تحليل: عودة التوتر بين واشنطن وطهران.. لماذا جاء الرد الإيراني من صنعاء!
تاريخ النشر: 9th, August 2023 GMT
على وقع تصاعد التوتر العسكري مؤخراً بين الولايات المتحدة الأمريكية وجمهورية إيران، استنفرت الأخيرة أذرعها في المنطقة العربية وخاصة ذراعها في اليمن- مليشيا الحوثي.
التوتر تصاعد عقب إرسال واشنطن ثلاثة آلاف جندي من مشاة البحرية إلى البحر الأحمر، في خطوة وصفها مسؤولون أمريكيون بأنها تأتي "لردع النشاط المزعزع للاستقرار وتهدئة التوترات الإقليمية الناجمة عن مضايقات إيران ومصادرة السفن التجارية"، بحسب المتحدث باسم الأسطول الخامس الأمريكي، تيم هوكينز، لوكالة الأنباء الفرنسية.
ووصل أفراد الجيش الأمريكي على متن السفينتين الحربية (يو إس إس باتان) و(يو إس إس كارتر هول)، إلى مقر القاعدة البحرية الأمريكية في دولة البحرين. ويأتي هذا الانتشار الأمريكي المتزايد في أعقاب سلسلة من الحوادث على مدار العامين الماضيين اتهم فيها الغرب إيران بمحاولة السيطرة على ما يقرب من 20 سفينة دولية في المنطقة.
هذا الانتشار للقوات الأمريكية خلال الشهر الماضي يأتي لمنع إيران من الاستيلاء على ناقلات تجارية في المياه الدولية قبالة سلطنة عمان في 5 يوليو. وأدى تصادم بين سفينة ريتشموند فوييجر التي ترفع علم جزر الباهاما وسفينة إيرانية إلى إصابة خمسة من أفراد الطاقم بجروح خطيرة، حسبما أفادت إيران. كما شهدت حالات سابقة استيلاء إيران على ناقلتي نفط في المياه الإقليمية في غضون أسبوع خلال شهري أبريل ومايو الماضيين.
وفيما يتعلق بالتصعيد الأخير، كانت الولايات المتحدة قد أعلنت سابقًا عن خطط لنشر مدمرة، وطائرات حربية من طراز F-35 و F-16، إلى جانب مجموعة الاستعداد البرمائية/ وحدة الاستكشاف البحرية، إلى غرب آسيا.
والأسبوع الماضي، كشف مسؤول أمريكي لوكالة الأنباء الفرنسية، عن خطط "لنشر حراسة أمنية مكونة من عناصر من مشاة البحرية والبحرية على متن ناقلات تجارية تمر من مضيق هرمز وبالقرب منه لتشكل طبقة دفاعية إضافية لهذه السفن المعرضة للخطر".
وشدد على ضرورة تلقي طلب للقيام بذلك لأن السفن خاصة، مضيفا: "نجري الاستعدادات للتنفيذ في حال وجود اتفاقات نهائية للقيام بذلك".
ورداً على تنفيذ أمريكا لهذه الخطوة بإرسال آلاف الجنود إلى منطقة البحر الأحمر والخليج العربي، قال المتحدث باسم القوات البحرية الإيرانية إن طهران كانت تجهز البحرية التابعة للحرس الثوري بطائرات بدون طيار وصواريخ مدى 1000 كيلومتر (621 ميلا). ولاحقاً قال الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي إن إيران لا تثق بأمريكا ولن تثق بها، وأن ما يهم الجانب الإيراني مع أمريكا هو "تحييد العقوبات".
الرد الإيراني من صنعاء
لكن الرد الأكثر حدة على الانتشار العسكري الأمريكي في البحر الأحمر والخليج العربي جاء على ألسن قيادات جماعة الحوثي من صنعاء، حيث هددوا بشن هجمات على أي تواجد عسكري أمريكي في المياه الإقليمية اليمنية قبالة سواحل الحديدة وباب المندب.
ونقلت وسائل إعلام مليشيا الحوثي الإمامية عن مسؤولين في سلطتها الانقلابية أن تواجد القوات الأمريكية في البحر الأحمر وباب المندب يعطيهم المبرر لاستهداف هذه القوات. ونقلت عن المعين بمنصب نائب وزير الخارجية حسين العزي قوله إنه يتوجب على القوات البحرية الأمريكية الابتعاد عن المياه الإقليمية اليمنية، وأن اقترابها "فقط مجرد الاقتراب" قد يعني بداية المعركة الأطول والأكثر كلفة في التاريخ البشري- على حد قوله.
وليست المرة الأولى التي تتولى مليشيا الحوثي مهمة الرد باسم داعمها الإقليمي الوحيد- طهران، إذ سبق أن تبنت هجمات ضد منشآت حيوية للمملكة العربية السعودية في 2019 كان المراقبون، حينها، يرجحون أن تكون قوات إيرانية هي التي نفذتها.
وتربط ذراع إيران في اليمن بين هذه التحركات العسكرية لأمريكا وبين تعثر مفاوضات السلام التي خرجت إلى العلن منذ أبريل الماضي بين الجماعة والسعودية، على إثر التقارب السعودي الإيراني برعاية الصين، بينما يجمع المراقبون لتطورات الشأن اليمني أن تصعيد المليشيا الحوثية عسكرياً ووضع اشتراطات تعجيزية هو ما يعيق تقدم المفاوضات بينها وبين السعودية حتى الآن، ناهيك عن استمرار المليشيا في حربها الاقتصادية ضد الحكومة الشرعية.
مبررات التصعيد الحوثي
طيلة ما يقارب سنة ونصفاً من اتفاق هدنة أبريل بين الحكومة الشرعية ومليشيا الحوثي، لم تفوت الأخيرة فرصة لاستغلالها من أجل التصعيد العسكري أو التهديد باستئناف الحرب. وبينما كان التقارب الإيراني السعودي قد ألجم المليشيا قليلاً عن انتهاك اتفاق الهدنة، إلا أنها ما زالت تتحين الفرص للتنصل من التزاماتها تجاه عملية السلام، تارة بوضع اشتراطات تعجيزية جديدة على طاولة المفاوضات وتارة أخرى بإلقاء الاتهامات على أمريكا وبريطانيا بأنهما تسعيان لإفشال جهود المفاوضات.
والآن بعد عودة التوتر العسكري بين واشنطن وطهران لم تفوت المليشيا الحوثية الفرصة للتهديد بتصعيد عسكري، وقد تتخذ من هذه الفرصة سياقاً لتنفيذ تهديدات رئيس ما يسمى بالمجلس السياسي الأعلى للجماعة في استهداف الجزر اليمنية في البحر الأحمر والبحر العربي.
وكانت مليشيا الحوثي أجرت مناورات عسكرية قبل أيام في صرواح بمأرب، وهي المناورات التي أفاد وزير الإعلام في حكومة الشرعية، معمر الإرياني، أنها أودت بحياة القيادي العسكري البارز في الجماعة أحمد الحمزي الذي كان يحمل صفة قائد القوات الجوية والدفاع الجوي برتبة لواء، والمدرج على لائحة الإرهاب السعودية وقائمة الإرهاب الأمريكية.
وقال الإرياني "إن التجربة الفاشلة التي أجرتها جماعة الحوثي الإرهابية قبل أيام، لاختبار أسلحة جديدة، في مديرية صرواح بمحافظة مأرب، والتي أدت إلى مصرع عدد من قيادات وعناصر الجماعة وخبراء من إيران وحزب الله اللبناني تواجدوا لحظة الانفجار، تؤكد نواياها لنسف جهود التهدئة والعودة لمربع الحرب".
وأشار إلى أن جماعة الحوثي تواصل استغلال حالة اللا سلم واللا حرب القائمة منذ انهيار الهدنة الأممية، لتطوير ترسانتها من الأسلحة المهربة من إيران، وحشد المزيد من المقاتلين وتجنيد الأطفال للقتال في صفوفها، دون اكتراث بالأوضاع الاقتصادية والإنسانية الصعبة، والفاتورة الباهظة للحرب التي فجرها الانقلاب.
المصدر: نيوزيمن
كلمات دلالية: ملیشیا الحوثی البحر الأحمر
إقرأ أيضاً:
لماذا زار أمير قطر إيران في هذا التوقيت؟
حظيت زيارة أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني إلى إيران بأهمية كبيرة في ظل التطورات السياسية المتلاحقة في المنطقة، خاصة لقاءه مع الرئيس مسعود بزشكيان والمرشد الإيراني علي خامنئي.
وفي هذا الإطار، قال مدير مكتب قناة الجزيرة في طهران عبد القادر فايز إن الزيارة تأتي في توقيت حرج و"شرق أوسط ملتهب"، خاصة على صعيد القضية الفلسطينية التي قال إنها احتلت حصة الأسد في لقاءات الشيخ تميم مع القادة الإيرانيين.
ووفق فايز، تأمل إيران تمديد الهدنة في قطاع غزة والدخول في المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى بين إسرائيل والمقاومة الفلسطينية، رغم تأكيدها بأن ثمة مؤشرات تظهر استعداد تل أبيب للعودة إلى الحرب.
وبناء على ذلك، تدعم طهران الدور القطري في مسألة تثبيت الهدنة والعمل على إنجاح المرحلة الثانية من اتفاق غزة وصولا إلى إعادة إعمار ما دمرته الحرب الإسرائيلية في قطاع غزة.
وكان الديوان الأميري القطري قد ذكر -في بيان- أن أمير قطر والرئيس الإيراني بحثا اليوم الأربعاء "العلاقات الثنائية بين البلدين والسبل الكفيلة بتنميتها وتطويرها، لا سيما في مجالات الاقتصاد والتجارة والطاقة، وأهمية تطوير الفرص الاستثمارية بين البلدين في شتى المجالات"، وكذلك جرى مناقشة أبرز المستجدات الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك.
إعلانوقال الديوان الأميري القطري إن الشيخ تميم التقى أيضا المرشد الإيراني بحضور الرئيس بزشكيان، وجرى خلال اللقاء "استعراض علاقات التعاون والصداقة القائمة بين البلدين بالإضافة إلى عدد من القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المتبادل".
وخلال مؤتمر صحفي مع بزشكيان، أكد أمير قطر أن المنطقة تشهد تحديات تتطلب التشاور والتنسيق، مشددا على أن الحوارات والتفاهمات تدعم الاستقرار في المنطقة وتعزز ازدهار دولها وشعوبها.
الملف السوريواحتل الملف السوري مساحة مهمة في النقاشات القطرية الإيرانية وفق مدير مكتب الجزيرة في طهران، إذ أتت زيارة الشيخ تميم في توقيت حرج بعد الإطاحة بنظام الرئيس السابق بشار الأسد وانتصار الثورة السورية ومجيء إدارة سورية جديدة لها علاقات جيدة مع الدوحة.
وبناء على ذلك، تأمل إيران من قطر -وفق فايز- "فك جزء من الاشتباك بين دمشق وطهران، والرغبة في فتح علاقات صحية بين الجانبين"، مشيرا إلى أن لقاء أمير قطر مع المرشد الإيراني يعد الأهم لأنه عادة يناقش قضايا ذات أبعاد إستراتيجية إقليميا ودوليا.
وخلال المؤتمر الصحفي المشترك، تحدث أمير قطر عن أهمية إنجاح العملية السياسية الشاملة في سوريا، في حين قال الرئيس الإيراني إنه أجرى مشاورات مع أمير قطر بشأن التطورات الراهنة في المنطقة وشدد على وحدة الأراضي السورية وحق الشعب السوري في تقرير المصير.
وأعرب بزشكيان عن إيمانه بأن دول المنطقة بإمكانها أن تعمل على تحقيق الاستقرار والأمن في المنطقة، مضيفا أن تعزيز وتوسيع العلاقات في كافة المجالات مع دول المنطقة من السياسات الأساسية لطهران.
وكان أمير قطر زار العاصمة السورية نهاية الشهر الماضي، في أول زيارة يجريها رئيس دولة إلى دمشق منذ أن أطاح تحالف فصائل مسلّحة بنظام بشار الأسد في الثامن من ديسمبر/كانون الأول 2024.
إعلانوأجرى الشيخ تميم -خلال الزيارة- محادثات ثنائية مع الرئيس السوري أحمد الشرع، وجدد موقف بلاده الداعم لوحدة سوريا وسيادتها واستقلاله.
وشدد أمير قطر على الحاجة الماسة لتشكيل حكومة تمثل جميع أطياف الشعب السوري، مشيدا بجهود الإدارة السورية لتحقيق الاستقرار، والحفاظ على مقدرات الدولة.