جريدة الرؤية العمانية:
2025-03-31@15:51:39 GMT

عبدة العجل الذهبي

تاريخ النشر: 11th, August 2024 GMT

عبدة العجل الذهبي

 

الطليعة الشحرية

 

يُستخدم مصطلح "البجعة السوداء" لوصف الحوادث الاقتصادية والسياسية والاجتماعية التي لا يُمكن تجنبها ويصعُب التنبؤ بها، وهي نظرية وضعها نسيم نيكولاس طالب، مُؤلف نظرية البجعة السوداء، وقد سبب فشل الخبراء في ملاحظة وجود خلل فشلاً في تقييم الأحداث وتداعيتها وتأثيراتها المُباشرة وغير المُباشرة.

وبعبارة أخرى، أن سياسية المكيالين التي يستخدمها النظام الغربي والأمريكي بتجريم الهولوكوست والدعم غير المشروط للكيان المحتل في ارتكاب المجازر ما هو إلا مجموعة من "البجعات السوداء". 

قُلبت الصورة التي يرى بها الغرب للعالم الحر العادل رأسًا على عقب، مما يثبت أنَّ كل شيء يقوم على اعتقاد الحريات والعدالة غير موثوق به، بل وحتى وهمي.

تجعلنا نظرية البجعة السوداء نبني تنبؤات بناءً على الأحداث التاريخية، لذلك قد يكون من المستحيل توقع حدث جديد تمامًا عندما لا تكون هناك خبرة سابقة تجعلنا نتنبأ بها. والتاريخ يقول إنَّ من عبدوا العجل وسيدنا موسى بينهم كيف يوثق بمساعيهم للسلام في المنطقة وشرعية الدفاع عن النفس المزعومة والتي تشرعها أمريكا. سيدة العالم الحديث مالكة القوة المطلقة الولايات المتحدة الأمريكية تدعم وتشرع مرتكبي الإبادة الجامعية وتساعد النازيين الجُدد على ارتكاب هولوكوست جديدة. فضح تقرير "مرحبًا بكم في الجحيم" المؤلف من 118 صفحة، الانتهاكات المنهجية التي يتعرض لها الفلسطينيون في معسكرات التعذيب الإسرائيلية. ولا يزال يتداول إلى الآن مطالب الإسرائيليين للسماح لهم باغتصاب الأسرى. ولا نرى منظمات حقوقية ولا حكومات تنضم إلى الدعوة القضائية التي رفعتها جنوب أفريقيا، وكأنَّ العالم مغتصبٌ حرياته.

"العالم القديم يحتضر، والعالم الجديد يتأخر في الولادة وما بين العتمة والضوء تظهر الوحوش".. قد تتجلى مقولة الفيلسوف الإيطالي أنطونيو غرامشي مستقبلًا، بصعود وتشكل الجامعات والحركات المُسلحة.

ستترك السياسة الصليبية الصهيونية الأمريكية خلفها عالمًا مضطربًا تحكُمه الوحوش تسوق البشرية إلى أبشع حرب كونية، وما نعيشه اليوم من سنوات عصيبة وانحرافات غير مُتوقعة أشبه بأسراب البجع الأسود، وهي فترة مخاض عالمي يخرج فيه الوحوش والمرتزقة وتصعد الحركات المُسلحة وتنتهي بولادة نظام جديد يرسمه الأقوى.

دين الساسة والنخب السياسية الغربية- إن جاز التعبير- عبادة عجل القوة والمادة، ومن سار على منهج القوة الأحادية القطب أكل الفتات وعاش وسلم منزوع الشرف، ومن رفض أن يرقص كالعجل على أنغام السامري عوقب وحُوصر اقتصاديًا وحُرم تكنولوجيًا، وستزرع أمريكا الفوضى في جميع أنحاء العالم، وحروب بلا نهاية ستُشعل الجبهات، لتحتفظ هي بالمركز الأول. لكن أمريكا تفشل بخبرائها في قراءة تاريخ المنطقة وحضارة الشعوب. نعم قد تجتاح أمريكا العراق وتُسقط تماثيل وتصنع التحرير الوهمي وتؤسس ديمقراطية مُزيفة وتصنع ساسة من الدمى المتحركة وتغفل أن شعبًا أعاد بناء هويته وذاته بعد اجتياح المغول ليس بالعسير عليه أن يُعيد أمجاده ولن يقبل بشرف منقوص.

عندما يقوم الكيان اللقيط باغتيال إسماعيل هنية في إيران وتُسارع أمريكا إلى نفي معرفتها المُسبقة عن العملية، فهل يعني ذلك أن إسرائيل لا يهمها رأي حليفتها وحاميتها، أم أن الكيان هو العجل والجميع عبدة له؟

ووضع إيران في زاوية ومحاولة سحبها إلى حرب، باءت بالفشل، وأدركت الحكومة الإيرانية الموضوع بحكمة بالغة تتفق مع إرث تاريخي وحضاري عميق يتسم بالذكاء والتروّي. كل ما تفعله إيران هو تعرية لداخل إسرائيل المخترق وحرق أعصاب المترقبين للرد، ونتائج التأخير ستكون مبهرة. فعلى الصعيد الداخلي للكيان المحتل كل تأخير يعني ضغطًا عصبيًا ونفسيًا على حكومة نتنياهو، وعلى المستوى العالمي انهيار في الأسواق العالمي وخسائر بالجملة. فقد قدرت خسائر الشركات الأمريكية الكبرى بـ2 ترليون دولار، في الأيام الماضية. وبطغيان اللون الأحمر على الأسواق العالمية وزيادة التخبط والتراجع في البورصات العالمية وهروب المستثمرين من السندات الأمريكية إلى الين الياباني والفرنك السويسري باعتبارهما ملاذات آمنة، والهروب الأكبر سيكون من أسهم التكنولوجيا في الولايات المتحدة ومن أسهم البنوك في أوروبا.

وإذا حاولنا قراءة المستقبل من خلال أعين التاريخ، سنرى أنَّ الهزيمة في الحرب العالمية الأولى انتهت بمعاهدة فرساي، والتي نصت على الاعتراف الألماني بالمسؤولية الكاملةِ عنِ الحرب، وتبع ذلك أزمة الكساد الاقتصادي. وتسبب الكساد الاقتصادي والمعاهدات المُجحفة في ظهور توجه يُهاجم ويتهم الديمقراطيين الاشتراكيين وحكومة ألمانيا ببيع ألمانيا والتنازل عن الكرامة الوطنية. هذه الأحداث أدت إلى ظهور توجهات تدعو إلى ضرورة وجود حزب يعمل على اتحاد العمال، ورفع الاقتصاد من كبوته ورفع نسبة الشعور والانتماء الوطني للشعب الألماني، بعدما أحبطته هزيمة الحرب العالمية الأولى، ومن هنا بدأ تشكل النواة الأولى للفكر العمالي الاشتراكي الألماني. وتمحور فكر هذا التيار على العنصرية والتشدد ضد الأعراق الأخرى، وكذلك على عُلو أجناس بشرية معينة على أجناس أخرى. وآمنت بقمع وحتى بإبادة الأعراق الدنيا، وبالمقابل الحفاظ على «طُهر» الأعراق "العُليا". ولا يختلف أبناء السامري وعبدة العجل في النهج الحالي من مؤازرة سياسة التطهير العرقي والإبادة الجماعية الممنهجة التي يستخدمها الكيان اللقيط ولا الشعب الجبان الذي يطالب باغتصاب الأسرى.

تدعم الحكومة الأمريكية كل تلك الممارسات الفاحشة والبشعة ولا تتوانى عن دعم الكيان بالذخائر والأسلحة النوعية لارتكاب المذابح ضد المدنيين العزل والأطفال. وإذا كانت الولايات المتحدة الأمريكية تدعم النازية الجديدة والعنصرية القومية وتعادي وتسمح بارتكاب المذابح، فأي حق تمتلكه الولايات المتحدة في المطالبة بتحقيق العادلة وحماية الحريات الإنسانية؟

كل ما تفعله السياسة الغربية وعبدة عجل القوة المُطلقة يُهدد بتغييرات وانحرافات خطيرة، قد تنتشر على إثره جماعات مسلحة تمارس العنصرية والتشدد ذاتها على الأفراد بناءً على لونهم ومعتقدهم.

وبدأت بوادره في الجنون الذي اجتاح بريطانيا ودعوات اليمين المتطرف إلى تقويض وطرد اللاجئين وبالأخص المُسلمين بدعوة أن الكل يدعم حماس. ولن يكتوي بالنار المسلمون فقط؛ بل سينساق معهم تشكيل جماعات أخرى تتبنى ذات المعتقد القومي والعنصري وتعادي الأجانب وكل ما هو أبيض. وبانتشار مثل تلك التيارات في دول كثيرة ستنقرض مجتمعات ويسهل استباحة حرمات الأفراد بناءً على لونهم أو معتقدهم.

يدعم الغرب منهجية النازيين الجُدد القائمة على القومية والعرقية العنصرية؛ لأن السياسة والتحالفات تتم بناءً على المصالح ولا مجال فيها لقواعد إنسانية أو أخلاقية. لذا سيدعم أي تيار، مهما كان سيئًا في أي بلد ما دام يخدم السياسات الغربية في استنزاف الثروات. لذا نجد دعمًا غربيًا لكتيبة "آزوف"، وهي وحدة يمينية متطرفة تشكل جزءًا من الحرس الوطني الأوكراني، وهذا يساعد في تحقيق الهدف الغربي بالحد من الطموحات الروسية بالعودة للساحة الدولية كقوة عظمى وكمنافس للولايات المتحدة وحليفاتها والتي تتفرد بالسيطرة على العالم.

اتَّبعت الولايات المتحدة ذات النهج، فقد كانت الداعم الأكبر لتنظيم القاعدة في أفغانستان خلال فترة الحرب الأفغانية السوفييتية. وانقلبت عليهم وتبنت نهجًا معاكسًا بعد انسحاب الاتحاد السوفييتي من أفغانستان؛ بل بدأت حربًا شعواءً على كل ما هو إسلامي. إنه دين العجل، ومذهبه النفاق السياسي، ومنطقه القوة والمصلحة، وتعاود السياسات الغربية ذات النفاق والمنطق وتُشيْطِن إيران تارة، وتتلاعب بالمذهبية والطائفية تارة أخرى.

منطق القوة المادية وسياسات النفاق ودين العجل الذي تدين به النخب السياسية، سيدعم من يتوافق مع مصالحه ويقبل باغتصاب جنود الاحتلال للأسرى الفلسطينيين، وقنص الأطفال وتجويع العُزل، ويحارب من يرفض أن يخالفه، ولن يجد غضاضة في مُعاداة حلفائه السابقين ويُصادق أعداء الأمس، ما دام كل ذلك يتماشى مع مصالحه الاقتصادية ولا يُقوِّض عنجهيته في فرض السيطرة على العالم.. لا نستغرب لماذا خُصص للمنافقين، الدرك الأسفل من النار!

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

أمريكا توقف مساهماتها المالية في منظمة التجارة العالمية

 

 

جنيف- رويترز

أفادت ثلاثة مصادر تجارية لرويترز بأن الولايات المتحدة أوقفت مساهماتها في منظمة التجارة العالمية، في الوقت الذي تُكثف فيه إدارة الرئيس دونالد ترامب جهودها لخفض الإنفاق الحكومي.

وتنسحب إدارة ترامب من دعم مؤسسات عالمية مشيرة إلى أن الدعم يتعارض مع سياساتها الاقتصادية القائمة على مبدأ "أمريكا أولا". وتخطط للانسحاب من بعضها، مثل منظمة الصحة العالمية، كما خفضت مساهماتها في مؤسسات أخرى في إطار مراجعة شاملة للإنفاق الاتحادي.

وتأثرت منظمة التجارة بالفعل بقرار أمريكي في 2019، خلال ولاية ترامب الأولى، بمنع تعيين قضاة جدد في أعلى محكمة استئناف بها، مما أدى إلى تعطل نظامها الرئيسي لتسوية النزاعات جزئيا. وكانت واشنطن قد اتهمت هيئة الاستئناف التابعة لمنظمة التجارة بتجاوز صلاحياتها في النزاعات التجارية.

وبلغت الميزانية السنوية للمنظمة، التي تتخذ من جنيف مقرا لها، 205 ملايين فرنك سويسري (232.06 مليون دولار) في 2024. وكان من المقرر أن تساهم الولايات المتحدة بنحو 11 بالمئة من هذه الميزانية بناء على نظام رسوم يتناسب مع حصتها في التجارة العالمية، وذلك وفقا لوثائق عامة لمنظمة التجارة العالمية.

وقال مصدران مطلعان إن مندوبا أمريكيا أبلغ اجتماعا للمنظمة بشأن الميزانية في الرابع من مارس آذار بأن مدفوعات واشنطن لميزانيتي 2024 و2025 مُعلقة ريثما تُراجع مساهماتها في المنظمات الدولية وأنه سيُبلغ المنظمة بالنتيجة، لكن لم يحدد تاريخا.

وأكد مصدر تجاري ثالث رواية المصدرين، وقال إن منظمة التجارة تدرس "خطة بديلة" في حال توقف التمويل لفترة طويلة، دون الخوض في تفاصيل.

وطلبت المصادر الثلاثة عدم نشر أسمائها نظرا لأن اجتماع الميزانية كان خاصا ولم يُعلن رسميا عن توقف التمويل الأمريكي. ولم يُرد البيت الأبيض حتى الآن على طلبات للتعليق.

وقال متحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية إن ترامب وقع الشهر الماضي أمرا تنفيذيا يوجه وزير الخارجية ماركو روبيو بإعادة النظر بشأن جميع المنظمات الدولية التي لدى الولايات المتحدة عضوية فيها خلال 180 يوما "لتحديد ما إذا كانت تتعارض مع المصالح الأمريكية". وأضاف "يخضع تمويل منظمة التجارة العالمية، إلى جانب منظمات دولية أخرى، للمراجعة حاليا".

وقال مسؤول من مكتب الممثل التجاري الأمريكي اليوم الجمعة إن وزير الخارجية يجري "مراجعة عامة لتمويل الولايات المتحدة لجميع المنظمات الدولية.... مكتب الممثل التجاري الأمريكي ينسق مع وزارة الخارجية فيما يتعلق بمنظمة التجارة العالمية".

وقال إسماعيل ديانج المتحدث باسم منظمة التجارة إن مساهمات الولايات المتحدة كانت في طريقها، لكنها "علقت بسبب توقف جميع المدفوعات للوكالات الدولية".

وأضاف "بشكل عام، يمكن للمتأخرات أن تؤثر على القدرة التشغيلية لأمانة منظمة التجارة العالمية. لكن الأمانة تواصل إدارة مواردها بحكمة، ولديها خطط جاهزة لتمكينها من العمل في ظل القيود المالية التي تفرضها أي متأخرات".

وحتى نهاية ديسمبر 2024، بلغت متأخرات الولايات المتحدة 22.7 مليون فرنك سويسري (25.70 مليون دولار)، وفقا لوثيقة لمنظمة التجارة العالمية حصلت عليها رويترز، مصنفة أنها "سرية" بتاريخ 21 فبراير.

وبموجب قواعد منظمة التجارة العالمية، يخضع أي عضو يتخلف عن سداد مستحقاته لأكثر من عام "لإجراءات إدارية"، وهي سلسلة من الخطوات العقابية التي تزداد صرامة كلما طالت مدة عدم سداد الرسوم.

وأكد اثنان من المصادر التجارية لرويترز أن تصنيف الولايات المتحدة الآن يجعل ممثليها غير قادرين على رئاسة هيئات المنظمة أو استلام وثائق رسمية.

ولم يتسن لرويترز التأكد بعد مما إذا كانت المنظمة تطبق هذه الإجراءات بالفعل على الولايات المتحدة.

مقالات مشابهة

  • إيران تكشف عن القاعدة العسكرية التي ستضربها في حال تعرضها لهجوم أميركي
  • أمريكا تشن حرباً على الألوان الصناعية في الأغذية والمشروبات
  • ترامب لا يستبعد استخدام القوة العسكرية لضم غرينلاند
  • السياسة الأمريكية تجاه السودان: من صراعات الماضي إلى حسابات الجمهوريين الباردة
  • نيويورك تايمز: أمريكا غارقة في حالة ضارة من الهوس بنظريات المؤامرة
  • أمريكا توقف مساهماتها المالية في منظمة التجارة العالمية
  • أخبار العالم | أمريكا تطالب لبنان بنزع سلاح حزب الله .. ترامب يتوعد إيران بعواقب وخيمة.. والأمم المتحدة تدعو إلى إنهاء الحرب في أوكرانيا
  • نائب ترامب من القاعدة الأمريكية في غرينلاند يوضح رأيه في استخدام القوة العسكرية لضمها
  • الناتو بدون أمريكا.. أزمة غير مسبوقة
  • استطلاع: 57 بالمئة من الفرنسيين على استعداد لمقاطعة السلع والخدمات الأمريكية