لجريدة عمان:
2024-09-10@14:07:29 GMT

يحيى السنوار.. خلفا لإسماعيل هنية

تاريخ النشر: 11th, August 2024 GMT

شكل اختيار حركة حماس، يوم الثلاثاء السادس من أغسطس 2024، يحيى السنوار رئيسها في قطاع غزة، رئيسًا للمكتب السياسي للحركة خلفًا للراحل إسماعيل هنية، شكّل مفاجأة من العيار الثقيل، وصدمة كبيرة للبعض، وطرح الاختيارُ أسئلة كثيرة حول آلية عمل السنوار المستقبلية، لأنّ عمل المكتب السياسي يمثل عمل «وزارة الخارجية»، ويتركز على اللقاءات والمفاوضات والتواصل مع العالم، لكن ظروف الرئيس الجديد الحالية لا تسمح له بمثل هذا النشاط؛ فهو مختفٍ عن الأنظار، باعتباره أحد القادة الميدانيين الذين يقودون المعارك داخل قطاع غزة، وهو المطلوب رقم واحد من قبل الكيان الإسرائيلي، وذلك كفيلٌ بأن يعيقه عن تولي منصب كهذا، خاصة أنّ الحركة اعتادت أن يكون رئيس مكتبها السياسي مقيمًا خارج غزة، لما يتطلبه ذلك الدور من السفر وتمثيل الحركة في كثير من المناسبات.

ولا يستطيع السنوار أن يغادر قطاع غزة، ولا أن يظهر في الظروف الحالية علنًا، وكما هو معلوم فإنّ المنفذ الوحيد المتاح له للسفر هو منفذ رفح، ولكن خطورة ذلك المنفذ معروفة للجميع.

عندما تتخذ حماس قرارًا كهذا، فإنّ ذلك يعني أنّه مدروس بعناية، وهي بالتأكيد تدرك طبيعة المرحلة المقبلة؛ لذا لقي القرار القبول بالإجماع عبر آليات التصويت المتبعة داخل الحركة. وكلمة «الإجماع» تدلّ على أنّ الكيان الإسرائيلي فشل في إحداث شرخ بين قيادات الحركة، وأنّ هناك تنسيقًا أمنيًّا محكمًا بين قيادات حماس في الداخل والخارج.

وإذا كنتُ قد أشرتُ إلى أنّ القرار كان مفاجأة للجميع، فقد أصاب الإسرائيليين بالدهشة، وهو أمرٌ طبيعيّ جدًا، ويُستدل على ذلك من هيئة البث الإسرائيلية التي ذكرت أنّ تعيين السنوار «مفاجئ ورسالة لإسرائيل بأنه حي، وأنّ قيادة حماس بغزة قوية وقائمة وستبقى»؛ فيما دعا يسرائيل كاتس وزير الخارجية الإسرائيلي إلى «تصفية سريعة» له، في أول رد فعل إسرائيلي، بعد لحظات من إعلان الاختيار. وكتب كاتس على منصة «أكس» أنّ تعيين «السنوار على رأس حماس، هو سبب إضافي لتصفيته سريعًا ومحو هذه المنظمة من الخارطة».

لم يكن وزير خارجية الكيان الوحيد الذي دعا إلى تصفية السنوار، فإيلي نيسان المحلل السياسي قال في حديث لموقع “سكاي نيوز عربية” إنّ إسرائيل تنتظر فرصة لتقضي عليه منذ بداية الحرب، ولا تكف عن البحث عنه؛ وهذا التوجه أعلنه أيضًا هرتسي هاليفي رئيس الأركان الإسرائيلي، بتصريحه بأنّ «بلاده» ستسعى لاستهدافه، وأنّ اللقب السياسي الجديد لن يحميه من الاستهداف، «وسنبذل الجهد للعثور عليه واستهدافه، واستبدال رئيس المكتب السياسي مرة أخرى». وحسب المعطيات نقول إنّ الكيان الإسرائيلي قد يصل إلى يحيى السنوار، وإلى حسن نصر الله، وإلى خالد مشعل، وإلى كلِّ الأحرار والمناضلين، لكن يبقى أنّ الفلسطينيين أثبتوا أنهم أحرار، وبما أنهم أصحاب قضية فإنّ الجيل الجديد يأتي أشدّ بأسًا من سابقه، ولن ينتهي النضال والكفاح بذهاب شخص، فكم كان صادقًا الشهيد بإذن الله تعالى إسماعيل هنية في آخر كلماته أمام مرشد الثورة الإيرانية عندما قال: «هكذا هي الدنيا، هو أمات وأحيا، وأضحك وأبكى، سبحان الله تعالى يُحيى ويُميت، ولكن هذه الأمة خالدة إن شاء الله ومتجددة. وكما قال الشاعر إذا غاب سيد قام سيد، إن شاء الله تعالى». ومن هنا فإنّ اعتقاد المسؤولين الإسرائيليين بأنّ التخلص من السنوار، سيعجِّل بانهيار حماس عسكريًّا وسيضع نهاية للحرب، من الاعتقادات الخاطئة. ولم تتوقع إسرائيل يومًا، أنّ ذلك الشخص الذي سجنته اثنتين وعشرين سنة، وحكمت عليه بالسجن لمدد تصل إلى 430 سنة، سيقضّ مضجعها، وسيكبِّدها أكبر خسارة عسكرية لها في تاريخها، وسيشغلها بقيادته لطوفان الأقصى وتعيينه في منصبه الجديد فيما بعد.

وإذا كانت حركة حماس قد اختارت الاسم الأصعب لمن يخلف الراحل إسماعيل هنية بالإجماع وبهذا المستوى من السرعة، فإنّ ذلك هو رسالة قوية بأنّ حركة حماس لا تزال قوية ومتماسكة، وبأنّ الكيان لم ينل من هيكليتها شيئًا، رغم حرب الإبادة.

من أهمّ إنجازات يحيى السنوار أنه حقق كلّ ما أراده من طوفان الأقصى - والحق دائمًا ما شهدت به الأعداء - فنرى مثلًا أنّ الكاتب الإسرائيلي بن درور يميني، يشير إلى أنّ السنوار يدير ما وصفها بـ«لعبة الشطرنج» بنجاح مذهل ضد إسرائيل، لذا رأى أنّ على تل أبيب القبول بصفقة تسوية مع الحركة. وخلاف بعض «أصحابنا» ممن يسمون - تجاوزًا - شيوخًا وإعلاميين وكتّابًا ومثقفين، الذين ملأوا الدنيا ضجيجًا يشبه ارتطام سيارات مزعج في شارع مزدحم، فإنّ بن درور يعدّد مناقب السنوار في مقال نشره بصحيفة «يديعوت أحرونوت» أنّه نجح في إعادة طرح القضية الفلسطينية دوليًّا، ونزع الشرعية عن وجود إسرائيل، وإفشال تطبيع بعض الدول العربية مع تل أبيب، وضعضعة العلاقات الأمريكية الإسرائيلية، وقد حقق ذلك كله.

رغم أنّ كلمة «خلفًا لإسماعيل هنية» أثارت تساؤلات، إلا أنه في كلّ الأحوال كان لا بد لقرار تعيين كهذا، أن يثير الإسرائيليين ضمن من أثارهم؛ فهو رسالة قوية لهم بأنّ الحركة ما زالت صامدة عسكريًّا وسياسيًّا، وأنها مستمرة في خيار المقاومة، وأنّ أهم مميزات يحيى السنوار أنه منذ سنوات شبابه تدرج في مواقع عديدة داخل الحركة، ممّا أهله لقيادتها في هذه المرحلة الدقيقة من عُمر المقاومة الفلسطينية.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: یحیى السنوار رئیس ا

إقرأ أيضاً:

الاحتلال يحقق في تسريب وثائق عن حماس تهدف لتشكيل الرأي العام في إسرائيل

يحقق جيش الاحتلال الإسرائيلي في وثائق عن حركة حماس سربتها جهة إسرائيلية ما إلى وسائل الإعلام الأجنبية، بهدف تشكيل الرأي العام في "إسرائيل".

وقال الكاتب الصحفي، في صحيفة "يديعوت أحرونوت"، رونين برغمان، إن تحقيقا داخليا فتح في الجيش الإسرائيلي الإسرائيلي الأسبوع الماضي، لمحاولة معرفة من يقوم باستخدام وثائق سرية لحماس تم الاستيلاء عليها في غزة بعد التلاعب بها، وتمريرها إلى وسائل الإعلام الدولية بهدف التأثير على الرأي العام في "إسرائيل "بشأن صفقة الأسرى.

وتسببت القضية في قلق وغضب كبيرين داخل المؤسسة الأمنية، ومن المرجّح أن تزيد من التوترات بين هذه المؤسسة ورئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وفرق عمله، وهو توتر بلغ ذروته بالفعل بسبب الخلافات العميقة بين الطرفين حول الصفقة.


والتحقيق يتركز حول تقارير نُشرت في الأيام الأخيرة، الأول في صحيفة "جويش كرونيكل" البريطانية، والثاني في صحيفة "بيلد" الألمانية، وهي أكبر صحيفة في البلاد وذات تأثير كبير. في كلا التقريرين، زُعم أنه تم الكشف عن وثائق داخلية وسرية للغاية لحماس، تُنسب مباشرةً إلى زعيم حماس يحيى السنوار.

وفي كلا الحالتين، تعكس الوثائق تفكير السنوار وتعليماته واستراتيجيته، وتطابق تمامًا ما قاله نتنياهو في خطابه والمقابلات التي أجراها الأسبوع الماضي، حيث أشار إلى أن السنوار يحاول إثارة الانقسام في المجتمع الإسرائيلي، وأنه غير مهتم حقًا بالصفقة ويخطط لتهريب الأسرى عبر الأنفاق تحت ممر فيلادلفيا إلى مصر ومنها إلى إيران. وفق بيرغمان.

وفيما يتعلق بالوثيقة التي زعمت صحيفة "جويش كرونيكل" أنها كشفت عنها، فقد أظهرت مراجعة جميع المواد التي تم جمعها منذ بداية العملية أنه لا أحد في وحدة جمع المعلومات والاستخبارات التقنية، التي تتلقى هذه المواد، ولا في مجتمع الاستخبارات بشكل عام، لديه أي فكرة عن الوثيقة أو الشخص المعني بها.


أما بالنسبة للوثيقة التي نُشرت في صحيفة "بيلد" الألمانية، فقد تبين أنها ليست وثيقة تعود إلى السنوار أو تم أخذها من حاسوبه، بل هي اقتراح من مسؤول متوسط المستوى في حماس،والأهم من ذلك وفق بيرغمان، أن الجزء الرئيسي الذي زعم أن الصحيفة اقتبسته من الوثيقة، والذي يشير إلى أن حماس ليست مهتمة بالصفقة، لم يُذكر في الوثيقة على الإطلاق.

وقال مسؤول عسكري مطلع على تفاصيل التحقيق الذي تحول الآن إلى تحقيق رسمي: "هذه قضية خطيرة للغاية. في الجيش الإسرائيلي وأجهزة استخبارات أخرى توجد أنظمة تهدف إلى التأثير على العدو، ولكن من غير القانوني محاولة تشغيل مثل هذه الأنظمة للتأثير على الجمهور الإسرائيلي باستخدام وثائق سرية تم التلاعب بها ولم يُسمح بنشرها للجمهور".

وأضاف المسؤول: "هذه خطوة مرفوضة تمامًا ونحن عازمون على العثور على الشخص أو الجهة المسؤولة عنها".

مقالات مشابهة

  • جدل واسع في الكنيست حول تسريب وثائق سرية لـ«حماس».. ما علاقة السنوار؟
  • إيران تتوعد بانتقام "مرير ومختلف هذه المرة" ضد إسرائيل بعد مرور 40 يوما على اغتيال إسماعيل هنية
  • السنوار يرسل برقية إلى جنبلاط ونجله
  • إسرائيل تنتظر خطأً واحداً من السنوار
  • الاحتلال يحقق في تسريب وثائق عن حماس تهدف لتشكيل الرأي العام في إسرائيل
  • غالانت ينتظر "خطأ" من السنوار وشقيقه للوصول إليهما
  • غالانت يتوعد الأخوين السنوار
  • كيف اختير السنوار رئيسا لحماس وما التغييرات التي شهدتها الحركة؟
  • ‏نائب القائد العام للحرس الثوري الإيراني: رد ⁧إيران⁩ على اغتيال هنية سيكون في التوقيت المناسب
  • ماذا يجري بين السنوار وحزب الله؟ حماس تترقب!