غزة تقاتل من أجل البقاء.. المياه الملوثة تنشر الأمراض بين سكان القطاع
تاريخ النشر: 11th, August 2024 GMT
سكان غزة يواجهون تحديات كبيرة ليس فقط من الهجمات الوحشية التي يتعرضون لها من الاحتلال الإسرائيلي بل أيضًا عدم توافر أساسيات الحياة متمثلة في «المياه النظيفة» إذ يعاني القطاع من أزمة إنسانية خطيرة بسبب الحصار الإسرائيلي المستمر تنذر بكارثة أخرى مرتقبة.
تُظهر تقارير أن المياه الملوثة تشكل خطراً رئيسياً على صحة سكان غزة، حيث يُعاني العديد من أمراض جلدية والتهابات الكبد، وذلك بسبب دمار البنية التحتية للمياه وعدم قدرة السكان على الوصول إلى المياه النظيفة، مما تُمثل هذه الأزمة تهديداً خطيراً على حياة السكان، وخاصةً الأطفال، وتدعو إلى التحرك الفوري لإعادة تأهيل البنية التحتية المتضررة ووقف جرائم الاحتلال الوحشية.
وكشف تقرير لشبكة «إن بي سي نيوز» عن انتشار واسع للأمراض الجلدية والتهابات الكبد بين سكان قطاع غزة، إذ يرجع السبب الرئيسي لذلك إلى استخدام المياه الملوثة، بعد أن دمرت الحرب أغلب محطات تحلية المياه والآبار.
وأكد التقرير انتشار واسع للأمراض بين سكان قطاع غزة، وخاصة بين الأطفال، نتيجة استخدام المياه الملوثة، ونقل التقرير شهادات من أهالي غزة وأطباء ومنظمات إنسانية، تشير إلى إصابة العديد من الأطفال بأمراض مرتبطة بشرب أو الاستحمام في مياه ملوثة، مع تحديد التهاب الكبد والأمراض الجلدية كأبرز الأمراض المنتشرة.
وكشفت منظمة «أوكسفام» الدولية عن حجم الدمار الذي لحق بقطاع المياه في غزة جراء الحرب، مشيرةً إلى أن جميع محطات تحلية المياه و88% من آبار المياه قد تضررت أو دُمرت بالكامل خلال أكثر من 10 أشهر من النزاع.
اختفاء جميع محطات معالجة مياة الصرف الصحيوأكدت المنظمة حجم الدمار الذي لحق بقطاع المياه في غزة جراء الحرب، مشيرةً إلى اختفاء جميع محطات معالجة مياه الصرف الصحي و70% من مضخات الصرف الصحي، أدّى هذا التدمير إلى انخفاض حاد في كمية المياه المتاحة، حيث وصل إلى 5 لترات فقط للفرد يومياً، أي أقل من 94% من الكمية التي كانت متاحة قبل الحرب، وهي نحو 15 لتراً في حالات الطوارئ.
وبالرغم من محاولات المنظمات الإنسانية تقديم المساعدة بإصلاح البنية التحتية، وتركيب خزانات الصرف الصحي، وتوزيع المياه النظيفة وأقراص الكلور، إلا أن وصولها إلى القطاع يبقى محدودًا بشكل كبير، ويُجبر سكان غزة على الاعتماد على مياه البحر غير المعالجة الملوثة بمياه الصرف الصحي للشرب والاستحمام، دون وصولهم إلى صابون أو مطهرات، وفقًا لتقرير «إن بي سي نيوز».
بحسب التقرير، يُمكن أن يُؤدي تناول الطعام أو الماء الملوث بالبراز إلى الإصابة بالتهاب الكبد الوبائي (أ)، وهو مرض يصيب الكبد ويُمكن أن يُشفى من تلقاء نفسه، ومع ذلك، فإن سوء التغذية والصرف الصحي يزيدان من خطر حدوث مضاعفات.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: غزة قطاع غزة الأمراض في غزة المياه الملوثة الاحتلال الإسرائيلي إسرائيل انتشار واسع للأمراض سكان غزة المیاه الملوثة الصرف الصحی سکان غزة بین سکان
إقرأ أيضاً:
حروب نتانياهو إلى متى وإلى أين تقود؟
يوم 18 مارس (آذار) الحالي، استأنفت إسرائيل فجأة الحرب في قطاع غزّة بقصف جوّي، معلنة بذلك رسمياً نهاية التزامها باتفاق الهدنة. مصادر إعلامية إسرائيلية ذكرت أن الهدف من القصف المفاجئ كان القضاء على الأحياء من قادة «حماس» العسكريين. الضربات الجوّية أدت إلى مقتل عدد من القادة غير العسكريين، وإلى أكثر من 500 مدني. استناداً إلى تصريح وزير الدفاع الإسرائيلي، تمَّ إبلاغ البيت الأبيض بالعملية مُسبقاً.
استئناف الحرب مجدداً يعني أن إسرائيل أدارت ظهرها إلى بنود اتفاق وقف إطلاق النار، برفضها الالتزام بتنفيذ المرحلة الثانية منه، القاضية بتسليم «حماس» الرهائن المتبقين لديها، وإفراج إسرائيل عن سجناء فلسطينيين وانسحاب كل قواتها من أراضي القطاع. وفي المقابل، عرض رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتانياهو على «حماس» التفاوض مجدداً، بهدف زيادة فترة الهدنة الحالية لأسابيع عدة، مقابل تسليم الحركة عدداً آخر من الرهائن.
قرار نتانياهو بالعودة إلى الحرب أبهج قادة أحزاب اليمين المتشدد في الائتلاف الحاكم، وفي الوقت ذاته أثار هلع أهالي الرهائن، خشية أن تؤدي الحرب إلى مقتلهم. وفي محاولة لطمأنة الأهالي، قال نتانياهو إن الحرب هي أفضل ضمان لعودة الرهائن. الحقائق الواقعية تؤكد أنّه خلال هدنة شهر نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 أطلقت «حماس» سراح 105 رهائن، و33 رهينة خلال الهدنة المنتهية.
قرار استئناف الحرب أثار غضب قادة أحزاب المعارضة، لافتين إلى أن القرار يخدم مصلحة نتانياهو الشخصية، بتمديد فترة بقائه في الحكم، خشية تعرضه للمساءلة القانونية، بسبب ما حدث يوم 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. قرار العودة إلى الحرب ضاعف كذلك من معاناة الفلسطينيين في القطاع.
كثير من المعلقين الغربيين تساءلوا عن جدوى لجوء إسرائيل إلى القصف الجوّي، في قطاع ليس فيه سوى الأنقاض والركام. ويرون أن العودة الإسرائيلية إلى ميادين القتال في غزّة ذات صلة بحسابات نتانياهو الشخصية، كما تعني رجحان كفة الضغوطات من قادة اليمين المتطرف في الائتلاف الحكومي. فهم كانوا منذ البداية ضد وقف إطلاق النار. والقبول بالاتفاق أدى إلى استقالة الوزير بن غفير من منصبه. كما هدّد وزير المالية كذلك بالاستقالة. ومطلبهم باستئناف الحرب بعد نهاية المرحلة الأولى كان شرطاً لبقائهم في الائتلاف الحاكم. البعض من المعلقين يشير إلى رغبة نتانياهو في إعادة تصميم شرق أوسط جديد، لا وجود فيه لتهديد إيراني لأمن إسرائيل، بعد عمليات القصف الجوي في سوريا.
خلال أسابيع الهدنة الأخيرة، عادت «حماس» إلى تجميع صفوفها في الساحة، وأعادت سيطرتها على القطاع، الأمر الذي يعني ضمنياً أن الحرب الإسرائيلية التي تواصلت ضدها مدة 15 شهراً، برّاً وبحراً وجواً، بهدف القضاء عليها، فشلت في تحقيق الهدف منها.
«حماس» رفضت دعوة نتانياهو، وبمباركة من الرئيس الأمريكي دونالد ترمب، إلى التفاوض مجدداً، مصرّة على تنفيذ بنود الاتفاق الموقّع. ورداً على ذلك، قطعت إسرائيل التيار الكهربائي عن القطاع، وأعقبت ذلك برفض دخول شحنات الإغاثة الإنسانية. إلا أن «حماس» قاومت الضغوط الإسرائيلية وأصرت على موقفها. فما كان من نتانياهو سوى تصعيد الضغوط بالقصف الجوي، وأعقبه بإرسال القوات الأرضية لإعادة احتلال القطاع. العودة إلى الحرب، تفتح الباب أمام السؤال: حروب نتانياهو إلى أين تقود؟ وإلى متى؟
الأجواء السياسية داخل إسرائيل لم تسلم هي الأخرى من التوتر. عودة القصف على القطاع أعادت مظاهرات الاحتجاج الشعبي في الميادين من قِبل أهالي الرهائن وأحزاب المعارضة ضد عودة الحرب، وضد رغبة نتانياهو والائتلاف الحاكم في الاستحواذ على مقاليد السلطة، عبر تهميش القضاء. آخر ما استجد على الساحة الإسرائيلية سياسياً تمثّل في موافقة الحكومة على طرد رئيس جهاز الاستخبارات الداخلية. أمر التخلص منه حمل توقيع نتانياهو، نظراً إلى انخراط الجهاز في عمليات تحقيق في قضايا فساد ورِشاً ضد عدد من مستشاري نتانياهو. المحكمة العليا الإسرائيلية زادتْ الطين بِلّة، بإصدار حكم يقضي بعدم قانونية قرار الحكومة بطرد رئيس الجهاز. لكن نتانياهو مصرٌّ على طرده، ولو أدى ذلك إلى تجاهل حكم المحكمة العليا؛ الأمر الذي زاد في إضرام نار الغضب الشعبي.
وتظل مهمة الإشارة إلى التوتر في الضفة الغربية، رغم الهدوء حالياً، وهو يشبه الهدوء الذي يسبق العاصفة. السبب تزايد أنشطة الحركة الاستيطانية اليهودية فيها، فقد ذكر تقرير صادر عن الأمم المتحدة هذا الشهر، تأسيس المستوطنين 50 مستوطنة جديدة، في الفترة ما بين شهر نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 وشهر أكتوبر (تشرين الأول) 2024، وهي فترة قصيرة زمنياً. وتمّ ذلك تحت أنظار الجيش الإسرائيلي وحراسته.