جنيف دعاية سياسية أم مخاطبة لقضايا الضحايا؟

العملية السياسية دون وقف الحرب ترف

وقف الحرب دون عملية سياسية أفق مسدود

ياسر عرمان

وقف وإنهاء الحرب مرحلتان مترابطتان ويشكلان معاً عملية  واحدة متكاملة وهو ما سيجري في جنيف وظللنا نتحدث  عنه اخذين من تجارب وقف وإنهاء الحروب في بلادنا وعالمنا الفسيح. التعامل مع قضية الحرب ومعالجتها بقدر ما هو معقد فهو بسيط مثل اي طبيب يجد شخص ينزف سيبدأ بوقف النزيف ثم التشخيص ومن ثم تحديد العلاج، وقف الحرب هو وقف للنزيف وإنهاء الحرب يتطلب التشخيص ومعرفة الاسباب ثم روشتة العلاج.

وقف الحرب هو مفتاح العملية السياسية ومحطتها الأولى والعملية السياسية دون وقف الحرب مجرد ترف، الغالبية الساحقة من الناس العاديين مصالحهم تكمن في وقف الحرب ومخاطبة الكارثة الإنسانية وفتح المسارات وايصال الإغاثة ووقف الانتهاكات وحماية المدنيين برقابة اقليمية ودولية. ومن تجاربنا الطويلة انحزنا لقضية وقف الحرب كشرط لانجاح العملية السياسية، قبل مناقشة الحقوق المدنية لابد من توفير الحقوق الطبيعية وعلى رأسها حق الحياة، فالإنسانية والإغاثة قبل السياسة والحقوق الطبيعية قبل المدنية كما ان أوليات الملايين الآن قد تراجعت إلى حقهم في الامن والطعام والسكن قبل أي حقوق أخرى.

وقف الحرب أولاً وفي عملية متكاملة ومترابطة وحزمة واحدة توقف النزيف وتخاطب ملايين الضحايا والمتضررين من الحرب وتعد المدخل الصحيح للعملية السياسية التي تخاطب انهاء الحرب ومخاطبة الجذور التاريخية للحروب في السودان والوصول لمشروع وطني وعقد اجتماعي جديد بموجبه يتم تأسيس الدولة واكمال الثورة.

أهم قضية في العملية السياسية هي بناء القطاع الأمني وفي مقدمتها بناء جيش مهني واحد وبناء المنظومة العدلية التي تحقق العدل، دون ذلك لا يمكن الوصول للاستقرار والديمقراطية أو التنمية، قضية المواطنة بلا تمييز هي اهم القضايا المنسية في سودان جوهره التنوع وأي مشروع وطني جديد لابد ان يستند على مخاطبة قضايا ملايين السودانيات والسودانيين في الريف الذين غاب وجهه المنتج فأنتج ملايين المهمشين وأنتج الحروب وهدّد أمن المدينة، ولابد من تنمية تربط عضوياً بين الريف والمدينة ولمصلحة المهمشين في كليهما، وقضايا العدالة والمحاسبة ازدادت أهميتها بعد هذه الحرب، كما يجب ان تخاطب العملية السياسية إقامة نظام حكم مدني ديمقراطي انتقالي بعيداً عن الشراكة المشوه مع العسكريين.

أخيراً يعد اجتماع جنيف في ١٤ أغسطس القادم هو أهم حدث لوقف الحرب منذ  اندلاعها في ١٥ أبريل ٢٠٢٣ سيما انه ينعقد على خلفية المجاعة التي سببتها الحرب والامطار والسيول والفيضانات التي تهدد مناطق واسعة. علينا ان نبتعد به عن الدعاية السياسية وان لا يكون مباراة لإحراز الأهداف في مرمى الخصم أو مجرد مناسبة لتسجيل النقاط بل يجب حشد الطاقات للتوصل لتفاهمات حقيقية بين طرفي الحرب لوقفها ومخاطبة الكارثة الانسانية وحماية المدنيين بآليات رقابة على الأرض دون الدخول في لجة الاتهامات العقيمة، هذا يحتاج لوسطاء وخبراء متمرسين يفكرون خارج الصندوق وذوي قدرة على توليد الحلول وتجسير الهوة والمسافة بين الطرفين. ان اجتماع جنيف يجب ان يشكل انتصارًا للضحايا وللشعب وللسودان ولطرفي الحرب الذين يجب يتمتعا بارادة بينة وقاطعة.

وقف الحرب سيفتح الطريق إلى عملية سياسية ذات مصداقية لانهاء الحرب ومن المعلوم ان اتفاق وقف إطلاق النار أو وقف العدائيات الإنساني إذا اردنا الدقة لا يشكل اتفاق سلام بل يعمل على تهيئة المناخ لعملية سياسية متكاملة لبناء سودان جديد، ووقف الحرب دون التوصل إلى إنهائها ما هو إلا أفق مسدود.

 

الوسومالعملية السياسية في السودان مفاوضات جنيف وقف الحرب

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: العملية السياسية في السودان مفاوضات جنيف وقف الحرب

إقرأ أيضاً:

أستاذ علوم سياسية: نتنياهو يرى استمرار الحرب طوق نجاة له

قال الدكتور أيمن الرقب، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس، إن ما يشهده قطاع غزة عبارة عن مأساة بكل معنى الكلمة والأرقام مرعبة، مشيرا إلى أن عدد الشهداء وصل إلى 41 ألف، والمفقودين 20 ألف تحت الأنقاض، وتنتشر داخل القطاع الأوبئة والأمراض بشكل كبير، وهناك نقص في التغذية يؤدي إلى حالة من فقدان المناعة.

محكمة العدل عجزت عن التحقيق في الحرب 

وأضاف «الرقب»، خلال مداخلة هاتفية عبر قناة «إكسترا نيوز»، أن محكمة العدل الدولية عجزت على مدار 10 أشهر من الحرب، عن إصدار حكم أو التحقيق في حرب الإبادة الجماعية التي تحدث الآن، وهذا ما يجعل الاحتلال الإسرائيلي يزيد من الدم والقتل والعدوان على قطاع غزة، ونرى هذا من خلال انتقال ما يحدث في غزة إلى الضفة الغربية من عمليات قتل بشكل يومي.

وتابع: «رئيس وزراء دولة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، يرى أن استمرار الحرب هو طوق نجاة له، واستمرار القتل والعنف بالشعب الفلسطيني، قد يعيده مرة أخرى إلى أمله، بأن يكون رئيسا للحكومة المقبلة داخل دولة الاحتلال».

مقالات مشابهة

  • لابيد: وقف الحرب هو مصلحة سياسية وأمنية لإسرائيل
  • اتفاقية جنيف في السرايا...تحييد المدنيين أولوية
  • انطلاق الدورة الـ57 لمجلس حقوق الإنسان في جنيف
  • افتتاح الدورة الـ57 لمجلس حقوق الإنسان في جنيف
  • “اللافي” يبحث مع “خوري” مستجدات العملية السياسية في ليبيا
  • أبو عبيدة يعلق على العملية البطولية التي نفذها المواطن الأردني وأسفرت عن مقتل ثلاثة صهاينة
  • باحثة سياسية: عملية إطلاق النار عند معبر الكرامة لها تداعيات سلبية كثيرة
  • أستاذ علوم سياسية: إسرائيل السبب الرئيسي للأزمات التي تشهدها المنطقة (فيديو)
  • «اللافي» يبحث مع «خوري» مستجدات العملية السياسية
  • أستاذ علوم سياسية: نتنياهو يرى استمرار الحرب طوق نجاة له