المدرسة الأشرفية، وتسمى أيضا المدرسة السلطانية، من أجمل وأهم المدارس في المسجد الأقصى، ومن أشهر مدارس مدينة القدس وأضخمها، إن لم تكن أشهرها قاطبة.

وتشتهر المدرسة الأشرفية بكونها أفخم مدارس بيت المقدس من الناحيتين المعمارية والفنية، وأهمها من الناحية العلمية. وصفها مجير الدين الحنبلي بأدق التفاصيل في كتابه "الأنس الجليل"، واعتبرها "الجوهرة الثالثة" في المسجد الأقصى.

والجواهر الثلاث التي يقصدها الحنبلي هي قبة الصخرة المشرفة، والجامع القبلي والمدرسة الأشرفية.

الموقع

مساحتها تتجاوز الرواق شرقا، داخلة في ساحات المسجد الأقصى، لأنه لم تكن هناك مساحة للبناء.

فهي تقع في الجهة الغربية من المسجد الأقصى بين المدرسة العثمانية شمالا ومئذنة باب السلسلة والمدرسة التنكزية جنوبا، والمدرسة البلدية خلفها، على عكس المدارس الأخرى الموجودة على حدود الأروقة.

التسمية

سميت نسبة إلى بانيها السلطان الأشرف قايتباي، والذي هديت إليه لما توفي الملك الظاهر بيبرس لم يكن بناؤها قد اكتمل.

ولم يعجب السلطان الأشرف بناء المدرسة فهدمها وأعاد بناءها، ونسبت إليه فسماها "الأشرفية"، ووفر لها مشايخ وفقهاء ومدرسين للتعاليم الصوفية.

المدرسة الأشرفية تشتهر بكونها أفخم مدارس بيت المقدس من الناحيتين المعمارية والفنية (شترستوك) التاريخ

يرجع تاريخ المدرسة الأشرفية إلى العصر المملوكي، وحينما زار قايتباي القدس في سنة 1474م رأى المدرسة، ولم تعجبه وأمر بهدمها وتوسيعها سنة 1479م، وبدأ بحفر الأساس للمدرسة الموجودة عام 1480م وأعاد بناءها.

وعمل على ظاهرها الرصاص المحكم كظاهر المسجد الأقصى، وتولى عمارتها القاضي فخر الدين بن نسيبة الخزرجي، فجاءت آية في الإبداع.

في سنة 1978 أعادت دائرة الأوقاف الإسلامية افتتاح مكتبة المسجد الأقصى بالطابق السفلي من المدرسة مع جامع الحنابلة، الذي أصبح مركزا لترميم مخطوطات المسجد الأقصى.

التصميم

تتألف المدرسة الأشرفية من طبقتين، واحدة علوية وأخرى سفلية، ولعلها آخر المدارس الإسلامية الفخمة التي أنشئت على هذا الطراز في بيت المقدس، وكانت أعلى مدارس المسجد الأقصى.

بقي الطابق العلوي للمدرسة حتى بداية القرن الـ19، كما بقيت منها بعض الجدران، ومدخلها الجميل الذي يدخل منه المؤذن ليؤذن من على المئذنة الواقعة في زاويتها الجنوبية الشرقية.

وبجانب مدخلها من الشمال غرفة كبيرة كانت جامع الحنابلة، وكانت تدعى "الجامع السلطاني"، وأصبحت فيما بعد مخزنا للشمع والزيت والحصر وأدوات المسجد الأخرى.

وتوجد على الجدار الباقي من جدرانها الكلمات الآتية منقوشة بالنسخ المملوكي بأحرف كبيرة "أمر بإنشاء هذه المدرسة الشريفة مولانا السلطان الملك الأشرف أبو النصر قايتباي عز نصره، بتاريخ مستهل شهر ربيع الأول سنة خمس وسبعين وثمان مائة. وذلك في أيام المعز الأشرف الناصري سيدي محمد الخازندار ناظر الحرمين الشريفين عظم الله شأنه".

المدرسة الأشرفية يرجع تاريخها إلى العصر المملوكي (الصحافة الفلسطينية)

وعلى جانب آخر من الجدار نفسه، نقشت الكلمات التالية "أمر بإنشاء هذه المدرسة المباركة الإمام الأعظم والملك المكرم السلطان الملك الأشرف أبو النصر قايتباي عز نصره، فكان الفراغ من ذلك في شهر رجب سنة 887هـ".

وصفها النابلسي بعد زيارته لها، فكتب "رأينا بابا مرتفعا عظيما مصنوعا من الأحجار المنحوتة الملونة المحفورة، وعليه رواق المدرسة مبنيّ بالأعمدة الرخام والأحجار الكبار العظام، والعقد المبني العالي، صعدنا نحو 50 درجة من الدرجات الكبار المبنية بالمنحوت من الأحجار، وهو درج ملفوف مشترك مع دار المنارة، وفي أثناء الدرج شبابيك كبار من النحاس، مطلات على الحرم، ينظر الصاعد فيها إلى الناس".

وأضاف أن المدرسة "مسقوفة بالسقوف العجمية التي هي بأنواع الدهان والأطلية مزخرفات، وجميع جدرانها من داخلها معمولة بالرخام والحجر السماقي الخام، وأنواع الفصوص والأحجار الدقاق، فأرضها تحاكي حيطانها في زيادة البهجة والإشراق".

وتابع النابلسي في وصفه "أرضية الإيوانات الأربع مفروشة أيضا بالسماقي والرخام، وأنواع الأحجار الملونة والفصوص المكونّة. فإيوانان منها كبيران واسعان متقابلان، أحدهما أكبر من الآخر وأوسع، وهو القبلي وفيه المحراب العظيم البنيان المتقن غاية الإتقان".

ومما قال أيضا أن فيها "إيوانين صغيرين متقابلين، أحدهما أصغر من الآخر، فالصغير منهما له شبّاكان مطلان على الساحة العلوية، التي ذكرناها آنفا، والإيوان الآخر الذي يقابله، منفتح الصدر لمّاع، فيه عمودان من الرخام الأبيض، وله شعيرة مبنية من الأحجار الملوّنة في ارتفاع ذراع. وذلك مطل على الحرم الشريف، وصحن الصخرة العالي المنيف".

ويضيف أن "ارتفاع سقوف الإيوانات والمدرسة يسامت تلك المنارة، وكل ذلك معمّر أكمل العمارة. وفي الإيوان القبلي من الشرق 3 شبابيك كبار، معقودة من النحاس الأصفر نزهة للأبصار، مطلات على الحرم وصحن الصخرة. وفي جهته القبلية 4 شبابيك كبار كذلك، واحد منها يطل على الحرم الشريف من جهة القبلة، والـ3 الأخرى مطلة على دهليز المدرسة وتلك الظلّة، وشبَّاكان من الجهة الغربية على تلك الساحة المذكورة السماوية، وفي الإيوان الشمالي شباكان كبيران من الجهة الشرقية، مطلان على الحرم وهاتيك المسالك، ومن جهة الغرب شباكان أيضا".

المدرسة الأشرفية تتألف من طبقتين، واحدة علوية وأخرى سفلية (الصحافة الفلسطينية) التاريخ العلمي

ورد في وقفية المدرسة الأشرفية أنها أنشئت "لاشتغال طلبة العلم الشريف من سائر المسلمين فيها بدراسة العلم الشريف وتلاوة القرآن العظيم وقراءة حديث نبي الله الكريم عليه أفضل الصلاة والتسليم، والانتفاع بها في إقامة الصلوات والاعتكاف على العبادات، وبمرافقها فيما أعدت له، كل شيء بحسبه على عادة المدارس في ذلك".

وورد في موضع آخر "ويصرف لقارئ المصحف الشريف بالمدرسة المذكورة فيه على أن يحضر كل يوم بالمدرسة بعد صلاة الصبح ويقرأ حزبا واحدا من القرآن العظيم منه تجزئة ستين جزءا بالمصحف الشريف الذي بالمدرسة المذكورة".

ويشير ذلك إلى وجود خزائن للمصاحف وكتب الحديث وكتب العلم عامة، على عادة المدارس في ذلك الزمان.

ومن المخطوطات التي كانت في بيت المقدس: "إحياء علوم الدين"، وكتاب "صدق الإخلاص في تفسير سورة الإخلاص"، وكتاب "فيض القدير على الجامع الصغير الجزء 4".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات المسجد الأقصى بیت المقدس على الحرم

إقرأ أيضاً:

نحو 40 ألف فلسطيني يؤدون صلاة الجمعة في المسجد الأقصى​

يمانيون../ أدى آلاف المواطنين الفلسطينيين صلاة الجمعة في المسجد الأقصى المبارك، في ظل الإجراءات العسكرية المشددة التي تفرضها سلطات العدو الصهيوني على الوصول إلى المسجد.

وقدّرت دائرة الأوقاف الإسلامية في القدس أن نحو 40 ألف مصل أدوا صلاة الجمعة في رحاب المسجد الأقصى.

وأفادت مصادر محلية بأن قوات العدو عرقلت وصول المصلين إلى المسجد الأقصى لأداء الصلاة عبر بابي العامود والأسباط، ودققت في هوياتهم، وأوقفت عددا من الشبان ومنعتهم من الدخول إلى المسجد.

وأدى عدد من الشبان صلاة الجمعة في محيط المسجد الأقصى بعد أن منعهم الاحتلال من الدخول إلى باحات المسجد.

وتواصل قوات العدو الصهيوني فرض قيود مشددة على دخول المصلين إلى المسجد الأقصى خاصة خلال أيام الجمعة.

وتحرم سلطات العدو آلاف المواطنين من محافظات الضفة الغربية من الوصول إلى القدس لأداء الصلاة في المسجد الأقصى، حيث تشترط استصدار تصاريح خاصة لعبور حواجزها العسكرية التي تحيط بالمدينة المقدسة.

ومنذ دخول “وقف إطلاق النار” في قطاع غزة حيز التنفيذ في 19 يناير الجاري، شدد العدو الصهيوني من إجراءاته العسكرية في الضفة الغربية بما فيها القدس المحتلة، عبر نصب الحواجز والبوابات الحديدية عند مداخل القرى والمدن الفلسطينية.

ووصل عدد الحواجز العسكرية والبوابات الحديدية، التي نصبها العدو في الضفة الغربية إلى 898 حاجزا وبوابة، منها 18 بوابة حديدية نصبها الاحتلال منذ بداية العام الجاري 2025، و(146) بوابة حديدية نصبها الاحتلال بعد السابع من أكتوبر 2023، وفق هيئة مقاومة الجدار والاستيطان.

مقالات مشابهة

  • عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
  • المستوطنون نفذوا جولات مشبوهة في باحات الأقصى اليوم وأدوا طقوسا تلمودية
  • خطيب المسجد الأقصى يُشيد بدعم الجزائريين لأهل القدس
  • انتهاكات الاحتلال في القدس خلال يناير
  • أبرز المساجد والكنائس التي دمرها الاحتلال في غزة
  • نحو 40 ألف فلسطيني يؤدون صلاة الجمعة في المسجد الأقصى​
  • أوقاف القدس: 40 ألف مصلٍ أدوا صلاة الجمعة فى رحاب المسجد الأقصى
  • 40 ألف فلسطيني يؤدون صلاة الجمعة في المسجد الأقصى
  • 40 ألفا يؤدون صلاة الجمعة في المسجد الأقصى
  • نصائح لا غنى عنها عند تأدية العبادة في المسجد الحرام خلال الشتاء