صديقي العزيز.. إن كنت تعتقد أنك أفضل من الجميع فهذه حقيقة لا ينكرها أحد.
أما إن كنت ترى أنك أسوأ شخص في العالم فأهلًا بك في أرض الواقع.
هنا سترى نفسك على حقيقتها.. أنت أخطر كائن حي في هذا الكوكب.. ومن المرجح أنك الأسوأ بين البشر.. أنت الوحيد مسلوب الإرادة، لكن الأجرام في السماء حرة طليقة.. الحيوانات في الحديقة حبيسة داخل قفص لكنك أسير نفسك وشرور عقلك.
هل تعتقد أن هناك كائنا غيرك لا يهتم إلا بمصالحه.. حتى القطط المعروفة بـ«قوة القلب» تعطف على بني جنسها لكنك «جاحد» أكثر منها.. هي «تأكل وتنكر»، لكنك «تسرق وتقتل».. هي تشبع فتترك الطعام.. لكنك تكنز المال والثروات والطعام، وتترك غيرك جائعًا مسكينًا «الموت» أمامه وأنت خلفه، فأين يذهب منكما.
تظل الحيوانات تبحث عن الطعام في كل مكان، وعندما تجده فتأكل وتشبع تترك باقي الطعام لغيرها.. لكن الإنسان يأخذه إلى الثلاجة للاحتفاظ به.. فالحيوان يحب غيره وأنت تحب نفسك!
القطط والكلاب يا صديقي لها وجه واحد، لكنك لك من الوجوه العشرات بل المئات وقد تصل إلى ألف.. لا أستطيع مساعدتك في حسابها، فقد كنت أهرب من حِصص الرياضيات بحثًا عن المتعة في فناء المدرسة.
كنتُ غبيًّا، لكن أظنك الأذكى، فلديك وجهٌ مع والدك، وآخر مع ابنك، وثالث مع شقيقك، ورابع مع زميلك في العمل، وخامس مع مديرك، وهكذا هي مجرد أقنعة تبدلها كيفما تشاء، ثم ترتدي قناع النوم لتظن أنك من المُبشرين بالجنة، بعد أن نشرت الفتن والنميمة وتلاعبت بأحلام هؤلاء، ودمرت مستقبل هؤلاء، وكذبت علينا جميعًا.
يقول أنيس منصور، في كتابه «جسمك لا يكذب»: إن الحياة مسرح ونحن جميعًا ممثلون على هذا المسرح وفي أدوار مختلفة بعض هذه الأدوار مناسبة لنا وبعضها فرضت علينا، وقد نفشل في الأدوار المناسبة وننجح في الأدوار غير المناسبة، وأناس يظهرون بسرعة ويختفون أسرع، وأناس يموتون على المسرح.
وأنت على المسرح يجب أن تسأل نفسك هل أنت راضٍ عن حياتك؟! إذا كانت الإجابة «نعم»، أو «لا»، فأنت تمتلك وجهين للحياة والموت، أما إذا ظهرت إجابات مثل: «نعم، لا، ربما، يجوز، ممكن، لا أعرف.. إلخ»، فمرحبًا بك في عالم البشر.
أدعوك لقراءة ثلاثية نجيب محفوظ، لترى السيد أحمد عبد الجواد «سي السيد»، ذلك الشخص الذي يرتدي الجلباب والقفطان والشارب المنضبط حتى يبدو من كبار الحارة، لكنه ديكتاتور صارم مع زوجته التي تبذل من أجله الغالي والنفيس، ثم يتسكع في الحانات ويركع على ركبتيه أمام «زبيدة» ليقبل قدميها.
كلنا لنا ألف وجه، وكلما تقدَّم بنا العُمر تظهر أقنعة جديدة، نستخدمها في الكذب والنفاق ونشر الفتن والضغائن، فنحن أصحاب «الكذب الأبيض» ومن الصعب أن نكون مثل «النمل الأبيض».
المصدر: البوابة نيوز
إقرأ أيضاً:
موائد الرحمن .. طقس يزين شوارع مصر كل رمضان | ما القصة؟
يشهد شهر رمضان الكريم العديد من العادات المصرية التى يسود فيها جو من المحبة والألفة وتسود الأجواء الروحانية، وعليه فإن أبرز ما يميز الشهر الفضيل المواكب الدينية وحلقات قراءة القرآن في رمضان، وزينة المساجد وعمارتها، فضلا عن انتشار "موائد الرحمن" الخيرية التي عرفتها مصر على مدار عصورها الإسلامية حتى الآن.
لا يبخل المواطنين خلال الإفطار بدعوة عابري السبيل إلى مشاركتهم الطعام فضلا عن الاحتفالات الدينية التى تنتشر في القاهرة ، فضلا عن إحياء ليالي رمضان باحتفالات و دروس الوعظ في المساجد.
وفى وقت الإفطار تتزين شوارع مصر بمشاهد التراحم والتآخي، حيث تنتشر موائد الرحمن التي توفر وجبات الإفطار للصائمين، خاصة من الفقراء والمحتاجين، إضافة إلى العابرين الذين لم يسعفهم الوقت للوصول إلى منازلهم قبل أذان المغرب.
أصل موائد الرحمنيرى البعض أن الفكرة تعود لموائد الرحمن ظهر في عصور لاحقة، وتحديدا خلال الدولة الفاطمية حيث كان الخليفة العزيز بالله الفاطمي أول من أطلق مائدة رحمن في شهر رمضان، حيث خصص مائدة لإفطار الصائمين في جامع عمرو بن العاص، ولم تقتصر المبادرة على مجرد مائدة، بل كانت جزءًا من نهج الدولة في دعم الفقراء.
في زمن العزيز بالله، كان مطبخ القصر الفاطمي يخرج يوميا خلال رمضان أكثر من 1100 قدر من الطعام، تحتوي على أصناف متنوعة، توزع على المحتاجين وقت الإفطار، وكان الخليفة يتابع المشهد من شرفته، مستمعا إلى تلاوة القرآن وحلقات الذكر، بينما تستمر المائدة عامرة حتى وقت السحور.
وقد عُرفت هذه المائدة في بداياتها باسم "دار الفطرة"، وكانت تقام خارج القصر لتكون متاحة لعامة الناس ،و مع مرور الزمن، تطورت الفكرة وانتشرت بين الحكام والأمراء الذين خصصوا أوقاف خيرية لضمان استمرار تقديم الطعام للفقراء والمساكين، ليس فقط خلال رمضان، بل أيضا في الأعياد والمناسبات الدينية.
إرث إنساني مستمرلم تقتصر موائد الرحمن على الطعام، بل امتدت لتشمل تقديم الهدايا والاحتياجات الأساسية للفقراء، خاصة في عيد الفطر، حيث جرت العادة على توزيع الكعك والتمر والبندق، في تجسيد واضح لروح التكافل الاجتماعي التي تميز هذا الشهر الفضيل.