أظهرت دراسة حديثة أن زيارة رئيس مجلس القيادة الرئاسي، رشاد العليمي، إلى محافظة حضرموت لم تحقق الهدف المرجو منها في تخفيف التوترات المتزايدة في هذه المنطقة الغنية بالنفط.

 

الدراسة التي أصدرها مركز المخا للدراسات الاستراتيجية قدمت تحليلاً لأسباب التصعيد الذي شهدته حضرموت عقب زيارة العليمي، مشيرة إلى أن التدهور الاقتصادي المستمر في المناطق الواقعة تحت سيطرة الحكومة الشرعية، بما فيها حضرموت، كان أحد العوامل الرئيسية وراء تصاعد الاحتقان.

 

وأوضحت الدراسة أن توقف تصدير النفط منذ أكتوبر 2022 أدى إلى تراجع إيرادات المحافظة بشكل كبير، حيث كانت حضرموت تعتمد على 25% من عائدات النفط لتغطية احتياجاتها المالية، مما زاد من حدة التوتر بين السكان المحليين.

 

وأشارت الدراسة إلى أن زيارة العليمي جاءت في وقت حساس، إذ تصاعدت التوترات السياسية في المحافظة في ظل المفاوضات الجارية لتقاسم عائدات النفط والغاز بين الحكومة الشرعية وجماعة الحوثي. وقد أثارت هذه الزيارة رفضاً واسعاً من قبل "مؤتمر حضرموت الجامع" و"حلف قبائل حضرموت"، اللذين اعتبرا توقيتها غير مناسب ويتجاهل معاناة المواطنين.

 

كما أبرزت الدراسة مخاوف القبائل المحلية من استئناف تصدير النفط دون ضمان حصة عادلة للمحافظة، وهو ما دفعها إلى التصعيد والتحذير من أي محاولات لتصدير النفط من ميناءي "الضبة" و"المسيلة" دون تأمين حقوق حضرموت.

 

وأشارت الدراسة إلى أن المجلس الانتقالي الجنوبي استغل هذه الأزمة لتأجيج التوترات، حيث امتنع أعضاؤه عن المشاركة في الزيارة، واستمر إعلامه في التحريض ضد الحكومة.

 

وقد خلصت الدراسة إلى أن هذه العوامل مجتمعة أدت إلى تصعيد موقف حلف قبائل حضرموت تجاه زيارة العليمي، مما يعكس التحديات الكبيرة التي تواجهها الحكومة في إدارة الأوضاع في المناطق المحررة.

 

كما قدمت الدراسة أربعة سيناريوهات محتملة لتطور الوضع في حضرموت بعد زيارة العليمي:

 

السيناريوهات:

ما زالت أزمة التصعيد في محافظة حضرموت في حالة تفاعل، وهي لذلك منفتحة على عدد غير قليل مِن المسارات المحتملة، على نحو ما تظهره السيناريوهات التالية:

السيناريو الأول: الصدام المسلح:

يشي هذا السيناريو إلى إمكانية حدوث صدام عسكري محدود بين الجيش وأبناء القبائل، ويعود ذلك إلى حالة التعبئة والاحتقان القائمة، وتراجع حضور المكونات المدنية الحضرمية لصالح المكونات القبلية، وتحريض “المجلس الانتقالي” والذي يرنو مِن ذلك إلى أهداف مركبة: فهو يريد أن يضعف مِن حضور السلطة الشرعية في محافظة حضرموت التي تعتبر المكون الأهم في المحافظات الشرقية، ومِن ناحية أخرى يسعى لنقل الأضواء إلى التوتر في حضرموت عوضًا عن الاشتباك الحاصل في مدينة عدن بسبب تداعيات الإخفاء القسري لـ”علي عشال الجعدني”. ومِن المتوقع أن يستجلب الصدام وفقًا لهذا السيناريو تدخلا سعوديا مباشرًا يعمل على احتواء الخلاف، ويعيد ترتيب الأوضاع في المحافظة بناء على قواعد وترتيبات جديدة.

السيناريو الثاني: بقاء الأوضاع على ما هي:

يحدث هذا السيناريو بفعل استمرار إصرار الشخصيات والمكونات الحضرمية التي تتصدر المشهد في معارضتها للوضع الحالي في المحافظة، وعدم قدرة أو رغبة مجلس القيادة الرئاسي على تقديم المزيد مِن التنازلات، في ضوء استمرار صعوبات تصدير النفط، لتعثر التفاهمات مع جماعة الحوثي. ويُعزز مِن هذا السيناريو عودة رئيس وعضوي مجلس القيادة الرئاسي إلى الرياض، وإعلان رئيس مجلس القيادة أن الاتجاه نحو تشكيل لجنة مِن مختلف الجهات المعنية للنزول إلى محافظة حضرموت، والوقوف أمام أولوياتها الخدمية والإنمائية، والعمل على تحقيق تطلعات أبنائها في مختلف المجالات؛ وهذا يعني بقاء الأوضاع على حالها، والتعامل معها بنفس أطول حتى تنضج الحلول على النحو الذي يتضمنه السيناريو التالي.

السيناريو الثالث: حلول جزئية:

يقوم هذا السيناريو على إمكانية تقديم حلول تساهم في تفكيك الأزمة وامتصاص الاحتقان والتوتر القائم؛ ومِن ذلك إعطاء أهمية للخدمات الملحة، وفي مقدمتها الكهرباء. فقد أعلن رئيس مجلس القيادة الرئاسي، يوم الأحد 4 أغسطس الجاري، البدء بالإجراءات اللازمة لإنشاء محطتين للطاقة الكهربائية في محافظة حضرموت، بقدرة (100) ميجاوات، وبحيث تتقاسم الحكومة والسلطة المحلية تمويله. ويشمل المشروع إنشاء محطة للكهرباء في حضرموت الساحل، وأخرى في الوادي، بقدرة (50) ميجاوات لكل مِنهما.

ويندرج في ذلك الاعتراف بمطالب أبناء حضرموت المشروعة، وتفهمها، والعمل على تبنيها، وتنفيذها بالشراكة مع كافة مؤسسات الدولة، وقد ينجح رئيس مجلس القيادة في استقطاب عدد مِن الشخصيات المؤثرة في مؤتمر حضرموت الجامع، وحلف قبائل حضرموت، بمن فيهم “ابن حبريش” المحرك الرئيس للتصعيد. والحقيقة أن خبرة الأزمات السابقة تفيد بإمكانية حدوث ذلك.

وما يُعيق هذا السيناريو تراجع الثقة بوعود د. العليمي، فقد أعلن في زيارته العام الماضي الكثير مِن الوعود، ويبدو أن مستوى ما تحقق مِنها خيب آمال قطاع مِن أبناء حضرموت؛ كما أن هناك توجس مِن هدف الزيارة ألا وهو تصدير النفط وتقاسم عوائده مع الحوثيين، وهذا أمر يثير غضب أبناء حضرموت ويدفعهم للتصعيد تجاه مطالبهم.

السيناريو الرابع: تغيير قيادة المحافظة

ويعد هذا السيناريو الأقل كلفة. ويتوقع أن يكون له أثر كبير في تخفيف الاحتقان في المحافظة؛ فجزء كبير مِن التوتر يعود -على نحو ما ذكرنا- إلى طريق إدارة “ابن ماضي” للمحافظة، والتي تتسم بالفساد وقلة الخبرة وسوء الإدارة، وفي ظل الإحباط مِن أداء المحافظ مِن مختلف المكونات، والانفراد بإدارة المحافظة، فإن تغيير المحافظ قد يسهم إلى حد كبير في إزالة الاحتقان مِن المحافظة، خاصة إذا تم اختيار بديل يتسم بالكفاءة ويكون محل اجماع.

ويبدو أن عودة رئيس مجلس القيادة دون أن يحقق أهداف زيارته، وإصرار المكونات الحضرمية الرافضة للزيارة، قد يضطره إلى المضي في هذا المسار، غير أن ما يعترضه هو العلاقة الشخصية والحزبية القوية والممتدة بين د. العليمي و”ابن ماضي”، فقد سارع د. العليمي إلى تعيين “ابن ماضي” محافظًا لحضرموت بعد وصوله إلى مجلس القيادة مباشرة، وهو يعده ذراعه اليُمنى في المحافظة. ويُرجح أن أحد دوافع الزيارة هي إسناد “ابن ماضي” في ضوء الاحتقان الذي تعاني مِنه المحافظة والاشتباك مع “ابن حبريش”.

  

المصدر: مأرب برس

إقرأ أيضاً:

العليمي: الغارات الجوية ليست كافية وإيران ضاعفت استثمارها في الحوثيين

أكد رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي، أن الغارات الجوية ليست كافية لهزيمة الحوثيين، مشيرا إلى أن الإستثمار الإيراني في جماعة الحوثي صار حاليا أكبر من أي وقت مضى، بهدف السيطرة على البحر الأحمر عبر جماعة الحوثي التي قال بأنها "الأداة التنفيذية" لتحقيق الأهداف الإيرانية في المنطقة.

 

وحذر الرئيس العليمي في حوار مع صحيفة "دير شيبغل" الألمانية، من ان إيران تعمل بالتعاون مع القاعدة والحوثيين، وجميع المنظمات الإرهابية في القرن الأفريقي على استراتيجية طويلة الأمد للسيطرة على البحر الاحمر، وتهديد مصالح العالم اجمع.

 

وأضاف رئيس مجلس القيادة الرئاسي "يريد الحوثيون ابتزاز العالم بتهديد الممرات المائية ويغلفون اعمالهم التخريبية بتبريرات سياسية مضللة، وخلف ذلك تكمن الرؤية الإيرانية الكبرى للسيطرة على البحر الأحمر، كخطة قديمة، والحوثيين هم أدواتها التنفيذية".

 

وتحدث العليمي، عن الدعم الإيراني الكبير للحوثيين، مشيرا إلى انه وفي اعقاب مقتل زعيم حزب الله حسن نصر الله، تعمل إيران الان على أن يكون عبد الملك الحوثي خليفة له، كقائد سياسي وروحي جديد، لافتا إلى أن الأخير يتحدث في خطاباته عن أن اليمن هو محور المقاومة، مؤكدا أن طموحات الحوثي ليصبح الشخصية الابرز في المحور الايراني ليست جديدة.

 

وأردف: الاستثمار الإيراني في جماعة الحوثي ربما تكون الآن أعلى مما كان يتلقاه حزب الله وحسن نصر الله سابقا، لافتا الى ان الدعم العسكري الذي كان يذهب إلى النظام السوري، وحزب الله يتم توجيهه الآن بشكل كبير إلى الحوثيين، بما في ذلك تعيين قادة من الحرس الثوري سفراء لدى جماعة الحوثي في صنعاء.

 

ودعا العليمي، المجتمع الدولي الى الالتحاق بالإجراءات العقابية ضد جماعة الحوثي وتصنيفها منظمة ارهابية عالمية، مؤكدا أن تصنيف الحوثيين كجماعة إرهابية، وعزلهم اقتصاديًا وتنفيذ قرارات مجلس الأمن الدولي، ودعم جهود الحكومة لاستعادة مؤسساتها الرسمية هو السبيل لتأمين البحر الاحمر، وهزيمة محور الشر الذي يضم إيران والحوثيين والقاعدة.

 

وتحدث رئيس مجلس القيادة الرئاسي عن استمرار إيران في خرق قرارات الشرعية الدولية المتعلقة بحظر تسليح الحوثيين، مؤكدا في هذا السياق مصادرة الحكومة اليمنية مؤخرا لشحنات اسلحة جديدة كانت في طريقها إلى مناطق الميليشيات.

وقال العليمي، إن كل الأسلحة المتطورة التي يستخدمها الحوثيون اليوم في هجماتهم على الملاحة البحرية والمصالح الإقليمية والدولية لم تكن جزءا من ترسانة الجيش اليمني التي استولت عليها الجماعة عقب انقلابها في سبتمبر 2014.

 

وجدد التأكيد على امتلاك الاجهزة الاستخباراتية اليمنية كل الأدلة، بما في ذلك الخبراء الإيرانيين واللبنانيين الذين ادخلتهم إيران إلى المناطق التي تسيطر عليها جماعة الحوثي، مضيفا: "الأسلحة التي يستخدمها الحوثيون هي نسخ متطابقة من الترسانة الإيرانية، وتقارير لجنة العقوبات التابعة للأمم المتحدة تؤكد أيضا الأصل الإيراني، بما في ذلك صواريخ كروز، وأسلحة متوسطة المدى، وصواريخ موجهة، وأسلحة مضادة للسفن، وصواريخ أرض - جو، وطائرات مسيرة هجومية، ومنصات إطلاق".

 

وكشف الرئيس عن امتلاك الحكومة اليمنية كافة الادلة على تحالف إيران والحوثيين مع تنظيم القاعدة، مشيرا الى صفقات إطلاق سجناء القاعدة الذين كانوا يقضون عقوبات متفاوتة، وتجهيزهم بالأسلحة والأموال لتنفيذ هجمات إرهابية في المحافظات المحررة، مشيرا لمصادرة "السلطات الصومالية كميات كبيرة من الأسلحة التي نقلها الحوثيون إلى ميليشيا حركة الشباب المتحالفة مع القاعدة، و "هذه حقائق، ولدينا الأدلة".

 

واستبعد الرئيس وجود اي نية لدى طهران في تغيير سلوكها التخريبي، كونها تعمل على المدى الطويل لتحقيق أهدافها الاستراتيجية في السيطرة على المنطقة، معتبرا "المفاوضات والحوارات حول برنامجها النووي ليست سوى تكتيكات لتحقيق هذه الأهداف".

 

وأكد رئيس مجلس القيادة، ان الغارات الجوية وحدها لن تنهي التهديد للملاحة البحرية الدولية، داعيا لدعم الحكومة والشرعية اليمنية لاستعادة مؤسسات الدولة وإسقاط الإنقلاب للوصول إلى الاستقرار في المنطقة، والحفاظ على السلم والامن الدوليين.


مقالات مشابهة

  • بعد شنها حملة لترويج الحكم الذاتي.. السعودية تبدأ إجراءات فصل حضرموت عن اليمن
  • حضرموت.. 9 قتلى وجرحى في صراع مسلح بين قبائل وقوات مدعومة من التحالف
  • الإمارات ترصد 80 مليون درهم لزعزعة الاستقرار في حضرموت
  • لن تعجب ترامب.. سيناريوهات محتملة لضم كندا إلى الولايات المتحدة
  • انكشاف الغطاء عن الداعم الرسمي لمؤتمر حضرموت الجامع !
  • انفجار الصراع السعودي الإماراتي في حضرموت وسط معركة النفوذ والولاءات
  • قبائل شبوة تنتفض ضد الاحتلال ومرتزقته وتحذّر من تصعيد واسع
  • العليمي: الغارات الجوية ليست كافية وإيران ضاعفت استثمارها في الحوثيين
  • وزارة النفط العراقية تكشف عن خطة خمسية لزيادة إنتاج النفط والغاز
  • الصراع السعودي الاماراتي ينفجر في حضرموت