الجمعة, 12 يوليو 2024 2:24 م

منذ أن أسقط الماسوني مصطفى كمال اتاتورك بقية ما سمي تلفيقا باسم الخلافة الاسلامية ( وهي ليست خلافة إسلامية وانما سلطنة عثما
نية) سنة 1924, والامة في شقيها الاسلامي والعربي تعاني من أزمات نشوء المجتمعات الجديدة الخارجة من نار الظلم العثماني بشقيه التركي المسلم والتركي الطوراني قبل وبعد 1908, ومن ازمات نشوء الدول الوطنية والقطرية والمشاريع الوحدوية والانفصالية .

وزاد قادة الحقبة الاستعمارية من انكليز وفرنسيين وايطاليين وهولنديين واسبان من تلك الازمات مثلما زادتها ازمات اخرى كتحولات القارة الهندية وبقايا الامبرطوريات الفارسية بكل دولها القديمة والحديثة ..
ولقد كان الاسلام هو المستهدف بصنع الازمات في وجه توجهه وفي وجهته , حتى كان صنع اسرائيل في يوم الناس ذلك مقدمة لصنع هذا الانفصام الحضاري بين نتائج تلك الازمات بين كل من
– الشعوب وحكامها
– الجمهوريات والملكيات
– السياسات والتوجهات
– الشيوعية والتغريب
– القومية والوطنية
– الدكتاتورية والحرية
وكلها ثنائيات جعلت من الحضارة الاسلامية العربية حضارة مأزومة بأزمات :
الوجود الاسلامي
– الوجود العربي
– الوجود الوظيفي
– الوجود الفعلي
وهذا كله جعلنا نجد ان الصراع بين الثنائيات المنقسمة اجتماعيا وسياسيا واقتصاديا وقوميا ووطنيا كان ولا يزال صراعاً بين ثنائيتين :
– أهل الاسلام
– أعداء الاسلام وأهله
فأهل الاسلام من حزبيين وغير حزبيين واجهتهم اشكالية الوجود الاسلامي والعربي الموازي نفسه في تحولات ما بعد 1924 ..
واعداء الاسلام واهله واجهتهم امة ضعيفة دب إليها داء الأمم من قبلها في الحسد والتباغض والاختلاف والتفرق الى شيع واحزاب .
ومن ثم فإن كل تقسيم سياسي وحضاري قام به الغرب المستعمر صار أمراً واقعاً مقبولاً لدى الامة في ذاتها وصفاتها ..
وصارت الدولة القطرية الوطنية المحدودة بالحدود الجديدة بإرادة كوكس وأمثال كوكس وكورنواليس والمس بل وسايكس وبيكو هي البديل عن دار الاسلام التي كانت قيمة حضارية , فتحولت الى قيمةٍ تاريخيةٍ تشبهُ في التمجدِ بها معلقة عمرو بن كلثوم التي تخر فيها الجبابر سجدا للصبي الفطيم ..
وكان ذلك كذلك .
ومن ثم فإن الصراع الحضاري الذي مر في الأربعينات والخمسينات والستينات بين الحكام مدعومين بالسفارات الغربية , وبين المحكومين مدعومين بفكر مستورد شيوعي او تغريبي او قومي او إسلامي منتزع من حقائق الإسلام قسراً تحول في السبعينات وبخاصة في نهايتها الى صراع الوجود الذي واجهته الأمة من كشمير وأفغانستان إلى الحرب العراقية الإيرانية والحرب اللبنانية الى مشكلة الصحراء الغربية الى وجود الامة في منافي الشرق والغرب لأن بعض أبناءِ الأمة عارضوا ,مجرد معارضة, فراعين الأمة وطواغيتها الذين قالوا للناس جميعا حقيقة ومجازا بلسان فرعون :
( أنا ربكم الأعلى ) !!
ولكن وسط الشيوعيةِ والتغريبيةِ والقوميةِ فان الإسلاميين في الثمانينات والتسعينات حتى 2001 كانوا يواجهون الأزمات القديمة التي صارت أزمات قديمة جديدة
– أزمات تحولات العصر
– أزمات نهاية الحرب الباردة وتحولهم الى البديل عن الخطر الاحمر حيث صار الخطر اسلاميا اخضرا
– أزمات انقسام الامة الذاتي والصفاتي
– أزمات الارهاب الذي خرج من مصر وافغانستان ومن حشوية بعض السلفيين امثال جهيمان العتيبي ومن تلا جهيمان العتيبي
– أزمات تحول اميركا نحو الإسلاميين لتخترقهم وتصيبهم في مقتل
وكانت الازمة الكبرى ما جرى في 11 ايلول 2001 التي جرت من بعدها ازمات احتلال افغانستان والعراق .. وما جرى من هبوط الإسلاميين بعد احتلال البلدين قبل السياسة وبعدها .
وفي الفترة التي اوصلتنا الى الربيع العربي المزعوم, وإنما هو صيفٌ لاهبٌ بوجهِ حضارة الأمة , أصاب الإسلاميين ولا يزال يصيبهم في مقتل , فإن الإسلاميين والصراع الحضاري واجهوا التحولات التي قادتها أميركا والغرب بعد أزمات سياسية واقتصادية وثقافية وقومية ..
فكان الصراع الحضاري صراع أدوات الوجود والبَقاء بين الإسلاميين المتحزبين والإسلاميين غير المتحزبين , وبين التغريبيين واليساريين والمتأمركين وحتى المتصهينين من دعاة التطبيع من الصهاينة ..
وما جرى في تونس ومصر وليبيا واليمن وسوريا بعض شواهد ذلك ..
ونتائج الانتخابات وتحولات الرئاسة وتوقع ما بعد الحدث الواقع والذي لا يزال يقع شواهد على ان الصراع بين الإسلاميين وبين الغرب , وبين مجتمعات مأزومة , وبين مراكز فكر تغريبي ظاهرة وخفية , وبين فساد قديم وجديد للنخب القديمة التي لبست كل الاثواب وبضمن ما لبسته اثواب الإسلاميين هو صراع سيتحول وفق كل قواعد الاستشراف السياسي الى صراع وجود بين الإسلاميين وحضارتهم والسياسة والمجتمع وحتى الاقتصاد .
وفي كل الحالات سواء أرَبحَ الإسلاميون أم خسِروا البرلمانات والرئاسات فإنهُم سَيحملون عبء الصراع الحضاري نفسه .. واي عبءٍ عبءُ تحمل الإسلاميين للصراع الحضاري
في مرحلة الليالي فيها حبالى يلدن كل عجيب ..

الدكتور محمود المشهداني

المصدر: المركز الخبري الوطني

إقرأ أيضاً:

وزير الأوقاف من زغرب: مصر حريصة على ترسيخ التعاون الحضاري والديني

في زيارة رسمية تستمر ليومين، وصل الدكتور أسامة الأزهري، وزير الأوقاف، إلى العاصمة الكرواتية زغرب، للمشاركة في فعاليات مؤتمر دولي بعنوان "العلم والدين والذكاء الاصطناعي: الجوانب الأخلاقية – التآزر لا الشك"، والذي تنظمه المشيخة الإسلامية في كرواتيا بالتعاون مع مؤسسات علمية ودينية مرموقة على مستوى أوروبا والبلقان.

وكان في استقبال الوزير لدى وصوله مطار زغرب السفير عصام بدران، القائم بأعمال السفارة المصرية في كرواتيا، وسماحة مفتي كرواتيا الدكتور عزيز حسانوفيتش. وأعرب الدكتور الأزهري عن خالص امتنانه للسفارة المصرية على الجهود المتميزة في الترتيب لهذه الزيارة، مؤكدًا أن المشاركة في مثل هذه الفعاليات تمثل امتدادًا طبيعيًا لدور مصر الحضاري وأزهرها الشريف في ترسيخ قيم الاعتدال والانفتاح والتعاون عبر العالم.

كما ثمّن الوزير جهود المشيخة الإسلامية في كرواتيا، مشيرًا إلى أن حياة المسلمين هناك تعد نموذجًا راقيًا في الالتزام بقيم التعايش والمواطنة واحترام القانون، في ظل بيئة داعمة من الدولة الكرواتية التي تكفل حرية العقيدة وتنظم الشؤون الدينية وفق مبادئ الاحترام والمساواة.

وأشاد الوزير بحرص المؤتمر على طرح قضايا عصرية تمس صميم العلاقة بين الدين والعلم، لافتًا إلى أن الذكاء الاصطناعي يمثل أحد أبرز التحديات الأخلاقية المعاصرة، وأن الدين قادر – إذا فُهِم فهمًا سليمًا – على تقديم أطر واضحة لضمان التوازن بين التقدم العلمي وحفظ كرامة الإنسان والبيئة.

ومن المنتظر أن يُلقي الدكتور الأزهري كلمة في الجلسة الافتتاحية يتناول فيها الرؤية الإسلامية الشاملة للعلم، مؤكدًا على مركزية الأخلاق في تحصيل المعرفة، وأهمية توجيه التكنولوجيا الحديثة لما فيه خير البشرية، بعيدًا عن الاستخدامات التي تخل بكرامة الإنسان أو تضر بالنظام البيئي.

وتأتي هذه المشاركة لتؤكد على الحضور الفاعل للمؤسسات الدينية المصرية في المحافل الدولية، وعلى حرص وزارة الأوقاف على بناء جسور التواصل مع المسلمين في الخارج وتعزيز الشراكات الثقافية والدينية العابرة للحدود.

مقالات مشابهة

  • الاقتصاد الإيراني يواجه ثلاث أزمات اجتماعية كبرى تهدده مستقبل
  • وزير الأوقاف من زغرب: مصر حريصة على ترسيخ التعاون الحضاري والديني
  • عباس: حرب الإبادة الجماعية نكبة جديدة تهدد الوجود الفلسطيني
  • أبو الغيط: 50 ألف شهيد في غزة والوضع العربي يواجه أزمات غير مسبوقة
  • التيار ومعركة الوجود في الاستحقاق البلدي تفاديا لهزائم لاحقة
  • الإسلام السياسي يعيد تسويق مشروعه على جثث الغزيين
  • عُمان.. الشريك الحضاري الموثوق
  • العبودية الطوعية في الإسلام السياسي: قراءة في فلسفة الهيمنة
  • وفاء عامر تعلن تبرع متابع بـ صدقة جارية لـ سليمان عيد: ماذا بينك وبين الله
  • تقليص الوجود الأمريكي في سوريا.. قراءة في تفاهمات غير معلنة