يحيى السنوار.. خلفا لإسماعيل هنية
تاريخ النشر: 11th, August 2024 GMT
شكل اختيار حركة حماس، يوم الثلاثاء السادس من أغسطس 2024، يحيى السنوار رئيسها في قطاع غزة، رئيسًا للمكتب السياسي للحركة خلفًا للراحل إسماعيل هنية، شكّل مفاجأة من العيار الثقيل، وصدمة كبيرة للبعض، وطرح الاختيارُ أسئلة كثيرة حول آلية عمل السنوار المستقبلية، لأنّ عمل المكتب السياسي يمثل عمل «وزارة الخارجية»، ويتركز على اللقاءات والمفاوضات والتواصل مع العالم، لكن ظروف الرئيس الجديد الحالية لا تسمح له بمثل هذا النشاط؛ فهو مختفٍ عن الأنظار، باعتباره أحد القادة الميدانيين الذين يقودون المعارك داخل قطاع غزة، وهو المطلوب رقم واحد من قبل الكيان الإسرائيلي، وذلك كفيلٌ بأن يعيقه عن تولي منصب كهذا، خاصة أنّ الحركة اعتادت أن يكون رئيس مكتبها السياسي مقيمًا خارج غزة، لما يتطلبه ذلك الدور من السفر وتمثيل الحركة في كثير من المناسبات.
عندما تتخذ حماس قرارًا كهذا، فإنّ ذلك يعني أنّه مدروس بعناية، وهي بالتأكيد تدرك طبيعة المرحلة المقبلة؛ لذا لقي القرار القبول بالإجماع عبر آليات التصويت المتبعة داخل الحركة. وكلمة «الإجماع» تدلّ على أنّ الكيان الإسرائيلي فشل في إحداث شرخ بين قيادات الحركة، وأنّ هناك تنسيقًا أمنيًّا محكمًا بين قيادات حماس في الداخل والخارج.
وإذا كنتُ قد أشرتُ إلى أنّ القرار كان مفاجأة للجميع، فقد أصاب الإسرائيليين بالدهشة، وهو أمرٌ طبيعيّ جدًا، ويُستدل على ذلك من هيئة البث الإسرائيلية التي ذكرت أنّ تعيين السنوار «مفاجئ ورسالة لإسرائيل بأنه حي، وأنّ قيادة حماس بغزة قوية وقائمة وستبقى»؛ فيما دعا يسرائيل كاتس وزير الخارجية الإسرائيلي إلى «تصفية سريعة» له، في أول رد فعل إسرائيلي، بعد لحظات من إعلان الاختيار. وكتب كاتس على منصة «أكس» أنّ تعيين «السنوار على رأس حماس، هو سبب إضافي لتصفيته سريعًا ومحو هذه المنظمة من الخارطة».
لم يكن وزير خارجية الكيان الوحيد الذي دعا إلى تصفية السنوار، فإيلي نيسان المحلل السياسي قال في حديث لموقع “سكاي نيوز عربية” إنّ إسرائيل تنتظر فرصة لتقضي عليه منذ بداية الحرب، ولا تكف عن البحث عنه؛ وهذا التوجه أعلنه أيضًا هرتسي هاليفي رئيس الأركان الإسرائيلي، بتصريحه بأنّ «بلاده» ستسعى لاستهدافه، وأنّ اللقب السياسي الجديد لن يحميه من الاستهداف، «وسنبذل الجهد للعثور عليه واستهدافه، واستبدال رئيس المكتب السياسي مرة أخرى». وحسب المعطيات نقول إنّ الكيان الإسرائيلي قد يصل إلى يحيى السنوار، وإلى حسن نصر الله، وإلى خالد مشعل، وإلى كلِّ الأحرار والمناضلين، لكن يبقى أنّ الفلسطينيين أثبتوا أنهم أحرار، وبما أنهم أصحاب قضية فإنّ الجيل الجديد يأتي أشدّ بأسًا من سابقه، ولن ينتهي النضال والكفاح بذهاب شخص، فكم كان صادقًا الشهيد بإذن الله تعالى إسماعيل هنية في آخر كلماته أمام مرشد الثورة الإيرانية عندما قال: «هكذا هي الدنيا، هو أمات وأحيا، وأضحك وأبكى، سبحان الله تعالى يُحيى ويُميت، ولكن هذه الأمة خالدة إن شاء الله ومتجددة. وكما قال الشاعر إذا غاب سيد قام سيد، إن شاء الله تعالى». ومن هنا فإنّ اعتقاد المسؤولين الإسرائيليين بأنّ التخلص من السنوار، سيعجِّل بانهيار حماس عسكريًّا وسيضع نهاية للحرب، من الاعتقادات الخاطئة. ولم تتوقع إسرائيل يومًا، أنّ ذلك الشخص الذي سجنته اثنتين وعشرين سنة، وحكمت عليه بالسجن لمدد تصل إلى 430 سنة، سيقضّ مضجعها، وسيكبِّدها أكبر خسارة عسكرية لها في تاريخها، وسيشغلها بقيادته لطوفان الأقصى وتعيينه في منصبه الجديد فيما بعد.
وإذا كانت حركة حماس قد اختارت الاسم الأصعب لمن يخلف الراحل إسماعيل هنية بالإجماع وبهذا المستوى من السرعة، فإنّ ذلك هو رسالة قوية بأنّ حركة حماس لا تزال قوية ومتماسكة، وبأنّ الكيان لم ينل من هيكليتها شيئًا، رغم حرب الإبادة.
من أهمّ إنجازات يحيى السنوار أنه حقق كلّ ما أراده من طوفان الأقصى - والحق دائمًا ما شهدت به الأعداء - فنرى مثلًا أنّ الكاتب الإسرائيلي بن درور يميني، يشير إلى أنّ السنوار يدير ما وصفها بـ«لعبة الشطرنج» بنجاح مذهل ضد إسرائيل، لذا رأى أنّ على تل أبيب القبول بصفقة تسوية مع الحركة. وخلاف بعض «أصحابنا» ممن يسمون - تجاوزًا - شيوخًا وإعلاميين وكتّابًا ومثقفين، الذين ملأوا الدنيا ضجيجًا يشبه ارتطام سيارات مزعج في شارع مزدحم، فإنّ بن درور يعدّد مناقب السنوار في مقال نشره بصحيفة «يديعوت أحرونوت» أنّه نجح في إعادة طرح القضية الفلسطينية دوليًّا، ونزع الشرعية عن وجود إسرائيل، وإفشال تطبيع بعض الدول العربية مع تل أبيب، وضعضعة العلاقات الأمريكية الإسرائيلية، وقد حقق ذلك كله.
رغم أنّ كلمة «خلفًا لإسماعيل هنية» أثارت تساؤلات، إلا أنه في كلّ الأحوال كان لا بد لقرار تعيين كهذا، أن يثير الإسرائيليين ضمن من أثارهم؛ فهو رسالة قوية لهم بأنّ الحركة ما زالت صامدة عسكريًّا وسياسيًّا، وأنها مستمرة في خيار المقاومة، وأنّ أهم مميزات يحيى السنوار أنه منذ سنوات شبابه تدرج في مواقع عديدة داخل الحركة، ممّا أهله لقيادتها في هذه المرحلة الدقيقة من عُمر المقاومة الفلسطينية.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: یحیى السنوار رئیس ا
إقرأ أيضاً:
بيت شعر شهير لـ«أحمد شوقي» يتصدر رسائل الفصائل خلال تسليم الدفعة الـ7 من المحتجزين الإسرائيليين| عاجل
شهدت منصة تسليم المحتجزين الإسرائيليين ضمن الدفعة السابعة من صفقة تبادل المحتجزين والأسرى بين حماس وإسرائيل، رسائل جديدة كعادة دفعات التسليم السابقة، فكتب على لافتات المنصة «نحن الطوفان.. نحن البأس الشديد»، في إشارة إلى عملية «طوفان الأقصى».
وجاء في لافتات المنصة أيضًا صورة قبة الصخرة بالقدس المحُتلة، وصور السهم الأحمر المقلوب الشهير، الذي استخدمته عناصر «حماس» أثناء استهدافها الدبابات الإسرائيلية وجنود الاحتلال الإسرائيلي، وأيضًا الصورة التي نشرتها مؤخرًا ليحيى السنوار أثناء المعارك.
وعلى يمين اللافتة الكبرى، ظهرت صورة قائد كتائب القسام الراحل، محمد الضيف، وكتب عليها: «نستطيع أن نغير مجرى التاريخ»، وعلى اليسار، صورة قادة كتائب القسام وحماس، الذين استهدوا خلال المعارك من بينهم قائد كتيبة تل السلطان محمود حمدان الذي استشهد برفقة يحيى السنوار في رفح الفلسطينية.
وفي لافتة أخرى خلال ساحة تسليم المحتجزين الإسرائيليين، كتبت لافتة بها علم فلسطين وقبضة يد: «اخلع حذاءك فكل شبر من هذه الأرض روي بدماء الشهداء».
وفي اللافتة السفلى، كتبت جملة مقتبسة من بيت شعر للشاعر أحمد شوقي: «بكل يد مضرجة يدق»، والتي طالما رددها يحيي السنوار.
الدفعة السابعة من صفقة تبادل المحتجزينويشهد اليوم السبت الدفعة السابعة من صفقة تبادل المحتجزين والأسرى، وستفرج «حماس» عن 6 محتجزين إسرائيليين، في مقابل إفراج إسرائيل عن عدد من الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال.
تسليم جثمان 4 محتجزين إسرائيليينويوم الخميس الماضي، شهد تسليم حماس لجثمان 4 محتجزين إسرائيليين في يوم استثنائي، وأثارت جدلًا واسعًا بعد أن سلمت جثة لا تعود لأي محتجز إسرائيلي، وقالت تل أبيب حينها أن الجثة تعود لسيدة فلسطينية، وأمس الجمعة، سلمت حماس جثة المحتجزة شيري بيباس، والتي قالت إنه تم تبديلها بالخطأ مع جثة سيدة من قطاع غزة.