادري ما يعنيه في نهاية مقاله بعبارة :( لذا ( أصحى يا بريش) قد ولى عهد تغييب العقول.)
أ.د. احمد محمد احمد الجلي
Ahmed Mohamed Ahmed Elgali
ahmedm.algali@gmail.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: الدعم السریع
إقرأ أيضاً:
الراحل محمد احمد عبد اللطيف احس بفقده الجميع
الراحل محمد احمد عبد اللطيف احس بفقده الجميع حتي الدوحة الرابضة أمام منزله العامر كثيرا ماكانت تري دامعة العينين ترنو ببصرها هنا وهنالك تبحث عن الطيبة والكرم والأصالة وفن معاملة الناس !!..
مضت تسعة عشر عاما منذ رحيل الإنسان المثالي الذي يتعامل مع الجميع بذوق رفيع المستوى وتهذيب وابتسامة حاضرة وفي سهولة ويسر وهذا طبعه منذ أن عرفناه وكانت حرفته التجارة والاقتصاد وهي مهنة أسرته الكبيرة وكلهم قد اجتازوا امتحانها فلم تبطرهم النعمة التي لم تزدهم إلا تواضعا وسعيا لخدمة الآخرين وكانت بيوتهم دائما عامرة بالضيوف والأهل والأصدقاء وفيها يكونون هم أهل الدار وأهل الدار هم الضيوف !!..
كنت كل صباح جمعة أتوجه الي البقالة المجاورة لمنزله لشراء حصة من الفول لزوم الافطار ولحظة أن يراني الراحل محمد احمد عبد اللطيف وانا أمام قدرة الفول يناديني بصوته الهادئ الرزين :
( تعال ياود الخليفة ) .
ولحظتها يكون جالسا تحت ظل الدوحة التي ترابض أمام منزله العامر وأمامه تربيزة يلتف حولها عدد من الكراسي وتوجد علي التربيزة صينية بها مالذ وطاب من الطعام !!..
كنت اتخذ موقعي علي أحد الكراسي قربه وسرعان ما يبدأ في الأسئلة :
( خالتك كيف ، كيف حال اخيك عثمان وابن عمك عبد القادر عوض وكيف حال بت يسن زوجة عثمان ويظل يسأل عن الأهل في ام درمان والمسلمية ويطمئن عليهم بصورة فيها نوع من الوفاء النادر الذي ينفرد به هذا الإنسان النادر الطاهر القلب النقي السريرة الذي يري الناس كلهم اهلا وعشيرة !!..
اقول له : ( ياحاج محمد احمد الجماعة في البيت منتظرين الفول علي احر من الجمر ) وقبل أن أكمل يقول ( الفطور جاهز تناوله معنا وبعدين امشي ) .
هل تعتقدون أن هذه الصينية التي تخرج صباح كل جمعة في وقت الإفطار هي للكبراء وأصحاب المناصب والجاه ... كلا أنها للمساكين وعابري السبيل إذ أن هذا المحسن حياه الغمام كلما لمح شخصا يعبر أمام منزله يناديه بكل أريحية وكرم أن يتفضل ويشاركهم الطعام ويومها تكون هذه المائدة عامرة باطياف من البشر من كافة الطبقات توحدهم هذه الوجبة التي تقدم بغير تكلف وخلالها يكون التعارف بعضهم مع بعض ومع صاحب الدار .
وعندما اعود للبيت ومعي جك الفول احكي لهم عن العم محمد احمد عبداللطيف ومارايته في هذا الصباح من مشهد يسر القلب ويسعد الفؤاد ويشعرك بصدق أن الدنيا مازالت بخير !!..
وغير الافطار الصباحي يوم الجمعة هذا الافطار النادر الذي يكون سماطه خارج الدار ويسعد به عابرو الطريق وصاحب لدعوة هو الاسعد من بينهم وتراه هاشا باشا في ذاك الضحي من يوم الجمعة وفي الأمسيات وفي الفناء العريض للدار يأتي الأهل والأصدقاء ويكون العم محمد احمد هو واسطة العقد والقوم حوله يتسامرون ومنهم أهل السياسة والأدب والثقافة ومنهم الجيران ويدور الحديث وكأنه في جلسة للبرلمان أو مدرج بالجامعة أو ندوة في الفكر والفنون وكافة الأحاديث ذات الشجون والدار كالعادة تكرم الوافدين بالشاي والقهوة والعصائر والعشاء إذا لزم الأمر .
وجاءت ساعة الرحيل وضاقت الساحات والرحب بالمعزين من العاصمة ومن كافة أنحاء القطر وقد كان الصادق المهدي وفيا كالعادة للراحل كما كان الراحل وفيا له وفي كلمة التأبين أجاد الامام الصادق بما عرف عنه من رصانة في القول وفهم عميق واوفي الراحل حقه من كل الجوانب المجتمعية والسياسية والاقتصادية والوطنية !!..
وكانت لجامعة الاحفاد بنت المجتمع وقفتها الرائعة بقيادة عميدها البروف قاسم بدري واقامت للراحل تابينا بمبانيها امه جمع غفير من عارفي فضل الراحل محمد احمد وكنت من بين الذين أدلوا بدلوهم في هذا اليوم المشهود وتحدثت نيابة عن أهل الملازمين معددا مناقب الراحل التي يعرفها الكبير والصغير في الشهامة والتواصل والكرم والتواضع وحب الخير للناس وحب الوطن الكبير وحبه لمسقط رأسه مؤيل أجداده فارس الكتاب وللمسلمية والحصاحيصا ومدني وربما كل مدن وقرى البلاد الحبيبة !!..
وجاء الدور للبروف فدوي عبد الرحمن علي طه التي بعد أن ترحمت علي الراحل قالت إن أول هدية تسلمتها بعد اجتيازها امتحان الدخول للمرحلة الوسطي كانت من الراحل هذا الإنسان اللماح الذي يحب الخير ويدخل البهجة وخاصة في نفوس الأطفال .
وحكي البروف قاسم بدري عن صلتهم كاسرة بالراحل وقال إنها متينة راسخة البنيان وقال إن الراحل عند حصاد الفاكهة من جنينته العامرة كانوا أول من تصلهم سلال هذه الفاكهة طازجة دليلا علي الود والاحترام .
عرفنا من خلال الكلمات العديدة التي قيلت في التأبين إن الراحل لم يكن تاجرا تقليديا يهلك نفسه بالعمل طيلة السنة بل كان مستنيرا يعطي نفسه اجازة يزور فيها دول العالم عربية وأجنبية ويعود بخبرات جديدة تفيده في المجال العملي والشخصي ويوم التأبين رأينا له صورة فوتوغرافية مكبرة احتلت معظم الجدار وهو في كامل أناقته يرتدي الزي الافرنجي الكامل .
تحدث المهندس علي فضل الله قرشي عن علاقة الراحل بأسرة آل قرشي التي كانت تبادله احتراما باحترام .
أتمني أن يكون الكتاب الذي وعد به ابنه طارق قد راي النور كما وعد طارق بذلك بعد التأبين .
رحم الله سبحانه وتعالى العم محمد احمد عبد اللطيف واسبغ عليه شابيب الرحمة والغفران وانزله فسيح جناته مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا.
وصلي اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين .
حمد النيل فضل المولي عبد الرحمن قرشي .
معلم مخضرم . المسلمية ود نوة .
ghamedalneil@gmail.com