جريدة الرؤية العمانية:
2025-04-07@04:56:01 GMT

إيلان بابيه والنيو-صهيونية (3-3)

تاريخ النشر: 11th, August 2024 GMT

إيلان بابيه والنيو-صهيونية (3-3)

 

 

د. هيثم مزاحم **

 

يقول المؤرخ الإسرائيلي الأصل إيلان بابيه المعارض للصهيونية والمقيم في بريطانيا في كتابه "فكرة إسرائيل.. تاريخ السلطة والمعرفة"، إن الأكاديميين الإسرائيليين في مدرسة ما بعد الصهيونية قد ركزوا اهتمامهم على أحداث العام 1948 وذكرى الهولوكوست واليهود المزراحيين، إذ انتقلت النقاشات إلى الساحة الإعلامية، وتوسّعت دوائر النقد إلى مجالات ثقافية أخرى، كالموسيقى والفنون البصرية والأدب.

ويناقش بابيه إسهام هذا الجدل في تشكيل فكرة إسرائيل ثقافيًا، ومن ثمّ يتعرّض لتمظهرات ما بعد الصهيونية لفكرة إسرائيل في المسرح والسينما.

في مجال الإعلام "ما بعد صهيوني"، يلاحظ المؤلّف أن وسائل الإعلام الإسرائيلية قامت بفتح أبوابها أمام الأكاديميين الجدد، وإن لفترة قصيرة خلال تسعينات القرن العشرين. وقد يُفهم هذا على أنه جزء من دور غامض لعبته وسائل الإعلام في المجتمع الإسرائيلي.

وقد عملت الصحافة الإسرائيلية وفق قوانين الطوارئ التي فرضتها سلطات الانتداب البريطانية عام 1945، والتي أبقى عليه الكيان الإسرائيلي. وعلى الرغم من أن هذه الأنظمة استُخدمت بشكل شبه حصري ضد الفلسطينيين في إسرائيل، فإنها استُخدمت كذلك، وفي حالات نادرة، ضد الصحافة الإسرائيلية اليسارية.

ولم تكن ما بعد الصهيونية تمثّل في نظر الإعلام الإسرائيلي "الرسمي" موقفاً ذا شرعية؛ فلم يُنظر إليها على أنها قطب اليسار في ميدان السياسة. فهذا "اليسار" كان ولا يزال يعني ذلك الاستعداد من الناحية المبدئية على التخلّي عن الأرض في مقابل السلام والاعتراف بحق الفلسطينيين في تقرير المصير. وهذا تعريف لا علاقة له بموقف اشتراكي أو نظرة محدّدة للقضايا الاقتصادية.

وبناءً على هذا، قدّم الصحافيون اليساريون أجندة بعيدة كلّ البعد عن تلك التي طرحها الأكاديميون والفنّانون في مرحلة التسعينيات. فقد كان انتقادهم متعلقاً بشكل حصري بالسياسات التي انتهجتها إسرائيل بعد العام 1967 وسلوكها تجاه العالم العربي والفلسطينيين. وهذا يعني أنهم يعترفون بشرعية ما قامت به إسرائيل، ومن قبلها الحركة الصهيونية، بفلسطين حتى العام 1967، منطلقين ممّا دعوه قلقاً على مصير الصورة الدولية لإسرائيل أو اليهودية في حال استمرار احتلال المناطق الفلسطينية المحتلة عام 1967 وأثر ذلك على "الروح" الداخلية والأزلية للكيان. أما مُصاب الفلسطينيين فليس سوى أمر ثانوي؛ هذا إن لم يسقط من الاعتبار كليّة.

حول المسرح والسينما في الحركة ما بعد الصهيونية، يقول بابيه إن انتقاد الذات في المسرح،على غرار مجالات ثقافية أخرى، كان مقتصراً بشكل عام على الفترة التي تلت العام 1967 في إسرائيل، وكان التركيز منصباً على التداعيات الأخلاقية في المجتمع اليهودي الإسرائيلي لاستمرار الاحتلال في الضفة الغربية وقطاع غزّة. وقد ظهر ذلك جلياً في المسرحيات التي كتبها صهاينة ليبراليون ويساريون إبّان حرب لبنان الأولى.

ويضيف بابيه: لقد مرّت صناعة الأفلام الإسرائيلية بمسار شبيه بذلك المسار الذي مرّ به المسرح، ولكنّ الفيلم كان أقدر على تقديم تحديات أعمق للصهيونية في سرديّتها التاريخية وخطابها أكثر من أي وسط آخر.

وللدلالة على الفشل الأكاديمي والإعلامي في تحديد الموقع أو الوجهة حيال فكرة إسرائيل وسياساتها، يُلقي بابيه نظرة فاحصة على المسلسل التلفزيوني "تكوما"، والذي يتناول تاريخ "دولة إسرائيل"، وجرى عرضه على القناة الإسرائيلية الرسمية عام 1998، بالتزامن مع احتفالات اليوبيل الذهبي لتأسيس "الدولة". وكلمة "تكوما" العبرية تعني إعادة قيام الشعب اليهودي في أرض الميعاد في فلسطين. ولكن هذا العنوان ارتبط ببرنامج تلفزيوني يعبّر في بعض أجزائه عن رسالة ما بعد صهيونية، أو متأثرة على الأقل بالتفسيرات الما بعد صهيونية لنقاط أساسية في تاريخ إسرائيل.

كما يتحدث بابيه عن مرحلة انتصار النيو-صهيونية، والتي تلت مرحلة ما بعد الصهيونية، لافتاً إلى أن الروايات والمسرحيات والأفلام التي تجاوزت السرديّة الصهيونية ونظرتها السلبية عن العرب لم يُكتب لها أن تصبح من ضمن السائد المقبول في إسرائيل، حتى في أفضل فترات ما بعد الصهيونية، التي لم تمثّل موقفاً ثقافيًا مهيمناً في الكيان، ولا كان منتجو أعمالها من بين قادة المشهد الثقافي الإسرائيلي.

وعلى نقيض مفكّري ما بعد الصهيونية، ذهب الصهاينة الجدد إلى أن نسيج التديّن والقومية كفيلٌ بصون وحدة المجتمع الإسرائيلي ووضع حد لحالة التشرذم المزمنة فيه.

وقد تشكّل هذا التوجّه النيو-صهيوني في أربع عمليات متوازية: تعزيز حالة التطرف لدى المجموعات القومية المتدينة في إسرائيل، وصهينة اليهود المتشدّدين دينياً والذين كانوا سابقاً مناهضين للصهيونية، وفرض حالة من العزل العِرقيّ لأطياف من المجتمع اليهودي المزراحي، بسبب ما حصل من دفعهم نحو الأطراف الهامشية (جغرافياً واقتصادياً) من المجتمع، وأخيراً الإسراع في دمج إسرائيل في تيّار العولمة الرأسمالية،على طريقة المحافظين الجدد أو بالأحرى اليمين الأمريكي الجديد (وهو ما انجذب إليه تحديداً المهاجرون الروس).

وهكذا، يرى بابيه أن الرؤية التي جمعت بين تلك المجموعات الأربع هي السعي لإقامة دولة يهودية عِرقية تمتد على معظم أراضي فلسطين التاريخية.

ويعرض الكاتب لبعض "إنجازات" النسخة النيو-صهيونية، وأخطرها شرعنة "الأبارتايد" (الفصل العنصري)، حيث شهد القرن الحادي والعشرون موجة مكثّفة ومندفعة من التشريعات ضد الفلسطينيين في إسرائيل، ولم تكن الانتفاضة الثانية (عام 2000) سوى ذريعة لتمرير مثل هذه التشريعات، إذ كان الدافع الأساسي وراءها هو الهاجس الديمغرافي لدى إسرائيل في عمق كيانها، حيث لم تُفلح معدّلات الولادة الطبيعية ولا معدّلات الهجرة في خلق حالة من التوازن الديمغرافي بما يضمن لليهود التفوّق والحصرية في مجتمعهم.

في الفصل الأخير من كتابه، يدرس المؤلّف مظاهر انتصار النيو-صهيونية في الدراسات الجديدة التي تناولت أحداث العام 1948 في المؤسسات الأكاديمية الإسرائيلية.

ويخلص بابيه إلى أنه أنه لم يعد هنالك أي بُعد أخلاقي في الدعم العالمي المقدّم لإسرائيل، التي تترسّخ صورتها أكثر فأكثر كدولة مضطهدة للشعب الفلسطيني، وكدولة كولونيالية من إرث القرن العشرين، وهي لا تزال قائمة لأنها تخدم أغراض الولايات المتحدة ولأنها تلعب دوراً مهماً في الاقتصاد الرأسمالي العالمي. وحين يبدأ هذا الجانب الوظيفي من الدعم بالتراجع، فإنّ الكفّة ستميل لتحقّق السيناريو الذي رآه مفكّرو ما بعد الصهيونية ومفكّرو النيو-صهيونية على السواء، والذي يتمثّل في دولة منبوذة تقوم على نظام فصل عنصري.

** رئيس مركز الدراسات الآسيوية والصينية بلبنان

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

وقفات حاشدة في العاصمة والمحافظات تنديداً بالجرائم الصهيونية في غزة

 

الثورة   / يحيى كرد/ سبأ

شهدت أحياء أمانة العاصمة بمختلف مديرياتها، أمس، وقفات جماهيرية حاشدة منددة باستمرار كيان العدو الصهيوني المجرم في ارتكاب أبشع المجازر والجرائم بحق الأطفال والنساء والأبرياء في قطاع غزة.

وأكدت الوقفات أن العدو الصهيوني استمر في ارتكاب المجازر والجرائم بحق الشعب الفلسطيني حتى في أيام عيد الفطر المبارك على مرأى ومسمع من العالم كله غير مبال بالأمم المتحدة بل مهددا لها وضارباً بكل القوانين الدولية والإنسانية عرض الحائط.

ونوهت الوقفات بتصدي الشعب اليمني المؤمن المجاهد للعدوان الأمريكي الظالم الغاشم الذي يستهدف الأعيان المدنية ويقتل النساء والأطفال في اليمن ظلما وعدوانا، مساندة منه للكيان الصهيوني الغاصب.

وأشار المشاركون في الوقفات إلى أن العدو الصهيوأمريكي فشل في الحصول على معلومات الأهداف في اليمن، فاتجه إلى تجنيد المنافقين والخونة والعملاء الذين باعوا دينهم وشرفهم وضميرهم وبلغوا مستويات لا حدود لها في الانحطاط والخساسة والنذالة.

واعتبروا هؤلاء المنافقين والخونة والعملاء شركاء للأمريكي في كل جريمة يرتكبها وفي كل قطرة دم يسفكها مستفيدا من طمعهم وجشعهم وغبائهم وحماقتهم ومستغلا ارتدادهم عن الدين وفقدانهم لكل القيم والأخلاق متناسياً فشله المستمر مع جواسيسه الذين يتم القبض عليهم في كل مرة.

ورفع المشاركون في الوقفات شعارات منددة بالجرائم الوحشية التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي بحق المدنيين في قطاع غزة على مرأى ومسمع دول العالم، مؤكدة تضامن اليمن مع الشعب الفلسطيني ومقاومته.

وأكد بيان صادر عن الوقفات أن جرائم العدو الأمريكي الصهيوني وتهديداته السخيفة لن تثني اليمنيين عن موقفهم ولن توقف دعمهم للقوة الصاروخية والجوية والبحرية.

ورفع البيان التهاني والتبريكات لقائد الثورة وللشعبين اليمني والفلسطيني وكافة أبناء الأمة الإسلامية بمناسبة عيد الفطر المبارك، مؤكداً الموقف الثابت والمبدئي للشعب اليمني في نصرة الشعب الفلسطيني المسلم العزيز.

كما أكد البيان الوقوف مع حزب الله والشعب اللبناني وإدانته واستنكاره لاستمرار العدوان الإسرائيلي على سوريا ولبنان.

ووجه بيان الوقفات تحذيراً شديداً إلى كل من يجند نفسه ويبيعها رخيصة للشيطان الأمريكي والإسرائيلي ويتعاون معهم في رفع المعلومات والإحداثيات، مؤكداً أن الشعب اليمني سيتصدى لهم وسيتعامل معهم كأعداء.

وطالب بيان الوقفات الأجهزة القضائية والمعنية بسرعة إنزال أقصى العقوبات الشرعية والقانونية على كل من يجند نفسه ويبيعها للعدو ليكون ذلك زاجراً ورادعا لغيرهم.. مؤكداً أن معنويات الشعب اليمني تناطح السحاب وسقفه عال جدا.

ودعا القبائل اليمنية الأبية إلى تجديد وتأكيد موقفها وبراءتها من هؤلاء الخونة والعملاء والتصدي لهم والإبلاغ عنهم وليعلم من يسكت عنهم أو يغطي عليهم أنه شريك لهم في الجريمة وفي الولاء لأعداء الله والذي يعتبر ارتدادا عن الدين.

وحث البيان الجميع على تسجيل أبنائهم في مراكز المدارس الصيفية التي ستبدأ في كل المحافظات الحرة بداية من الأسبوع القادم، والمساهمة والمشاركة في هذا النشاط المهم الذي يهتم ببناء الجيل الصاعد.

كما أقيمت بمركز ومديريات محافظة الحديدة أمس، وقفات جماهيرية حاشدة عقب صلاة الجمعة، تأكيدا على الموقف الشعبي اليمني الثابت في نصرة القضية الفلسطينية وتجديد الثبات في مواجهة العدوان الأمريكي.

ورفع المشاركون في الوقفات لافتات وشعارات تؤكد التضامن مع الشعب الفلسطيني ومقاومته، والتنديد بالجرائم الوحشية التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي بحق المدنيين في قطاع غزة على مرآى ومسمع دول العالم.

وجددت الحشود الشعبية دعمها الكامل لحزب الله والشعب اللبناني في مواجهة العدوان الصهيوني، مشيرة إلى أن الكيان الغاصب لن يفلت من العقاب على جرائمه المستمرة.

وأكد بيان صادر عن الوقفات، الرفض القاطع لكل أشكال التطبيع والعلاقات مع الكيان الإسرائيلي، محذرا من التورط في التعاون مع العدو الأمريكي والصهيوني تحت أي مسمى.

ووجه البيان التهنئة لقائد الثورة والشعبين اليمني والفلسطيني وكافة أبناء الأمة الإسلامية بمناسبة عيد الفطر، مؤكدا أن الشعب اليمني لن يتراجع عن مواقفه المشرفة، ولن ترهبه تهديدات المعتدين ولا أدواتهم من المرتزقة والعملاء.

وحيا بيان الوقفات، المواقف الشجاعة والدور الذي يقوم به قائد الثورة السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي، في نصرة الأشقاء الفلسطينيين في زمن تعاظم فيه المتخاذلون والمطبعون مع العدو، لافتا إلى أن العدوان الأمريكي على اليمن مرتبط بالدعم المفتوح للعدو الصهيوني.

وشهدت مديريات محافظة صنعاء أمس وقفات جماهيرية تنديدا باستمرار جرائم كيان العدو الصهيوني بحق

مقالات مشابهة

  • حرائر جحانة ينددن باستمرار الإبادة الصهيونية بحق الشعب الفلسطيني
  • حرائر جحانة ينددن باستمرار الإبادة الصهيونية في غزة
  • محافظة إب تشهد وقفات حاشدة تنديدًا باستمرار الجرائم الصهيونية في غزة
  • مؤسسات الأسرى: 350 طفلا فلسطينيا في المعتقلات الصهيونية
  • سرايا القدس تعلن استشهاد أحد مجاهديها باشتباك مع قوة صهيونية في طوباس
  • نقابة التعليم العالي تندد بنشاط تطبيعي لمعهد الزراعة والبيطرة" مع منظمة صهيونية تزامنا مع الإبادة الجماعية في غزة
  • وقفات حاشدة في العاصمة والمحافظات تنديداً بالجرائم الصهيونية في غزة
  • حماس: لن ننقل "الرهائن" من المناطق التي طلبت إسرائيل إخلائها
  • حماس: لن ننقل "الرهائن" من المناطق التي طلبت إسرائيل إخلائها
  • عاجل | السيد القائد: العدو الإسرائيلي استأنف الإجرام منذ أكثر من نصف شهر بذات الوحشية والعدوانية التي كان عليها لمدة 15 شهرا