هل يتجه المغرب نحو انفراج حقوقي وسياسي جديد بعد العفو الملكي؟
تاريخ النشر: 11th, August 2024 GMT
خاص – المغرب
تلقت الأوساط السياسية والحقوقية بالمغرب عفو الملك محمد السادس عن عدد من الصحفيين والنشطاء الحقوقيين بالترحيب.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2مسيرات ضد العنصرية في بريطانيا والشرطة تتأهب رغم الهدوءlist 2 of 2تركيا ترفع الحظر عن إنستغرامend of listورأى البعض أنه بداية انفراج سياسي وحقوقي مهم بالمملكة التي تواجه جملة من التحديات الاجتماعية والاقتصادية.
وأصدر العاهل المغربي الملك محمد السادس بمناسبة الذكرى الـ25 لتوليه العرش أمرا بالعفو عن عدد من السجناء، من بينهم الصحفيون توفيق بوعشرين وعمر الراضي وسليمان الريسوني، بالإضافة إلى إسقاط المتابعة بحق المؤرخ والناشط الحقوقي المعطي منجب وإعلاميين آخرين.
وكان الصحفيون الثلاثة قد اعتقلوا بتهم عدة في قضايا مختلفة قالوا إنها "قضايا مفبركة" و"تهم لا أساس لها من الصحة"، وإنه تم الانتقام منهم بسبب انتقاداتهم المستمرة للسلطات، لكن جهة الادعاء أكدت أن محاكماتهم لا علاقة لها بحرية التعبير، بل حوكموا على جرائم تتصل بالقانون العام.
وخلال فعالية نظمتها جمعيات حقوقية بالرباط، أمس السبت، احتفاء بالصحفيين المفرج عنهم بموجب العفو الملكي، دعا سليمان الريسوني أحد المستفيدين من المبادرة الملكية إلى تظافر جهود الجميع من أجل عدم تكرار ما حدث، مشددا على أن اعتقاله كان "تعسفيا".
وأكد الريسوني في كلمة بالمناسبة تمسكه وثباته على نفس المواقف التي كان يؤمن بها قبل دخول السجن، مطالبا بتضافر جهود الجميع من أجل إطلاق سراح كافة المعتقلين السياسيين ونشطاء الحراك الاجتماعي، معتبرا أن الفرحة تبقى "منقوصة في ظل استمرار اعتقالهم".
وهاجم الريسوني ما سماها "صحافة التشهير" مؤكدا أن الدولة مطالبة بالقطع معها وإيقافها بشكل نهائي، لافتا إلى أنها تختص بتدمير صورة الصحفيين وتشويه سمعتهم.
مكاسب العفو
ورأى عبد الحفيظ اليونسي أستاذ العلوم السياسية بجامعة الحسن الأول بمدينة "سطات" أن العفو الملكي يمثل "لحظة حقوقية بامتياز تلاقت فيها إرادة ملك البلاد ومطالب الحقوقيين المغاربة بخصوص طي مجموعة من الملفات التي بت فيها القضاء نهائيا ويعتبرها جمهور الحقوقيين المغاربة ملفات تشوبها بعض الخروقات في مختلف مراحل تدبير الملف".
وأشار إلى أن بعض الأشخاص المشمولين بالعفو كانوا "موضوع مطالب مؤسسات حقوقية دولية حكومية وغير حكومية بإعادة النظر في ملفاتهم؛ خصوصا أن أغلب هذه الملفات مرتبطة بما يعتبرونه تضييقا على حرية التعبير وحرية الصحافة".
وخلص المتحدث ذاته إلى أن هذا العفو "خطوة مهمة نحو طي ملفات أخرى مشابهة وبالتالي تحسين صورة المغرب الحقوقية داخليا وخارجيا"، حسب تعبيره.
وسجل اليونسي أن المكاسب الداخلية التي حققها المغرب أساسا، تتمثل في استعادة الثقة في المؤسسات وإعادة إحياء البعد الحقوقي في تدبير الشأن العام بالمغرب.
أما على المستوى الخارجي، فبين المحلل السياسي ذاته أن العفو من شأنه تحسين صورة المغرب الحقوقية، خصوصا أنه يرأس لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة.
استدراك للتراجعات
من جهته، قال نبيل الأندلوسي، رئيس منتدى الكرامة لحقوق الإنسان، إن العفو الملكي عن عدد من الصحفيين والنشطاء الحقوقيين، التفاتة ملكية ذات بعد إنساني وحقوقي، بمناسبة الذكرى الـ25 لتولي العاهل المغربي الحكم، مؤكدا ترحيب الحركة الحقوقية بهذا القرار الملكي وتثمينه.
وأضاف الأندلوسي في تصريح للجزيرة نت "استبشرنا خيرا بالقرار، كمقدمة لحدوث انفراج حقوقي شامل يعالج الملفات الحقوقية التي ما زالت عالقة، ومنها ملف حراك الريف الذي ما يزال بعض قادته يقضون عقوبات سجنية متفاوتة".
وأكد رئيس منتدى الكرامة لحقوق الإنسان أن المغرب الحقوقي في عهد الملك محمد السادس، راكم "إنجازات حقوقية مهمة، لكن وقعت بعض الأخطاء والتراجعات التي يجب أن تستدرك"، معتبرا أن العفو الذي وصفه بـ"النوعي" يمكن أن يكون "مقاربة حقوقية متجددة لطي صفحة الإخفاقات وتعزيز الإنجازات بما يصون المكتسبات ويحصنها، خاصة أن بلادنا تترأس هذه السنة، مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة".
وكانت جل الحساسيات السياسية والمدنية قد ثمنت العفو واعتبرته خطوة أولى، تمهد الطريق نحو تصفية باقي الملفات الحقوقية العالقة وعلى رأسها ملف قادة حراك الريف وفي مقدمتهم ناصر الزفزافي، الذي تتعالى الأصوات بين الفينة والأخرى مطالبة بالإفراج عنه وإنهاء الملف الذي يشكل مصدر إحراج للمملكة في الساحة الحقوقية الدولية، وفق النشطاء.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات حريات العفو الملکی
إقرأ أيضاً:
مفتي الجمهورية: العفو عند المقدرة والتسامح من الأخلاق الفاضلة للمسلمين
أكَّد الدكتور نظير محمد عيَّاد، مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم، أن العفو عند المقدرة والتسامح من الأخلاق الفاضلة التي دعا إليها الإسلام، والتي ينبغي على المسلمين التحلي بها، لا سيما في هذا الشهر الكريم الذي يعد مدرسة إيمانية تُهذب النفوس وترتقي بها إلى مقامات العارفين.
جاء ذلك خلال لقائه الرمضاني اليومي مع الإعلامي حمدي رزق، في برنامج «اسأل المفتي» الذي يُذاع على فضائية «صدى البلد»، حيث تناول الحديث عن خُلق العفو والتسامح وأهميته في بناء المجتمع، ودوره في تقوية العلاقات الإنسانية، مستشهدًا بما ورد في القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة من نصوص وأحاديث تؤكد هذا الخلق العظيم.
وأشار إلى أن الله سبحانه وتعالى أمر عباده بالعفو والتسامح، وجعل ذلك من صفات المتقين، كما جاء في قوله تعالى: {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ، الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} [آل عمران: 133]، مشيرًا إلى أن هذه الآية توضح بجلاء أن العفو والتسامح من صفات المتقين الذين أعد الله لهم الجنة، وهو ما كان يحرص الصحابة والسلف الصالح على التحلي به في حياتهم.
وفي سياق حديثه، استشهد المفتي بقصة أحد الصحابة عندما كانت جاريته تصب له الماء، فسقط الإبريق من يدها فشج رأسه، فنظرت إليه وقالت: {وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ}، فقال: «كظمت غيظي»، فقالت: {وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ}، فقال: «عفوت عنكِ»، فقالت: {وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ}، فقال: «اذهبي فأنتِ حرة لوجه الله تعالى»، لافتًا الانتباه إلى أن هذه القصة تبرز كيف كان الصحابة يطبقون هذه القيم النبيلة في حياتهم، وكيف كان العفو لديهم جزءًا لا يتجزأ من أخلاقهم.
وتابع المفتي موضحًا أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يؤكد دائمًا على ضرورة التعامل مع الناس بظاهرهم دون الدخول في نيَّاتهم أو الحكم عليهم بغير دليل، مشيرًا إلى القصة التي حدثت مع الصحابي الجليل خالد بن الوليد رضي الله عنه، حينما همَّ بقتل رجل في إحدى الغزوات بعد أن نطق بالشهادتين، فقتله ظنًّا منه أنه قالها خوفًا من السيف، فلما علم النبي صلى الله عليه وسلم بذلك غضب وعاتب خالدًا عتابًا شديدًا، وقال له: «هلَّا شققت عن قلبه؟» مؤكدًا أن هذه القصة تعلمنا أن الأصل في الناس هو البراءة، وأن الحكم على النيات أمر لا يعلمه إلا الله سبحانه وتعالى.
اقرأ أيضاًمفتي الجمهورية: هناك ارتباطًا وثيقًا بين العقيدة والشريعة في الإسلام
المفتي: الأدب من أهم المفاتيح للوصول إلى القلوب
«المفتي»: الإكثار من الصلاة على النبي وسيلة للتقرب منه وتحقيق شفاعته