ليبيا – أكد عضو مجلس الدولة الاستشاري وعضو المؤتمر العام منذ عام 2012 سعد بن شرادة، أن اللقاءات التي عقدتها ستيفاني خوري منذ تسلم مهامها مع أطراف داخلية وخارجية، بهدف إحياء العملية السياسية، لم تسفر عن شيء يمكن الاعتماد عليه؛ لا سيما بعد اصطدامها بالصراع المحتدم بين واشنطن وموسكو.

بن شرادة أوضح في تصريح لصحيفة “الشرق الأوسط” أن الصراع، الذي يُرصد بوضوح بالقارة الأفريقية، كان وراء عدم اختيار مبعوث جديد للبعثة الأممية في ليبيا.

وقال إنه إلى جانب انتقاص صلاحياتها بصفتها رئيس بالإنابة؛ فإن جنسيتها الأميركية ستجعلها موضع تشكيك دائم لدى الروس، وبالتبعية في كل ما تطرحه من أفكار ومقترحات أو خطط.

واعتقد أن خوري ربما أدركت ذلك مبكراً، وتأقلمت معه، واستسلمت لمهمة تسيير أعمال البعثة، بدلاً من محاولة إيجاد معادلة جديدة مثل دعم أي جهد وتوافق ليبي- ليبي، ومحاولة الدفع به كأساس لحل الأزمة.

ونوّه إلى أنه في كل لقاءاتها مع الأطراف المحلية، سواء قادة سياسيين وعسكريين أو نشطاء، لم تُشر خوري لأي أفكار أو مقترحات بشأن حل الأزمة، واكتفت بالاستماع؛ وكأن تفاصيل الوضع الليبي غير معروفة من قبل عبر إحاطات وتصريحات مَن سبقوها.

وبشأن إحاطة خوري المقبلة أمام مجلس الأمن، استبعد أن تتضمن أي جديد حول تسيير عملية سياسية شاملة، يقودها ويملكها الليبيون، كما يتطلع البعض وكما تعهدت هي.

وتوقع في الختام أن تراوح حالة الجمود بالمشهد الليبي مكانها لحين إجراء الانتخابات الأميركية، مع تصاعد التوترات والخلافات من حين لآخر.

المصدر: صحيفة المرصد الليبية

إقرأ أيضاً:

أربعة عقود على ظهور أفكار جون قرنق و منتهاها في حرب الكل ضد الكل

طاهر عمر

جون قرنق بفكرة السودان الجديد ألهم مثقفي جبال النوبة و النيل الأزرق بالإنضمام الى ركب مسيرة السودان الجديد بعد قيام الحرب الثانية في جنوب السودان بعد نهاية إتفاقية أديس أبابا عام 1972 و كان يحلم بأن تنضم دار فور الى ركب الثورة و من المفارقات العجيبة إشتعلت دار فور في لحظة كان جون قرنق يلملم أطراف إتفاقية نيفاشا و لسؤ حظ السودانيين كانت إتفاقية نيفاشا بين جون قرنق و أسواء فصيل سياسي ممثل للإسلام السياسي في السودان و قد رمز لفشل النخب السودانية العاجزة عن التضحية بهويتها الدينية.
عجز النخب السودانية تجسد في هيمنة الحركة الإسلامية السودانية كتتويج لحوار الطرشان من نخب أضاعت عقود في طرح سؤال الهويات القاتلة كما يقول امين معلوف و نتج عنه مدارس لا تسمن و لا تغني من جوع و أقصد الغابة و الصحراء و أبادماك و العودة الى سنار و هي مدارس توابع تدور حول كواكب أفكار أحزاب الطائفية و لم تنتج سياسي ناضج يفارق فكر المرشد الكيزاني و يعاف فكر امام الأنصار و يهرب من فكر الختم و يتجاوز بالتفكير النقدي فكر الأستاذ الشيوعي كايديولوجي محنط إذا إنتبهوا الى تطور الفكر في العالم الحديث من حولنا.
المضحك المبكي أن أرنولد توينبي عام 1947 ذكر أن قيام سودان موحد و قوي و حديث يقع على عاتق المثقف الشمالي مع أنه نبه الى أن السودان تقوده قوتين متضادتين قوة حديثة و قوة تقليدية متخلفة لا تريد أن تفارق وحل الفكر الديني و قيام السودان الحديث يكمن في أن تنتصر القوة الحديثة على القوة التقليدية حتى تستطيع أن تضع السودان في سكة السير نحو سير العالم الحديث بإتجاه الحرية و الإزدهار المادي.
في العام الذي تحدث فيه أرنولد توينبي عن قيام سودان موحد و قوي و حديث كان عام إستقلال الهند و لك أن تقارن بين النخب في الهند و بين النخب السودانية ها هي الهند تمثل أكبر ديمقراطية في العالم و تغزو الفضاء و تنظر الى الواقع المعاصر بعين الإنسان المعاصر و إدراك الفرد في عالمنا الحديث لمعنى معادلة الحرية و العدالة.
النخب في الهند و إستقلالها كان بعد الحرب العالمية الثانية بعامين قد أدركت بأن هناك فلسفة حديثة للتاريخ و معنى الإنسانية التاريخي و المؤسف أن السودان قد نال إستقلاله بعد عقد كامل من الزمن بعد الهند و لم تدرك نخبه أي السودان معنى فلسفة التاريخ الحديثة كما أدركتها نخب الهند و لم تستحي الهند من أن تستلف من أفكار الغرب ما يدفعها و يجعلها تنطلق لكي تلحق بركب الإنسانية في تقدمها و إزدهارها المادي.
أظن سبب تأخر السودان هو بسبب عجز النخب السودانية عن أن تفرز نخب متقدمة في فهمها لفلسفة التاريخ الحديثة كما فهمه نهرو مثلا في الهند و هذا ما يقصده توينبي في نصحه للنخب السودانية بأن تنتصر القوى الحديثة فيها على النخب التقليدية و هيهات.
عجز النخب السودانية عجز بنيوي كان في صميم نخبها منذ أن نالت تعليم حديث أيام الإستعمار إلا أنه لم يفرز نخب قادرة على التفكير النقدي مثلا أتباع مؤتمر الخريجيين في ثلاثينيات من القرن المنصرم لم يدركوا أن عالم أوروبا في خيانتها للتنوير و نتج عنه الإستعمار في طريقه للزوال و أن النخب الأوروبية كانت تراقب عالم يتخلق ليولد من جديد و للأسف أتباع مؤتمر الخريجيين في السودان كانت كل أدبياتهم تعالج صور عالم قديم في طريقه الى الزوال و لم ترى ظلال العالم الجديد تتراقص في الأفق و هي تتطلب منهم جهود فكرية في إنتظارها لعالم يتخلق ليولد من جديد.
نفس زاوية عجز أتباع مؤتمر الخريجيين في زمانهم إن لم نقول قد أصبحت زاوية منفرجة في نخب الحاضر في عجزهم على مواجهة التحدي الراهن في السودان المتمثل في إنفجاره في حرب عبثية بين جيش كيزاني و صنيعته الدعم السريع و أقصد عقل الحيرة و الإستحالة عند أتباع مؤتمر الخريجيين في التأسيس لوطن يقوم على أساس العيش المشترك و تصبح فيه الديمقراطية و أدب الفكر الليبرالي قد أصبح بديلا للفكر الديني نجد نفس العجز الموروث قد تجسد في نخب الحاضر السوداني البائس و حيرة النخب في عدم القدرة على مجابهة التحدي و التغلب عليه و هو مسألة التحول الديمقراطي و هو يتطلب قفزة في الفكر تتجاوز الهاوية التي وقع فيها أتباع المرشد الكيزاني و أتباع الامام الانصاري و أتباع الختم و أتباع الشيوعي السوداني المحنط.
ما أود قوله أننا على بعد قرن كامل من حاضر الإنسانية المعاصرة و أقصد أنه في عام 1929 قد أدركت أوروبا أنها قد دخلت على أعتاب أزمة العلوم الأوربية و لكن لم يسيطر على عقول نخبها الحيرة و الإستحالة كما هو سائد وسط النخب السودانية بل نجد أن النخب الأوروبية قد بداءت مسير فكر جديد مثلا ظهرت مدرسة الحوليات الفرنسية و هي تهتم بدراسة تاريخ الإقتصاد و التاريخ الإجتماعي و بعدها ظهرت النظرية الكينزية و قبلهما ظهرت أفكار ماكس فيبر في نقده للشيوعية و حديثه عن أنثروبولوجيا الليبرالية و كانت كل أفكاره تقوم على فلسفة النيوكانطية و أنثروبولوجيا كانط.
و كلها تسوق بإتجاه علاقة الفرد بالدولة و معنى المسؤولية الإجتماعية نحو الفرد و هذا هو البعد الغائب عن فكر النخب السودانية حتى كتابة هذا المقال و هي تبرر لفكر لاهوتي لم ينسلخ بعد عن لاهوت القرون الوسطى في عدم ايمانه بالعدالة و المساواة بين أفراد المجتمع و حتى أوضّح أكثر هنا في السودان ما زال الكيزان يتبعون فكر لا يؤمن بالمساواة بين المسلم و غير المسلم و لا المساواة بين الرجل و المراءة في الميراث حتى داخل الإسلام أو بين المسلميين أنفسهم و بقية النخب السودانية تراه عادي لأنهم جميعا لم يدركوا ورطة الفكر الديني فيما يتعلق بالفكر الأصولي و إستحالة التأصيل كما تحدث عنه محمد أركون و مسألة أزمة الحضارة العربية الإسلامية التقليدية و صراعها مع أفكار عقل الأنوار و أفكار الحداثة و مسألة مفهوم الدين التاريخي.
الخوف أن النخب السودانية ستستمر في سباتها الدوغمائي العميق حتى بعد تجربة الحرب العبثية بين الكيزان و صنيعتهم الدعم السريع و تستمر في نومها الذي يهدهده ايمانها التقليدي و تواصل في مسيرة السائر في نومه و تدخل في حيز المجتمعات الفاشلة و العاجزة في أن تبداء مسيرة نهوضها من جديد و هذا ليس متوقع الآن في ظل نخب سودانية خانعة و تابعة للمرشد و الختم و الامام و الأستاذ الشيوعي السوداني الذي يجسد أيدولوجية متكلسة حتى في مقارنتهم بنخب عربية.
مثلا في تونس مسألة المساواة في الميراث بين المراءة و الرجل قد فارقوها أي اللا عدالة فيها بعقل تونسي يصالح بينه و سير أفكار عقل الأنوار في وقت نجد النخب السودانية الآن عاجزة في أن ترى أن الحرب العبثية بين الجيش الكيزاني و الدعم السريع لا تعني الشعب السوداني في شئ و على الشعب السوداني أن يدرك بأنه أنجز ثورة عظيمة و شعارها حرية سلام و عدالة و هو يعني خلق مجتمع يؤمن بالمساواة و العدالة بين أفراده و يدرك الشعب أنه مصدر السلطة و هو متقدم على نخب فاشلة على مدى قرن كامل من الزمن.
كل المؤشرات تقول لنا أن حال النخب السودانية و هي لا تدري أنها تواجه واقع يشبه واقع أوروبا بين الحربين العالمتين و هو واقع يحكي أن العقل التقليدي السوداني نتاج أزمة الثقافة العربية الإسلامية التقليدية قد وصل الى منتهاه و لم يستطع أن يناور بالخطاب الديني المنغلق و لم يعد وحل الفكر الديني كجالب لسلام المجتمع السوداني على الإطلاق. و قد رأينا مغامرة الكيزان و جيشهم و آخر تخطيطاتهم الفاشلة في الحرب العبثية تشريد الشعب السوداني لأن حشود مظاهرات ثورة ديسمبر كثورة حرية لا يحمل لها الخطاب الإسلامي التقليدي أي إجابات و كان الشعب السوداني هو القادر على زلزلة الارض من تحت أقدامهم لذلك قد أخرجوه بحربهم العبثية و الآن لا يريدون لها نهاية لأن بعودة الشعب ستنهي مغامراتهم الطائشة.
و هنا تظهر ورطة الكيزان لذلك جاء إختيارهم للأسهل و هو الخراب عبر الحرب لأن الإعمار و التنمية و الإزدهار المادي هما الأصعب و تحتاجان لفكر و هم أبعد عن ميادين الفكر لذلك أختاروا الحرب و ما دروا بأنهم سيدخلون في ورطة كيفية كسبها و هيهات بعكس نخب أوروبا بين الحربين العالمتين نجدهم قد تقدم الصفوف علماء الإجتماع و الفلاسفة و السياسيون بفلسفتهم السياسية و الإقتصاديون و الشعراء و قدموا فكر قد أعلنوا فيه أن فلسفة التاريخ التقليدية قد أفلت و أن فلسفة تاريخ حديثة في طريقها الى عالم جديد لا يؤسس طرقه غير عباقرة الرجال.
من قبل قرن من الزمن قد طلع نجم سعد السياسي القادر على إدراك معنى الشرط الإنساني و أفل نجما القانوني و المؤرخ التقليدي و للأسف في السودان ما زال المؤرخ التقليدي لا يجيد غير الحكي و القانوني السوداني كأضعف حلقة في سلسلة النخب السودانية يحاول لعب دور السياسي و قد رأينا خيبتهما في الوثيقة الدستورية و قبولهم بالشراكه مع العسكر و قد أبانت غياب السياسي الذي يدرك معنى الشرط الإنساني.
أوروبا بين الحربين برغم تقدم السياسيون و الإقتصاديون للصفوف أحتاجت لعقدين حتى تصل لنهاية الحرب العالمية الثانية و تفارق الحروب و تعرف معنى السلام و الحرية فما بالك بالسودان الذي لم يتقدم فيه علماء الإجتماع و الإقتصاديون و السياسيون المدركون لمعنى الشرط الإنساني حتى اللحظة للصفوف فكم يحتاج من عقود حتى يطوي صفحات الحروب و الفقر و الجهل و المرض و بعدها يسير في طريق الحرية و السلام؟
لكي نختم هذا المقال لابد من العودة للعنوان أن أفكار جون قرنق لقيام سودان جديد و أمله في أن تمتد الثورة من الجنوب الى جبال النوبة و جنوب النيل الازرق و أخيرا الى دار فور في حرب مفتوحة إستمرت حتة اللحظة عبر أربعة عقود لن تفتح إلا على حرب الكل ضد الكل بعكس أوروبا بين الحربين فكان زمن الحربين لم يتجاوز العقد من الزمن و بعدها جاء دور الفلاسفة و علماء الإجتماع و الإقتصاديين و السياسيين المدركين لمفهوم الشرط الإنساني و أنزلوا فكرة العقد الإجتماعي و فيه تتبدى علاقة الفرد بالدولة مباشرة و ليس بالجهة أو الطائفة أو القبيلة و فكرة العقد الإجتماعي هو نهاية لحرب الكل ضد الكل بضمان مفهوم الدولة الحديثة التي تجسد فكرة العيش المشترك بضمانها لتحقيق المسؤولية الإجتماعية نحو الفرد.
أربعة عقود من الحروب إبتداءا من زمن قرنق قد فتحت على حرب الكل ضد الكل و حتى بعد إنفصال الجنوب لم تؤسس النخب في جنوب السودان دولة حديثة و عندما أنجز الشعب السوداني ثورته بشعار حرية سلام و عدالة نلاحظ أن من جاءوا من جهة صفوف جون قرنق و هم ياسر عرمان و أردول و مالك عقار لم يخدموا ثورة الشعب السوداني بل نجد أن مبارك أردول و مالك عقار كانا خصم من رصيد ثورة ديسمبر مما يدل أن جون قرنق في حربه المفتوحة بلا آفاق نسى أن يؤسس لنخب تعرف طريق فكر عقل الأنوار و النتيجة نراها في فشل نخب جنوب السودان في التأسيس لدولة مستقرة في الجنوب و من جاء الى الشمال كأردول و مالك عقار و مناوي و جبريل جاءوا بفكر منحط لذلك عجبهم الإصطفاف مع الجيش الكيزاني.
لم يبقى غير عبد العزيز الحلو في جبال النوبة و هو يقاوم نخب سودانية فاشلة عجزت في أن تضحي بهويتها الدينية من أجل قيام سودان حديث ليس للخطاب الديني فيه أي مجال لأن النشؤ و الإرتقاء يقول لنا أن مسيرة البشرية قد تجاوزت العرق و الدين و أن مفهوم الدولة الحديثة لا يستقيم إلا بفصل الدين عن الدولة و أن الديمقراطية ليست نظم حكم فحسب بل أن الفكر الليبرالي قد أصبح بديلا للفكر الديني.

taheromer86@yahoo.com  

مقالات مشابهة

  • لبنان يدعو لـ”إجراءات أكثر حسما” حيال هجمات إسرائيل عليه
  • مئات الفلسطينيين يشيعون الناشطة الأميركية التركية التي قتلت برصاص القوات الإسرئيلية في الضفة الغربية   
  • معركة تكسير العظام بين عامل آسفي ورئيس البلدية تسفر عن بلوكاج في مجلس المدينة
  • أسعار الذهب تستقر مع ترقب بيانات التضخم الأميركية
  • عاجل | تشييع جثمان المتضامنة الأميركية التركية عائشة نور التي قتلت برصاص الاحتلال في الضفة الغربية
  • «أفريكا انتليجنس»: أزمة مجلس الدولة تعرقل جهود ستيفاني خوري لإنهاء قضية «المركزي»
  • “اللافي” يبحث مع “خوري” مستجدات العملية السياسية في ليبيا
  • عام على فيضانات درنة.. الكارثة التي تحولت منجما للذهب في ليبيا
  • أربعة عقود على ظهور أفكار جون قرنق و منتهاها في حرب الكل ضد الكل
  • الأستاذ الصحفي فتحـي الضـو عن الحرب العبثية الدائرة ومآلاتها والسيناريوهات التي يمكن أن تحدث حال إستمرارها